لماذا فشل مؤتمر فرنسا في الشأن السياسي؟
تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT
زين العابدين صالح عبد الرحمن
أنتهى مؤتمر الدعم الإنساني للمتضررين من الحرب في السودان، و الذي عقد في فرنسا و انتهت أعماله أمس الثلاثاء 16\ 4\ 2024م ، كانت كل من فرنسا و المانيا إلي جانب الاتحاد الأوروبي قد دعوا لعقد المؤتمر للدعم الإنساني لكنهم الحقوا به عملا سياسيا بهدف خلق أرضية مشتركة بين القوى السياسية بهدف أعداد مشروع سياسي يبدأ بعد وقف الحرب.
عندما طلبت قحت " المركزي" أن تعقد اجتماعها العام في القاهرة؛ كان برغبة أوروبية على أن تفتح حوارا مع القوى السياسية الموجودة في القاهرة، و لكي تسهل عملية فتح الحوار السياسي بين القوى السياسية ليكون موازيا للحوار العسكري الذي كان جاريا في منبر جدة. توجست قحت المركزي من الخطوة و أكتفت بالبيان الذي أصدرته في ختام اجتماعها بالقول " أن يكون هناك حوارا شاملا ما عدا المؤتمر الوطني" ثم جاء اجتماع "تقدم" في اديس ابابا و تقدم صنيعة أمريكية عادت لكي تعدل في بيان القاهرة لقحت المركزي بما يتعلق بالحوار السياسي مع القوى السياسية فوضعت شرطا " ما عدا المؤتمر الوطني و الإسلاميين بكل مكوناتهم" و هذه الفقرة تؤكد قوة نفوذ و أثر " الجمهوريين" في المجموعة. و لكن الذي أتضح للإمريكان و الأوروبيين أن " تقدم" عجزت أن تضيف أي قوى جديدة غير القوى التي بدأت بها تكوينها. وأيضا كشفت لهم سبب فشل حمدوك في القاهرة عقد حوارات واسعة مع القوى السياسية و تجمعات السودانيين.. حيث أكتفى حمدوك بالقاء مع الأمين العام للجامعة العربية و وزير المخابرات اللواء كامل عباس، و تخوف حمدوك بالقاء مع السودانيين في القاهرة.. الأمر الذي أكد للغرب و أمريكا أن تقدم لا تستطيع أن تقدم أكثر من الذي فعلته، و بالتالي لابد من البحث عن طريقة أخرى لجمع المكونات السودانية في حوار مفتوح..
أن اللقاءات التي كانت قد عقدتها الدبلوماسية الأوروبية مع العديد من القيادات السياسية و المهتمين بالشأن السياسي في القاهرة، أكدوا لهم أن جمع المكونات المختلفة في قاعة واحدة من اجل حوار مفتوح سوف تدفع لبناء الثقة بين تلك المجموعات.. خاصة هناك البعض الذين يلهثون من أجل السلطة، و هؤلاء كانوا يؤكدون في كل لقاء مع الدبلوماسيين الغربين أن الاتحاد الأوروبي قادر أن ينظم مثل هذا الحوار.. و اقتنعت كل من فرنسا و المانيا و سفير الاتحاد الأوروبي بتوسيع أجندة المؤتمر الإنساني لكي يشمل أجندة سياسية على هامش المؤتمر الإنساني.. و كما ذكرت في مقال أمس أن أغلبية الحضور كانوا من الذين حضروا الورش التي كانت تقيمها المنظمات الغربية في كل من كمبالا و نيروبي قبل سقوط نظام الإنقاذ و بعده كانوا يتجاوزون عضوية الأحزاب التقليدية..
أن المؤتمرات السياسية التي تعتقد خارج البلاد، و بتمويل خارجي، لا تستطيع أن تعالج مشاكل السودان السياسية، لأنها تتوهم أنها تحاول أن تقدم قوى " حديثة" تتجاوز بها الأحزاب التاريخية ذات القاعدة الاجتماعية العريضة، الأمر الذي يصبح عاملا لفشلها.. أن القوى الحديث تعتقد أن وصولها للسلطة إذا كانت برافعة خارجية أو غيرها بعيدا عن الانتخابات سوف يعطيها فرصة أن تستخدم مؤسسات الدولة لبناء قواعدها الاجتماعية، و هي دعوة شمولية مغلفة و مدعومة بالغرب الذي يبحث فقط عن مصالحه..
أن مؤتمر فرنسا الشق السياسي أعلن فشله السلطان بحر الدين الذي ألقى كلمة محترمة جدا ثم انسحب باعتبار أن هذا المؤتمر لن يعالج المشكلة التي جاء من أجلها، و الحوار كشف عن هوة الاختلاف بين المجموعات التي يراهن عليها الغرب.. هناك تظل قيادات لا ترى في كل هذه الأزمة غير محاصصات السلطة.. و هناك من يرى أن أي حديث الآن عن المحاصصات لا يعالج الأزمة، و لا يوقف الحرب.. أن السيد جعفر الميرغني نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل قد اختار كلمات خطابه بعناية فائقة لكي يجعلها تعبر عن كل الحركة الاتحادية بمختلف مجموعاتها إلا القلة، فكان الخطاب يتماشى مع الإرث النضالي و السياسي للأباء المؤسسين، و في نفس الوقت حدد ابعاد الموقف بوضوح دون لبس فيه.. أن الخطاب جاء يؤكد موقف الجماهير الاتحادية الداعم للشعب الذي أعلن انحايزه للجيش منذ بداية الحرب.. قال جعفر الميرغني (جاءت مشاركتنا في هذا الملتقى المهم حرصا منا على تعزيز التواصل مع المجتمع الدولي. و أيصال الصوت الوطني السوداني في المحافل الدولية، و التعبير عن رؤى القوى الوطنية السودانية المتمسكة بوحدة السودان، و المؤمنة بضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية القومية و الدستورية، و في مقدمتها القوات المسلحة السودانية الحامية لتراب و حدود البلاد و الضامنة لوحدة و أمن و سلام السودان) و أضاف جعفر قائلا ( أننا نطالب الاتحاد الأوروبي بعدم تسيس المساعدات الإنسانية، و التعامل مع هذا الملف من منظور أنساني و ليس سياسي، و ندعوه للمساهمة في معالجة جذور الأزمة و ليس اعراضها فقط، و ذلك من خلال إدانة و تجريم اعتداءات الدعم السريع على المواطنين و احتلال مساكنهم و مهاجمته لقوافل الإغاثة ، مما أفضى إلي تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان) أن الخطاب عبر حقيقة عن الموقف الاتحادي في الأزمة و الحرب.
لكن الميرغني فوت فرصة كبيرة، كان عليه أن يقف ولو لبرهة مخاطبا السودانيين الذين جاءوا محتجين على المؤتمر، أو مشاركة البعض الذين يعتقدون أنهم تسببوا في تهجير و إبادة آهلهم. كان حديث البرهة خطف الأضواء الإعلامية، و ركز فقط على الحديث مع المحتجين.. أنتهى المؤتمر و أنفض الجمع دون الوصول إلي أية نتائج كان يتوقعها المنظمين.. أن أي مؤتمر يبحث قضة الحرب و السلام في السودان على مائدة السياسة يجب أن لا يتجاوز القوى الحية في المجتمع و دون أي قصاء... نسأل الله حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبی فرنسا و المانیا القوى السیاسیة فی القاهرة
إقرأ أيضاً:
البطريرك ميناسيان: ندعو القوى السياسية إلى اختيار رئيس يكون رمزًا للوحدة
وجّه البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان كاثوليكوس بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك رسالة بمناسبة عيد الاستقلالجاء فيها:
نحتفل اليوم بعيد الاستقلال، لكن هذا الاحتفال يمرّ علينا في وطن معذّب، مجروح ومتألم، عانى وما زال يعاني من آثار الحروب، التي دمرت بنيته، وأثقلت كاهل أبنائه. نزيف المعارك لا يزال يترك أثره في قلوبنا وفي شوارعنا، وايضا تهجير العائلات والشهداء الذين سقطوا. في هذه اللحظة، نحتاج أن نجدد العزم والإرادة لنعيد بناء هذا الوطن من ركام الألم، وأن نضع نصب أعيننا رسالة السلام والمصالحة التي ستقودنا إلى مستقبلٍ مشرق.
هذه الجراحات تستصرخ ضمائرنا، وتدعونا جميعًا – مواطنين وقادة – للوقوف صفًا واحدًا لإيقاف هذا النزيف، ولتضميد جراح الوطن عبر المصالحة وبناء أسس الوحدة الحقيقية. فلا يمكن أن يُستعاد الاستقلال بمعناه العميق، إذا استمر شبح الحرب والانقسام يخيم على سمائنا.
في تاريخنا القريب، شهدت ساحة الشهداء لقاءً تاريخيًا، حيث توافد قادة هذا الوطن كافة، بلا استثناء، للترحيب بالكاردينال أغاجانيان، الذي كان يدعو بكل محبة إلى المصالحة وتوحيد اللبنانيين. لقد جسّد الكاردينال بمواقفه ورسائله روح الحوار والوحدة، وعمل على تقريب القلوب وإعلاء مصلحة الوطن فوق كل اعتبار. إن استعادة هذا النهج والعمل بروحه، هو ما نحتاجه اليوم أكثر من أي وقت مضى لنعيد اللحمة الوطنية ونمضي في مسيرة المصالحة الحقيقية.
إن غياب رئيس للجمهورية هو جرح مفتوح في قلب الوطن، وعقبة كبيرة أمام مسيرتنا نحو الاستقرار والازدهار. إن انتخاب الرئيس ليس مجرد استحقاق دستوري، بل هو مسؤولية جماعية تقع على عاتق كل من يدرك أهمية إعادة بناء مؤسسات الدولة وتثبيت الاستقرار. الحياة الدستورية هي العمود الفقري للدولة، ومن دونها يتعثر كل جهد لإصلاح البلاد وإنعاشه. لذا، بصفتنا الروحية ندعو جميع القوى السياسية إلى وضع خلافاتها جانبًا، والعمل معًا، بإخلاص وتجرد، لاختيار رئيس يكون رمزًا للوحدة ويسعى لتحقيق الخير لجميع اللبنانيين. إن لبنان يحتاج إلى قيادة وطنية جامعة، تعمل من أجل السلام الداخلي والتفاهم، وتعيد إحياء مؤسسات الدولة وتفعيل دورها في خدمة الشعب.
لا يمكن للبنان أن ينهض إلا بروح وطنية تجمعنا وتلهمنا لبذل الجهد في سبيل المصلحة العامة، بعيدًا عن الحسابات الضيقة والمصالح الشخصية. نحن بحاجة إلى أن نحب الوطن لأجل الوطن، لا لأجل مكاسب آنية أو منافع خاصة. وحين نضع مصلحة لبنان فوق كل اعتبار، سنتمكن من بناء مستقبل يليق بتضحيات الأجيال السابقة وآمال الأجيال القادمة.
لبنان يحتاج اليو
م أكثر من أي وقت مضى إلى قادة يعملون يدا واحدة، وقلبا واحدا، وإرادة واحدة لتحقيق الخير لجميع أبنائه. في هذه اللحظات العظيمة، أذكركم برموز ثقافتنا وهويتنا، بفيروز التي توحّدنا بصوتها في كل المناسبات، وبمدينة بعلبك التي تقف شاهدةً على عراقة هذا الوطن وجماله. دعونا نعمل معًا، نحن اللبنانيين، متكاتفين، لنبني المستقبل الذي نحلم به، ولنجعل من الاستقلال واقعًا يوميًا نعيشه، لا مجرد ذكرى نحتفل بها.
نرفع اليوم صلواتنا إلى الله لكي يوحّد القلوب والعقول، ويعيد للبنان مجده واستقلاله الكامل، ليكون وطنًا يسوده السلام، يعمه العدل، وتظلله المحبة.
كل عام وأنتم ولبنان بألف خير، وليبارك الرب وطننا العزيز.