أكد الهجوم الإيراني الأخير على إسرائيل ارتباط طهران بهجوم السابع من أكتوبر وابتعادها عن القضية الفلسطينية التي تدعي أنها جوهر الصراع بينها وبين الدولة العبرية. 

بصمة إيران في هجوم حماس في السابع من أكتوبر 2023 تكررت في هجوم إيران الأخير في ال13 من أبريل الجاري، حيث تم شن الهجومين في يوم سبت، وفي حين كان هجوم حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى مرتبطا بوضوح بالصراع مع إسرائيل، جاء هجوم إيران ردا على استهداف إسرائيل لقنصليتها في سوريا وقتل قيادات عسكرية كبيرة.

يوما بعد آخر تنكشف طبيعة هذا الصراع حيث تتضح حجم المسافة البعيدة بينه وبين القضية الفلسطينية التي يحاول وكلاء إيران العرب ربطها بهذا الصراع رغم التصريحات الواضحة للمسؤولين الإيرانيين أن صراع طهران مع تل أبيب مرتبط بشكل وثيق بالصراع الدولي على الهيمنة الاقتصادية والعسكرية على البلدان النامية والفقيرة ومنها اليمن.

وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي ظهر في بيان في اليوم الثالث للهجوم على إسرائيل مؤكدا أنه جاء رداً على قصف القنصلية الإيرانية في سوريا ومقتل عدد من القادة والمستشارين العسكريين الإيرانيين، واعتبر الهجوم دليلا على قدرة إيران على الانتقام بحسب تعبيره. 

الوزير الإيراني قال إن هذه العملية التي أطلقت عليها طهران "الوعد الصادق" "تم تنفيذها بأمر من قائد الثورة وبطلب ودعم من الشعب الإيراني"، زاعما أن هذه العملية "أوجدت موجة من السعادة بين شعوب المنطقة"، وأن إيران "حاملة راية دعم جبهة المقاومة والمظلومين في العالم".

وقوبلت هذه التصريحات بسخرية من قبل محللين سياسيين ونشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تطرقت بعض التعليقات إلى الظلم الذي يمارسه النظام الإيراني على شعبه بينما يقدم نفسه حاملا لراية الانتصار للمظلومين في جميع أنحاء العالم. وقارن بعض النشطاء بين استخدام مليشيا الحوثي-ذراع إيران في اليمن، لنفس المصطلحات التي استخدمها الوزير الإيراني في بيانه، ومنها أن الهجمة على إسرائيل تم تنفيذها بتوجيه ممن سماه "قائد الثورة" ودعم الشعب.

 أما من حيث زعمه أن الهجمة على إسرائيل أوجدت موجة من السعادة بين شعوب المنطقة، أشارت تعليقات المحللين والنشطاء إلى ما تداولته وسائل إعلام دولية من توقف للحياة العامة 3 أيام في إيران قبل هجومها الانتقامي، تحسبا لأي رد إسرائيلي لاحق على الهجوم.

في نفس السياق، تتصاعد المخاوف الدولية من توسع نطاق الصراع في المنطقة بين إسرائيل من جهة وإيران ووكلائها من جهة أخرى.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاثنين: "سنبذل كل ما بوسعنا لتجنب تفاقم الأمور والتصعيد"، وحث إسرائيل على العمل على عزل إيران بدلا من تصعيد الوضع. وأضاف ماكرون لتلفزيون بي.إف.إم وإذاعة آر.إم.سي في مقابلة "نشعر جميعا بالقلق إزاء احتمال تصاعد الصراع في الشرق الأوسط... الوضع غير مستقر للغاية اليوم".

وبالتزامن مع ذلك قالت روسيا إنها تشعر بقلق بالغ إزاء تصاعد التوترات في الشرق الأوسط بعد الهجوم الذي شنته إيران بطائرات مسيرة وصواريخ على إسرائيل. ودعت روسيا جميع الدول في المنطقة إلى ضبط النفس. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن المزيد من التصعيد لن يكون في مصلحة أي طرف، وإن موسكو تعتقد أن جميع الخلافات ينبغي حلها بالسبل الدبلوماسية.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: على إسرائیل

إقرأ أيضاً:

هل تؤدي الهجمات الأمريكية على اليمن إلى توسيع الصراع في المنطقة؟

ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أنه مهما كانت الهجمات العسكرية الأمريكية في اليمن فتاكة، إلا أنها لن تقضي على الحوثيين، وقد تهدد أمن دول أخرى في المنطقة بحال قرر الحوثيون توسيع نطاق الصراع.

وقالت "هآرتس" في تحليل بعنوان "إيران غير مهتمة بالتهديدات التي يوجهها لها ترامب عبر الحوثيين"، أنه مع بدء الهجوم الأمريكي على قواعد الحوثيين في اليمن، يوم السبت الماضي، توعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحوثيين قائلاً: "سيُمطر عليكم جهنم كما لم تروا من قبل"، موضحة أنه في قاموس ترامب العسكري العملي، أصبحت كلمة "جحيم" تعبيراً مألوفاً، لأنه توعد به  حماس أيضاً. وأمس أضاف إيران إلى قائمة الأهداف، مُهدداً بأن أي نيران من الحوثيين ستعتبر نيراناً إيرانية.وبعد الهجوم الذي يُعد الأوسع نطاقاً منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان حجم الأضرار وطبيعة الإصابات التي تعرض لها الحوثيون يرقى إلى  "جحيم" أم لا، ومع ذلك فإن التهديد بمواصلة الهجوم لأيام وربما أسابيع يبدو أنه يشير إلى تغيير في الاستراتيجية الأمريكية.

هل حسمت واشنطن قرارها بإنهاء الحوثيين؟https://t.co/bD07UldgbI pic.twitter.com/E7oZOTagvl

— 24.ae (@20fourMedia) March 18, 2025
رسالة لإيران

وبحسب الصحيفة، فإنه على النقيض من النهج الذي قدمه الرئيس السابق جو بايدن، الذي اعتمد على "تقليص القدرات والردع" ولم يكن فعالا في احتواء الحوثيين أو ردعهم، فإن إدارة ترامب تهدف إلى تحرك عسكري أوسع نطاقاً يؤدي إلى ضرب البنية التحتية لجماعة الحوثي؛ وليس فقط من أجل إنهاء تهديدها للممرات الملاحية في البحر الأحمر، بل ربما من أجل انهيار حكمها في اليمن، وتوجيه رسالة تهديد إلى إيران أيضاً.
وتساءلت هآرتس: "ما معنى تلك الرسالة التهديدية التي وجهها ترامب لإيران؟ هل يهدف إلى إجبار إيران على التفاوض؟ هل يتضمن نية بناء تحالف عسكري إقليمي لمحاربتها؟"، مشيرة إلى أن  بايدن سعى إلى إنشاء مثل هذا التحالف وفشل، ومن المشكوك فيه أن ينجح ترامب. وأوضحت أن إيران التي تعرضت بالفعل لهجوم مباشر من إسرائيل، لا تحتاج إلى "رسالة" في شكل استعراض للقوة ضد الحوثيين لإقناع نفسها بمصداقية التهديد ضدها.


سياسة الضغوط القصوى

وتابعت أن "سياسة الضغوط القصوى التي مارسها ترامب ضد إيران فور بدء ولايته (وكذلك التهديدات التي يطلقها) لم تؤد حتى الآن إلا إلى تعزيز موقف المحافظين، بقيادة المرشد الأعلى علي خامنئي، ضد الحوار مع الولايات المتحدة بشأن اتفاق نووي جديد"، لافتة إلى أن الهجوم في اليمن يُعد الأوسع نطاقاً منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان حجم الأضرار وطبيعة الإصابات التي تعرض لها الحوثيون يرقى إلى تعريف "الجحيم" أم لا.


خطر الحوثيين

وبحسب الصحيفة، سواء وصلت الرسالة إلى إيران أم لا، فإن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ودول المنطقة، وكذلك الاقتصاد العالمي، يواجهون تهديد الحوثيين حتى الآن، وكان رد الفعل الأول على الهجوم الأمريكي، يوم السبت الماضي، من زعيمهم عبدالملك الحوثي، متوقعاً، وفي خطاب مسجل من مخبئه، قال: "سنرد على العدو الأمريكي بإطلاق الصواريخ على سفنه، ولن نتراجع عن نيتنا في دعم الشعب الفلسطيني، وسنواصل مواجهة العدوان الأمريكي والإسرائيلي".


ارتباك وقلق

ذكرت هآرتس، أنه ربما يكون الحوثيون هم الحلقة النشطة الأخيرة في حلقة النار الإيرانية، ولكن منذ اغتيال حسن نصرالله في سبتمبر (أيلول) 2024، وسقوط نظام الأسد في سوريا هذا العام، أصبحت الجماعة تواجه أسئلة وجودية، وتتحدث التقارير في وسائل الإعلام اليمنية، والتي تتبع الحكومة اليمنية الرسمية، عن حالة من الارتباك والقلق داخل صفوف قيادة الحوثيين، وهو ما ينعكس في هجرهم لمساكنهم المعتادة وانتقالهم إلى شقق سكنية للاختباء، وسحب هواتفهم المحمولة وأجهزة الاتصال خوفاً مما حدث في لبنان، ونتيجة لذلك، نشأت صعوبات في التواصل بين المقر والقيادة، ولم يعد كبار المسؤولين يظهرون في التجمعات والمظاهرات العامة، كما وسعت وحدات الأمن الداخلي أنشطتها ضد المشتبه في تعاونهم مع العدو.


خلاف داخلي

وإلى جانب الخوف على حياتهم، يدور منذ نحو ثلاثة أشهر خلاف سياسي خطير في قمة حكومة الحوثيين حول القرارات الاستراتيجية التي يجب على النظام تبنيها للحفاظ على حكمهم ومنع انهيارهم كما حدث في سوريا ولبنان. ويؤيد بعض كبار المسؤولين استمرار الهجمات في البحر الأحمر كوسيلة للضغط الدبلوماسي والسياسي، ويرى آخرون أنه في ظل التطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وتراجع قوة إيران ونفوذها، فمن الأفضل تعزيز العملية السياسية التي تؤدي إلى المفاوضات مع الحكومة اليمنية وإنهاء الحرب الداخلية.


اغتيال الحوثي

وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أنه بحال اغتيال عبدالملك الحوثي، سوف تشتعل  حرب خلافة تنقل بؤرة صراع الحوثيين من البحر الأحمر إلى داخل البلاد، لكن هذا لا يضمن الحفاظ على السلام في الدول المجاورة. وعلاوة على ذلك، من الصعب أن نرى كيف سيؤثر انهيار نظام الحوثيين في اليمن على إيران ودفعها إلى تغيير سياستها، بعد أن خسرت سوريا ولبنان.

بعد الحوثيين.. هل تتحرك أمريكا ضد ميليشيات #إيران في #العراق؟https://t.co/rizEjAD9Th

— 24.ae (@20fourMedia) March 16, 2025
أزمة اقتصادية

إلى جانب الصراعات الداخلية، تواجه قيادة الحوثيين أزمة اقتصادية عميقة، بدأت حتى قبل الحرب وتفاقمت بعد الهجمات الأمريكية والإسرائيلية، وتعتمد إيرادات حكومة الحوثيين بشكل أساسي على الضرائب والرسوم التي تجمعها مقابل كل عمل أو ترخيص أو وثيقة تصدر لسكان المناطق الخاضعة لسيطرتها، حيث يعيش نحو 60% من إجمالي سكان اليمن.
كما يفرض الحوثيون رسوماً جمركية على حركة البضائع من ميناء الحديدة،  ويحصلون على "رسوم حماية" تقدر بعشرات الملايين من الدولارات من شركات الشحن التي تمر عبر البحر الأحمر مقابل تجنب الهجمات عليها، ولكن هناك أضرار لحقت بالمستودعات وخزانات النفط في ميناء الحديدة، بالإضافة إلى قصف محطات توليد الطاقة، وانقطاع التيار الكهربائي عن أجزاء من العاصمة صنعاء، وهي أمور جعلت الخسائر المالية فادحة.
وأوضحت أنه في الهيكل الحالي باليمن، حيث يمسك النظام الحوثي مواطنيه من أعناقهم من أجل البقاء على قيد الحياة من خلال القوات العسكرية القوية، من الصعب أن نرى كيف يمكن لسلسلة طويلة ومنهجية وواسعة النطاق من الضربات الجوية الأمريكية أن تتسبب بانهيار النظام الحوثي، مشيرة إلى أن المشكلة الأصعب هي أن الجيش اليمني ليس أقل تجهيزاً وتدريباً من الحوثيين، كما أن فيه ولاءات سياسية وقبلية.


حرب أهلية

واختتمت هآرتس تحليلها قائلة إن التوقعات بتقدم قوة يمنية محلية وهزيمة الحوثيين وإقامة دولة جديدة، على غرار الحالة السورية، قد تؤدي إلى حرب أهلية جديدة، بافتراض أن القصف الجوي وحده، مهما بلغ حجمه، لن يُسقط نظام الحوثيين، فسيتعين على الولايات المتحدة، كما فعلت إسرائيل في غزة، أن تقترح مخططاً لما بعد الحرب في اليمن، وهو مخطط لا تلوح في الأفق حتى ملامحه بعد.

مقالات مشابهة

  • نصر عبده: المعركة الدبلوماسية التي خاضتها مصر لعودة طابا لا تقل أهمية عن حرب أكتوبر
  • هل تؤدي الهجمات الأمريكية على اليمن إلى توسيع الصراع في المنطقة؟
  • مصر أكتوبر: كسر الاحتلال للهدنة يؤكد للعالم أن إسرائيل ليست دولة سلام
  • إيران تدعو منظمة التعاون الإسلامي لدعم فلسطين بإجراءات جادة
  • الملف النووي الإيراني: أي سيناريوهات
  • خطة جهنمية: وثائق تكشف تفاصيل جديدة عن هجوم 7 أكتوبر ودور حزب الله وإيران
  • إيران هدف ترامب الرئيسي من الهجوم على الحوثيين
  • بالتفصيل.. «هآرتس» تكشف وثائق حول نقاشات الأطراف المعنية بهجوم 7 أكتوبر
  • بعد دراستها.. إيران تؤكد حتمية الرد على رسالة ترامب
  • إيران: سنرد على رسالة ترامب