شبكة انباء العراق:
2025-05-02@20:20:24 GMT

صارت سينما مفتوحة بلا تذاكر

تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

في تلك الليلة الصاروخية هبت رياح النصر من جهة الشرق، وكانت شعوب كوكب الارض تراقب المشهد من بعيد. بينما كانت السماء مفتوحة لعروض سينمائية مثيرة شاهدها الناس في عموم المدن العراقية والأردنية والفلسطينية. كانت الأجواء عبارة عن سينما بلا تذاكر، وبلا مؤثرات هوليودية، استمرّ العرض المباشر لأكثر من أربع ساعات.

.
في تلك الليلة بالذات اختبأ المستوطئون (المستوطنون) في الملاجئ، وصعد الفلسطينيون فوق سطوح منازلهم. ثم تجمعوا في الساحات بالتزامن مع وصول الرشقة الأولى من الصواريخ والراجمات المجنحة للترحيب بها في يوم طال انتظاره، وفي ظروف قاهرة خذلهم فيها (عباس احمونا) وعصابته، فتعالت صيحات (الله أكبر)، وامتزجت الزغاريد، بالأهازيج، بالتهاليل، بالدموع، بصفارات الإنذار، بمفرقعات الدفاعات الجوية، بزعيق سيارات الإسعاف. .
في تلك الليلة كانت سماء مدينة القدس منوّرة ومكشوفة لكنها مشدودة الأعصاب، بينما كانت مكبرات الصوت تقرأ ما تيسر من سورة العاديات: (والعاديات ضبحا فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا فأثرن به نقعا فوسطن به جمعا). في حين تعالت الصيحات من مكان قريب: (قسماً بالله هذا العيد . . هذا العيد. . ولعت . . ولعت البلد). كان الصغار يتهامسون: (الله اكبر. ما احلى المنظر يا رب). .
في تلك الليلة كانت الطائرات الإسرائيلية والأمريكية والفرنسية والبريطانية والألمانية تسرح وتمرح في سماء الأردن لإعتراض الصواريخ وإسقاطها بلا اكتراث فوق رؤوس الناس، بينما كان السيسي يستعد لخوض المعركة دفاعاً عن كهنة المعبد. .
في تلك الليلة انسحب الطيران الصهيوني من سماء غزة، وتلاشى أزيز مسيراتهم الخبيثة المزعجة. وقفز التحالف العربي الاعمى من تحت الطاولة، فظهر بوجهه الكالح معبراً عن لهفته وحرقته على سلامة الخياليم والسفارديم والاشكناز. فأطلقوا ذبابهم الإلكتروني لتضليل الرأي العام بالأكاذيب. .
وعند انبلاج الفجر، ومع تبيان أثر الطائرات المعادية من أثر الصواريخ الصديقة. ظل الفلسطينون يراقبون خيوط النفاق التي ارتسمت في الجو. كانت متشابكة، لكنها واضحة تماماً. وشتان بين رشقات المروءة وبين لسعات العقارب. .
كانت سينما بالصوت المُجسّم لكنها كانت تنذر بإنتاج أفلام جديدة سيعصف فيها الرعد من كل جانب . .

د. كمال فتاح حيدر

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات فی تلک اللیلة

إقرأ أيضاً:

بينما تُباد غزة وتشحن سوريا طائفيا.. هل نكرر أخطاء التاريخ ونخوض المعارك الخطأ؟

حين كانت جيوش النازية تزحف في أوروبا بلا هوادة، واقتربت من أبواب بريطانيا، لم تقف الأحزاب البريطانية لتعدّ خلافاتها أو تفاوض على مصالحها بين حكومة ومعارضة. لقد فهم الجميع، يمينا ويسارا، أن المعركة اليوم ليست معركة برامج سياسية ولا حسابات انتخابية، بل معركة بقاء. فكان القرار الحاسم: تشكيل حكومة وحدة وطنية بقيادة ونستون تشرشل، جمعت تحت سقفها كل القوى السياسية من أجل هدف واحد: هزيمة العدو الخارجي.

بريطانيا لم تهزم النازية بالخُطب ولا بالتحليلات ولا حتى بالاستعراضات الإعلامية، لقد هزمتها بوحدة الداخل أمام خطر يهدد وجودها، وبإجماعها على أن الخلافات، مهما كانت جوهرية، يمكن تأجيلها.. أما الهزيمة، فلا يمكن تداركها إن وقعت.

هذا درسٌ قدّمه البريطانيون للعالم، فهل نأخذ به اليوم؟

في وقتنا الراهن، وبينما ترتكب آلة الاحتلال الصهيوني جرائم إبادة جماعية في غزة، لا نحتاج إلى حكمة التاريخ فحسب، بل إلى الحد الأدنى من الفطرة والضمير.

بعض النخب، وبعض أبناء الأمة -في مواقع مختلفة- يبدون منشغلين بمعارك جانبية، خلافات داخلية، وشجارات على الهامش، وكأن الدم لا يُسفك، وكأن الأطفال لا يُدفنون تحت الركام
غزة اليوم لا تواجه فقط الحصار والقصف، بل تواجه مشروعا صهيونيا يهدف إلى تفريغ الأرض من أهلها، وتكريس الهيمنة بالحديد والنار، وسط صمت دولي وتواطؤ مكشوف.

لكن المفارقة الصادمة أن بعض النخب، وبعض أبناء الأمة -في مواقع مختلفة- يبدون منشغلين بمعارك جانبية، خلافات داخلية، وشجارات على الهامش، وكأن الدم لا يُسفك، وكأن الأطفال لا يُدفنون تحت الركام.

أي عقل هذا الذي يُؤجج الانقسام بينما الشعب يُباد؟

أي وعي هذا الذي يضع الجدل قبل الجرح، والمناكفة قبل المذبحة؟

في الوقت الذي تُمحى فيه أحياء غزة عن الخارطة، نجد من يصرّ على فتح جبهات داخلية في كل اتجاه، بل ويذهب البعض لإحياء نيران الفتنة الطائفية، كما يحدث في سوريا من حملات تشويه وشيطنة تصبّ الزيت على جراح وطنٍ لم يتعافَ بعد، كأنّما لم تكفِه سنون الدم والدمار، حتى يُعاد استحضار خطاب الكراهية والمظلومية الطائفية لتفتيت ما تبقّى من نسيجه الاجتماعي.

وهكذا تتحول المعركة من معركة تحرّر إلى مستنقع طائفي تخسر فيه الشعوب وتربح الأنظمة والمحتلون.

في الوقت الذي تُمحى فيه أحياء غزة عن الخارطة، نجد من يصرّ على فتح جبهات داخلية في كل اتجاه، بل ويذهب البعض لإحياء نيران الفتنة الطائفية، كما يحدث في سوريا من حملات تشويه وشيطنة تصبّ الزيت على جراح وطنٍ لم يتعافَ بعد، كأنّما لم تكفِه سنون الدم والدمار
ليس المطلوب أن نتفق على كل شيء، فذلك من طبيعة البشر، لكن المطلوب أن نعرف متى نؤجل خلافاتنا. أن ندرك أن المعركة الكبرى -معركة فلسطين، ومعركة الكرامة والحرية- لا تحتمل ترف الانقسام، ولا غفلة المتخاصمين.

الوحدة في زمن الخطر ليست ترفا.. بل شرط بقاء

ومن لم يستحضر خطر المشروع الصهيوني، فإنه لم يفهم جوهر الصراع، ومن لم يُحسن ترتيب الأولويات، فإنه يترك الجرح مفتوحا، ويزيد الطعنات دون أن يشعر.

نعم، سنعود لنختلف، وسنعود لنناقش، وننتقد، ونعارض، لكن بعد أن نحفظ البقية الباقية من شرفنا الجماعي.

المحتل لن يسألنا غدا: هل كنتم ليبراليين أم إسلاميين؟ هل كنتم فاعلين أم مجرد متفرجين؟ ولن يميّز بين من يساركم ومن يمينكم، هو فقط يرى أمة ممزقة.. ويواصل القتل. فإما أن نتحد اليوم، أو نبكي غدا على أوطانٍ لم نعرف كيف نذود عنها حين ناداها الواجب.

مقالات مشابهة

  • بينما تُباد غزة وتشحن سوريا طائفيا.. هل نكرر أخطاء التاريخ ونخوض المعارك الخطأ؟
  • مجلس الدفاع في لبنان يحذر حماس من إطلاق الصواريخ نحو الأراضي المحتلة
  • الدعاء في ساعة الاستجابة.. أبواب السماء مفتوحة
  • أميركا تريد استئناف المساعدات الإنسانية إلى غزة بينما تواصل دعم الحرب
  • الصين تحشد العالم ضد واشنطن بينما يوسع ترامب صفقاته التجارية
  • صحف عالمية: إسرائيل تصنع كابوسا إنسانيا في غزة لكنها تتمزق داخليا
  • الأردن.. دفاع المتهمين بـخلية الصواريخ يعلق لـCNN على الأحكام الصادرة ويصفها بـالقاسية جدا
  • اتحاد صناعة السيارات الألماني: تخفيف الرسوم الأمريكية خطوة إيجابية لكنها غير كافية
  • الدويش: الملايين تجلب لاعبين لكنها لا تحقق البطولات
  • هل صارت السويس من ممتلكات ترامب ؟