الجزيرة:
2025-04-30@22:51:18 GMT

ما بين صواريخ صدام والسنوار وخامنئي

تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT

ما بين صواريخ صدام والسنوار وخامنئي

ضمن رحلتي الطويلة في السجون المصرية التقيت أحدَ الشباب الفلسطينيين، والذي ينتمي لحركة فتح في صيف 1991، وكان معتقلًا في مصر على خلفيّة دعم الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي اندلعت عام 1987، ولا أنسى أبدًا تعبيرات وجهه ومدى اعتزازه بصواريخ سكود الـ 39 التي أطلقها صدام حسين على إسرائيل، وإشادته بها، بل إنه وصفها بأنها "فضّت بكارة تل أبيب".

وذلك برغم أنه لم يخفِ عدم رضاه عن شخص صدام، ولا نموذج حكمه ولا احتلاله الكويت، ويجب ألا ننسى ذلك الهتاف الذي كان يردّده الفلسطينيون آنذاك: يا صدام يا حبيب اضرب اضرب تل أبيب" الذي أصبح في معركة سيف القدس 2021: "أبو خالد يا حبيب اضرب دمر تل أبيب"، وأبو خالد هنا هو محمد الضيف الذي قاد عملية إطلاق 130 صاروخًا قساميًا تجاه تل أبيب.

صواريخ رمزية

وفي هذا السياق، يجب أن نذكر 3900 صاروخ أطلقها حزب الله على إسرائيل عام 2006، كما يمكن أن نفهم الصواريخ الإيرانية (36 صاروخ كروز، و110 صواريخ أرض أرض) التي جاءت مؤخرًا؛ ردًا على استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق، والتي أطلقت على كامل الكيان الصهيوني، والتي تعدّ في حقيقتها صواريخ رمزية أكثر منها حربية، وإن تضمنت بعض الأهداف الإستراتيجية.

فهذه الصواريخ وَفق قواعد ومنصات إطلاقها (العراق ـ غزة ـ إيران فضلًا عن صواريخ لبنان 2006) على تباينها، لم ترِد تدمير إسرائيل ولا تحرير فلسطين، الذي يجب أن يأتي ضمن سياق عام لحركة تحرير كبرى، تسبقها تغيرات مهمة في ظروف أمتنا، ولا سيما دول الطوق، كما تتضمن تغيرات دراماتيكية على الساحة الدولية.

ومع ذلك، فقد ألقت بعبوة وعي شديدة الانفجار عمّت المنطقة كلها أكثر مما أحدثته من دمار، وذلك في ضوء استمرار استشعار الخطر العام الذي يمثله الكيان الصهيوني، والذي يجب أن يظلّ حيًا في وعي الأجيال، وضرورة أن تقف في وجهه كل مكوّنات المنطقة بشتّى مشاربها؛ لأنه يمثل في الحقيقة خنجرَ النظام الدولي في خاصرة أمتنا والذي يأبى أن يغادرها إلا جثة هامدة.

فالصواريخ لم تصب الكيان الصهيوني بخسائر مادية كبيرة، لكنها أكدت على العدو المشترك، وحددت طريقًا وحيدًا للتعامل معه، فيما يشبه الحكمة من رجم إبليس بالجمرات على سبيل المراغمة والمخالفة ضمن مناسك الحج، ومع ذلك فهي على رمزيّتها أصابت في العمق نظريةَ الأمن الإسرائيلي، وهتكت أستار جيش الاحتلال الذي يحاول أن يستعيد ردعيّته التي مزّقها "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وكشفت عن مدى الخوف الذي يتملك المحتل الصهيوني، الذي بات ينتظر الهجوم من كل مكان، وفي أي وقت، وسط محيط عربي وإسلامي رافض هذه الزراعة الشيطانية القسرية في منطقتنا.

تهديد واستنزاف

كما كشفت مدى حاجته للحاضنة الغربية ولا سيما (الأميركية- البريطانية- الفرنسية- الألمانية) التي هرولت لبناء شبكة دفاع صاروخي؛ دفاعًا عن الابن المدلل، الذي كان يزعم بالأمس القريب أنه شبّ عن الطوق، بل إنه يستعد لقيادة الإقليم! فقد أصبح مقبولًا بما لم يحدث من قبل، وأنه بصدد تدشين علاقات طبيعية مع أهم وأكبر دول المنطقة.

بَعُد كثيرًا مَن كان يتوقع أن تدكّ إسرائيل بضعة صواريخ قطعت كل هذه المسافات وتعرضت لكل هذه الإعاقات، والأبعد منه من تصور أننا نشاهد تمثيلية لا تصبّ إلا في صالح إيران والكيان الصهيوني، إلا إذا صدّقنا معه أن القادة الإيرانيين الذين قُتلوا خلال السنوات القليلة الماضية كانوا أيضًا يمثلون! ولو أن كل القادة العرب تعلموا التمثيل وأطلق كل واحد منهم عشرة صواريخ فقط من تلك الصواريخ العبثية التي أطلقها العراق، ولبنان، وغزة، وإيران لما أكمل الصهاينة مقامهم هذا العام وعادوا إلى بلادهم!

أمّا من تصور أن الصواريخ لم تصب غير غزة، حيث حشدت الغرب خلف الكيان الصهيوني، فهو لم يرَ بعد ذلك الحشد الغربي غير المسبوق خلف الكيان الصهيوني منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، فضلًا عن التعبئة والتحضير والحشد التاريخي الذي أشرف على تخليق الكيان وغرسه في قلب منطقتنا، ومدى ارتباطه بمصالحه الإستراتيجية.. فالحقيقة التي لا يمكن أن ينكرها أحد أن الكيان الصهيوني هو الابن الشرعي للزواج أو التحالف الديني السياسي (الصهيوني المسيحي) الذي يعود للقرن السادس عشر، وأنه يمثل الإستراتيجية الغربية في منطقتنا أكثر مما يعبر عن إستراتيجية ذاتية.

لقد كشفت الصواريخ التي أطلقت على إسرائيل أو تجاهها أن الحقيقة التي لم تستطع كل المحاولات تجاوزها ولم ترَ شعوبنا غيرها: أن شرعية أي كيان سياسي أو اجتماعي في منطقتنا، إنما ترتبط بمقدار تحديه للمشروع الصهيوني الأميركي، الذي يهدد بلادنا ويستنزف مواردها ويذلّ شعوبها، وأن معايير الخيانة الوطنية والقومية إنما تقف بشكل واضح عند أعتاب التعامل مع الكيان غير الشرعي، فضلًا عن التعامي عن جرائمه والتواطؤ معها.

انكشاف الغرب

من المفارقات المهمة التي تؤكد أهمية وجوهرية هذا الصراع في وعي شعوبنا وتصورها لمستقبل منطقتنا، أنه في اللحظة التي ذهبت مصر السادات تجاه كامب ديفيد، والتحول من قائد للصراع إلى ذيل سياسي للمشروع الأميركي الصهيوني، كانت الثورة الإيرانية تدكّ حصون النظام الأهم لأميركا وإسرائيل (شاه إيران)، وتدشن إضافة جديدة للأمن القومي العربي في وجه المشروع الصهيوني.

وبرغم أن التحولات العربية المحيطة بإسرائيل ومن بينها ما سُمي بدول الطوق، قد تمت هندستها بشكل كامل لصالح الكيان الغاصب، فإن التحولات البعيدة (تركيا – إيران – باكستان ـ الجزائر – أفغانستان) تتشكل بشكل رافض، معبرة عن ضمير الأمة ومصالح المنطقة.. فضلًا عن تحولات أميركا اللاتينية التي لاتزال تضع العرب في موقف حرج، وجنوب أفريقيا التي وقفت مع غزة موقفًا مشرفًا للإنسانية كلها.

من الملاحظات المهمة والمرتبطة بنتائج "طوفان الأقصى" وتوابعه التي لاتزال مفتوحة، وآخرها هجوم المسيرات الإيرانية الشامل على الكيان الصهيوني، هو انكشاف موقف الغرب بشكل غير مسبوق؛ دفاعًا عن إسرائيل ونهوضًا لدعمها ومساندتها والاستعداد لخوض الحروب لأجلها.

وهو ما بدد أسس الإستراتيجية التي خططت لزرعها في منطقتنا، والتي كانت تعتمد زراعة كيان إرهابي يرهب الجميع مما يضطرهم للارتماء في الحضن الغربي الأمين؛ طلبًا للحماية! فإذا بالجدر جميعًا تسقط بين الكيان ومن خلقوه ويصبحان كيانًا واحدًا! وإذا بالغرب وعلى رأسه أميركا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا يخلع ذلك كله ويكشر عن أنيابه، ويدخل المعركة بشكل مباشر لأول مرة، وما ذلك إلا لأنه شعر بخطر حقيقي يتهدد مشروعه الرئيس في المنطقة، ويضعه في موقف حرج.

وهو ما تبدى بشكل واضح منذ "طوفان الأقصى" وعقب التهديدات الإيرانية بالرد على هجوم الكيان الصهيوني على قنصليتها في دمشق، وما أعقبه من هجوم رمزي أرسل رسائل مهمة للمشروع الصهيوني في المنطقة ورسم حدودًا جديدة لدور إسرائيل ومستقبلها.

وهكذا نستطيع اليوم أن نقول: إن غزة ليست وحدها.. وإن إسرائيل ستظل محاصرة في محيط رافض لعدوانها ووسط لافظ لوجودها.. وإن استهداف الكيان الغاصب حتى التحرير سيظلّ هو حلم المنطقة بكل مذاهبها وطوائفها وأعراقها.. وإن استهداف المحتل مازال يتطور من القصيدة والمقال إلى الحجر والرمح والمقلاع إلى الرصاص والبندقية والرشاش إلى الصواريخ والمسيرات حتى التحرير.. وذلك كله لأنه أصبح من المسلّمات أن مصير المنطقة وحياتها ونهضتها وتقدمها وديمقراطياتها، رهينة بهذا الصراع.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات الکیان الصهیونی فی منطقتنا فضل ا عن تل أبیب

إقرأ أيضاً:

“حسام شبات” الذي اغتالته إسرائيل.. لكنه فضحهم إلى الأبد

#سواليف

كتبت .. #روبين_أندرسون

قُتل الصحفي الشابّ في قناة #الجزيرة، #حسام_شبات، يوم الرابع والعشرين من مارس/ آذار، حين استهدفته طائرة مُسيّرة إسرائيلية بصاروخ واحد أثناء وجوده داخل سيارته.

وقد أفاد صحفي آخر قام بتوثيق آثار #الجريمة أن حسام كان قد أنهى للتوّ مقابلة صحفية، وكان متوجهًا إلى المستشفى الإندونيسي في شمال #غزة من أجل بث حي على قناة الجزيرة مباشر.

مقالات ذات صلة تقدم في محادثات غزة.. وتوافق على وقف اطلاق نار طويل الأمد  2025/04/29

وقد اعتبرت لجنة حماية الصحفيين عملية قتله #جريمة_قتل_متعمدة. وكان حسام يساهم أيضًا في موقع “دروب سايت نيوز” الأميركي، حيث استخدم الصحفي جيفري سانت كلير تقاريره الميدانية الحية ضمن “يوميات غزة” التي نشرها.

ترك حسام رسالة قبل استشهاده جاء فيها:

“إذا كنتم تقرؤون هذه الكلمات، فهذا يعني أنني قد قُتلت – على الأرجح استُهدفت – من قبل قوات #الاحتلال الإسرائيلي.. لقد كرست الثمانية عشر شهرًا الماضية من حياتي كاملةً لخدمة شعبي.

وثقتُ أهوال شمال غزة دقيقةً بدقيقة، مصممًا على #كشف_الحقيقة التي حاولوا طمسها.. وأقسم بالله إنني قد أديتُ واجبي كصحفي. خاطرتُ بكل شيء لنقل الحقيقة، والآن، أرقد بسلام…”.

في وقت سابق من يوم استشهاده، استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي الصحفي محمد منصور، العامل لدى قناة فلسطين اليوم، مع زوجته وابنه، عبر قصف مباشر لمنزله في خان يونس.

وبعد اغتيال شبات، احتفى الجيش الإسرائيلي بقتله علانيةً، إذ نشر عبر حسابه الرسمي على منصة “إكس” منشورًا تفاخر فيه بـ”تصفية” حسام، قائلًا: “لا تدعوا السترة الصحفية تخدعكم، حسام كان إرهابيًا”. وكان الاحتلال قد زعم قبل ستة أشهر أن شبات وخمسة صحفيين آخرين – جميعهم يعملون لدى قناة الجزيرة – ينتمون إلى حركة حماس.

في ذلك الوقت، كان شبات يغطي الأحداث من شمال غزة، تلك المنطقة التي لم يتبقَّ فيها سوى قلة من الصحفيين، حيث كانت إسرائيل قد أطلقت حملة إبادة مركزة، وكان شبات وزملاؤه يرابطون هناك لتوثيق الجرائم الإسرائيلية وتقديم تغطية مستمرة.

كان حسام يدرك أن إعلان الاحتلال له كـ”عنصر من حماس” يعني نية مبيّتة لاستهدافه. لذلك دعا مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفع أصواتهم مستخدمين وسم “#احموا_الصحفيين”، قائلًا:

“أناشد الجميع نشر الحقيقة حول ما يتعرض له الصحفيون، لفضح خطط الاحتلال الإسرائيلي الرامية إلى فرض تعتيم إعلامي. انشروا الوسم وتحدثوا عنا!”.

وكانت آخر رسالة صحفية له، والتي أُرسلت قبل ساعات من مقتله، قد تُرجمت من العربية إلى الإنجليزية بواسطة شريف عبد القدوس، وافتتحت بهذه الكلمات:

“كانت الليلة حالكة السواد، يغمرها هدوء حذر. خلد الجميع إلى نومٍ قلق. لكن السكون سرعان ما تحطّم تحت وطأة صرخات مفزعة. وبينما كانت القنابل تمطر السماء، كانت صرخات الجيران تعلن اللحظات الأولى لاستئناف الحملة العسكرية الإسرائيلية. غرقت بيت حانون في الذعر والرعب”.

إنه وصف مروع للواقع، يكشف بوضوح السبب الذي دفع إسرائيل إلى إسكات حسام شبات.

وصل عدد الصحفيين الفلسطينيين الذين قُتلوا منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إلى 236 شهيدًا، بانضمام حسام شبات إلى هذه القائمة الدامية. وفي السابع من أبريل/ نيسان، قصفت إسرائيل خيمة إعلامية في خان يونس، مما زاد من ارتفاع عدد الضحايا.
إعلان

منذ أن أنهى نتنياهو وقف إطلاق النار، انطلقت إسرائيل في موجة قتل عارمة، أسفرت خلال الأيام الثلاثة الأولى عن استشهاد 700 شخص وإصابة 900 آخرين، ولا تزال المجازر مستمرة.

يعلم دعاة الدعاية الحربيّة أنّ خططهم تنهار أمام الشهادات الصادقة والمعارضة الحرة. فالبروباغاندا الحربية تقتضي دومًا فرض الرقابة والصمت.

لم يكن حسام شبات الفلسطيني الوحيد الذي ترك خلفه توثيقًا لعملية قتله والمسؤولين عنها. فقد كان رفاعة رضوان من بين خمسة عشر مسعفًا تم إعدامهم على يد إسرائيل، قبل يوم من اغتيال شبات، وقد ترك تسجيلًا مصورًا لعملية قتله، مما أسقط روايات الاحتلال الكاذبة.

في صباح الثالث والعشرين من مارس/ آذار، قتلت قوات الاحتلال العاملين في الإغاثة الإنسانية برفح، وكانوا ثمانية من طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني، وستة من الدفاع المدني الفلسطيني، وموظفًا من وكالة الأونروا، أثناء تنفيذهم مهمة انتشال الجرحى والشهداء المدنيين.

وبعد انطلاقهم لتنفيذ مهمتهم، انقطعت أخبارهم لأيام. وأطلق الناطق باسم الدفاع المدني، محمود بصل، مناشدات يائسة إلى العالم للضغط على إسرائيل لكشف مصيرهم. حتى الثلاثين من مارس/ آذار، حين تم استخراج جثثهم من قبر جماعي ضحل، وهم لا يزالون يرتدون زيهم الرسمي المضيء.

وقد كشفت الفحوصات الجنائية التي أجراها طبيب تعاقد مع مستشفى في خان يونس عن علامات تشير إلى “عمليات إعدام ميداني” بناءً على أماكن الإصابة القريبة والمقصودة.

وقد عُثر على الضحايا وهم لا يزالون يحملون أجهزة الاتصال، والقفازات، والحقائب الطبية. ونشرت صحيفة الغارديان البريطانية شهادات الطبيب، وأشارت إلى أن إسرائيل قد دمرت النظام الصحي في غزة وقتلت ألفًا من العاملين في القطاع الطبي، وهو ما يرقى إلى جرائم حرب.

وفي الأول من أبريل/ نيسان، غطت صحيفة “نيويورك تايمز” المجزرة، واضعة في عنوانها اقتباسًا على لسان الأمم المتحدة يتهم إسرائيل بقتل عمال الإنقاذ. لكنها افتتحت التقرير بإبراز نفي الاحتلال، حيث ادّعت إسرائيل أن تسعة من القتلى كانوا “مقاتلين فلسطينيين”.
إعلان

واتّبعت الصحيفة أسلوبها المعتاد في تقديم الروايتين (رغم الفارق بينهما)، مستعرضةً بشاعة المشهد وشهادات وكالات غزة والأمم المتحدة، ثم منح المساحة مجددًا لدفاعات الجيش الإسرائيلي غير القابلة للتصديق، بزعم أن “عددًا من المركبات كانت تتقدم نحو الجنود الإسرائيليين بطريقة مريبة ومن دون إشارات طوارئ”.

وزعمت إسرائيل أن من بين القتلى محمد أمين إبراهيم شوبكي، الذي شارك في هجمات السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، رغم استحالة تصديق هذه الرواية في ظل الكم الهائل من القنابل التي أسقطت على غزة – بكمية تفوق ما أُلقي خلال الحرب العالمية الثانية – بزعم استهداف حركة حماس فقط، لا عشرين ألف طفل فلسطيني قتلوا جراء ذلك.

غير أن العثور على الهاتف المحمول الذي سجل ما حدث قلب الرواية الإسرائيلية رأسًا على عقب. فقد التقط رفاعة رضوان هاتفه المحمول أثناء تعرض قافلتهم للنيران، وسجل رسالة مؤثرة وهو يركض باتجاه النيران الإسرائيلية محاولًا إنقاذ المصابين. خاطب والدته قائلًا:

“أمي، سامحيني… أقسم بالله إنني اخترت هذا الطريق فقط لأساعد الناس”.

وأظهرت اللقطات أن أضواء سيارات الإسعاف كانت تعمل بوضوح، ومع ذلك لم توفر لهم أي حماية.

أكد الشريط المصور ما كان العالم يعرفه بالفعل، وكشف عن شجاعة إنسانية نادرة لشاب فلسطيني واصل إنقاذ الأرواح وسط إبادة جماعية لا توصف.

لقد كان شريط رفاعة رضوان مؤثرًا إلى درجة أن صحيفة “نيويورك تايمز” اضطرت، في السادس من أبريل/ نيسان، إلى نشر عنوان صريح يشير إلى أن “عمال الإغاثة في غزة قُتلوا برصاص إسرائيلي”. ومع ذلك، منح التقرير، الذي كتبته إيزابيل كيرشنر، مساحة واسعة لمسؤولي الاحتلال لتقديم دفاعاتهم مجددًا، متجاهلًا المنهجية الإسرائيلية في استهداف القطاع الصحي في غزة.

إن المؤرخين الفلسطينيين يتحدثون بلغة الإنسانية. فهم يروون ما يجري بحقهم كما كتب حسام شبات:
إعلان

“كنت أنام على الأرصفة، في المدارس، في الخيام – في أي مكان أجده. كانت كل يوم معركة من أجل البقاء. تحملت الجوع لأشهر، ومع ذلك لم أتخلَّ يومًا عن شعبي”.

كما ترك كلمات خالدة:

“لا تتوقفوا عن الحديث عن غزة. لا تسمحوا للعالم أن يغض الطرف. استمروا في النضال، وواصلوا رواية قصصنا – حتى تتحرر فلسطين”.

إنها كلمات حكيمة ومؤثرة، ورسالة بالغة الأهمية لشعب يتعرض لإبادة جماعية. وهي تمامًا الكلمات التي يحتاج العالم إلى سماعها اليوم.

مقالات مشابهة

  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • اللواء عبد الحميد خيرت: الإخوان الإرهابية وحماس خططوا لتوريط الأردن في صدام مع إسرائيل
  • موجة غلاء جديدة تضرب الكيان الصهيوني: شركات غذاء ومشروبات ترفع الأسعار
  • “حسام شبات” الذي اغتالته إسرائيل.. لكنه فضحهم إلى الأبد
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • غارات أمريكية مكثفة تهز صنعاء .. استهداف منصات صواريخ ومخازن أسلحة حوثية
  • الشاب الذي اغتالته إسرائيل.. لكنه فضحهم إلى الأبد
  • نيويورك تايمز: إسرائيل استخدمت الذكاء الاصطناعي بشكل واسع في حرب غزة
  • "فيرجن أتلانتيك" تغلق خطها الجوي إلى تل أبيب بشكل نهائي
  • الغرب بدأ ينبذ إسرائيل وإسبانيا تُلغي صفقة أسلحة .. ثلاث دولٍ تُطالِب بمنع الكيان المشاركة بمُسابقة الأغنية الأوروبيّة