نابلس- في السابع عشر من أبريل/نيسان من كل عام، يحيي الفلسطينيون يوم الأسير، إذ اعتمد المجلس الوطني الفلسطيني في دورته المنعقدة بهذا اليوم عام 1974 هذا التاريخ باعتباره يومًا وطنيًا من أجل حرية الأسرى ونصرة قضيتهم العادلة.

وعُدَّ محمود بكر حجازي أول أسير في تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة، واعتقل بعد تنفيذه ومقاومين آخرين عملية قرية بيت جبرين الفدائية، وحكم بداية بالإعدام ثم حوّل للسجن 30 عاما، ليطلق سراحه عام 1971، بأول صفقة تبادل تتم فوق الأرض الفلسطينية عرفت بـ"أسير مقابل أسير".

تطلق مصلحة السجون الإسرائيلية على من تعتقلهم من الفلسطينيين بالأسرى الأمنيين، وتقيد حريتهم وتلصق لهم صفة "الإرهاب" كونهم نفذوا أعمالا عدائية وتخريبية ضدها، بينما هم يرون أنفسهم مقاومين ضد احتلال يريد تهجيرهم من أرضهم وسلبهم كرامتهم.

ولجأت إسرائيل للاعتقال لعقاب الفلسطينيين بشكل فردي وجماعي، فنفذت ومنذ احتلالها للضفة الغربية عام 1967 أكثر من مليون حالة اعتقال، كان أخطرها اعتقالات ما بعد الحرب الأخيرة على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي نفذت من بعدها وخلال 6 أشهر فقط أكثر من 8 آلاف عملية اعتقال.

ورغم ذلك، لم ينل الاحتلال من عزيمة الأسرى ولم يتمكن من ردعهم وعموم الفلسطينيين، بل حوَّلوا محنة الاعتقال إلى منحة، فتخرج منهم العلماء والمثقفون والأدباء، وواصلوا نضالهم داخل المعتقل وبعد تحررهم أيضا.

يقبع في السجون الإسرائيلية الآن أكثر من 9400 أسير فلسطيني (الجزيرة) أعدادهم تتضاعف

قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي بلغ عدد الأسرى حوالي 5 آلاف أسير، بينهم 160 طفلا و30 أسيرة، و22 من الأسرى القدامى (أسرى ما قبل أوسلو)، أقدمهم الأسير محمد الطوس، إضافة لـ11 أسير ممن تحرروا ضمن صفقة وفاء الأحرار (شاليط) عام 2011 وأعادت إسرائيل اعتقالهم في 2014.

وبعد طوفان الأقصى سُجلت أكثر من 8 آلاف حالة اعتقال بالضفة الغربية والقدس، شملت 272 امرأة (المعتقلات من الداخل المحتل 1948 وغزة والضفة الغربية)، و500 طفل، كما اعتقلت المئات من غزة.

ويقبع في السجون الإسرائيلية الآن أكثر من 9400 أسير، بينهم 71 أسيرة، و200 طفل، ومنهم 700 أسير يعانون أمراضا مختلفة.

وطوَّعت سلطات الاحتلال كل الوسائل لتعذيب الأسرى الفلسطينيين وعقابهم، بدءا من ملاحقتهم وآليات اعتقالهم ونقلهم للسجون ومراكز التحقيق والمحاكم، وما يرافق ذلك من انتهاكات، خاصة عبر حافلة السجن "البوسطة" ذات المقاعد الحديدية والتي ينقل بها الأسير مقيدا ومعصوب الأعين لـ12 ساعة في رحلة لا تستغرق أكثر من ساعتين بالوضع الطبيعي.

المحاكم والقوانين

وسنت إسرائيل القوانين المجحفة بحق الأسرى، لا سيما قانون محاكمة الأطفال دون سن 14 عاما، وآخر لحرمانهم من التعليم وثالثا شرعن احتجاز مستحقاتهم المالية.

ولعلَّ أخطرها قانون التغذية القسرية للأسرى المضربين عن الطعام لنيل حقوقهم، كما شرعنت إسرائيل احتجاز جثامينهم، وتحتجز إسرائيل الآن 496 جثمانا (لا تشمل جثامين الشهداء بمحيط غزة بعد الحرب) في مقابر الأرقام وثلاجاتها، بينهم 27 أسيرا.

كما طُرح مشروع قانون لإعدام الأسرى عام 2015 ولم يقره الكنيست بعد، بالرغم من مطالبات إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي بذلك علنا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

ومع ذلك لم تسقط إسرائيل من أجندتها الأحكام العالية (561 أسيرا محكومون مدى الحياة)، ويوصف أكثر من 500 أسير ممن قضوا فوق 20 عاما "بجنرالات الصبر"، إضافة لأسرى المؤبدات المفتوحة كالأسير عبد الله البرغوثي المحكوم بـ67 مؤبدا، ونائل البرغوثي الذي يوصف بأنه أقدم أسير بالعالم بقضائه 44 عاما.

وأشد خطورة من ذلك انتهاج إسرائيل سياسة الاعتقال الإداري (يبقى فيها ملف الاتهام سريا) والتي يواجهها الآن أكثر من 3660 أسيرا، حيث يبقى الأسير رهن مزاج مخابرات الاحتلال التي تحكم وتجدد اعتقال الأسير دون سبب.

الاعتقال مرات عديدة

أثبتت التجارب أن شيئا لم يردع الفلسطينيين، نتيجة إيمانهم بأحقية نضالهم والعيش على أرضهم بحرية وسلام. يقول فؤاد الخفش الباحث بشأن الأسرى للجزيرة نت إن 75% من الأسرى الفلسطينيين أعيد اعتقالهم أكثر من مرة، كونهم استمروا بنضالهم حتى بعد تحررهم.

وأضاف أن من الأسرى من يخضع الآن للاعتقال للمرة الـ30 كالشيخ حسن يوسف، والمرة 15 كالأسير نزيه أبو عون، وكثير ممن تعتقلهم إسرائيل الآن من مختلف الفصائل الفلسطينية وقياداتها اعتقلوا مرات عدة، كمروان البرغوثي وأحمد سعدات وعباس السيد.

ولم يعدم الأسرى وسيلة لنيل حقوقهم داخل الأسر أو حتى تحرير أنفسهم، فشرعوا بإضرابات عن الطعام، وخاضوا 26 إضرابا جماعيا منذ العام 1967، ومئات الإضرابات الفردية.

ومنها إضراب سجن عسقلان عام 1976 الذي استمر لـ65 يوما، وإضراب سجن نفحة 1980 ومعه استشهد 4 أسرى، وعُدَّ إضراب "أم المعارك" عام 1992 من أشهرها، حيث خاضه 7 آلاف أسير واستشهد أحدهم، بينما كان إضراب "سنحيا كراما" في 2012 وإضراب "الكرامة" 2017 أحدثها.

وافتتح الشيخ الشهيد خضر عدنان بإضرابه عام 2011-2012 والذي استمر 65 يوما طريق الإضرابات الفردية الحديثة، ولحقه عشرات الأسرى الذين أضرب بعضهم 100 يوم وأكثر.

اعتقلت إسرائيل المئات في قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول واعتبرتهم "مقاتلين غير شرعيين"، وبلغ من بقي منهم معتقلا حوالي 850 أسيرا، وأخفت قسرا أية معلومات عنهم، واحتجزتهم بمعسكرات للجيش قرب غزة وسجون سرية في النقب كـ"سديه تيمان" و"عينتوت".

وكشف طبيب إسرائيلي عسكري أن بعض الأسرى وبفعل استمرار تقييدهم لأيام وأسابيع بترت أطرافهم، وقتلت إسرائيل باعترافها 27 فلسطينيا من أسرى غزة.

وأخطر ما واجهه الأسرى بعد طوفان الأقصى هو الاعتداءات الجنسية والتي وصلت حد اغتصاب أسيرات.

سبيل التحرير

بالقوة فقط يمكن تحرير الأسرى، هذا ما يجمع عليه ذوو الأسرى وكذلك فصائل المقاومة، إذ لم تنجح السياسة ولا مفاوضات السلام مع إسرائيل بتحرير أي منهم.

وهذه القوة تكمن بعمليات أسر إسرائيليين وخاصة من الجنود وإبرام صفقات تبادل، ونجحت المقاومة الفلسطينية في تحقيق ذلك في عشرة صفقات تبادل منذ العام 1968 وحتى 2011، وهذه الصفقات شكلت ولا تزال أمل الأسرى الوحيد لنيل حريتهم.

وكان أشهر اتفاقيات التبادل "صفقة الجليل" الأولى عام 1983 والثانية التي عرفت أيضا بصفقة "أحمد جبريل- الجبهة الشعبية- القيادة العامة" 1985، وصفقة "وفاء الأحرار" (شاليط)2011، إذ فرض فيهما المفاوض الفلسطيني شروطه، وأُطلق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين بينهم ذوو أحكام عالية ومؤبد مقابل 3 إسرائيليين في الأولى، والجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي اختطفته المقاومة بغزة عام 2006 في الثانية.

وجاء "طوفان الأقصى" ليعلق الأسرى آمالهم عليها رغم آلامهم على إجرام الاحتلال في غزة وإبادتها لشعبها، ورغم الألم نال أكثر من 150 أسيرا فلسطينيا من الأطفال والنساء حريتهم في صفقة مرحلية شملت الإفراج عن 50 إسرائيليا ممن احتجزتهم المقاومة خلال طوفان الأقصى. وعلى ما تبقى من أسرى إسرائيليين يعلق تفاوض المقاومة بقوة ويعلق الفلسطينيون ولا سيما الأسرى آمالهم.

يقول فؤاد الخفش الباحث بشأن الأسر إن المفاوضات وعملية السلام لم تفرج عن أسير واحد، وإن من أطلقت إسرائيل سراحهم بعد اتفاق أوسلو كانوا تحت مسمى "حسن النوايا" من إسرائيل تجاه السلطة الفلسطينية للعودة للمفاوضات، فأطلقت عام 2013 سراح 75 أسيرا من أصل 104 أسرى ممن كانوا قبل أوسلو، وبظل تحرر بعضهم واستشهاد آخرين بقي منهم حتى الآن 22 أسيرا يعرفون بـ"أسرى الدفعة الرابعة" معظمهم من الداخل المحتل عام 1948.

وشكل "الهروب" من سجون الاحتلال أملا آخرا للأسرى في نيل حريتهم، ونجحوا في كثير منها، وكان آخرها في سبتمبر/أيلول 2021 حين تمكن 6 من أسرى سجن جلبوع شمالا من الهروب عبر حفر نفق من أسفل السجن لخارجه.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات الأسرى الفلسطینیین طوفان الأقصى أکثر من

إقرأ أيضاً:

العدو الصهيوني يفرج عن 369 أسيرًا فلسطينيًا والمقاومة تسلم ثلاثة أسرى للكيان

الثورة نت/
أفرج العدو الصهيوني، السبت، عن 369 أسيرا فلسطينيا ضمن الدفعة السادسة من تبادل الأسرى بين حماس و”إسرائيل”، وفق وكالة معا الفلسطينية.
وكانت المقاومة في قطاع غزة قد سلمت، السبت، ثلاثة أسرى صهاينة في خان يونس.

وأفرجت حركتا حماس والجهاد الإسلامي، السبت، عن ثلاثة أسرى للاحتلال كانوا محتجزين في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، بينما أطلقت الكيان سراح معتقلين فلسطينيين في سجونها في سادس عملية تبادل في إطار اتفاق الهدنة.
الأسرى الثلاثة الصهاينة هم ساشا تروبانوف (29 عاما)، ساغي ديكل حن (36 عاما)، يائير هورن (46 عاما).

وتمّ تسليمهم في مدينة خان يونس في جنوب القطاع، وأُصعدوا إلى منصة وسط عشرات المسلحين الذين أحاطوا بهم وأمام حشد من الأشخاص الذين كانوا يهتفون ويصفقون. ثم تسلمّتهم اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وغادرت سيارات الصليب الأحمر ناقلة الرهائن خان يونس حيث جرت عملية التسليم بالقرب من منزل قائد حركة حماس السابق يحيى السنوار الذي استشهد خلال مواجهة في جنوب القطاع.

وأعلن جيش الاحتلال في بيان أن الصهاينة الثلاثة توجهوا إلى المكان الذي سيلتقون فيه أفرادا من عائلاتهم.
في المقابل، غادرت أكثر من عشر حافلات تقل معتقلين فلسطينيين أفرج عنهم الاحتلال في إطار الصفقة، سجن كتسيعوت في النقب صباح السبت، وفق ما أفاد مراسل لوكالة فرانس برس.

وشدّدت حركة حماس في بيان على أن إطلاق سراح “الدفعة السادسة من أسرى العدو، تأكيد أنَّ لا سبيل للإفراج عنهم إلا بالمفاوضات وعبر الالتزام باستحقاقات اتفاق وقف إطلاق النار”.
وأكد القيادي في حماس، طاهر النونو، لفرانس برس ،الجمعة، أن الحركة تتوقع بدء مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة مطلع الأسبوع المقبل، موضحا أن “الوسطاء يواصلون المباحثات في هذا الشأن”.

وقال إن “حماس أكدت أنها ملتزمة تنفيذ إجراءات صفقة التبادل وكل بنود الاتفاق” الذي نصّ على وقف النار.
فرح ودموع

واستقبل الأهالي الأسرى المحررين وسط أجواء من الفرح والدموع لاسيما وأن ظروف اعتقالهم كانت الأصعب.
وأكدَ الأهالي أنّهم “ثابتون في أرضهم”، مرددين العبارة التي كتبتها كتائب القسّام على إحدى اللافتات على منصة تسليم الأسرى، ومفادها: “لا هجرة إلا إلى القدس”، طبقا لموقع قناة الميادين.
في السياق؛ أكد موقع “فلسطين أونلاين” وصول عشرات الأسرى الفلسطينيين، ظهر اليوم السبت، إلى مدينة رام الله من معتقل عوفر بعد تحررهم ضمن الدفعة السادسة في المرحلة الأولى من صفقة طوفان الأحرار.

ووصل الأسرى إلى قصر رام الله الثقافي بمدينة رام الله، رافعين شارة النصر في مشهد مهيب ووسط استقبال من مئات الجماهير الفلسطينية.
وبدت ملامح التعب والإرهاق واضحة على ملامح الأسرى، حيث سيخضعون لفحوصات طبية أولية من طواقم طبية تتبع وزارة الصحة الفلسطينية والهلال الأحمر. وقال الهلال الأحمر، إن “طواقمه نقلت أربعة أسرى محررين من موقع الاستقبال في رام الله إلى المستشفى لصعوبة حالتهم الصحية”.

واقتحم الجيش الصهيوني مدينة بيتونيا قبيل الإفراج عن أسرى فلسطينيين من سجن عوفر.
كما حذرت سلطات الاحتلال أهالي الأسرى في الضفة من الاحتفال بالإفراج عنهم.
وأعلنت مؤسسات الأسرى، مساء الجمعة، أسماء 36 معتقلا من المحكومين بالمؤبدات. مقابل 3 أسري اسرائيليين.

ووفقا لقائمة الأسماء، سيتم إبعاد 24 معتقلا من المفرج عنهم إلى الخارج، بينما سيتم الإفراج عن الباقي إلى الضفة، بما فيها القدس.
كما سيتم الإفراج عن 333 معتقلا من قطاع غزة، اعتقلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانها على القطاع بعد السابع من أكتوبر 2023.

مقالات مشابهة

  • المقاومة تفرج عن ثلاثة محتجزين صهاينة ضمن الدفعة السادسة مقابل 369 أسيرًا فلسطينيًا من سجون الاحتلال
  • محمد الغباري: إسرائيل تخطط منذ عقود.. ومصر ترفض تهجير الفلسطينيين
  • حماس ترد على طلب موسكو للإفراج عن أسير في غزة يحمل جنسية روسية
  • العدو الصهيوني يفرج عن 369 أسيرًا فلسطينيًا والمقاومة تسلم ثلاثة أسرى للكيان
  • حماس تؤكد أن تحرير الأسرى الفلسطينيين إنجاز وطني وقضية على رأس أولوياتها
  • شاهد: إسرائيل تفرج عن الأسرى الفلسطينيين ضمن اتفاق وقف إطلاق النار
  • الدفعة السادسة من الأسرى الفلسطينيين تعانق الحرية (شاهد)
  • القسام ستفرج عن 3 أسرى وإسرائيل عن 369 أسيرا فلسطينيا
  • الدفعة الأكبر..369 أسيراً فلسطينياً على موعد مع الحرية غداً السبت
  • والدة أسير : ابني أسير لدى حركة حماس ونحن أسرى لدى حكومة “إسرائيل”