دون امتلاكك لبشرة بيضاء وعينين زرقاوين وشعر أشقر وامتداد عرقي منحدر من بلاد «النِعم»، فإنك في العالم الثالث وبكل أسف، قد أخطأت فهم مبادئ الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية، وهي التي تبرهن الأيام، حسب عديد من المفكرين والناشطين، إنما صنعت لدول الغرب والغرب وحده، وأن مقومات التطابق بين تلك المفاهيم وبينك، إنما تحتاج لشروط لا يمكنك تحقيقها.
أهلا وسهلا بك في عالم الواقع، فقد تركك العالم لسنوات وسنوات لتستوعب وتتقبل ما يطلقه من شعارات براقة وأحلام وردية، حتى صدقت نفسك وغرقت في عالم التوقعات والمبادئ، فما الذي حصل لهذا كله؟.
حرية التعبير وحقوق النساء ودور الشباب وحقوق الطفل فما هي إلا شعارات جوفاء لا قيمة لها إلا إذا تماهت مع رغبات ونزوات الممول من دول النِعملقد أثبتت محرقة غزة أمام جموع الغلابة، بأن تلك المفاهيم لم تكن لكل البشر وحتماً ليست لشعوب العالم الثالث، فامتلاكك لجنسية إحدى دول النِعم مثلاً، ومن دون أن تكون منحدراً من أعراقها الأصيلة لا تضعك في أولويات الدولة التي منحتك جنسيتها، بل تصبح أنت دونما إعلان أو تصريح، مواطناً من الدرجة الثانية أو حتى العاشرة، لذلك ومن هذا المنظور عليك عدم السعي لإقناع الذات بعكس ذلك، عليك أن تقنع نفسك بأن هذه الحال هي الحقيقة مهما بلغت درجة عبودية البعض لتلك الدول. فالمجنّسون من العالم الثالث في دول النِعم ليسوا، وحسب البعض المأزوم من أرباب تلك الدول، إلا دخلاء لا يتمتعون بالحقوق والحماية والاهتمام نفسها، بل إن البعض من متطرفي دول النعم، يؤمنون بأن المهاجرين إنما أسقطوا من السماء، من دون أن يعرفوا أن تاريخ دولتهم التي منحت المهاجرين جنسيتها قد بُني البعض منه على عظام وأشلاء وأجساد وعرق آباء أولئك المهاجرين، خلال عهد الاستعمار البائد. وبذلك فإن بلاد الغلابة، حسب تصنيف دول النِعم لا حقوق فيها ولا إنسان.. لا حقوق تحترم، ولا إنسان يستحق العيش والكرامة والحرية، فأهلها عند متطرفي دول النِعم وبعض ساساتها، لا حظوة لهم بأي حقوق ولا هم من فئة بشر، كما يراهم أولئك المتغطرسون، بل يوصفون جهاراً نهاراً بأنهم أقل من البشر، أو كما قال وزير دفاع دولة الصهاينة عن الفلسطينيين: حيوانات بشرية! وهو ما عبر ليس فقط عن الحقد الدفين والفارق الطبقي الأممي، بل عن البيئة والمجتمع، ومدرسة التفكير التي انحدر منها وزير القتل المذكور، ومعه حفنة من متطرفي الفكر ومعوّجي العقل في دول الاستعمار السابقة.
أما الديمقراطية والانتخابات المرتبطة بها في دول الغلابة، فأيا كانت نتائجها، خاصة إذا لم تنسجم مع مبتغى دول النِعم، فما هي إلا مفبركة ومزورة، ويجب إلغاؤها وإعادتها حتى تأتي بما يتوافق مع رؤية أهل النعم، لذلك فهي ديمقراطية مقيّفة، مفصلّة ومطبوخة حسب مزاج تلك الدول.
أما حرية التعبير وحقوق النساء ودور الشباب وحقوق الطفل فما هي إلا شعارات جوفاء لا قيمة لها إلا إذا تماهت مع رغبات ونزوات الممول من دول النِعم، أو من لف لفيفهم. فغزة أثبتت أن القتل للنساء بالجملة، مقابل استمرار الدعم للاحتلال، ما هو إلا دليل قاطع على كذب المفاهيم والشعارات والمبادئ، دونما رحمة ودونما مقارنة بين نظريات وتنظير استمرا لعقود خلت. تلك الحقوق كانت مجرد السيف الذي نحرت به دول الغلابة، عندما أراد ساسة دول النِعم أن تسحق دول تنتمي لعالم البؤس والغلب والأوجاع.
أما الإعلام الاجتماعي الذي كان بمثابة منصة «التنفيس» الحر، ومحطة التعبير عن الرأي والموقف والمساحة البعيدة عن منصة الرقيب والشطب والحذف ومصادرة المواقف، تحول مع حرب غزة إلى منصة للمنع والحظر والتنكيل الفكري، خاصة عندما أراد البعض انتقاد إسرائيل أو فضح ممارساتها، أو نشر حقائق المحرقة التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني. إذن حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية والرأي الحر، لا وجود لها عند دول الغلابة، التي جيء ببعض زعمائها ليكونوا عالة على شعوبهم وأوطانهم. وعندما يصل الأمر إلى وصيفة المستعمرين السابقين إسرائيل فعلى الجميع أن يقبل بالحجب والشطب والحذف، وحتى العقاب الإلكتروني، بما فيها هذا المقال الذي لن يعجب حتماً العم مارك زوكربيرغ وإيلون ماسك وغيرهم من جمهور المقص والرقابة فيوغلون في حذفه حسب المتوقع.
لقد ساهمت المحرقة التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة والضفة الغربية، وما يعانيه الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال، عن الكشف مجتمعة عن حقيقة العالم المنافق وقباحة المشهد ودناءة النفاق، وما يصاحب هذا كله من استهبال وتواطؤ وانحطاط، ولعل تجربة الأيام الأخيرة في المنطقة التي شابها ما شابها قد عمقت الجرح، وأظهرت كم هو حجم الغلب الذي يعيشه الغلابة، فهل يستمر العالم في التعامل مع البشر درجات؟ أم تساهم فلسطين وغيرها في تغيير المسار وصحوة البشر؟ ننتظر ونرى!
المصدر: القدس العربي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الفلسطينيين الاحتلال فلسطين غزة الاحتلال مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی دول
إقرأ أيضاً:
مؤثرة سعودية تواجه انتقادات حادة بسبب سلوكيات أبنائها.. وهكذا دافعت
واجهت خبيرة التجميل والمؤثرة السعودية سارة الودعاني موجة من الانتقادات بعد تصريحاتها الأخيرة حول سلوكيات أطفالها، وخاصة نجليها "سعد" و"سكرة".
سلوكيات تستفز المتابعينوتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة من الفيديوهات التي تُظهر سلوكاً عنيفاً من قبل ابني سارة الودعاني تجاه بعضهما البعض.
الطفلان اللذان يواجهان بعضهما بكثير من الغضب، ظهرا في مقطع فيديو أثناء التسوق من أحد المراكز مع والدتهما، بينما يتعاملان بسلوك طفولي عدائي.
وفي الفيديو رفضت سارة الودعاني التدخل، مبررة أن السلوكيات الطفولية تحتاج للصبر والروية، خاصة مع اتباعها طرق التربية الحديثة مع أولادها.
سارا الودعاني توثق استخدامها لأسلوب التربية الحديثة مع أطفالها pic.twitter.com/tNMOPqhZHA
— WHR (@whrumor) April 3, 2025وفي مقطع آخر، ظهر الصغيران مع والدتهما في السيارة، بينما يتحدثون معها عن أصولهما، فيما وجه "سعد" صفعة لشقيقته، التي بادلته الصفع أيضاً، وعندما سألته والدته عن سبب ضربه لـ"سكرة" قال "أنا الملك والكبير لا بد تحترمني"، فيما طالبته سارة الودعاني هنا بتحري الاحترام المتبادل بينه وبينها، ونبهتهما لعدم تكرار القصة مجدداً.
تربية ساره الودعاني من اسوء مايكون https://t.co/gh8akN1SJB
— ???? (@iaamtrying) April 5, 2025 رد سارة الودعانيمن ناحيتها، ردت سارة الودعاني على الجدل الدائر حول طريقة تربيتها لأولادها، ولفتت إلى أنهم أطفال طبيعيون، وأن القصة لا تستدعي هذه الضجة.
وقالت: "مرات سعد يجي لا شعورياً يضربني بقوة، عنده شعور غضب مش عارف يعبر عنه، يعني هنكون إحنا والدنيا على هالأطفال؟ أحياناً تخنقني العبرة لأن عندهم مشاعر ما يعرفون كيف يعبرون عنها، أطفالي طبيعيين وأطفالكم طبيعيين".
سارة الودعاني عن أسلوب أبنائها:
“عيالي طبيعيين، خلوهم على راحتهم. عادي يضرب أحيانًا، يسفّل وأحيانًا يهاوش، ياخي عندهم مشاعر. مرات سعد لا شعوريًا يجي يضربني بقوة، عنده شعور غضب مو عارف يعبّر عنه.” pic.twitter.com/LUVZrYxhKU
وانقسمت الآراء بين مؤيد لطريقة سارة الودعاني في تربية أبنائها ومعارض لها.
وأشفق البعض على المؤثرة السعودية، بسبب حدة الانتقادات، ولفتوا إلى أنها بالفعل أمور طبيعية تحدث في كل مكان، مع دعمها لشجاعتها في إظهارهم بصورة طبيعية عكس البعض.
ساره الودعاني تتمتع بحريه كبيره اي احد ينتقد تصرفها أصلا مايقدر يسوي زيها لأنه ملي بمشاعر الخوف والعار
— Jawa a Alshehri (@AlshehriJa26402) April 5, 2025من ناحية أخرى، أعرب متابع عن استيائه من المقاطع المتداولة لطفلي سارة الودعاني، مشيراً إلى أن أسلوب تعاملهما مع بعضهما البعض والألفاظ المستخدمة بينهما غير مناسب. واعتبر أن التربية الحديثة أمر إيجابي، لكنها تحتاج إلى بعض الحزم في أوقات معينة، منتقداً نشر مثل هذه اللحظات على مواقع التواصل كمحتوى.
كما أكد أن التربية لا تعني اللجوء إلى الشدة المفرطة، لكن التساهل الزائد قد يؤدي إلى نتائج غير مرغوبة، مشدداً على أهمية التهذيب والتوجيه السليم.
الجدير بالذكر أن سارة الودعاني، لديها أربعة أبناء هم، ابنها البكر "سعد" وُلد في فبراير (شباط) 2019، وابنتها "سُكرة" وُلدت في ديسمبر (كانون الأول) 2020، وطفلها الثالث "سليمان" وُلد في يونيو (حزيران) 2023 والرابعة هي "تيا" التي ولدت قبل أشهر.