يفهم الناس كثيرًا من ألفاظ القرآن الكريم بالخطأ، وبالتالى تبنى عليها أحكام غير صحيحة، وهنا نشير إلى مجموعة من الكلمات في القرآن الكريم يفهمها الناس خطأ.

حكم قراءة بعض سور القرآن والدعاء بعد صلاة العشاء هل يشترط التلفظ بالنية لإهداء ثواب القرآن للميت.. أمين الإفتاء يجيب كلمات تفهم خطأ في القرآن

بدوره، قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن هناك بعضا من الناس يُفسرون كلمات من القرآن بمعانٍ خطأ على غير المقصود منها.

وأضاف مركز الأزهر، خلال فيديو عبر صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي، قدمه الشيخ محمد العماوي، أن هناك كلمات في القرآن الكريم قد يفهمها بعض الناس خطئًا وأوضح المعنى الصحيح لها، وهذه الكلمات هي:

- «العفو» في قوله تعالى: «..وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ» (البقرة: 219). ويفهمها البعض بمعنى المغفرة، في حين أن معناها الزيادة التي تفيض عن حاجة الشخص ومعاشه، والتصدق بها يكون قربة لله سبحانه وتعالى.

القرآن

- «يشري» في قوله تعالى: «وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ» (البقرة: 207).ومعناها ليس «يشتري» وإنَّما معناها أن يبيع نفسه ويبذلها في سبيل رضا الله سبحانه وتعالى.

- «قاموا» في الآية الشريفة التي ضرب فيها الله المثل للمنافقين، أنهم مثل أناس يسيرون في ضوء البرق، قال تعالى: «يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ ۖ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُم مَّشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» (البقرة: 20). ومعناها أقاموا واستقروا في مكانهم وليس وقفوا من القيام.والمعنى ذاته في قوله تعالى: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ۚ..» (الروم: 25)، وهي تعني «تثبت».

- «الفصال» عندما تحدث القرآن عن قرار الزوجين المشترك في بعض شؤون الأسرة، قال تعالى: «..فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ۗ..» (البقرة: 233). لم يكن «الفصال» بمعنى الطلاق، ولكن كان بمعنى فطام الطفل الرضيع.

- «يفرقون».. عندما تحدث الله عن بعض صفات المنافقين بقوله تعالى: «..وَلَٰكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ» (التوبة: 56). كان «الفرق» بمعنى الفزع الشديد والخوف من أمر يتوقع حصوله، وليس من الفرقة والانفصام والاختلاف.

- «خُلِّفوا».. عندما ذكر الله قصة الصحابة الثلاثة، الذين تخلفوا عن غزوة تبوك مع النبي صلى الله عليه وسلم، وقال عنهم: «وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا..» (التوبة: 118).المقصود: خلفوا عن قبول اعتذارهم وتوبتهم وليس تخلفوا عن الغزوة.

- «ينسلون».. عندما قال تعالى: «حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ» (الأنبياء: 96). لم تكن «ينسلون» من النسل بمعنى يتكاثرون وإنما كانت بمعنى يسرعون.

- «جابوا» في قوله تعالى: «وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ» (الفجر: 9). معناها قطعوا الصخر ونحتوه وليس معناها أحضروه.

ما هي الكلمة المشهورة التي يقرأها الناس خطأ؟

- «أذنت» في قوله تعالى: « وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ» (الانشقاق: 2). معناها سمعت وانقادت وخضعت، وليس من الإذن بمعنى السماح والإباحة.

- «الأم» في قول الله تعالى في القرآن الكريم: «وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ» (القارعة: 8 و9). معناها مقدمة رأس الإنسان والمقصود بها ذاته وشخصه، وليس معناها أمه التي أنجبته.

- قوله تعالى: "فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ" حيث يفهم الناس من "السلم" السلام وإلقاء التحية، ولكن المعنى الصحيح هو الاستسلام والانقياد للأمر.

القرآن

- قوله تعالى: "وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ" حيث يفهم الناس من "قائلون" أى يقولون، ولكن معناها الصحيح هى من القيلولة وهى منتصف النهار.

- قوله تعالى: "الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ" فليس المعنى من "يغنوا فيها" أن يصبحوا أغنياء ولكن المعنى الصحيح هو لم يقيموا ولم يعيشوا فيها.

- قوله تعالى: "وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ" حيث يفهم الناس "السنين" بأنها السنوات والأعوام، ولكنها القحط والجدوب.

- قوله تعالى: "فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث" فيفهم الناس من "تحمل عليه" أى تضع عليه الأحمال، ولكن المعنى هو أن تطرده وتزجره.

- قوله تعالى: "اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا" فليس معنى "اطرحوه" أن توقعوه أرضًا، ولكن المعنى أن تبعدوه وتلقوه فى أرض بعيدة.

- قوله تعالى: "وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ" فليس معنى كلمة "سيارة" وهى الآلة المعروفة التى نستخدمها فى التنقل، ولكن معناها هو النفر من المارة المسافرين

- قوله تعالى: "قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ" فيفهم الناس من كلمة زعيم، أنها القائد أو الرئيس، لكنها هنا تعنى الضامن والكفيل

- قوله تعالى: "وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا" فليس معناها ألا تمشى فى الأرض فرحاً ومسروراً، ولكن معناها ألا تمشى فى الأرض مُتكبرًا.

- قوله تعالى: "وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ" فليس معنى "رجالا" هم الذكور، ولكن المعنى الصحيح هو مشاة أى يأتوا الناس مُترجلين.

- قوله تعالى: "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً" فيفهم الكثيرون أن معنى "جملة واحدة" هو عبارة واحدة، ولكن معناها دفعة واحدة.

- قوله تعالى: "لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَٰاف" فليس المعنى هنا القطع من الخلف، ولكن الصحيح هو قطع اليد اليمنى مع الرجل اليسرى، والرجل اليمنى مع اليد اليسرى.

- قوله تعالى: "وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ" فليس المعنى هنا الأودية المعروفة، ولكن تعنى أنهم يخوضون فى كل فن من الكلام فتارة يسبون شخصاً وتارة يمدحون آخر.

- قوله تعالى: "فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ" فلا تعنى كلمة "جان" الجن، ولكن الجان هو نوع من الحيات يكون صغيرًا وغير سام.

- قوله تعالى: "أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ" فلا تعنى "يعدلون" هنا من إقامة العدل، لكنها تعنى أنهم يعدلون عن الحق ويميلون للباطل

- قوله تعالى: "وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ" فليس معنى القصد فى المشى هو تحديد الاتجاه فى المشى، ولكن المعنى هو التوسط فى المشى أى لا يكون ببطء ولا إسراع.

- قوله تعالى: "وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا" فيفهم الكثيرون "سخريًا" بأنها السخرية، ولكن المعنى هو التسخير أى بعضهم مُسخرٌ لبعض.

- قوله تعالى: "وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ" فليس معنى يصدون أنها الصد والمنع، ولكن المعنى أنهم يضحكون ويضجون.

- قوله تعالى: "قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ" فيفهم الناس أن "مشفقين" مشتقة من الشفقة والرحمة، ولكنها تعنى خائفين من العذاب.

- قوله تعالى: "وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى" فيفهم الناس أن "الشعرى" هى الشعر والشعراء، ولكنها تعنى نجم فى السماء كان يعبده بعض العرب.

- قوله تعالى: "وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالأعْلامِ" ف"الْجَوَارِ" هنا لا تعنى جمع جارية، ولكنها تعنى السفن التى تسير فى الماء، أما الأعلام فيفهم الناس أنها أعلام البلاد وراياتها، ولكنها تعنى الجبال.

- قوله تعالى: "مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا" فيفهم الناس أن كلمة "الأسفار" ما يرتبط بالسفر والمتاع، ولكن الأسفار هى جمع سفر وهو الكتاب.

- قوله تعالى: "وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا" فليس المعنى من الجد هو أب الأب أو الأم أو الجد بمعنى الهزل، ولكن جد ربنا أى تعالت عظمته وجلاله.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: القرآن كلمات القران الكريم خطأ القرآن الکریم فی قوله تعالى الصحیح هو فی القرآن

إقرأ أيضاً:

العدوان يكتب .. صغّر عقلك أيها الإنسان . . !

صغّر عقلك أيها الإنسان . . !
#موسى_العدوان
من الأقوال المتداولة في مجتمعنا مقولة ” كبّر عقلك “. وهي نصيحة تُقدم لمن ضاق عقله وتمسك بأمور صغيرة، لكي يتسامى ويتسامح في تلك الأمور مع فاعلها. وخلال وجودي في إحدى المكتبات وقع نظري على كتاب بعنوان يخالف هذا العنوان تماما، وهو ” صغّر عقلك ” لكاتبه معتزّ مشعل. استغربت هذا العنوان فاشتريت الكتاب ورحت أبحر بين صفحاته بشغف، لأعرف قصة هذا العنوان المخالف لما عهدناه. وقد تبين لي بعد قراءته، أن الكاتب يدعو إلى تكبير العقل ولكن بأسلوب معاكس لما عهدناه.
فقد طلب الكاتب أن نعود إلى عقلية أطفالنا الصغار، التي لا تعرف الحقد وتعود إلى فطرة التسامح التي خلقها الله تعالى بداخلنا. وهي فطرة موجودة لدى كل إنسان، وإذا ما استخدمها وركّز عليها قليلا، فإنها ستفتح له أبوابا فكرية عديدة، تجعله يفكر ويحكم على الأمور بطريقة سليمة. ولكي يثبت الكاتب دعوته التي أطلقها، أورد لنا العديد من الأمثلة التي استنبطها من تجربته مع أبنائه الصغار، وتعلّم منها كيف ” يصغّر عقله “، سأختار فيما يلي بعضا منها.
يقول الكاتب : من الطبيعي أن ابني كبقية الأطفال، لديه أقرباء واصدقاء متقاربون في العمر. وفي أحد الأيام كان 6 أطفال من بينهم إبني، يلعبون كعادتهم في القسم المخصص للأطفال. وفجأة قام أحد الأطفال بضرب إبني على رأسة بلعبة كانت بيده. فما كان من ابني إلاّ أن قام بضربة مضادة لصديقه كرد فعل على ما حدث، ودخل الإثنان في معركة. جاء الطفلان إليّ يشكوان بعضهما، فأخذت بمواساتهما بكلمات رقيقة. فما كان منهما إلاّ أن عادا للعب معا وكأن شيئا لم يكن. فكرني هذا الموقف بقوله تعالى : “
ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم “.
وفي حادثة أخرى خرجت وزوجتي من المنزل، نركض باتجاه السيارة وأنا أحمل طفلي الصغير، بعد أن دفعه اخوه الآكبر ( 6 سنوات ) عندما كانا يلعبان سويا، فسقط عن الطاولة على رأسه. كان الفاعل بدوره يبكي بسبب بكاء أخيه وربما لشعوره بالذنب. وعندما وصلنا المستشفى طلب الطبيب الانتظار لمدة ساعتين أو ثلاث، ليتأكد إن كان هناك حاجة لصورة شعاعية أم لا. وأخيرا جاءت الأخبار السعيدة من الطبيب، بأن الصغير لا يحتاج إلى تصوير، وأن حالته الصحية جيدة.
خرجنا من المستشفى والصغير يمشي على قدميه ويضحك، ثم طلب أن أشتري له آيس كريم. طلبت من البائع قطعة آيس كريم واحدة، ولكن الصغير طلب قطعة ثانية بالشوكلاته، قائلا بأنها لأخيه، الذي يحب هذا النوع من الآيس كريم. دخلنا المنزل ونادى الصغير على أخيه بفرح ليخبره بالمفاجأة ( آيس كريم بالشوكلاته ). نسي الطفل الصغير الألم والبكاء والطبيب وساعات الانتظار في المستشفى، وتذكر أخيه وصديقه في تسامح بريء، دون حقد أو طلب لقصاص منه.
وفي هذا السياق نتذكر حالات من التسامح على مستوى الوطن جرت خلال تارخ الأردن الحديث. ففي أواخر الخمسينات من القرن الماضي، كان الملك حسين طيب الله ثراه، قد تعرض لعملية انقلابية عليه وعلى نظام حكمه. ولكنه بعد أن استتبت الأمور، سامح الملك حسين من تآمروا عليه وعلى نظام حكمه، وعفا عنهم، وسمح لهم بالعودة إلى الوطن، ثم قلدهم أرفع المناصب في الدولة، في اكبر عملية تسامح تجري في العالم.
وكذلك فعل رئيس الوزراء الأسبق وصفي التل عليه ألف رحمة، عندما جاءه قروي يقدم إليه طلبا بالإفراج عن ابنه، المسجون بسبب شتمه وصفي التل. فأخذ الطلب من القروي وكتب عليه بخط يده ” يلعن أبو وصفي التل اللي الناس تنسجن من شانه “، وأرسله مع ذلك القروي إلى سجّانيه، ليتم الإفراج عنه فورا.
وفي تاريخنا الإسلامي وقع خلاف بين أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، وبنتيجته أخطأ أبا بكر بحق عمر، فانصرف عمر غاضبا. وما هي إلاّ لحظات حتى شعر أبو بكر، بخطئه وندمه على ما فعل مع عمر. فذهب إلى بيت عمر ليعتذر إليه، لكن عمر رفض الاعتذار وأغلق الباب بوجه أبي بكر. فذهب أبو بكر إلى حيث كان الرسول عليه الصلاة السلام جالسا مع بعض اصحابه، ودخل عليه خجلا ثم روى له ما حدث. أخبر الرسول مجالسيه وهو غاضب، بأن عمر قد بالغ في خصومته، وأن أبي بكر قد سبق إلى الخير، وقال لأبي بكر : ” يغفر الله لك يا أبا بكر ثلاثا “.
ندم عمر على رده لأبي بكر بتلك الطريقة الغير لائقة، فقصد مجلس النبي وجلس بقربه وعلامات الندم تفصح عما بداخله. كان الرسول غاضبا من تصرف عمر، لأنه رفض الاعتذار من أبي بكر، ولم يكن متسامحا معه فقال له : ” يسألك أخوك أن تستغفر له فلا تفعل ؟ ” وانصرف عنه. فما كان من أبي بكر إلاّ أن لحق بالرسول وقدم له اعترافه بأنه هو البادئ بالخلاف، وهو من اغضب صديقه، وهو الذي يجب أن يُلام فيما حدث. فهل لنا أن نعتبر من ذلك ؟ ونتذكر هنا قوله تعالى : ” إن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم ” صدق الله العظيم.
وهنا علينا أن نطرح السؤال التالي : كم شخص قام بمحاربة أخ أو أخت أو صديق أو قريب، بسبب موقف سخيف، ولم يتكلم معه لفترة طويلة ؟ ولكن بعد مرور سنوات عديدة تسأله عن السبب، فتجده قد نسيه وأخفي ندمه وراء كبريائه، الذي لا يعترف بالخطأ، ولا القيام بمبادرة نحو الأفضل.
كم منا من يحتاج ” ليصغّر عقله ” ويعود طفلا لكي يعرف التسامح والصفح، ذلك الشعور الذي خلقه الله تعالى فينا عندما كنا صغارا، فنسيناه عندما صرنا كبارا، وأصبحنا نشعر أن مسامحتنا لشخص أسأنا له، هو ضعف منا . . رغم أن العكس هو الصحيح . . !
في الختام أقول : هل يمكن لعقل الدولة، أن يوجه كبار المسؤولين في الدولة، لكي ” يصغّروا عقولهم” بالمفهوم الحديث، ويعودوا إلى طبيعتهم البريئة عندما كانوا أطفالا، ويجعلون من ” التسامح ” أسلوبا في التعامل مع المواطنين ؟ لا أن يتخذوا من قانون الجرائم الإلكترونية، منصة ينطلقون منها لمعاقبة من تحدث أو كتب كلمة على ( مقاماتهم الرفيعة ) وإيداعهم للسجن، أو ابتزازهم بمبالغ مالية تثقل كواهلهم، وتحرم عائلاتهم من أسباب المعيشة الضرورية؟ هل يمكن لعقل الدولة أن يأمر بوضع آرمه ( Arma ) على مكتب كل مسؤول في الدولة، مكتوب عليها : ” صغّر عقلك “. لعلها تعيده إلى الطبيعة التي غرسها الله تعالى في نفسه، من براءة وتسامح وحسن خُلق. . !
التاريخ : 1 / 11 / 2024

مقالات مشابهة

  • العدوان يكتب .. صغّر عقلك أيها الإنسان . . !
  • خطيب الأوقاف يكشف سر عدم تعريف لفظ "قوة" في القرآن الكريم.. فيديو
  • نذرت أن اعتمر ولكن لا أستطيع الوفاء به فماذا أفعل؟ .. الإفتاء تجيب
  • تأملات قرآنية
  • "معلومات الوزراء" يشارك في معرض كتاب أكاديمية الدراسات العليا
  • «معلومات الوزراء» يشارك للعام الثالث على التوالي في فعاليات معرض كتاب
  • للعام الثالث.. "معلومات الوزراء" يشارك بفعاليات معرض كتاب الأكاديمية العسكرية
  • “قرار أحادي”.. مركز المناهج التعليمية ينتقد إضافة كتاب “الكنوز الأثرية” للمنهج الدراسي
  • نعيم قاسم: أمامنا تضحيات كثيرة ولكن النصر سيكون حليفنا
  • سعودي دراج: الدنيا الجميلة لو تعرف معناها