سفير روسيا لدى السودان: 75% من “الدعم السريع” مرتزقة أفارقة
تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT
الثورة / وكالات
كشف السفير الروسي لدى السودان، أندريه تشيرنوفول، أن الصراع المطول في السودان يرجع لعدة عوامل، وأن أول قنبلة موقوتة في أساس الدولة السودانية، زرعها الغربيون مع مشروعهم للتحول الديمقراطي في عام 2019 بعد تفكيك نظام عمر البشير.
وفي حوار مع وكالة “تاس” الروسية قال: “إن المحاولات المهووسة لتكييف السودان مع المعايير النيو ليبرالية الغريبة جداً عن سكان البلاد أدت بطبيعة الحال إلى أزمة سياسية واجتماعية واقتصادية عميقة”.
وأضاف: “في المرحلة الأخيرة، صب الرئيس السابق لبعثة الأمم المتحدة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان، فولكر بيرتس، الزيت على النار، بصفته أحد الموقعين على الاتفاق الإطاري السياسي المثير للجدل وغير الشامل الذي تم التوصل إليه في 5 ديسمبر 2022. لقد كان يعني ضمناً نقل السلطة إلى جهة غير منتخبة مدعومة من الغرب”.
ولفت تشيرنوفول إلى أنه “لم يقتصر الأمر على أن هذه الوثيقة لم تولي اهتماماً كافياً للقضايا الأكثر حساسية للتسوية السودانية الداخلية، بما في ذلك إصلاح قوات الأمن، بل تم المضي قدماً في تنفيذها أيضاً في أقصر وقت ممكن، من دون النظر إلى المشاكل الرئيسية التي ظلت دون حل”.
وتابع: “كان حجر العثرة الرئيسي هو نقطة دمج قوات الدعم السريع داخل الجيش، وهو ما أصرت عليه قيادة البلاد. ومع ذلك، كان هذا غير مقبول بالنسبة للغربيين، حيث تم تكليف هذا الهيكل بدور غطاء السلطة لـ”الديمقراطيين” المحليين الذين لم يكن لديهم قواعد اجتماعية واسعة”.
وأردف: “عندما رفض الجيش أن يحذو حذو الغربيين، أُعطي الضوء الأخضر للإطاحة بالجنرالات العنيدين في الجيش على يد قوات الدعم السريع. لكن الرهان على الحرب الخاطفة فشل”.
كذلك، أكد السفير الروسي أنه “وعلى خلفية الجرائم الجماعية ضد المدنيين، دعم المجتمع السوداني دون قيد أو شرط الجيش، الذي احتشدت حوله كل القوى الوطنية، بما في ذلك متمردي دارفور السابقين”.
وكشف أن “قوات الرد السريع مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمرتزقة الأجانب والهجرة السياسية من بين الديمقراطيين المحليين ورعاتهم الخارجيين. ومن المهم، وفقاً لبعض البيانات، أن ثلاثة أرباع المتمردين اليوم هم من المسلحين من البلدان الأفريقية.
وبالنسبة لمبادرات الوساطة الدولية، أكد تشيرنوفول دعم روسيا لجميع المبادرات الرامية إلى “إنهاء سلمي مبكر للصراع لمصلحة الشعب السوداني، ونحن على استعداد لمساعدتها”.
وقال: “وبحسب الرأي العام لأغلبية المراقبين السياسيين، فإن من المتوقع العودة إلى منبر جدة، حيث سبق أن تم التوصل إلى اتفاقات عملية بشأن إنهاء المرحلة العسكرية من الصراع وضمان وصول المساعدات الإنسانية. ولسوء الحظ، فإن تنفيذها محدود بسبب عدم وجود آليات واضحة مناسبة”.
كما شدّد تشيرنوفول على أن “روسيا لا تفرض أبداً وصفاتها لحل المشاكل الداخلية على أي أحد. وفي هذه الحالة، موقفنا ليس منفصلاً على الإطلاق. إننا ننطلق من أولوية مصلحة الشعب السوداني الصديق”، مؤكداً أن “التسوية السياسية للأزمة أمر يخص السودانيين أنفسهم. ومن جانبنا، نحن منفتحون على أي مساعدة في إيجاد حلول مقبولة”.
وأوضح أن روسيا “على اتصال وثيق مع الجهات الرسمية، بما في ذلك رئيس المجلس السيادة عبد الفتاح البرهان”، مشيراً إلى أهمية أن “رئيس مجلس السيادة في السودان هو الذي يمثل البلاد رسمياً في الساحة الدولية. أما محمد حمدان دقلو فلم ترد منه أي طلبات لنا من أجل المساعدة، رغم أنه خارج السودان يتواصل بشكل نشط مع الغربيين والأفارقة”.
وتعليقاً على ما نشر في الإعلام الغربي بشأن إرسال السودان أسلحة لأوكرانيا سراً، نفى تشيرنوفول الأمر، وأكد أن “هذه القصة مبتذلة جداً، صُنعت بأسلوب صحافة التابلويد، ويتم تضخيمها بانتظام في وسائل الإعلام الغربية من أجل إفساد تطور العلاقات بين روسيا والسودان. أستطيع أن أؤكد لكم أن هذه القضية ليست على جدول أعمالنا الثنائي.
وبشأن تصريحات وزير الخارجية السوداني السابقة حول “اتفاقيات بناء القاعدة البحرية ومركز المواد واللوجستيات الروسية” قال تشيرنوفول: “هناك اتفاقية مشتركة موقعة عام 2020 بشأن إنشاء قاعدة ومركز دعم لوجستي للبحرية الروسية في بورتسودان (…) تم التأكيد علناً على الموقف المبدئي للمضي قدماً في هذا الاتجاه عدة مرات، بما في ذلك من قبل القيادة العسكرية السودانية”.
وأضاف، رداً على الكلام المتعلق ببناء قاعدة بحرية إيرانية في السودان: “هذه مسألة تتعلق بالعلاقات الثنائية السودانية الإيرانية. ولا نستبعد أن تكون الإثارة المصطنعة حول هذا الموضوع، والتي يغذيها الغربيون أنفسهم، تهدف إلى عرقلة عملية التطبيع بين إيران ودول الجزيرة العربية”.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: فی السودان بما فی ذلک
إقرأ أيضاً:
الحركة الشعبية والدعم السريع- رؤى متضاربة وصراع المصير
زهير عثمان
تشهد الساحة السودانية تصاعداً في تعقيد الصراعات السياسية والعسكرية، حيث تُعتبر الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال وقوات الدعم السريع فاعلين رئيسيين في المشهد السوداني. ورغم اختلاف أهدافهما وسياقاتهما، يتشاركان النفوذ العسكري والسياسي. يُثير هذا التساؤل حول مصير البلاد إذا ما قررت الحركة الشعبية إعلان حكومة في مناطق نفوذها، وما قد يعنيه ذلك على المستويين الداخلي والإقليمي.
الفروق الأساسية بين الحركة الشعبية والدعم السريع
الأيديولوجيا والأهداف
الحركة الشعبية لتحرير السودان , تعتمد الحركة على رؤية سياسية واضحة تُعرف بـ"السودان الجديد"، التي تسعى لإعادة تشكيل الدولة السودانية على أسس المواطنة والمساواة واحترام التنوع. تهدف إلى إنهاء التهميش التاريخي لمناطق مثل جبال النوبة والنيل الأزرق.
الدعم السريع وطرحه نعلم انها تفتقر قوات الدعم السريع إلى أيديولوجيا متماسكة أو رؤية سياسية طويلة المدى. يُنظر إليها كقوة عسكرية تهدف إلى تعزيز نفوذ قيادتها، وعلى رأسها محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مع التركيز على تحقيق مكاسب تكتيكية بدلاً من طرح مشروع وطني شامل.
القاعدة الشعبية والجغرافية
الحركة الشعبية اسست والان تمتلك قاعدة شعبية راسخة في المناطق المهمشة مثل جبال النوبة والنيل الأزرق، وتطرح نفسها كممثل للمهمشين والمظلومين في السودان.
الدعم السريع قاعدته الأساسية في دارفور مع توسع نفوذها إلى مناطق أخرى، لكنها تُعتبر أكثر ارتباطاً بالبُنى القبلية والمصالح الاقتصادية لقادتها.
الشرعية والممارسات
الحركة الشعبية بالرغم تعرضها لانتقادات في قضايا كثيرة مثل علمانية الحكم والحقوق المدنية ، إلا أنها تُعتبر فاعلاً سياسياً مشروعاً يسعى إلى تغيير بنية الدولة السودانية.
الدعم السريع يواجه انتقادات شديدة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان واعتمادها على القوة العسكرية المفرطة في حروبها كلها .
إعلان حكومة من قبل الحركة الشعبية: السيناريوهات والتداعيات
الأثر على وحدة السودان
إعلان حكومة في مناطق نفوذ الحركة الشعبية سيُعيد إلى الأذهان تجربة جنوب السودان. قد يُعزز ذلك الشعور بانعدام الثقة بين الأطراف السودانية المختلفة، ويُؤدي إلى مزيد من الاستقطاب.
التحديات الداخلية
الاعتراف الدولي أول ما ستواجه الحركة تحدياً كبيراً في الحصول على اعتراف دولي بحكومتها.
الخدمات والبنية التحتية: تعتمد هذه المناطق على المركز في تقديم الخدمات، ما يعني أن إعلان حكومة سيضع عبئاً هائلاً على موارد الحركة.
التداعيات الإقليمية
التدخل الإقليمي وقد يدفع إعلان حكومة دول الجوار مثل إثيوبيا وجنوب السودان إلى اتخاذ مواقف متباينة، بناءً على مصالحها.
التوازنات الجيوسياسية سيُربك ذلك حسابات القوى الدولية والإقليمية لفترة وخاصة التي تسعى لاستقرار السودان.
مقارنة مع تجربة الدعم السريع
إذا كانت قوات الدعم السريع تُركز على تثبيت نفوذها داخل النظام الحالي، فإن الحركة الشعبية قد تسعى لتأسيس كيان مستقل تماماً. الفرق الجوهري هو أن الدعم السريع لا يمتلك مشروعاً سياسياً متكاملاً، بينما للحركة الشعبية رؤية تتجاوز حدود السلاح.
وفي حال أعلنت الحركة الشعبية حكومة في مناطق نفوذها، سيشكل ذلك تحولاً جذرياً في المشهد السياسي السوداني. بينما تظل احتمالات نجاحها مرتبطة بقدرتها على كسب الاعتراف الدولي والتعامل مع تحديات داخلية معقدة. ومع ذلك، يبقى الحل الأمثل هو السعي نحو تسوية سياسية شاملة تُعالج جذور الأزمات السودانية وتجنب البلاد سيناريوهات التفكك والمزيد من الصراع.
zuhair.osman@aol.com