صحف غربية: السودان مكان لأسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم في الذاكرة الحديثة
تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT
اهتمت العديد من الصحف الغربية بحرب السودان التي أكملت الاثنين الماضي، عامها الأول، وتحدثت عن الوضع الإنساني المأساوي في البلاد وانهيار الدولة وفشلها، وعن عدم ظهور ما يشي بنهاية قريبة لها، وعن تجاهل المجتمع الدولي لها.
ونشرت صحيفة "تلغراف" البريطانية مقالا للمدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس الذي رسم صورة قاتمة للوضع الصحي في السودان، قائلا إن البلاد تواجه أزمة إنسانية مدمرة، مشيرا إلى انهيار النظام الصحي، مصرِّحا بأن 30% فقط من المرافق لصحية تعمل.
وتوقع غيبريسوس ازدياد الوضع سوءا في الأشهر المقبلة مع بدء موسم الأمطار، قائلا إنهم في منظمة الصحة العالمية بحاجة إلى وصول المساعدات الإنسانية عبر الحدود، والممرات الإنسانية، داعيا جميع الأطراف إلى احترام القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان ووقف الهجمات على الصحة.
وأكد أنهم على استعداد لتوسيع نطاق عملياتهم، ولكن لا يمكنهم القيام بذلك دون مزيد من دعم المانحين، كاشفا أن قطاع الصحة لديه أقل من 12% من التمويل الذي يحتاجه. وحذر من أن الوقت ينفد.
ملعب ملطخ بالدماءوفي "تلغراف" أيضا يقول مراسلها في أفريقيا، بن فارمر، إنه وبعد مرور عام على "الحرب المنسية"، أصبح السودان "ملعبا ملطخا بالدماء" ويتجه بسرعة نحو المجاعة، مضيفا أن التوقعات الأسوأ تشير إلى أن البلاد قد تشهد 10 آلاف حالة وفاة يوميا في الأشهر المقبلة.
وأضاف بن فارمر أن الحرب في السودان لم تجد حظها من التغطية اللازمة من قبل وسائل الإعلام الغربية بسبب الصراعات في أوكرانيا وغزة، ونقل عن مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين قوله إن اللاجئين السودانيين يمكن أن يشقوا طريقهم إلى أوروبا إذا لم يتم تكثيف المساعدات الإنسانية.
ومضي يقول إن السودان أصبح ملعبا للقوى الإقليمية بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة وروسيا اللتان تسلحان وتدعمان الأطراف المتحاربة، وإن هذه الحرب في طريقها إلى أن تجعل السودان مكانا لأسوأ الكوارث الإنسانية في العالم في الذاكرة الحديثة.
ونقل عن الخبير السوداني المخضرم أليكس دي وال قوله إن هذه الحرب "وحشية ومدمرة ولا تظهر أي علامات على نهايتها".
يتجه إلى أن يكون دولة فاشلة
ونشرت مجلة "إيكونوميست" البريطانية تقريرا قالت فيه إنه وبعد عام من الحرب، أصبح السودان يندفع بسرعة نحو أن يكون دولة فاشلة، كما أصبحت أكبر دولة لديها عدد من النازحين داخليا في العالم، وأكبر عدد من الناس الذين يواجهون خطر المجاعة، وأن 95% من احتياجاتها لا تجد تمويلا.
وأوضحت أن الصراع في السودان كان بين كتلتين مسلحتين متماسكتين وكل منهما تحت قيادة محددة، والآن نجد فسيفساء من المليشيات المتنافسة وحركات التمرد، ولكل منها مصالحها وأجندتها الخاصة، وأن الأسلحة والمرتزقة تتدفق عبر الحدود من تشاد وليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى وعبر البحر الأحمر، حتى المقاتلون من مناطق بعيدة مثل روسيا وأوكرانيا انضموا إلى المعركة.
وتوقعت "إيكونوميست" أن تضرب المجاعة معظم السودان بحلول يونيو/حزيران المقبل، وأن يموت، وفقا لبعض السيناريوهات، ما يصل إلى مليون شخص.
لم يشهد ذلك منذ القرن 19وقالت إن الأزمات الغذائية السابقة في السودان قد تم توطينها، وإن البلاد تشهد الآن شيئا لم تشهده منذ القرن 19: حالة طوارئ غذائية على مستوى البلاد.
وقالت كاتبة العمود بصحيفة "غارديان" البريطانية نسرين مالك، إنه وبعد عام كامل من الحرب، وتراكم الجثث في العراء في السودان، لا يزال العالم يشيح بوجهه بعيدا.
وأضافت أنها ليست حربا أهلية بقدر ما هي حرب ضد المدنيين، الذين كانت منازلهم وسبل عيشهم وحياتهم هي الأضرار الجانبية.
وقالت إن هذه الحرب، على الرغم من كل ما أدى إليها، لم تكن حتمية، ولم تكن المصير المتوقع لبلد مثل السودان، وهو واحد من أكبر البلدان في أفريقيا، مع ساحل متلألئ على طول البحر الأحمر، ومساحات شاسعة من الأراضي الخصبة حتى خارج حوض نهر النيل، وتنوع ثقافي وعرقي يمكن تسخيره لتعزيز التقارب العربي الأفريقي.
كل شخص أعرفه قد نزح من مكانه
وعن اتساع النزوح واللجوء، قالت الكاتبة إن كل شخص تعرفه في مسقط رأسها بالسودان قد نزح من مكان سكنه، إما إلى داخل البلاد، أحيانا للمرة الثالثة أو الرابعة، مع الأصدقاء أو الأقارب مع وصول الحرب إليهم، أو إلى خارجها، "وجميعهم، بمن فيهم عائلتي، غادروا، وحملوا في بعض الأحيان ما في وسعهم، قبل أن تقتحم قوات الدعم السريع منازلهم وتستولي على ممتلكاتهم".
واستمرت مالك تقول إن هذه الحرب اجتذبت لاعبين خارجيين مؤذين ولا يهتمون إلا بأنفسهم.
وأضافت أن هذه الحرب مختلفة عن تلك التي شنت في دارفور، والتي جذبت المشاهير والسياسيين وحتى المحكمة الجنائية الدولية في السنوات السابقة، ومختلفة عن الحرب بين الشمال والجنوب، والتي اجتذبت أيضا الكثير من المناصرة والضغط السياسي لدرجة أنه تم تأمين اتفاق سلام وانفصال، وأنها ليست كما في الماضي، صراعا يتم تأطيره بأنه بين المسلمين والمسيحيين، أو العرب ضد الأفارقة، مما يثير التعاطف والغضب.
الدولة انهارت في أجزاء كثيرة بالسودانوفي صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية قال كاتب العمود إيشان ثارور إن الحرب في السودان كانت بمثابة تحول محزن للأحداث؛ فقد أدى الانتقال الوليد نحو الديمقراطية في السنوات السابقة إلى توثيق علاقات السودان مع مجموعة من الحكومات الغربية، وإلى بعض التخفيف من عقود من العقوبات الأميركية، لكن يبدو أن الحرب قضت على كل ذلك، وانهارت الدولة السودانية بشكل أساسي في أجزاء كثيرة من البلاد.
ونقل الكاتب عن مجموعة الأزمات الدولية قولها إن السودان أصبح يتأرجح على شفا الفوضى والمجاعة الجماعية والحرب التي يمكن أن تنتشر عبر حدودها إلى دول مجاورة مضطربة أصلا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات ترجمات إن هذه الحرب فی السودان
إقرأ أيضاً:
في بيان رسمي.. مصر تعلن رفضها لحكومة سودانية موازية
القاهرة-رويترز
أعربت مصر اليوم الأحد عن رفضها للمساعي الرامية إلى تشكيل حكومة موازية في السودان قائلة إن هذه المحاولات تعقد المشهد وتعيق الجهود لتوحيد الرؤى في جارتها الجنوبية التي تشهد صراعا أهليا بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية منذ ما يقرب من عامين.
وقال سياسيون سودانيون إن قوات الدعم السريع وقعت ميثاقا مع جماعات سياسية ومسلحة متحالفة معها خلال مراسم مغلقة في العاصمة الكينية نيروبي يوم 22 فبراير شباط لتشكيل "حكومة سلام ووحدة" في الأراضي التي تسيطر عليها القوات شبه العسكرية.
ومن غير المتوقع أن تحظى مثل هذه الحكومة، والتي أثارت بالفعل قلق الأمم المتحدة، باعتراف واسع النطاق لكنها دلالة أخرى على مدى تفكك البلاد خلال الحرب المستمرة منذ أبريل نيسان 2023.
وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان اليوم الاحد "تعرب جمهورية مصر العربية عن رفضها لأي محاولات تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضى السودان الشقيق بما فى ذلك السعى نحو تشكيل حكومة سودانية موازية، الأمر الذى يعقد المشهد فى السودان، ويعيق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السياسية السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية".
وطالبت مصر "كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط بصورة إيجابية فى إطلاق عملية سياسية شاملة، دون إقصاء أو تدخلات خارجية".
وتؤيد القاهرة موقف الجيش السوداني وانتقدت قوات الدعم السريع عدة مرات. وفر ملايين السودانيين بعد اندلاع الحرب إلى دول جوار من بينها مصر.
وقالت مصادر شبه عسكرية وسياسيون داعمون للحكومة الموازية لرويترز إن هذه الحكومة تهدف إلى انتزاع الشرعية الدبلوماسية من منافستها التي يقودها الجيش فضلا عن تسهيل الحصول على أسلحة متطورة.
وقد يؤدي هذا التحرك إلى إطالة أمد الحرب المدمرة، التي فقدت فيها قوات الدعم السريع شبه العسكرية السيطرة على أراض خلال الفترة الماضية، وإلى التقسيم الفعلي لثالث أكبر دولة في أفريقيا من حيث المساحة.