لجريدة عمان:
2024-11-26@10:39:07 GMT

الوحدة التربوية بين الاستراتيجية والتكتيك

تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT

من خلال عملي لسنوات طويلة في التربية، فقد تعلمت أن الوحدة التربوية هي الأولى من بين كل الوحدات بأن تكون لديها استراتيجية تتضمن كافة أهدافها الإنسانية والتربوية والتعليمية والصحة والسلامة، وذلك لأهمية وحساسية دورها في حياة الأطفال والمتعلمين.

لقد حددت اليونسكو للوحدات التربوية أربعة أبعاد مهمة للتعليم، وهي أن يتعلم الطفل ليكون، ويتعلم ليعرف، ويتعلم ليعمل، ويتعلم ليعيش.

وكذلك حددت اليونسكو في مؤتمر داكار أن رعاية الطالب -وليس فقط تعليمه- هو أحد أهم أهداف التعليم المهمة.

عندما نفقد أرواح الأطفال، مرة اختناقًا في الحافلات المقفلة، ومرة في حوادثها، ومرات في الأودية وهم في طريقهم من وإلى المدرسة، فالوحدة التربوية هنا يتساقط منها بعد التعلم للكينونة، وكذلك يسقط منها هدف رعاية وسلامة المتعلم، ففقد الطفل أو المتعلم هو من أشد خسارات الوطن، فكل شيء يمكن أن تصلحه التربية أو تسترجعه إلا من فقدت روحه.

ومن هنا، يأتي تحدي الاستراتيجية والتكتيك للوحدة التربوية، فالحفاظ على روح الطالب ورعايته هو الهدف الاستراتيجي الأول والأهم والأشد إلحاحًا من بين الأهداف الاستراتيجية للوحدة التربوية، ولا يمكن أن يترك هذا الهدف الاستراتيجي المهم ذو الأولوية القصوى للتكتيكات الفردية وليدة اللحظة والموقف.

نحن في بلد متنوع التضاريس، وحيث تباغتنا العواصف والأودية كمتلازمة لجغرافية ومناخ البلد، فإن وضع الخطة الاستراتيجية للحفاظ على سلامة أرواح الأطفال والطلبة ورعايتهم هو من أولى الأولويات، وأن توفر وتوضح الخطط والعناصر والأدوات الأساسية والاحتياطية والتكتيكات على مستوى المدارس والأفراد العاملين في أقرب وأبعد وأقصى مدرسة، حسب المهددات الجغرافية والمناخية القريبة من المدارس من جبال وشطآن ووديان وغيره، فلا يمكن أن يترك هذا الهدف الاستراتيجي لتخمينات المعلمين وتكتيكاتهم الفردية وليدة اللحظة أو لسائقي الحافلات والمركبات وتوقعاتهم الشخصية وقتها.

الموضوع صعب ومعقد في بدء التخطيط الاستراتيجي لهذا الهدف المهم، لكنه يصبح سهلا مع وضع الخطط والأدوات وعناصر العمل المختلفة، مثل بقية الأهداف الاستراتيجية الأخرى التي تقوم بها الوحدة التربوية كالتدريس، والامتحانات، والتقويم والتقييم، والإشراف، وسلامة المباني والأدوات وغيره.

ربما أكثر ما يؤخذ على الوحدة التربوية لدينا عدم وضع نقل الطلبة الآمن كهدف استراتيجي، فقد شهدنا العديد من الحوادث المؤسفة في الباصات، إلى أن بدأ الاهتمام الجدي والحثيث بعملية النقل المنضبط.

لكن هل أخذت الوحدة التربوية موضوع النقل الآمن من كل خطر، ومنه خطر الأمطار والأودية كهدف استراتيجي يحتاج خطط وعمل وأدوات، أم ترك لاجتهادات الأفراد والعاملين لحظتها، والتي قطعا تكون قاصرة وغير كافية أمام خطورة الأودية والسيول ومباغتاتها غير المتوقعة؟

د. طاهرة اللواتية إعلامية وكاتبة

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

الهزيمة الاستراتيجية أمام اليمن تحاصرُ البيت الأبيض ..

فإلى جانب الاعترافات المتواصلة على المستوى العسكري والسياسي والاقتصادي، بدأت العديدُ من مراكز الدراسات ووسائل الإعلام الأمريكية بتحميل الإدارة الراحلة مسؤولية الهزيمة، محاولة حصر الأسباب على الجانب السياسي فقط، لكن توصياتها للإدارة الجديدة كشفت أن المشكلة أكبرُ، حَيثُ لم تقدم تلك التوصيات أيةَ خيارات جديدة فعَّالة ومضمونة لتغيير واقع الفشل؛ وهو ما أكّـد بشكلٍ أكبرَ أن إدارة ترامب لن تواجِهَ أُفُقًا أقلَّ انسدادًا من ذلك الذي واجهته سابقاتها؛ الأمر الذي يؤكّـد أن الهزيمة استراتيجية ولا يمكن تجاوزها.

في تقرير جديد نُشِرَ مطلعَ هذا الأسبوع، اتهم موقعُ "ريل كلير ديفينس" الأمريكي المتخصص بالشؤون الدفاعية، إدارة بايدن بأنها "تفتقرُ إلى الوضوح الاستراتيجي" في مواجهة اليمن، معتبِرًا أن فشل الولايات المتحدة في وقف الهجمات البحرية اليمنية المساندة لغزة يعودُ إلى عدم وجود سياسة واضحة.

مع ذلك، فقد ناقض التقرير نفسه عندما استعرض مظاهرَ الفشل، ومنها أن "ثمنَ القوات والتقنيات الأمريكية المنتشرة في البحر الأحمر -مثل الصواريخ الاعتراضية وطائرات (إم كيو-9 ريبر) بدون طيار والقنابل الموجهة بدقةٍ- يفوق إلى حَــدٍّ كبيرٍ التكلفةَ المنخفضة نسبيًّا لطائرات الحوثيين بدون طيار" حسب توصيفه، وأن "واشنطن تخسر عشرات الملايين من الدولارات مع كُـلّ طائرة (ريبر) يتم إسقاطها، في حين تظل خسائرُ الحوثيين ضئيلةً، وتستمرُّ السفنُ التجارية في مواجَهة التهديدات".

هذه المظاهر لا تعبِّر عن غياب سياسة واضحة -كما ادعى التقرير- بل عن مأزِقٍ عملياتي ميداني واضح، لا يمكن تجاوزه؛ فحتى "السياسة الهجومية" التي اقترح التقرير أن تتبعَها الإدارة الجديدة لن تستطيعَ أن تلتفَّ على التكاليف العالية، بل إن تلك التكاليف ستزيد في حالة "شن هجوم أوسعَ على مراكز القيادة والسيطرة" كما يقترح التقرير، ولن تكون النتيجة مختلفة كَثيرًا من حَيثُ التأثير؛ لأَنَّ العديد من المسؤولين العسكريين قد أكّـدوا أكثر من مرة أن الولايات المتحدة تعيشُ حالةً من العمى الاستخباراتي فيما يتعلق بالأهداف في اليمن، وقد صرَّحَ قائدُ الأسطول الأمريكي الخامس، جورج ويكوف، في أغسطُس الماضي بأنَّ "من الصعب للغاية العثورَ على مركز ثقل مركَزي واستخدامه كنقطة ردع محتملة".

لقد اتخذت إدارةُ بايدن بالفعل الخيارَ العدواني (الهجومي بحسب وصف التقرير) لكن أُفُقَه العملياتي كان مسدودًا؛ ليسَ بسَببِ "تردّد" هذه الإدارة، بل لأَنَّ واقع المعركة كان عصيًّا على "استراتيجية الردع الأمريكية الكلاسيكية" بحسب تعبير ويكوف أَيْـضًا، وهذا ما تؤكّـده أَيْـضًا الاقتراحاتُ والتوصيات الأُخرى المقدمة للإدارة الأمريكية الجديدة بشأن التعامُلِ مع الجبهة اليمنية، والتي تتضمن توسيعَ الجهود الأمريكية لتشمَلَ مواجهةَ كُـلٍّ من إيران والصين وروسيا؛ بناءً على دعايات وجود دعم من هذه الجهات لليمن، وهي توصية مثيرة للسخرية وغير واقعية؛ فالمأزق العملياتي التي تواجهه واشنطن في البحر الأحمر في مواجهة اليمن فقط لن يصبح أقلَّ صعوبة عندما تستفز الولايات المتحدة ثلاث دول إضافية تمتلك الكثيرَ من القدرات المتطورة وأدوات الضغط والرد، وأصبح لديها الآن رؤيةٌ واضحة حول نقاط ضعف البحرية الأمريكية.

وينطبق الأمر نفسُه على التوصيات التي قدمها تقرير (ريل كلير ديفينس) للإدارة الجديدة، وهي توصيات قدمتها تقاريرُ نشرتها جهاتٌ أُخرى مثل (معهد دراسات الحرب) الأمريكي ومجلة (ناشيونال ريفيو) وغيرها، والتي تحدثت عن ضرورة استخدامِ ورقة "آلية التحقُّق والتفتيش الأممية" لتشديد الحصار على اليمن، وفرض عقوبات اقتصادية صارمةٍ على الشعب اليمني من خلال تصنيف "المنظمة الإرهابية الأجنبية" ودعم "الجماعات المسلحة في اليمن" وإزالة البنوكِ العاملة في المناطق الحرة من نظام (سويفت).. فقد واجهت إدارةُ بايدن كُـلَّ هذه الخيارات ودرستها جيِّدًا، ولم تكن المشكلة في أنها تردّدت في اتِّخاذها، بل في أن هذه الخيارات لن تغيِّرَ واقعَ الهزيمة ولن تخفِّضَ تكلفة المأزق الأمريكي، وقد حاول البيتُ الأبيض بالفعل دفع المرتزِقة ودولَ العدوان لتحريك الجبهات والتصعيد الاقتصادي ضد البنوك؛ لأَنَّ حزمَ القيادة اليمنية والاستعداد المسبق للتعامل مع أية خطوات عدوانية بصرامة هو من أفشل هذه المحاولاتِ وليس "تقاعس" إدارة بايدن كما تروِّجُ هذه التقارير.

وقد أكّـد (معهد دراسات الحرب) الأمريكي ذلك، حَيثُ ذكر في تقريرٍ نشره هذا الأسبوع أن كُـلَّ هذه الخيارات "تنطوي وبشكل مؤكَّـد على مخاطِرَ كبيرة" وهو ما يعني بوضوح أن الإقدامَ عليها سيكون مغامرة غير مضمونة وأن الأفق سيكون مفتوحًا على نتائجَ عكسيةٍ تكرِّسُ واقعَ الهزيمة الأمريكية، في الوقت الذي سيبقى فيه هدفُ ردع اليمن صعبَ التحقّق كما هو؛ فخيارات العدوان والواسع والحصار المشدّد قد جُرِّبت بالفعل منذ 2015 وفشلت.

هذا ما تؤكّـده أَيْـضًا طبيعة وقائع الهزيمة الأمريكية أمام اليمن، فبحسب المعهد الأمريكي أصبح اليمن يشكل "تهديدًا استراتيجيًّا له تداعياتٌ عالمية على الولايات المتحدة وحلفائها" وأصبحت القوات المسلحة اليمنية تمتلك "قدرًا هائلًا من البيانات والدروس حول كيفية استجابة دفاعات الولايات المتحدة والحلفاء للهجمات الصاروخية والجوية، وهي بيانات يمكن استخدامُها لتحسين فعاليةِ السفن الحربية الأمريكية والمنشآت البرية في المستقبل" بل ويمكن مشاركةُ هذه البيانات والدروس مع خصومِ الولايات المتحدة، بحسب ما يحذّر المعهد، وبالتالي فَــإنَّ المشكلة التي تواجهها واشنطن أكبرُ بكثير من أن يتم حلها بالاندفاع إلى تصعيد عسكري أوسعَ لن تكون أدواته مختلفة كَثيرًا عن التصعيد القائم.

ويناقض المعهد الأمريكي نفسَه أَيْـضًا وبوضوح عندما يتحدث عن ضرورة التوجّـه نحو تصعيد أكبر ضد اليمن، وفي الوقت نفسه ينتقد تحول البحر الأحمر إلى أولوية لدى الولايات المتحدة بدلًا عن منطقة غرب المحيط الهادئ، حَيثُ يقول إن هذا التحول "يتسبب في حرمان الولايات المتحدة من الموارد في منطقة المحيطَينِ الهندي والهادئ، في حين تقول استراتيجية الدفاع الوطني لعام 2022م: إن الصين تشكل التحدي الأكثر شمولًا وخطورةً على الأمن القومي الأمريكي"، فخيار التصعيد الذي يقترحُه المعهدُ على الإدارة الأمريكية الجديدة، لن يحل هذه المشكلة بل سيفاقهما بشكل أكبر؛ فإذا كانت خياراتُ التصعيد المقترحة نفسها تنطوي على "مخاطرَ كبيرة" بحسب المعهد، فَــإنَّ هدف "الحسم السريع" لا يمكنُ ضمانَه بأي حال، وَإذَا تورطت الولايات المتحدة في معركة أطولَ ضد اليمن فَــإنَّ جميع التداعيات التي يتم انتقاد إدارة بايدن عليها ستتفاقم بشكل أكبرَ بكثير، بما في ذلك استنزاف الموارد لمواجهة بقية التهديدات.

ووفقًا لكل ما سبق، فَــإنَّ الحديثَ عن ضرورة تبنِّي الإدارة الأمريكية القادمة "سياسةً هجوميةً" ضد اليمن، لا يعدو عن كونه محاولةً لتسييس واقع الهزيمة المدوية في البحر الأحمر وجعلها محصورةً على إدارة بايدن فقط، بينما يؤكّـد الواقعُ والاعترافاتُ العسكرية أن تلك الهزيمة قد لحقت بنظامِ الهيمنة الأمريكي نفسه وبأدواته الأَسَاسية وأن اختلاف الإدارات لن يغيِّرَ هذه الحقيقةَ.

المسيرة

مقالات مشابهة

  • «الإسكان» تعدل المخطط الاستراتيجي العام لإحدى قرى مركز الزقازيق بالشرقية
  • «الإسكان» تعتمد المخطط الاستراتيجي لـ3 قرى بمركز الداخلة في الوادي الجديد
  • أية عاكف تكتب: الأهداف الاستراتيجية لتوطين التكنولوجيا النووية في مصر
  • تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي
  • "حوارات التعليم 33" تستعرض التقدم المحرز في الاستراتيجية الطموحة لدبي
  • جلالة السلطان يطلع عن كثب على سير العملية التربوية بالعامرات
  • الهزيمة الاستراتيجية أمام اليمن تحاصرُ البيت الأبيض ..
  • إعانات مالية تصل إلى 100 مليون سنتيم للمؤسسات التربوية
  • تفاصيل البرنامج التدريبي حول الخطة الاستراتيجية للتعليم الأزهري قبل الجامعي
  • المشاط تعقد اجتماعًا لمجموعات النتائج ضمن الإطار الاستراتيجي للشراكة بين مصر والأمم المتحدة