عالقون في حرب السودان.. «من لم يُقتل بالرصاص ينتظر موته بأسباب أخرى»
تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT
من لم يمت برصاص الحرب سيقتله تلوث مياه الشرب، وتفشي الأوبة وفقر الخدمات“. تقول “حنان عثمان” العالقة بمنطقة الجريف منذ ما يقارب العام في حرب العاصمة السودانية بين الجيش وقوات الدعم السريع، والتي اندلعت في 14 أبريل الماضي.
الخرطوم 16- أبريل 2024
حملة ساندوا السودان: إعداد وتحرير – شبكة عاين
ما ذكرته حنان، ينسحب على ملايين السودانيين العالقين في العاصمة الخرطوم بمدنها الثلاثة، الخرطوم والخرطوم بحري، وأم درمان، وسط آلة الحرب المستمرة والانتهاكات التي يرتكبها الطرفان بحق المدنيين العالقين، بجانب تعطل معظم الخدمات الرئيسية وانعدام بعضها في بعض أحياء العاصمة.
خلال الأيام الفائتة- وبحسب حنان- انخفضت حدة الاشتباكات العسكرية بين القوتين في منطقة الجريف التي تعيش بها، لكنها تشير خلال مقابلة مع (عاين) إلى استمرار. لكن الغارات الجوية لطيران الجيش على مواقع قوات الدعم السريع، مستمرة حيث تتصدى لها الدفاعات الجوية.
فيما لا تزال الخروقات بحق المدنيين مستمرة مع تواصل، عمليات السلب والنهب، التي شملت حتى أفراد من قوات الدعم السريع أنفسهم الذين يسيطرون على المنطقة.
جوع وتلوثأكثر ما يقلق السكان العالقين في منطقة الجريف -وفقا لحنان- هو انقطاع التيار الكهربائي والماء منذ العاشر من رمضان الفائت وحتى الآن ما زاد معاناة المدنيين. وذكرت أن المواطنين اضطروا للجوء إلى الآبار المتوفرة في الأحياء للحصول على الماء، بما في ذلك آبار تابعة للدعم السريع، لكن اعتمادهم الأكبر كان على مياه البحر التي يتم شراؤها من عربات “الكارو”.
وأضافت: أن “توقف إمداد المياه أدى إلى إلغاء بعض الأطعمة والمشروبات التي كان يعدها المتطوعون وفرق الطواريء في المطابخ الجماعية خلال شهر رمضان “. وتقول: “المطابخ المشتركة أصبحت ملاذًا للعالقين في المناطق الساخنة خاصة بعد انقطاع الإنترنت في أحياء شرق العاصمة الخرطوم، منذ فبراير الماضي وتوقف الخدمات البنكية، وتضاعف الإقبال عليها بعد انقطاع الكهرباء والمياه، في ظل نقص السيولة النقدية وارتفاع أسعار السلع وندرة بعض المواد الغذائية التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، وتتحكم في أسعارها مثل الخبز، الذي يباع 6 قطع منه بألف جنيه ولوح الثلج 25 ألف جنيه”.
صور شبكة (عاين)أما على الصعيد الصحي، ذكرت حنان: توقف المركز الصحي التابع لغرفة الطوارئ في منطقتها عن العمل نتيجة لانقطاع الكهرباء، وأشارت إلى أنه مع ارتفاع درجات الحرارة انتشرت العديد من الأمراض مثل الملاريا، خاصة بين الأطفال. وقالت: “ضعف البنية الجسمانية للمواطنين العالقين في الخرطوم تجعلهم أكثر قابلية للإصابة بالأمراض بسبب نقص التغذية”.
الموت بضيق التنفسأوضاع العالقين في ضاحية شرق النيل، والخرطوم بحري، لا تختلف كثيرا عن أوضاعهم عن المناطق الواقعة ضمن نطاق سيطرة الدعم السريع حيث يعاني المدنيون من صعوبات في الحصول على الكهرباء والماء والرعاية الصحية، وخدمات الاتصال والإنترنت.
“نضطر إلى شرب مياه الآبار المالحة، بينما يجلبون لنا مياه الاستحمام والغسيل، من البحر عن طريق شاحنات نقل (دفارات) مرة واحدة في الأسبوع”. تقول (فاطمة) العالقة في شمبات الحلة منذ بداية الصراع بين الجيش والدعم السريع. لـ(عاين).
وتضيف: “هنا الناس يموتون بسبب ضيق التنفس، وانخفاض وارتفاع وانخفاض مستويات السكر، كما يموتون بالإصابات الناجمة عن المعارك”.
المستشفيات القليلة المتاحة في منطقتها (الصافية والدولي) تواجه صعوبات في استيعاب العدد المتزايد من المرضى، كما تتعرض لخطر الاستهداف من قبل الأطراف المتصارعة، مما يعرض حياة المدنيين للخطر.
في مختلف أنحاء بحري، تتركز السيطرة بشكل أساسي لقوات الدعم السريع بمناطق شمبات (الحلة والأراضي)، والحلفايا، والأزيرقاب، وجنوبا حتى مناطق الشعبية والدناقلة والختمية والحاج يوسف.
ومع دخول الحرب عامها الثاني، فإن العالقين في بحري يشكون نقص المواد الغذائية، التي أجبرتهم على الاعتماد على المطابخ الجماعية، ومع أن الأخيرة “تكايا ذاتية التمويل” تقدم الوجبات، حتى خلال شهر رمضان المنصرم، فإن الجيش يصادر مؤونها بحجة أن المستفيد منها الدعم السريع.
تهديدات بالقصف والتهجيريفيد شهود مدنيون من منطقة شرق النيل – تحجب (عاين) أسمائهم لدواع أمنية- بوجود تهديدات تستهدف أهالي المنطقة من خلال حسابات مجهولة على مواقع التواصل الاجتماعي، تحذر من قصف جوي محتمل يستهدف المنطقة بزعم كونها حاضنة اجتماعية لقوات الدعم السريع. وثمة تهديدات أخرى تتعلق بالتهجير القسري وإجبار السكان على إخلاء منازلهم.
وأشار الشهود، إلى أن الأوضاع الأمنية السيئة وانقطاع الكهرباء، تجعل السكان عُرضة للتفلتات الأمنية وعمليات النهب والنصب، علما بأن منطقة شرق النيل، تعد مأوى لآلاف النازحين القادمين من مناطق متفرقة مثل كوبر والسامراب والدروشاب والعزبة وأم درمان وجنوب الحزام وبحري، الذين فروا إليها بحثًا عن الأمان والاستقرار بعيدًا عن مناطق الصراع.
في الخطرغادرت هناء (اسم مستعار) هي وشقيقتها ضاحية الحاج يوسف، التي تخضع لسيطرة قوات الدعم السريع، متجهتين نحو بورتسودان بعد عشرة أشهر من اندلاع حرب منتصف أبريل.
وذكرت في إفادتها لـ(عاين) أنهم قضوا أشهراً بدون كهرباء أو ماء، مع فقدان الاتصالات والإنترنت منذ فبراير الماضي، وسط تبادل للقصف والاشتباكات. وتقول: “المثير للقلق أن منطقتنا تأوي العديد من أفراد الجيش والشرطة”. وأضافت: “نحن في خطر من الطرفين، لا ننتمي إلى أي منهما، ولكننا نصبح هدفًا لهما”.
وتشير إلى تدهور الأوضاع الصحية في المنطقة على نحو ظاهر؛ بسبب النقص في الرعاية الطبية وانعدام الأدوية في الخرطوم وشرق النيل. أما عن التحويلات المالية البنكية التي يديرها أفراد من قوات الدعم السريع، فتخضع- وفقًا لهناء- لرسوم بقيمة 20 ألف جنيه لكل مائة ألف جنيه.
بطل تحت الحصارمن بطل موسوعة غينيس للأرقام القياسية، إلى متهم من قبل قوات الدعم السريع بالانتماء إلى الجيش، هكذا وجد البطل السوداني رمضان رحمة، (44) عاما نفسه في دائرة الاتهام.
وبساق خشبي دخل “رمضان” موسوعة غينيس للأرقام القياسية في العام 2022م لأكثر عدد ضربات جزاء خلال ساعة، في تصنيفات البتر الأحادي من فوق الركبة بعد تسجيله 356 ركلة احترافية.
صور شبكة (عاين)استفاق رمضان، هو وأسرته على وقع خطوات دهم قوة مسلحة من الدعم السريع، لمنزلهم بشرق النيل، عند الثانية من صباح السابع من يناير المنصرم.
طريقة الاقتحام نشرت الرعب في الأطفال النائمين، أصيبت والدة رحمة بحالة إغماء، لكنهم لم يكتفوا بذلك، بل طلبوا مفتاح السيارة الموجودة داخل المنزل بغرض سرقتها.
ووفقا لشهادة العناصر المداهمة، كما ذكر رمضان في حديثه مع (عاين) أن شخصا بالحي، أبلغهم بصفة شخصية، أن- رحمة- نظامي يتبع للقوات المسلحة، بينما في حقيقة الأمر هو من ذوي الاحتياجات الخاصة، تعرض لبتر في قدمه اليسرى جراء حادث مروري منذ أن كان طفلا في الخامسة من عمره .
في ظل ذلك الاتهام لم يجد بطل غينيس وأسرته مخرجا غير التأكيد إثبات عدم صحة ما ذكروه من معلومات لعناصر الدعم السريع، عن طريق الأوراق والمستندات الرسمية أو عبر مشاهدة فيديوهات مباشرة له، ما دفع عناصر الدعم السريع للمغادرة، بعد التعرف على هويته.
ومنذ نحو شهرين تنقطع الاتصالات في أرجاء العاصمة السودانية التي يضطر الملايين للبقاء تحت نيران الحرب وسط صعوبات وصول المساعدات الإنسانية ا، وتوقف المئات من غرف الطوارئ التي يديرها متطوعون، وتقدم مساعدات غذائية مباشرة.
(إنتاج هذا المحتوى ضمن حملة #ساندوا_السودان التي أطلقها (منتدى الإعلام السوداني) والتي تهدف إلى لفت الانتباه إلى الكارثة الإنسانية وتدارك المجاعة ووقف الانتهاكات في السودان، وتنشر بالتزامن في منصات 27 مؤسسة ومنظمة صحفية وإعلامية مشاركة في الحملة.
منتدى الإعلام السوداني
#ساندوا_السودان
#Standwithsudan
الوسوم#ساندوا_السودان آثار الحرب في السودان حرب الجيش والدعم السريع عام على حرب السودان منتدى الإعلام السودانيالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: ساندوا السودان آثار الحرب في السودان حرب الجيش والدعم السريع عام على حرب السودان منتدى الإعلام السوداني قوات الدعم السریع العالقین فی شرق النیل
إقرأ أيضاً:
ادانات بالغة للإنتهاكات الجسيمة والعنف الجنسي ضد النساء على يد قوات الدعم السريع بالسودان
أعربت منظمة صحفيات بلا قيود عن إدانتها البالغة وقلقها الشديد إزاء الانتهاكات الجسيمة وجرائم العنف الجنسي التي ترتكبها قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها ضد النساء والفتيات في السودان، والتي وثقتها تقارير حقوقية وإعلامية موثوقة، من بينها تقرير هيومن رايتس ووتش الصادر في 16 ديسمبر 2024.
تشمل هذه الجرائم المروعة جرائم الاغتصاب الجماعي، الاستعباد الجنسي، التعذيب، وحالات اختطاف، ما يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني ويرقى إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفق أحكام الاتفاقيات والمواثيق الدولية.
أكد التقرير الصادر عن هيومن رايتس ووتش ارتكاب قوات الدعم السريع جرائم حرب في جنوب كردفان، حيث شنت قوات الدعم السريع سلسلة من الهجمات ضد المدنيين بين ديسمبر 2023 ومارس 2024، أسفرت عن مقتل عشرات المدنيين والاغتصاب الجماعي لعدد من النساء والفتيات. تم توثيق 79 حالة اغتصاب لنساء وفتيات نوباتيات، شملت بعض الحالات العبودية الجنسية. كما وثق التقرير شهادات لضحايا وعائلاتهن خلال الهجمات على حبيلة وفايو، حيث تم اغتصاب النساء تحت تهديد السلاح. إحدى الشهادات تشير إلى قيام المهاجمين بقتل زوج المرأة قبل اغتصابها، وأكدت الضحية أن هذا الحادث وقع في يناير 2024. كما جمع الباحثون في هيومن رايتس ووتش شهادات من 70 نازحًا في مناطق جبال النوبة في جنوب كردفان، وتم فحص صور الأقمار الصناعية التي كشفت عن تدمير ممتلكات مدنية وهجمات ضد المجتمعات النوبية.
وقالت بلا قيود ان مفوضية حقوق الإنسان الأممية نسبت 70 في المئة من حوادث العنف الجنسي المؤكدة لمقاتلين يرتدون زي قوات الدعم السريع، وحادثة من بينها، يتهم بارتكابها مقاتل بلباس قوات الجيش ، في حين وثق تقرير الهيومن رايتس وواتش وقوع انتهاكات ممنهجة طالت عشرات النساء والفتيات، تراوحت أعمارهن بين 7 سنوات و50 عامًا، خاصة في ولاية جنوب كردفان ودارفور. ووفقًا لمنظمة المرأة في منطقة القرن الإفريقي (SIHA)، فإن أكثر من 90% من حالات الاغتصاب كانت ضمن اعتداءات جماعية، حيث ارتُكبت الجرائم أمام عائلات الضحايا، في منازلهن، أو بعد اختطافهن واستعبادهن جنسيًا ، روايات مروعة عن نساء وفتيات تعرضن للعنف الجنسي والتعذيب على يد عناصر قوات الدعم السريع والجماعات المسلحة المتحالفة.
واضاف بين بلا قيود " في ٦ ديسمبر نشر موقع أخبار الأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان ، التي نشرت تقريرها الأول ، والذي تضمن إن الأطراف استهدفت المدنيّين من خلال الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي، والاحتجاز التعسفي والاعتقال، بالإضافة الى التعذيب وسوء المعاملة، كما اكدت أن قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها ارتكبت "اعتداءات مُرعبة" ضد المجتمعات غير العربية – وبالتحديد ضد مجتمع المساليت في الجنينة وحولها بغرب دارفور - تضمّنت القتل والتعذيب والاغتصاب وغيرها من أشكال العنف الجنسي وتدمير الممتلكات والنهب. وهي جرائم ترقى جميعها الى جرائم حرب "متمثلة في الاعتداء على الحياة والأشخاص والاعتداء على الكرامة الشخصية".
كما أكدت "صحفيات بلا قيود" إن ما ترتكبه قوات الدعم السريع في السودان يُعد انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان الأساسية، حيث تحظر اتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكولها الإضافي الثاني جميع أشكال العنف ضد المدنيين، بما فيها العنف الجنسي أثناء النزاعات المسلحة، فيما ينص نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في مادتيه السابعة والثامنة على اعتبار الاغتصاب، الاستعباد الجنسي، والتعذيب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية إذا ارتُكبت بشكل ممنهج وواسع النطاق. كما يلزم قرار مجلس الأمن رقم 1325 (2000) الأطراف المتنازعة بحماية النساء والفتيات من العنف الجنسي، ويؤكد على مسؤولية المجتمع الدولي في ضمان محاسبة مرتكبي هذه الجرائم. ويُعد استمرار الإفلات من العقاب خرقًا واضحًا لالتزامات السودان الدولية، ولا سيما اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) التي صادق عليها السودان، ما يستدعي تحركًا عاجلًا لتحقيق العدالة وإنهاء هذه الانتهاكات.
ودعت صحفيات بلا حدود المجتمع الدولي ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي التحرك لملاحقة المسؤولين عن هذه الجرائم وضمان محاسبتهم أمام المحاكم الدولية المختصة ، والعمل علي اتخاذ خطوات عاجلة لحماية النساء والفتيات في السودان، وتقديم الدعم النفسي والطبي والقانوني للضحايا. ، مؤكده علي ضرورة تنفيذ قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشأن تعزيز تدابير المساءلة وإنهاء الإفلات من العقاب، بما في ذلك محاسبة المسؤولين الجنائيين وضمان وصول الضحايا إلى العدالة .
وطالبت بلا قيود كافة الأطراف وقف استهداف المدنيين فورًا ، خاصة النساء والأطفال، والعمل على إيجاد حلول عاجلة لوقف الحرب الدامية وتحقيق السلام.
كما طالبت بوجوب تنفيذ قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ، ولا سيما بشأن تدابير المساءلة، و وضع حد للإفلات من العقاب ومعالجة أسبابه الجذرية، وضمان المساءلة، بما في ذلك، حسب الاقتضاء، المسؤولية الجنائية الفردية، ووصول الضحايا إلى العدالة.
وفي أخر بيانها أكدت "صحفيات بلا قيود" إن معاناة النساء في السودان تتطلب استجابة سريعة وفعّالة لضمان حقوقهن وحمايتهن من هذه الجرائم البشعة. سنواصل، في منظمة صحفيات بلا قيود، فضح هذه الانتهاكات والدفاع عن حقوق النساء في كل مكان، والعمل مع الجهات المعنية لتحقيق العدالة والمساءلة.