علاج جديد يعيد الأمل في شفاء مرضى السل
تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT
بدأت دول آسيا والمحيط الهادي باعتماد دواء أسرع نتيجة وأكثر فاعلية لمرض السل المقاوم للأدوية، مما يوفر أملا في "عصر جديد" بالمعركة ضد واحد من أكثر الأمراض المعدية فتكا في العالم.
وحسب منظمة الصحة العالمية، استحوذت هذه المنطقة على النسبة الأكبر من الـ10,6 ملايين إصابة جديدة بالسل في جميع أنحاء العالم في عام 2022، وأكثر من نصف الوفيات التي بلغت 1,3 مليون حالة.
ورغم إمكانية علاج السل بالمضادات الحيوية، فإن أكثر من 3% من الأشخاص الجدد الذين يُصابون بهذا المرض المعدي يعانون أحد أشكال مقاومة الأدوية.
حتى وقت قريب مضى، كانت العلاجات تشمل الحقن اليومي أو تناول جرعات كبيرة من الأقراص لمدة 18 شهرا على الأقل، وأحيانا مع آثار جانبية قوية بينها الغثيان، والعمى في الحالات القصوى. وقد تخلى مرضى كثر عن علاجهم لهذا السبب.
وبدأ تقديم علاج جديد أخف وطأة مع آثار جانبية أقل في المنطقة، خصوصا في الفلبين وفيتنام وإندونيسيا. وأظهرت التجارب أن معدل الشفاء يزيد على 90% بعد 6 أشهر.
وتمت الموافقة على علاج "بي بال" (BPaL)، الذي يجمع بين المضادات الحيوية "بيداكويلين" و"بريتومانيد" و"لينزوليد"، في أكثر من 60 دولة، وفق "تي بي ألاينس" ("تحالف مكافحة السل") وهي منظمة غير ربحية طورت هذا العلاج.
بالنسبة للطاهي الفلبيني إيفيفانيو بريلانتي، الذي كان يعاني نوعا من مرض السل المقاوم للأدوية، أنقذ هذا التغيير حياته. ومع علاجه السابق، كان عليه أن يبتلع 20 قرصا يوميا، لكنّه شعر بغثيان شديد، لدرجة أنه لم يتمكن من العمل أو تناول الطعام. وتوقف بعد أسبوعين رغم المخاطر.
ويقول هذا الفلبيني (57 عاما) لوكالة الصحافة الفرنسية إن "الأمر صعب للغاية، إذ تُضطر لملازمة الفراش"، و"في بعض الأحيان، لم أكن أستطيع حتى التنفس".
والشهر التالي، شارك بريلانتي في تجربة "بي بال" في مستشفى في مقاطعة بامبانغا، في شمال العاصمة الفلبينية مانيلا.
وبتناول 3 إلى 7 حبات يوميا، شُفي الرجل بعد 6 أشهر. ويقرّ بريلانتي "لو لم أتناول هذا الدواء، لربما كنتُ الآن في المقبرة".
توقف العلاجوينتج مرض السل عن بكتيريا تهاجم الرئتين بشكل رئيسي، وتنتقل عن طريق الهواء من الأشخاص المصابين.
وينتشر المرض في مختلف بلدان العالم. وفي عام 2022، رُصد ثلثا الحالات الجديدة في 8 دول: الهند، وإندونيسيا، والصين، والفلبين، وباكستان، ونيجيريا، وبنغلاديش، وجمهورية الكونغو الديموقراطية.
ويكمن أحد التحديات الرئيسية في إقناع المرضى بإكمال علاجهم، في ظل نفورهم من تكاليفه الباهظة أو اضطرارهم للسفر، أو من آثاره الجانبية.
وقال هوانغ ثي ثانه ثوي، من البرنامج الوطني الفيتنامي لمكافحة السل، لوكالة الصحافة الفرنسية إن الأغلبية الساحقة من المرضى الذين يعانون مرض السل المقاوم في فيتنام اضطروا إلى تحمل نفقات "كارثية" لعلاجهم.
ومن الصعوبات الأخرى، تحديد المرضى ومكافحة الوصمة الاجتماعية السلبية. وفي إندونيسيا، لا تزال بعض المؤسسات الصحية غير قادرة على تشخيص المرض بشكل صحيح، وفق ما يشير إليه عمران بامبودي من وزارة الصحة.
حاجة للاستثماراتوبعد سنوات من التراجع، بدأ عدد المصابين الجدد بمرض السل في الارتفاع من جديد خلال جائحة كوفيد-19 التي عطلت تشخيص المرض وعلاجه.
ودعت منظمة الصحة العالمية إلى زيادة التمويل. ولكن "عندما توقف مرض السل عن كونه مشكلة بالنسبة للبلدان ذات الدخل المرتفع، جفّت الدوافع للاستثمار في البحث وتطوير أدوية جديدة لمرض السل،" حسب سانديب جونيجا، أحد مسؤولي "تحالف مكافحة السل".
ولتسريع نشر علاج "بي بال"، افتتح "تحالف مكافحة السل" مركزا في مانيلا لتوفير التدريب والمساعدة لبلدان المنطقة.
وفي الهند، التي تضم أكبر عدد من الحالات في العالم، يُنتظر وصول الدواء بفارغ الصبر.
وقال رافيكانت سينغ، مؤسس منظمة "أطباء من أجلك" غير الحكومية المعنية بالصحة العامة، "يجب طرح علاج (بي بال) بسرعة، فهو سينقذ المرضى من مشكلات عدة… مع تقليل تكلفة العلاج على المدى الطويل".
بالنسبة لسانديب جونيجا، فإن العلاج الجديد يعني أنه لم يعد هناك أي شك حول فرص المريض في البقاء على قيد الحياة. ويقول "آمل أن تكون هذه مجرد بداية لعصر جديد من علاج السل، مع علاجات أبسط وأقصر".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات مرض السل
إقرأ أيضاً:
لأول مرة خارج الولايات المتحدة .. أبوظبي تعتمد وتوفر دواء مبتكرا لعلاج التهاب الأمعاء
أعلنت دائرة الصحة – أبوظبي، الجهة التنظيمية لقطاع الرعاية الصحية في الإمارة، بالتعاون مع شركة جونسون آند جونسون ومدينة الشيخ شخبوط الطبية، عن نجاحها في اعتماد وتوفير دواء “تريمفيا” (Tremfya®)، وهو علاج بيولوجي من الجيل الجديد لمرض التهاب الأمعاء، لتكون أبوظبي بذلك أول وجهة توفر هذا العلاج المبتكر خارج الولايات المتحدة الأمريكية.
جاء الإعلان خلال فعاليات المؤتمر العالمي لمنظمة الابتكار في التكنولوجيا الحيوية 2025 في بوسطن الأمريكية، مما يرسخ مكانة أبوظبي كمركز عالمي رائد للابتكار في علوم الحياة والرعاية الصحية المتقدمة.
وتأتي هذه الخطوة النوعية في أعقاب موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية مؤخراً على استخدام الدواء لعلاج التهاب القولون التقرحي وداء كرون؛ وبفضل هذه الشراكة الإستراتيجية، قادت دائرة الصحة – أبوظبي الجهود لتسريع توافر العلاج محليا، حيث يقوم مركز الأمراض الالتهابية المعوية المتخصص في مدينة الشيخ شخبوط الطبية، إحدى منشآت مجموعة “بيورهيلث”، بإدارة تلقي المرضى للعلاج، مقدماً معياراً جديداً للرعاية في المنطقة.
وقالت الدكتورة أسماء المناعي، المدير التنفيذي لقطاع علوم الحياة الصحية في دائرة الصحة – أبوظبي، إن هذا التعاون يجسد التزام أبوظبي الرائد بدفع عجلة التقدم في الرعاية الصحية، مشيرة إلى أن إتاحة علاج “تريمفيا” في أبوظبي للمرة الأولى خارج الولايات المتحدة يؤكد قوة شراكاتنا الإستراتيجية وقدرتنا على توفير أحدث العلاجات المبتكرة لمجتمعنا، مما يعزز مكانة الإمارة كوجهة رائدة للابتكار الصحي العالمي.
وأكد الدكتور محمد نبيل قريشي، استشاري أمراض الجهاز الهضمي ومدير مركز الأمراض الالتهابية المعوية في مدينة الشيخ شخبوط الطبية، أن هذا الإنجاز يكمن في أثره المباشر على المرضى، وقال : بدأنا بتقديم العلاج لخمسة عشر مريضاً خلال أقل من شهرين، ما يؤكد الفوائد الملموسة التي يمكننا تقديمها.
وأضاف أن التبني السريع لهذا الدواء هو نتيجة مباشرة لخدماتنا المتكاملة التي تتيح تحويل الاكتشافات العلمية إلى ممارسة سريرية فعّالة دون تأخير، لنضع بذلك معايير جديدة للرعاية على مستوى المنطقة.
وشهد أول مريض تلقى العلاج باستخدام “تريمفيا” في أبوظبي تحسناً ملحوظاً في حالته، حيث تراجعت أعراض المرض بشكل ملحوظ، رغم معاناته الطويلة مع داء كرون المقاوم لعدة أنواع من العلاجات.
ورغم أن استخدام “تريمفيا” لعلاج داء كرون قد بدأ حديثاً، إلا أن نتائج التجارب السريرية تشير إلى دوره في تعزيز النتائج، وتحقيق أهداف الخطط العلاجية طويلة الأمد.
ويعد “تريمفيا” علاجاً بيولوجياً يستهدف مسارات الالتهاب الرئيسية التي تسبب الأمراض الالتهابية المعوية، ويقدم للمرضى خياراً علاجياً مبتكراً يتسم بالدقة والفاعلية، وتم تصميم هذا العلاج لمساعدة المرضى على تحقيق التحسن السريري الكامل، وتقليل أعراض الالتهاب.
ويعتبر الدواء الأول والوحيد المصنوع بالكامل من أجسام مضادة بشرية ومصمم خصيصاً كمثبط انتقائي للإنترلوكين 23 (IL-23) بآلية مزدوجة تستهدف كلّا من IL-23 وCD64، وقد تم اعتماده الآن لعلاج البالغين الذين يعانون من التهاب القولون التقرحي النشط بدرجة متوسطة إلى شديدة، وكذلك لعلاج داء كرون النشط بدرجة متوسطة إلى شديدة لدى البالغين، ليكون أول مثبط للإنترلوكين 23 يوفر خياري العلاج عبر الحقن تحت الجلد والحقن الوريدي لهذين المرضين.
وتعد الأمراض الالتهابية المعوية، بما يشمل التهاب القولون التقرحي وداء كرون، حالات التهابية مزمنة تسبب أعراضا مثل ألم البطن، والإسهال، والإرهاق، وخسارة الوزن، وارتفع معدل الإصابة بمرض التهاب الأمعاء الموحد حسب العمر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من 2.9 لكل 100 ألف نسمة في عام 1990 إلى 3.7 لكل 100 ألف بحلول عام 2019، وهو ما يمثل زيادة بنحو 30% على مدى ثلاثة عقود.
وقال بيدرو ماتوس روزا، المدير العام لشركة جونسون آند جونسون الأدوية المبتكرة في الخليج العربي: نفخر بالتعاون مع شركائنا لوضع هذا الحل العلاجي سريعا في متناول المرضى، مما يعكس التزامنا بإحداث تغيير حقيقي في حياتهم.
ويتميز مركز الأمراض الالتهابية المعوية في مدينة الشيخ شخبوط الطبية بوجود فريق رعاية متعدد التخصصات يضم نخبة من الخبراء الدوليين المختصين في أمراض الجهاز الهضمي والجراحة والتغذية والتمريض وعلم النفس والصيدلة، ليقدم منهجية متكاملة تتواجد في مراكز قليلة بدولة الإمارات.
ويتعاون فريق الرعاية الصحية ضمن المركز بدعم من مرافق متطورة، تشمل أدوات تشخيصية متقدمة وجناحاً مخصصاً للحقن الوريدي، ويساهم هذا النهج المتكامل في تحقيق نتائج سريرية متميزة، حيث يتمكن غالبية المرضى من السيطرة على المرض وإدارته سريعاً بشكل مستدام.
وبالإضافة إلى ذلك، يوفّر مركز الأمراض الالتهابية المعوية في مدينة الشيخ شخبوط الطبية إمكانية الوصول إلى أحدث العلاجات من خلال البرامج البحثية والتجارب السريرية، كما يقدّم خدمات موسعة لدعم وتثقيف المرضى، بما في ذلك خط مخصص للمساعدة ودعم الصحة النفسية.