إدارة القرار الفردي في الأزمات والكوارث
تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT
يتحدث الجميع اليوم عن إدارة الأزمات خلال الحالات الطارئة.. يتحدث البعض بوعي الكبير عن هذا العلم المهم والواسع، فيما يتحدث البعض الآخر بعاطفة كبيرة تبعد الأفكار عن جوهر العلم وأدواته، أو يمكن القول إن هذا النوع من الطرح يتوسل إدارة الأزمة لكن دون وعي حقيقي بماهيتها أو بأدواتها.
ورغم أن الأزمات الطبيعية، مثل الأعاصير والمنخفضات المدارية والأمطار الغزيرة وما يصاحبها من أودية وسيول وزلازل، لا يمكن أن تدعي دولة أنها تمتلك القدرة الكاملة على إدارتها على نحو كامل، إلا أن سلطنة عمان امتلكت خبرة كبيرة خلال العقد الماضي في إدارة الأزمات المناخية وخاصة تلك المتعلقة بالحالات المناخية ويمكن الرجوع إلى سجلات الحالات المدارية التي مرت بسلطنة عمان خلال العقد الماضي لمعرفة ما حدث فيها على مستوى إدارة الأزمة وكيف كانت فرق الحالات الطارئة تستفيد من كل مرحلة دروسا جديدة تراكمها في سجل خبراتها.
لكن سياق الحديث عن إدارة الحالات الطارئة الذي كثر خلال الأيام الماضية يتجاهل مسارا مهما من مساراتها وهو إدارة الحالة في سياقها الفردي.. فالأفراد في الحالات الطارئة هم أجزاء يشكلون المشهد الكامل وكل قرار يصدر من الفرد الواحد يؤثر بالضرورة على اختيارات الآخرين. ولو عدنا إلى الحالات الطارئة التي خلفت خسائر بشرية سنجد أن أحد أهم الأسباب يعود إلى عدم قدرة الأفراد على إدارة قراراتهم في لحظة حاسمة يقود الخطأ فيها إلى فقدان الحياة. ومع الأسف الشديد، فإن الكثير من القرارات التي قادت أصحابها إلى فقدان الحياة أو المغامرة بها لم يكن نتيجة جهل بالخطر وحجمه ولكنها نتيجة تحدٍ له أو تحدٍ لأشخاص سبق أن فشلوا في تجاوز ذلك الخطر في محاولة لإثبات القوة والتفرد.
إن ما حدث خلال الأمطار الأخيرة والذي خلفّ حزنا وطنيا جدير أن يحدث تغييرا جوهريا فينا جميعا، فلا نلقي بأنفسنا أو بغيرنا في التهلكة دون مبرر حقيقي؛ فالنفس البشرية غالية جدا، غالية في سياقها الفردي وغالية في سياقها الجماعي وفقدها مؤلم جدا. وإذا كانت الأزمات تعطينا دروسا حقيقية وعميقة فإن الدروس التي يجب أن نخرج بها من هذه الأزمة هي أن نعتني بإدارة قراراتنا في وقت الأزمات أكثر من أي وقت آخر، ونتذكر أن كل فعل مهما اعتقدنا أنه بسيط جدا فإنه قد يساوي الحياة أو الموت.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الحالات الطارئة
إقرأ أيضاً:
قمة فلسطين الطارئة.. موقف عربي موحد ضد الاحتلال
يجتمع القادة العرب في قمة استثنائية بالقاهرة لمناقشة القضية الفلسطينية، في وقت تمر فيه المنطقة بظروف غير مسبوقة، حيث يواجه العالم العربي والإسلامي ضغوطًا سياسية واقتصادية، بينما تستمر الولايات المتحدة والدول الأوروبية في دعم الكيان الصهيوني بلا تردد، متجاهلة القوانين والمواثيق الدولية، بل وتهدد الأسس التي قامت عليها المنظمات الأممية، والتي باتت عاجزة عن فرض أي قرارات عادلة لصالح القضية الفلسطينية.
الموقف العربي من القضية الفلسطينية
لطالما كانت القضية الفلسطينية محورًا رئيسيًا في وجدان الأمة العربية، فهي ليست مجرد قضية سياسية، بل هي مسألة إنسانية ودينية واقتصادية. وعلى الرغم من أنها تخص الفلسطينيين بشكل مباشر، إلا أنها تؤثر على استقرار المنطقة والعالم بأسره.
لقد نشأت هذه القضية منذ وعد بلفور عام 1917، حينما قررت القوى الاستعمارية التخلص من اليهود في أوطانهم الأصلية، وزرعهم في فلسطين لخدمة أهداف استعمارية بريطانية، ثم تبعتها مرحلة الاحتلال العسكري الإسرائيلي بعد نكبة 1948، وما تلاها من حروب وصراعات امتدت حتى يومنا هذا.
منذ ذلك الحين، شهدت القضية الفلسطينية العديد من المحطات المفصلية، مثل:
نكبة 1948 التي أدت إلى تهجير الفلسطينيين قسرًا. نكسة 1967 التي رسخت الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وغزة والجولان. الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 لإخراج المقاومة الفلسطينية من بيروت. انتفاضات الفلسطينيين التي بدأت عام 1987 وتكررت بأشكال مختلفة، تأكيدًا على رفض الاحتلال.ورغم كل هذه التطورات، لم يتمكن العرب من تحقيق موقف موحد تجاه القضية الفلسطينية، بسبب التدخلات الدولية والانقسامات الإقليمية التي أضعفت العمل العربي المشترك.
الخلافات العربية وتأثيرها على القضية الفلسطينية
شهد العالم العربي منذ حرب أكتوبر 1973 خلافات داخلية أدت إلى تباين المواقف حول القضية الفلسطينية، إذ لجأت بعض الدول إلى مسار التسوية والاتفاقيات مع إسرائيل، بينما فضّلت دول أخرى دعم خيار المقاومة. وزاد الانقسام بعد اتفاق أوسلو عام 1993، الذي أدى إلى تراجع الدعم العربي الرسمي للفلسطينيين.
ورغم إنشاء جامعة الدول العربية عام 1945 بهدف توحيد المواقف العربية، إلا أنها لم تستطع فرض إرادتها على الدول الأعضاء، بل ظلت رهينة للخلافات السياسية بين الأنظمة العربية، مما انعكس سلبًا على القضية الفلسطينية وأدى إلى غياب استراتيجية عربية موحدة لمواجهتها.
المستفيد من الخلافات العربية
لطالما كان الاحتلال الإسرائيلي المستفيد الأول من انقسام العرب، فقد استغل هذه التناقضات لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية، بينما انشغل العالم العربي بصراعاته الداخلية.
كما أن بعض الأنظمة العربية وجدت نفسها مضطرة للحفاظ على علاقاتها مع الولايات المتحدة والغرب، مما أثر على موقفها من القضية الفلسطينية، وأضعف الدعم الرسمي للفلسطينيين في المحافل الدولية.
في هذا السياق، جاءت الأزمات العربية المتتالية، مثل:
غزو العراق 2003 الذي أنهك إحدى أهم الدول العربية وأفقدها دورها الإقليمي. الربيع العربي 2011 الذي أدى إلى فوضى سياسية وانقسامات داخلية أضعفت عدة دول عربية. الأزمة الليبية والسورية التي زادت من تراجع الدور العربي في القضايا المصيرية.كل هذه الأحداث جعلت القضية الفلسطينية أقل حضورًا في الأولويات العربية، مما منح الاحتلال فرصة لتوسيع استيطانه وتكريس سياساته القمعية ضد الفلسطينيين.
أهمية قمة فلسطين الطارئة
تعقد هذه القمة في وقت يشهد فيه العالم جرائم إسرائيلية غير مسبوقة، حيث نفذ الاحتلال عمليات قتل وتهجير ممنهج للفلسطينيين، وسط دعم أمريكي وغربي غير محدود، مما أدى إلى غضب شعبي عالمي، تجلى في تظاهرات حاشدة في أوروبا وأمريكا، رافضة للجرائم الصهيونية.
ويأتي انعقاد هذه القمة رفضًا للمخططات الأمريكية، وخاصة “صفقة القرن” التي سعت إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وإعادة رسم خريطة المنطقة لصالح إسرائيل. وقد تصدّت عدة دول عربية، أبرزها مصر والأردن، لهذه المخططات، كما أبدت العديد من الدول الإسلامية والأوروبية مواقف حازمة تجاه المشروع الأمريكي.
التطلعات لموقف عربي موحد
يُنظر إلى هذه القمة على أنها فرصة حقيقية لإعادة توحيد الصف العربي، خاصة في ظل التحديات الراهنة، إذ يمكن أن تشكل قراراتها نقطة انطلاق نحو استراتيجية عربية جديدة لدعم القضية الفلسطينية على المستوى الدولي.
إن إصدار موقف عربي رسمي موحد سيرسل رسالة قوية إلى الولايات المتحدة وحلفائها، مفادها أن القضية الفلسطينية لا تزال في صدارة الأولويات العربية، وأن أي محاولات لتجاوزها ستواجه بمواقف حازمة. كما يمكن استثمار الانقسامات بين الولايات المتحدة وأوروبا، خاصة في ظل الخلافات حول سياسات واشنطن الخارجية، لتعزيز الدعم الدولي للقضية الفلسطينية.
خاتمة
إن هذه القمة ليست مجرد اجتماع عربي عادي، بل هي محطة مفصلية في تاريخ القضية الفلسطينية، حيث يمكن أن تؤسس لمرحلة جديدة من العمل العربي المشترك، تعيد للقضية زخمها، وتحولها إلى أولوية دولية لا يمكن تجاوزها. فهل سيكون القادة العرب على مستوى التحدي، أم ستظل القضية الفلسطينية رهينة للخلافات والمصالح الضيقة؟
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.