تسبب النجاح الكبير للفيلم الأميركي "الحرب الأهلية" (Civil War) في حالة من الخوف والتشاؤم لدى نقاد وصناع السينما ونسبة كبيرة من المشاهدين، وذلك بسبب تناوله لحرب أهلية مستقبلية بين الأميركيين، ومحاولات بعض الولايات الانفصال عن الاتحاد الأميركي، وبينها تكساس وكاليفورنيا وفلوريدا.

وبين انتقاد للموضوع نفسه، وخوف من مصير يلوح في الأفق بسبب أجواء الاستقطاب السائدة منذ أحداث الكابيتول هيل واقتحام الكونغرس نهاية الفترة الرئاسية لدونالد ترامب، وانتخابات رئاسية يعيد طرفاها الكرة، لم يلتزم النقاد والجمهور بمشاهدة فيلم عادي ومناقشته، وإنما لجأ أغلبهم إما إلى الإنكار واعتبار الأحداث تدور في أي مكان في العالم، أو إلى عدم تصديق القصة من الأصل واعتبارها خيالية تماما.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4فيلم "نياد".. قصة المرأة التي هزمت أسماك القرش وحاجز السنlist 2 of 4هل يحصل فيلم "تشريح السقوط" على السعفة والأوسكار في عام واحد؟list 3 of 4"نينتندو" تطرح فيلما جديدا عن شخصية "ماريو" في 2026list 4 of 4فيلم "المخلب الحديدي".. أحلام الأب التي تحولت إلى كوابيس الأبناءend of list

Exactly what the government TOLD Hollywood to have in store for us, in this election year. What do you think? They WANT this to happen!

— CI Lee (@4OutFoxyTucker) April 14, 2024

وأحرز الفيلم الذي يعرض منذ 4 أيام فقط ما يزيد على 25 مليون دولار في عطلة نهاية الأسبوع الأولى بعد بدء عرضه، ليحتل المرتبة الأولى، متجاوزًا فيلم "غودزيلا × كونغ: الإمبراطورية الجديدة" (Godzilla X Kong: The New Empire).

وتجاوزت مبيعات تذاكر فيلم "الحرب الأهلية" توقعات بعض المحللين في شباك التذاكر قبل الإصدار بنسبة 30% تقريبًا، وحققت عروض "آي ماكس"(IMAX) ما يقرب من 50% من إجمالي إيرادات "الحرب الأهلية".

وخالف المخرج والكاتب أليكس غارلاند بهذا الفيلم توقعات كبار منتجي هوليود حول أنواع الأفلام التي من المرجح أن تحقق نجاحًا كبيرًا في شباك التذاكر، وسار على درب فيلمين سابقين من النوع نفسه، فقد حقق "أوبنهايمر" للمخرج كريستوفر نولان، وهو فيلم درامي مدته 3 ساعات عن عالم فيزيائي، 968 مليون دولار، متجاوزًا توقعات الأستوديو بشكل كبير، كما جمع فيلم "مخلوقات بئيسة" (Poor Things) الفانتازي الغريب 117 مليون دولار.

أحداث فيلم "الحرب الأهلية" حول حرب أميركية ثانية بالداخل الأميركي (آي إم دي بي)

وتدور أحداث "الحرب الأهلية" حول حرب أميركية ثانية في الداخل الأميركي، حيث تشهد البلاد انقساما، يؤدي إلى نشأة عدة فصائل، مثل الولايات الموالية والقوات الغربية وتحالف فلوريدا. وبينما تشن القوات الغربية هجومها على واشنطن العاصمة، يصمم اثنان من المراسلين الصحفيين على شق طريقهما إلى العاصمة وإجراء مقابلة مع الرئيس قبل الرابع من يوليو/تموز.

وبعد وقوع تفجير انتحاري في مدينة نيويورك، يلتقط المراسلان (جويل ولي) رفيقي سفرهما: المراسل الأكبر سناً سامي، والمصورة الصحفية الشابة الطامحة جيسي التي تعشق عملها، ويخوض الأربعة رحلة وسط الدمار والرصاص والخراب لاستعراض ما فعلته الحرب بالبلاد.

" الحرب الأهلية" بطولة كريستين دانسيت، وكيلي سبايني، وواغنر مورا، وبلغت" وميزانيته الإنتاجية 50 مليون دولار

#CivilWar is one of the most captivating film experiences I've ever had. Unnerving, visceral & apolitically challenging. A pitting of humanity against the very thing it fears the most – ITSELF. I felt every cry, scream, & gunshot. Dunst, Spaeny & Plemons are all terrific. pic.twitter.com/sOQjkwvHAg

— Nick Zednik (@NickZednik) April 14, 2024

 

توقيت ذكي

اختار موزعو الفيلم توقيتا ساخنا ومناسبا تماما لعرض "الحرب الأهلية" إذ يتنقل المشاهد الأميركي بين قنوات تلفزيونية تعرض مؤتمرات للمرشح الرئاسي والرئيس السابق ترامب، وأخرى تعرض لتصريحات الرئيس الحالي جو بايدن، وسط نسبب تأييد متقاربة أحيانا، واتهامات جنائية للطرفين، وتطرف مؤيديهم، فبدا الفيلم كما لو كان استكشافا للمستقبل في ظل الاستقطاب الحاد بين الطرفين.

الفيلم الذي يعرض منذ 4 أيام فقط أحرز ما يزيد على 25 مليون دولار (آي إم دي بي)

وأكد ديفيد أ. غروس، الباحث السينمائي لجريدة "نيويورك تايمز" أن أحداث الأفلام التي تتعرض لأحداث مأساوية "تدور في عالم مستقبلي يبدو -على الشاشة- مختلفا تمامًا عن الحياة المعاصرة، ويستخدم صناعه الكثير من المؤثرات الخاصة والخيال العلمي لسرد قصصهم، لكن الفيلم يفعل العكس: يبدو الأمر كما هو الحال الآن".

ويضيف غروس أن هذا الخيار في سرد القصص "يحول هذا النوع من الأفلام إلى شيء معاصر وقابل للتطبيق. القصة ليست حزبية بشكل مباشر، لكنها تستفز المشاعر الحزبية، والجمهور متفاعل عاطفياً، وهذا أمر مثير للإعجاب".

أميركا أم لا؟

الناقد ايريك كين أكد في مقال بمجلة "فوربس" على كابوسية الحالة بالنسبة له كمواطن أميركي قائلا "هناك شيء مؤلم في العمل، ذلك أنه يقترب من منزلي، على الرغم من أنني لا أعتقد أننا على هذه الهاوية بعد. والشيء المخيف هو أننا قد لا نرى ذلك قادمًا. أن أمتنا سوف تسقط مثل قطع الدومينو، وسيكون قد فات الأوان".

ويتراجع كين مرة أخرى، ليتبرأ من أحداث الفيلم قائلا "يمكن أن تكون هذه منطقة البلقان أو رواندا في التسعينيات. يمكن أن يكون في أي مكان. عندما وصل الصحفيون -الذين يقودون سيارة دفع رباعي تحمل كلمة "صحافة" (PRESS) مطبوعة بأحرف كبيرة وجريئة من جميع الجوانب- إلى محطة وقود، تفاوضوا للحصول على الوقود من خلال عرض الدولارات الكندية.. لقد انهار الدولار الأميركي. 300 دولار ستشتري لك سندوتشا، لكنها لا تملأ خزان النفط في السيارة. الرجال الذين يتفاوضون معهم جميعهم مسلحون. تتجول "جيسي" في الجزء الخلفي من المحطة حيث يُعلق رجلان من معصميهما ويتعرضان للضرب".

ويتابع كين "وفي مكان آخر، يواجهون قناصة يشاركون في تبادل لإطلاق النار مع شخص ما في مبنى مجاور. يسأل جويل على من يطلقون النار. يجيب أحد الجنود: لا أعرف. إنهم يردون بإطلاق النار لأنهم يتعرضون لإطلاق النار. نحن لا نعرف أبدًا من هو مطلق النار، أو الجانب الذي يقاتل من أجله هؤلاء الرجال.

Those expecting all out action will be disappointed.

Those expecting some sort of Democrats Vs Republicans face off will be disappointed.

Those expecting a meticulously crafted snapshot of journalists operating in a war zone are in for a captivating experience.#CivilWarMovie pic.twitter.com/zp7oWA6SjO

— James Rai (@MovieDisciple) April 12, 2024

وبعد أن يعبر روب ستيوارت، ناقد موقع" 411 مانيا" عن سعادته بخروج الفيلم عن إطار توقعاته، وبالتالي شعوره بالدهشة و"هو شيء جيد" يعود ليشير إلى المتاهة التي سقط فيها بعد مشاهدة العمل، إذ يقول "عندما رأيت لأول مرة الإعلانات التي تعلن أن القوات الغربية هي الجبهة الموحدة لحكومتي تكساس وكاليفورنيا، بدت الفرضية برمتها غير قابلة للتصديق لدرجة يصعب معها الخوض فيها. ثم سمعت أن الفيلم محايد سياسيًا، وتبددت آمالي في أن يكون الفيلم ذا صلة بالموضوع. في المناخ السياسي الحالي حيث كل شيء لاذع للغاية، لماذا تصنع فيلمًا عن حرب أهلية ثم تجعله غير سياسي؟ ما هي الفائدة، إذا لم يكن لديك شيء لتقوله؟".

ويعود ستيوارت من المتاهة السياسية إلى الصنعة السينمائية للمخرج البريطاني الذي قدم فيلما أو ضوءا أحمر ليحذر الأميركيين مما هو قادم، ويقول "النقطة المهمة هي العمل على الشخصيات الممتازة وإعداد زمن الحرب الذي لا يتعلق بالحرب نفسها، بل بما تفعله بالناس. إن إعداد الأمور كما فعل أليكس غارلاند سيكون كارثيًا إذا كان من المتوقع أن نهتم بالحرب الأهلية الفعلية. لكن كل ذلك مجرد خلفية لهذه الشخصيات المثيرة للاهتمام والجذابة للغاية وصناعة غارلاند السينمائية ذات المستوى البارع.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات الحرب الأهلیة ملیون دولار فیلم ا

إقرأ أيضاً:

سموتريتش يسعى لاستغلال أحداث الحرب لضم الضفة وتدمير السلطة الفلسطينية

يستغل رئيس حزب  "الصهيونية الدينية" ووزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، الانشغال في الحرب ضد قطاع غزة ومصير الأسرى لدى حماس وقصف حزب الله لشمال الأراضي المحتلة، من أجل تحقيق حُلمه في خلق الظروف التي ستؤدي إلى ضم الضفة الغربية.

وجاء في مقال للمحرر الاقتصادي في صحيفة هآرتس، ديفيد روزنبرغ، نشره في مجلة "فورين بوليسي" أن كلمة "الضم" نادرا ما ينطق بها سموتريتش، الذي يشغل منصب عضو بارز في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. 

وأكد المقال الذي ترجمته "عربي21" أنه "بدون أدنى شك حول حق اليهود في الأرض الواقعة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط، فهو لا يعتبر الضفة الغربية أرضا تضاف إلى دولة إسرائيل، بل ميراثا لا يحتاج إلا إلى المطالبة به.. وكما قال لصحيفة هآرتس في مقابلة قبل أكثر من سبع سنوات، فإن الدولة الفلسطينية ستكون بمثابة تقسيم لإسرائيل؛ إن استيعاب الضفة الغربية في إسرائيل هو بمثابة التوحيد".

وأضاف أن "الإجراءات القانونية التي ينطوي عليها الضم أقل أهمية بالنسبة لسموتريتش من تهيئة الظروف التي ستؤدي إلى الضم، وللقيام بذلك، فهو يستخدم إستراتيجية ذات شقين، من ناحية تتضمن تغيير القوانين وإنشاء بيروقراطية صديقة للمستوطنين، ومن ناحية أخرى المساعدة في إثارة العنف والفوضى في الضفة الغربية".


 وكما أشار سموتريتش مرات عديدة، فإن الحدث الأبرز في عملية "التوحيد" سيكون انهيار السلطة الفلسطينية، مما لا يترك لـ "إسرائيل" أي خيار سوى ملئ الفراغ وإعادة تأكيد سيطرتها على الضفة الغربية بأكملها.

الوظيفة الرئيسية لسموتريش في الحكومة هي وزير المالية، وهو منصب قوي استخدمه لتنفيذ سياساته، لكنه يشغل منصبا ثانيا، وهو أكثر أهمية بالنسبة له، كوزير في وزارة الحرب، وهي الوظيفة التي وعد بها نتنياهو عندما تم تشكيل الحكومة الحالية في نهاية عام 2022. 

ويعد سموتريش في الواقع وزير المستوطنات الذي يتمتع بصلاحيات تمتد، إلى حد ما، على حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية أيضا، بحسب ما جاء في المقال.

منذ أن استولت على الأراضي في عام 1967، فرضت "إسرائيل" سيطرتها على الضفة الغربية من خلال الاحتلال العسكري. وكان الجيش الإسرائيلي، من خلال إدارته المدنية، مسؤولا عن "إنفاذ القانون" وغير ذلك من المسائل المدنية في 60 بالمئة من الضفة الغربية التي لا تخضع لولاية السلطة الفلسطينية. 

ولطالما فضلت الإدارة المدنية مصالح المستوطنين على حساب الفلسطينيين، لكنها ظلت رسميا جزءا من الجيش وبذلت على الأقل بعض الجهد لمراعاة الاحتياجات الفلسطينية، إلا أن كل ذلك تغير في شباط/ فبراير 2023، عندما تم تشكيل إدارة مستوطنات جديدة تتمتع بصلاحيات واسعة - بما في ذلك سلطة مصادرة الأراضي الفلسطينية، والموافقة على بناء المساكن في المستوطنات، وإدانة البناء الفلسطيني باعتباره غير قانوني، والسماح بأثر رجعي بالمستوطنات التي تم بناؤها دون موافقة حكومية، والمعروفة باسم "البؤر الاستيطانية".

وباعتبارها هيئة مدنية، فإن وظيفة إدارة المستوطنات هي تعزيز مصالح المواطنين الإسرائيليين، أي المستوطنين، والمصلحة الأساسية للمستوطنين هي تسريع وتيرة بناء وتوسيع المستوطنات، والأكثر من ذلك، فإن نقل السلطة من الجيش إلى المدنيين يرقى إلى عملية ضم هادئة وزاحفة بحكم الأمر الواقع. 

وقال سموتريش في تصريحات مسربة من اجتماع عقد في 9 حزيران/يونيو الجاري مع المؤيدين، نُشرت لأول مرة في صحيفة نيويورك تايمز: "سيكون من الأسهل استيعابها في السياق الدولي والقانوني حتى لا يقولوا إننا نقوم بالضم هنا".


في الأسابيع الأخيرة، عزز سموتريتش سيطرته بشكل أكبر، حيث عين هيليل روث، أحد سكان مستوطنة يتسهار المتطرفة، نائبا لرئيس الإدارة المدنية مع سلطة على مجموعة من المجالات تتراوح بين أنظمة البناء والبنية التحتية للمياه إلى الحدائق العامة والمسابح العامة الخارجية.

وقد تبدو السيطرة على المسابح العامة عملا بسيطا على قدم المساواة مع اصطياد الكلاب. لكن الأمر ليس كذلك: فجزء كبير من التنافس على مستقبل الضفة الغربية يدور حول التركيبة السكانية -زيادة عدد المستوطنين- والسيطرة على الأراضي. وتهدف إدارة المستوطنات إلى منح المستوطنين الأدوات اللازمة للقيام بذلك بشكل أكثر فعالية. وتخدم الينابيع الطبيعية المنتشرة في الضفة الغربية المزارعين الفلسطينيين وكذلك السباحين الإسرائيليين وتشكل واحدة من ساحات الصراع العديدة للسيطرة على الأرض ومواردها.

لكن حملة سموتريتش لا تقتصر على تفاصيل الموافقات المخططة المعجلة: فقد استخدم صلاحياته أيضا في غض الطرف عن أعمال البناء التي يقوم بها المستوطنون.

ولم يقتصر الانفلات الأمني بين المستوطنين في الضفة الغربية على البناء غير القانوني. لقد استغل المستوطنون الأكثر تطرفا وجود حكومة يهيمن عليها اليمين المتطرف وانشغال الجيش بالقتال في غزة للانخراط في أعمال أهلية غير مسبوقة. وقد أحصى مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) 968 هجوما على الفلسطينيين تنطوي على أعمال تخريب وإصابات خطيرة في الأشهر التي تلت بدء الحرب في 7 تشرين/ أكتوبر 2023. ولم تكن هناك سوى 10 حالات مؤكدة لفلسطينيين قتلوا في هذه الحوادث ( مقارنة بأكثر من 500 في اشتباكات مع الجيش)، ولكن الوتيرة أسرع بكثير من أي وقت مضى منذ أن بدأ مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في حفظ السجلات في عام 2008 - ومن المرجح أن يكون العدد الحقيقي أعلى.

وفي حين أن بعض أعمال عنف المستوطنين كانت بسبب الانتقام في أعقاب الهجمات الفلسطينية، فإن الكثير منها كان يتعلق بالأرض. وفي غور الأردن، جنوب مدينة الخليل، سيطر المستوطنون المتطرفون، على وجه الخصوص، على مساحات واسعة من أراضي المراعي الفلسطينية. وفي العديد من الحالات، اضطرت مجتمعات بأكملها من الرعاة الفلسطينيين إلى ترك منازلهم.

لم تبذل الشرطة قط جهدا كبيرا للتحقيق في عنف المستوطنين، ولكن في عهد بن غفير تم إسقاط كل ادعاءات التنفيذ. ويسعى بن غفير، بدرجة كبيرة من النجاح، إلى تسييس الشرطة الإسرائيلية، والضغط عليها لقمع المتظاهرين المناهضين للحكومة بينما يطالبها بالوقوف جانبا عندما يهاجم المتطرفون اليمينيون شاحنات تحمل المساعدات إلى غزة. وتوصل تحقيق أجرته صحيفة نيويورك تايمز مؤخرا إلى أنه من بين الحالات الثلاثين التي نظرت فيها منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر والتي تنطوي على جرائم تتراوح بين سرقة الماشية والاعتداء، لم تؤدي أي حالة منها إلى توجيه اتهامات إلى المشتبه بهم.


أما بالنسبة للجيش، فقد كان الجنود منشغلين بالقتال في غزة وعلى الحدود الشمالية، فضلا عن قمع العنف الفلسطيني في الضفة الغربية. ويقول الجيش إنه لا يملك القوة البشرية اللازمة لوقف المستوطنين. لكن الحقيقة هي أن العديد من القادة والجنود في الوحدات العسكرية النظامية والاحتياطية المتمركزة في الضفة الغربية متعاطفون مع المستوطنين. غالبا ما يكونون هم أنفسهم مستوطنين. علاوة على ذلك، بعد هجمات حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، تم استدعاء حوالي 5500 مستوطن للخدمة الاحتياطية لحماية مجتمعاتهم. وقد استغل العديد منهم الأسلحة والزي الرسمي الذي صدر لهم لتجاوز واجباتهم الرسمية لإقامة حواجز على الطرق ومهاجمة الفلسطينيين.

ويجسد حادث وقع بالقرب من بلدة عقربا الفلسطينية في نيسان/أبريل حالة الانفلات الأمني الراهنة. في أعقاب مقتل فتى إسرائيلي يبلغ من العمر 14 عاما على يد فلسطينيين، اجتاح المستوطنون البلدة والمنطقة المحيطة بها، مما أسفر عن مقتل اثنين من سكانها. (قُتل اثنان آخران في وقت لاحق). وقال الجيش في البداية إنه لم يكن هناك جنود متواجدون، على الرغم من أن تحقيق صحيفة هآرتس قال إن القوات كانت هناك ولم تتدخل.  ولم تعتقل الشرطة أحدا.

لكن بالنسبة لسموتريتش، فإن انهيار السلطة الفلسطينية هو أهم أولوياته. وهنا يأتي دوره كوزير للمالية لأن الاستراتيجية هي خنق السلطة ماليا. ويتمتع سموتريش بالقدرة على القيام بذلك لأن ما يقرب من 60 بالمئة من الإيرادات التي تعتمد عليها السلطة الفلسطينية لدفع الرواتب وتقديم الخدمات تأتي من الجمارك والضرائب الأخرى التي تجمعها إسرائيل باسم السلطة الفلسطينية، وتحول الأموال إلى رام الله كل شهر.

وكانت "إسرائيل"، لبعض الوقت، تخصم من "إيرادات المقاصة" هذه الأموال التي أنفقتها السلطة الفلسطينية لدعم عائلات الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية. بعد وقت قصير من بدء الحرب في غزة، ضاعف سموتريتش الاستقطاعات الشهرية ثلاث مرات لتصل إلى 600 مليون شيكل - حوالي 60 بالمئة من إجمالي التحويل الشهري. واحتجاجا على ذلك، رفضت السلطة الفلسطينية قبول أي أموال، مما اضطرها إلى خفض أجور موظفي الخدمة المدنية بنسبة تصل إلى 70 بالمئة.


وفي أواخر شباط/ فبراير، تم التوصل إلى صيغة لحفظ ماء الوجه وافقت بموجبها النرويج على وضع الأموال المحتجزة في حساب ضمان، وبالتالي إعطاء السلطة الفلسطينية ذريعة لأخذ الأموال التي لا تزال متاحة. لكن في الشهر الماضي، جدد سموتريش حملة الضغط، ودعا نتنياهو إلى وقف جميع التحويلات وطالب النرويج بإعادة أموال الضمان إلى إسرائيل. وفي الآونة الأخيرة، طالب باتخاذ خطوات ضد قادة السلطة الفلسطينية، بما في ذلك طرد أولئك الذين يتبين أنهم لا يعيشون بشكل قانوني في الضفة الغربية، وتقييد تحركات الآخرين ومنعهم من السفر إلى الخارج – واتهام البعض بالتحريض أو دعم الإرهاب.

وسموتريش ليس أقل تصميما على مفاقمة مشاكل الاقتصاد الفلسطيني المتعثر أصلا. ولا يؤدي ذلك إلى زيادة الضغوط المالية على السلطة الفلسطينية فحسب، بل قد يكون له أيضا فائدة إضافية تتمثل في إقناع الفلسطينيين بالهجرة. ولتحقيق هذه الغاية، تمكن هو وبن غفير أيضا من عرقلة الجهود الرامية إلى السماح لحوالي 150 ألف فلسطيني من الضفة الغربية الذين كانوا يعملون داخل إسرائيل قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر بالعودة إلى وظائفهم. ووفقا للمعايير الفلسطينية، فإن رواتب هذه الوظائف جيدة، لذا فإن اختفائها المفاجئ له تأثير كبير على دخل الأسرة والاقتصاد.

ويهدد سموتريش الآن بتوجيه ضربة أخرى للاقتصاد الفلسطيني من خلال وقف إصدار ما كان حتى الآن خطابات تعويض روتينية للبنوك الإسرائيلية. وتوفر الرسائل درعا قانونيا للمؤسسات المالية الإسرائيلية التي تعمل مع نظيراتها الفلسطينية في حالة وقوع بعض الأموال في أيدي الجماعات الإرهابية. تعتبر هذه العلاقة المصرفية أمرا بالغ الأهمية بالنسبة للاقتصاد الفلسطيني، مما يتيح تدفقا سنويا بقيمة 10 مليارات دولار من الصادرات والواردات الفلسطينية، وجميعها تمر عبر إسرائيل. إذا تحرك سموتريتش، فسوف يركع اقتصاد الضفة الغربية على ركبتيه.

وتعارض وزارة الحرب معظم إجراءات سموتريتش، خشية أن يؤدي ذلك إلى تأجيج نيران انتفاضة أخرى. لكنها عاجزة إلى حد كبير عن منعها ما دام المستوى السياسي لا يتحرك. وحتى لو أراد نتنياهو إيقاف سموتريتش، فهو يحتاج إلى دعمه المستمر للحفاظ على ائتلافه الحاكم سليما.

وبالتالي فإن سموتريتش يتمتع بحرية التصرف نسبيا في التعامل مع رئيسه.

وما لا يملكه هو تفويض عام لمتابعة برنامجه. ودائرته الانتخابية الرئيسية في خطة الضم هي سكان المستوطنين، الذين لا يشكلون أكثر من 10 بالمئة من إجمالي سكان إسرائيل، وحتى دعمهم لمشروع الضم لا يكاد يكون شاملا. ويتكون جزء كبير من سكان المستوطنين من الأشخاص الذين انتقلوا إلى الضفة الغربية لأسباب اقتصادية، بما في ذلك عدة آلاف من اليهود المتشددين. ولا يُعتقد أنهم متشبثون بفكرة إسرائيل الكبرى. ومن بين إجمالي السكان، فإن دعم الضم ليس ساحقا على الإطلاق: فقد وجدت دراسة استقصائية حديثة أجرتها جامعة تل أبيب أن حوالي 38 بالمئة فقط من الإسرائيليين اليهود يؤيدون الفكرة (و14 بالمئة فقط بقوة شديدة)؛ بينما عارضته الأغلبية.

مقالات مشابهة

  • الزمالك يكشف حقيقة تغريمه نصف مليون دولار بسبب أحداث الكونفدرالية
  • عاجل.. أحمد سليمان يكشف آخر تطورات أزمة القيد.. وحقيقة تغريم الزمالك نصف مليون دولار بسبب أحداث نهائي الكونفدرالية
  • إيرادات فيلم Bad Boys بالسينمات المصرية في آخر أسبوع عرض
  • الحراك الطلابي الأميركي وتداعياته على القضية الفلسطينية
  • تفاصيل خطة غالانت التي قدمها للأميركيين لادارة غزة
  • نيفين القباج تستعرض نتائج حج الجمعيات الأهلية.. أبرز أنشطة التضامن الاجتماعي خلال أسبوع
  • سموتريتش يسعى لاستغلال أحداث الحرب لضم الضفة وتدمير السلطة الفلسطينية
  • الجنوب أسير الحل الدبلوماسي الأميركي
  • بسبب شاحنة مُعطلة.. حركة مرور كثيفة على اوتوستراد الضبية
  • دعونا نضع حداً لحرب الضعفاء هذه: الجزء الثاني