دروس الحرب النفسية الإيرانية في المواجهة الأخيرة
تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT
أبريل 16, 2024آخر تحديث: أبريل 16, 2024
حامد شهاب
لأول مرة في عصرنا الحديث تتهيأ أمام المختصين في علوم الحرب النفسية دراسة تأثير الحرب النفسية الإيرانية الأخيرة ودروسها والرسائل التي أرسلتها طهران للعالم في المواجهة الأخيرة مع الكيان الصهيوني بغض النظر عن وجهة نظرنا بإيران إن كنا خصوما لها أو نعبر بحيادية عن طبيعة تلك الحرب، حين تمكنت إيران من فرض وجودها كأمر واقع في هذه الحرب النفسية العسكرية شئنا أم أبينا.
ومن وجهة نظري كمختص في الحرب النفسية منذ أربعين عاما أجد أن إيران نجحت في حملة حربها النفسية في معركتها الأخيرة مع الكيان الصهيوني في استخدامها للمئات من الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية وتلك التي تسمى بعيدة المدى والتي أطلقتها وشاهدها العالم أجمع بغض النظر إن حققت أهدافها التدميرية أم لا.. لكنها كانت رسائل بالغة التأثير بكل تأكيد..
ومما يلاحظ ان إيران من خلال أول مواجهة عسكرية في تاريخها مع الكيان الصهيوني باستخدام قوات ردع متعددة الأوجه فإنها استطاعت تحقيق حملة رعب نفسية ضد الكيان الصهيوني طوال فترة تجاوزت الأسبوع قبل أن تبدأ إطلاق صواريخها وكان العالم كله يترقب كيف سترد إيران على استهداف قياديين عسكريين إيرانيين كبارا لها في دمشق قرب قنصليتها بسوريا ، وحيرت كثيرا من المتابعين في الشأن العسكري في الطريقة التي سترد بها وقد استخدمت كما ذكرنا طائراتها المسيرة وصواريخها البعيدة المدى للوصول الى داخل الكيان الصهيوني بالرغم من أنه تم إسقاط الكثير منها بتعاون عسكري أمريكي فرنسي إسرائيلي لمواجهة تلك الصواريخ والمسيرات قبل وصولها الأراضي الفلسطينية وفي قلب تل أبيب، لكن بعضها وصل لقواعد عسكرية جوية إسرائيلية واستهدفها وإن كان التأثير محدودا بطبيعته.
وثاني تلك الدروس المهمة أن إيران استفادت من اختبار قدراتها العسكرية الصاروخية والطائرات المسيرة وعرفت نقاط الخلل التي تعترضها لإمكانية تلافي تلك الأخطاء في المستقبل وتطويرها بقدرات أكثر تأثيرا ، بل أن مجرد وصول تلك الصواريخ والطائرات المسيرة الى داخل الكيان الصهيوني فهي تعد رسالة قوية وفترة عصيبة في تاريخ هذا الكيان الذي حاول على الدوام التقليل من مخاطر خصومه الآخرين في المنطقة ومنهم إيران التي شاركت لأول مرة في هذه الحرب انتقاما من ضرب قنصليتها بسوريا واستهدافها قادة عسكريين إيرانيين كبارا ، كانت إيران تعدهم خسارة كبرى لا يمكن أن تعوض إلا برد إيراني يتناسب وطبيعة تلك الخسارة الباهظة.
كانت الحملة التسقيطية التي واجهتها إيران من جهات حرب نفسية من دول أقليمية وغربية كبيرة الحجم ، في محاولة منها للتقليل من تأثيرات ما استخدمته إيران من وسائل ردع عسكرية والادعاء بأن أغلبها سقط قبل وصوله الحدود مع الكيان الصهيوني وتم تدميرها قبل أن تبلغ أهدافها ، بل حتى من وصل منها لم يحقق الهدف من الردع كون تأثيرات المسافات الطويلة التي تمتد لما يقرب من 700 كم هي من تجعل أمد تلك الأسلحة قليلة التاثير وبلا فاعلية تذكر، كما حاولت بعض جهات الدعاية المعادية لإيران تكرار طرحها في الأخبار من أنها عوامل تحد من أن يكون لتلك الأسلحة قدرات تأثير ردعية.
لكن إذا ما تم اعتماد معايير لتأثيرات حملة الحرب النفسية الإيرانية ضد الكيان الصهيوني فإنها قد أجادت استخدام الحرب الدعائية النفسية كعامل له تأثيرات كبيرة رافقت حملة حربها الصاروخية وطائراتها المسيرة التي اختبرت قدراتها لأول مرة كما أسلفنا ، ووجدت أن استخدامها لوسائل ردعها قد حقق لها الكثير من الأهداف ، بالرغم من حملة التشكيك الكبرى التي واجهاتها إيران من أجهزة دعاية وحرب نفسية شملت دولا إقليمية وصهيونية ودولية أخرى.
ومما تم توجيهه من انتقادات لإيران أيضا أنها هي من أعلنت عن توقيت إطلاق مسيراتها وصواريخها قبل أن تتجه الى الكيان الصهيوني وفقدت طابع (المفاجأة) والسرية في توجيه تلك الحرب ، ولكن الحروب الحديثة لم يعد أنها تشترط طابع (المفاجأة) والسرية في توقيت الإطلاق كونها معروفة عبر الأقمار الاصطناعية وأجهزة التجسس والمخابرات والاستخبارات ، بل هي قلدت أساليب الغرب نفسه في حروبه الردعية التي استخدمها الأمريكان ضد أهداف داخل العراق وبعض دول المنطقة للتأثير في حملة حربها النفسية كونها تعرف مقدما أن تأثير تلك الحملات في الجانب النفسي هي أكثر تأثيرها من بعدها العسكري نتيجة بعد المسافة بين إيران والكيان الصهيوني والتي تقدر مسافاتها الطويلة بمئات الكيلومترات .
والأكثر من هذا أن الرسالة الأكثر تأثيرا من قبل إيران لدول المنطقة ومنها دول الخليج والسعودية على وجه التحديد بل وأية دولة تعد من خصوم إيران في المنطقة أن هذه هي قدرات إيران الردعية التي تمتلكها وهي قادرة على الوصول الى أهدافها في هذه الدول متى شاءت وعلى تلك الدول أن تتعظ ألف مرة قبل أن تفكر بمهاجمة إيران عسكريا.
بل إن إسرائيل نفسها استفادت من حملة الردع الإيرانية هذه في أنها عرفت نقاط قوة أو ضعف وسائل الردع الإيرانية لأغراض مواجهتها في المستقبل.. أي أن كلا الطرفين إيران والكيان الصهيوني استفادا من نقاط ضعف تلك المواجهة ، وعرف كل منهما كيف يواجه عدوه أو خصمه في أي حرب مقبلة.
إن إيران في مواجهتها هذه مع الكيان الصهيوني أبعدت عنها الانتقادات التي كانت توجه لها على الدوام من أن هناك (توافقا مشتركا) في التوجهات بين الطرفين حتى في اختيار توقيت لمعركة ونوعية الأسلحة وأين تسقط داخل الكيان الصهيوني ، لكن المصلحة الإيرانية اقتضت الرد على هجمات الكيان الصهيوني على شخصيات إيرانية وضرب قنصلية لها بدمشق ، وإن دول العالم أعطتها حق الرد انطلاقا من استهداف أرض إيرانية عندما يتم استهداف قنصلية أو سفارة لها أينما تكون.
هذه حقيقة حملة الحرب النفسية الإيرانية التي أجادت استخدامها في معركتها الأخيرة مع الكيان الصهيوني ليلة الثالث عشر من نيسان 2024، وهي برغم كل الانتقادات وحملات التقليل من شأن تلك المواجهة وتأثيراتها إلا أن كثيرا من المنصفين وجدوا أن إيران استفادت من تلك الحملة في حربها العسكرية والنفسية وحتى التقنية، واختبرت قدرات وسائل ردعها لتتجاوز أخطاءها في المستقبل وقد أدت أغراضها على أكمل وجه.
مرتبطالمصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: مع الکیان الصهیونی إیران من قبل أن
إقرأ أيضاً:
دروس إيمانية من معجزة بيت حسدا.. كل ما تريد معرفته عن أحد المخلع
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يعتبر أحد المخلع أحد المحطات المهمة في مسيرة الصوم الكبير داخل الكنيسة القبطية، حيث يعبر قوة المسيح في الشفاء الجسدي والروحي، ويمنح الأمل لمن يشعرون بأنهم محاصرون في معاناة طويلة دون حل.
يعود الاسم إلى الرجل الذي كان مريضًا ومُلقى بجوار بركة بيت حسدا لمدة 38 عامًا دون أمل، حتى جاء المسيح وشفاه بكلمة واحدة، ليؤكد أن النعمة الإلهية لا تعتمد على الظروف، بل على الإيمان والثقة في الله.
و يجب نعلم ان الرجاء رغم طول الانتظار: حتى لو تأخر الشفاء أو الفرج، فالله لم ينسَ أحدًا.
المسيح هو الشافي الحقيقي: لا تعتمد فقط على الناس، بل ثق أن الله قادر أن يتدخل في الوقت المناسب.
قم وتحرك نحو التغيير: كما أمر المسيح الرجل بأن يحمل سريره ويمشي، فإن الإيمان الحقيقي يتطلب قرارًا بالتغيير وعدم البقاء في نفس الحالة الروحية.
في هذا الأحد، تُقام القداسات الروحية وعظات خاصة حول قوة الشفاء والتوبة، كما يُشجع المؤمنون على الصلاة والتأمل في معاني المعجزة، كجزء من استعدادهم لاستكمال رحلة الصوم الكبير نحو القيامة.
بهذا، يُذكرنا أحد المخلع بأن كل ضعف يمكن أن يتحول إلى قوة، وكل انتظار يمكن أن ينتهي بمعجزة، حين يكون الإيمان حاضرًا في القلب.