الهدم العقابي الثالث بالقدس منذ مطلع العام.. الاحتلال يفجر ويُغلق منزل الشهيد خالد المحتسب
تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT
القدس المحتلة- أغلقت قوات الاحتلال منزل الشهيد المقدسي خالد عبد الفتاح المحتسب (21 عاما) في بلدة بيت حنينا شمالي القدس، بعد مرور 6 أشهر على استشهاده قرب باب الساهرة (أحد أبواب البلدة القديمة).
واقتحمت القوات في ساعات الصباح الباكر بلدة بيت حنينا وطوّقت الحي الذي تسكن به عائلة المحتسب، واعتلت أسطح البنايات المجاورة وأجبرت بعض السكان على مغادرة منازلهم، ثم توالى وصول شاحنات الأسمنت الذي أُغلق به المنزل عقابيا بشكل دائم.
وكانت سلطات الاحتلال أجبرت ذوي الشهيد على تفريغ منزلهم منذ اليوم الثاني لتنفيذه عملية إطلاق نار استهدفت قوات الاحتلال.
ونفذّ الطالب الجامعي خالد المحتسب عمليته في 12 أكتوبر/تشرين الأول، وأظهرت كاميرات المراقبة دخوله إحدى البنايات في شارع صلاح الدين الأيوبي وأداءه الصلاة بداخلها، ثم حمله بندقية من نوع "كارلو" والاتجاه نحو ما يعرف باسم "مركز شرطة البريد"، وفتح النار عليه.
كانت سياسة اليد الخفيفة على الزناد بانتظاره، فأُعدم واحتجز جثمانه فورا بعد إصابته عددا من الجنود، ثم اقتحمت طواقم مختصة منزل عائلته في اليوم التالي لاستشهاده وأخذت قياساته تمهيدا لعقاب العائلة بهدمه.
يذكر أن منزل خالد المحتسب هو الثالث الذي يُهدم أو يغلق عقابيا في منطقة القدس منذ بداية العام الجاري، بعد هدم سلطات الاحتلال لمنزلي الشهيدين مراد وإبراهيم نمر في بلدة صور باهر جنوب القدس في شهر يناير/كانون الثاني المنصرم.
وتختار سلطات الاحتلال الطريقة "المثلى" -في نظرها- للهدم؛ فقد تُقدم على تفجير المنازل أو هدمها بجرافاتها، أو لحم الأبواب والنوافذ أو بإغلاق المنازل عبر صب الأسمنت المسلح بداخلها كما حصل مع منزل عائلة خالد المحتسب اليوم.
ويتبع الاحتلال سياسة "الهدم العقابي" في القدس والضفة الغربية سعيا منه لردع الفلسطينيين عن مقاومته، رغم أن المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة "تحظر بشكل صارم فرض العقوبات الجماعية وإجراءات التخويف ضد الأشخاص المحميين وممتلكاتهم لقاء عمل لم يقوموا بارتكابه بشكل شخصي".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
تأملات مطلع العام الجديد
يخبرني صديقي «الغزي» أن اللحظات الأولى بعد نهاية العدوان الإسرائيلي على غزة فـي 2014 كانت قاسية للغاية، ربما تعادل قسوة الحرب نفسها، فبعد لحظات الانفراجة الأولى بتوقف الحرب التي استمرت لشهرين، تداعى الناس فـي الطرقات وفـي منازلهم، إذ حان الوقت لإحصاء الخسائر الفادحة، بداية من الأشخاص الذين فقدوهم للأبد، وصولًا للمنازل المنكوبة، هذا وإن أجّلنا التعامل مع الصدمة، وانعدام الأمان والثقة، والإحساس بأنك متروك ومخذول.
يذكرني صديقي بهذا السؤال عندما يحاول أن يشرح لي ما الذي سيحدث فـي الساعات القادمة بعيد اتفاقية وقف إطلاق النار، ووقف الإبادة الجماعية على قطاع غزة وأهله. لم تكن شهرين هذه المرة بل ما يزيد على العام، وأكثر من ٦٠ ألف شهيد مسجل عدا أولئك الذين تبخرت جثثهم أو ما زالوا تحت الأنقاض، ولا تقف البيوت على «عظمها» كما يقول أهل غزة عن هياكل بيوتهم التي بنوها فـي الحصار أي دون توفر الكثير من الأساسيات التي تستخدم فـي البناء، عدا أنهم يشاركون فـي البناء، فالعمال هم إخوتهم وأبناء أعمامهم فـيشارك الجميع فـي ترقيع ما يمكن ترقيعه لأجل «البيت» المنتظر الذي لم تترك منه إسرائيل شيئًا، فغالبية البيوت سويت بالأرض.
...
بدأت العام بقراءة كتاب «الدر المنثور فـي طبقات ربات الخدور» كتابة تاريخ نسوي من خلال التراجم فـي مصر القرن التاسع عشر«لمارليين بوث»، التي نعرفها جيدًا فـي عُمان عبر ترجمتها لكتب جوخة الحارثي وفوزهما برواية «سيدات القمر» بالبوكر العالمية، وإن كانت بوث مترجمة رائعة فهي كاتبة عظيمة.
تعتبر دراستها هذه، دراسة ثقافـية بينية، تتقاطع فـيها حقول علمية عديدة، تتبع من خلالها اللحظة التاريخية التي نشأت فـيها زينب فواز فـي القرن التاسع عشر، المرأة التي ستجمع تراجم لأكثر من أربعمائة امرأة من الشرق والغرب، تقرأ بوث من خلال خيارات فواز فـي التراجم وفـي التعبيرات التي استخدمتها والإنجازات التي أولتها اهتمامًا فـي سِيرِ تلك النساء، هواجس زينب فواز وطبقتها وسياسة زمنها، وتفحص موقع هذا الاشتغال الذي قدّمته زينب فـي مسيرة الفترة التي سميت بـ«النهضة العربية» واشتباك النساء معها.
وتستخدم بوث منظورًا ما بعد استعماري فـي قراءة التاريخ النسوي ومقاومة النساء للسلطات الأبوية، وتقدم لنا قراءة متبصرة فـي كل المفاهيم التي درجنا على تلقيها فـي كونها «تقليدية» و«رجعية» مثل «التدبير المنزلي» الذي يقصي المرأة عن الحياة خارج المنزل، فتقول لنا كيف أنه مفهوم سياسي، وأن الحيزين الخاص والعام متداخلان للغاية حتى وإن عبّر «التدبير المنزلي»، فالبيوت تصبح طريقًا للسياسات العامة.
...
بعد لحظات قليلة من وصولي إلى مصر، طلبت سيارة أجرة لتأخذني إلى منزلي فـي القاهرة الجديدة، كان السائق يُشغل أغاني المهرجانات المصرية، وهي أغان شعبية لمن لا يعرفها لها طبيعة خاصة وعندما أقول «شعبي» فإنني أقاربه على نحو خاطئ فهو يتمايز من الناحية التقنية عن الأغنية الشعبية، فهنالك عنف فـي اللوبات ونغمات الآلات، عنف يُطرب، عمومًا ربما أكتب عن المهرجانات وتلقيها من خارج مصر، خصوصًا معنا فـي الخليج فـي وقت آخر، ليس هذا ما يهمني الآن، لكن أردت أن أشير لكون «المهرجان» هو فـي أسفل سلم طبقات الفن لا من ناحية القيمة بل لأنه يأتي من أسفل المجتمع أيضًا، وهو تعبير «مقاومة» صارخ من الطبقات المهمشة. عمومًا لاحظت فـي ذلك المهرجان -الذي اسمعه للمرة الأولى- كلمات يستحيل أن تكون مصرية بل هي خليجية جداً، فسألت السائق هل هذا المؤدي عاش فـي مصر طيلة حياته؟ هل عاش فترة فـي الخليج؟ بسبب الكلمات، فقال لي إن الكلمات الوافدة من اللهجات العربية تستخدم على نحو واسع شعبيًا ومن كل الطبقات فـي مصر اليوم، أدهشني ذلك جدًا، ودفعني للتفكير حتى فـي موقع الطبقات المهمشة فـي عالمنا هذا اليوم وطبيعة اتصالها بما يحدث، فنحن نعيش لحظة تاريخية معولمة بامتياز مع وجود الإنترنت، فكيف تبدو هذه الطبقات اليوم من الناحية السيسولوجية، وأي مقاربات أثنوغرافـية وأنثروبولوجية ينبغي استخدامها اليوم لدراستها والتعرف عليها؟