لجريدة عمان:
2024-06-29@22:09:18 GMT

قراءة انطباعية في «قنديل من الغار»

تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT

قراءة انطباعية في «قنديل من الغار»

القصيدة الشعرية أشبه بالصورة الفوتوغرافية، فهي عالم حافل بالأسرار والكنوز والدلالات، من يجيد الإبحار فيها هو من يظفر بتلك الكنوز، الإبحار هنا يتطلب الكثير من الإلمام والدراية .. وفي النهاية يتم استخلاص عصارة الرحلات، والخبرات، وارتشاف الدروس، والعبرات.

«قنديل من الغار» هي القصيدة التي لمعت في سماء مسرح كتارا لشاعر الرسول في دورتها الخامسة للشاعرة الأولى الحائزة على هذا اللقب في تاريخ المسابقة الشاعرة بدرية بنت محمد البدري .

.

هي القصيدة الشعرية الأولى التي وضعت بصمة انطباعية مدهشة عليّ كمتذوقة للشعر؛ جعلتني أدمنها من عنوانها، فحين استمعت لها وجدتني أبحر عائدة لأيام الطفولة .. تراءت إلي لحظة لم أعشها، لكني خيالا نسجتها، هي لحظة استقبال أهل المدينة للنبي القدوة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام استحضرت المشهد ونزل على مسامعي صوت هتافهم بـ : «طلع البدر علينا» كرذاذ الماء البارد في نهار صيفي لافح/ ملتهب إنها حروف الأنشودة التي لقنت بها مسامع كل طفل وظل صداها يصدح في ذاكرته إلى أن يصبح كهلا، سيرة عطرة زرعت فينا حب نبي آدمي لم نره، لكنا لمسنا طيب أثره. وكم ارتشفنا الشفاء من شهد الإرث الذي خلده لنا.

إني لأقف وقفة إجلال أمام هذه الأبيات الشعرية الضليعة، التي استطاعت أن تختزل المشاعر المتدفقة في قصيدة واحدة حيث أضفت الشاعرة روحا لأبياتها، والذي منحني استشعار حضور النبي الأعظم وكأنه أمامي وهو حاضر بالفعل كلما حرصنا على الاحتذاء به والاقتداء بخلقة، فبالسير على نهجه، واتباع سنته؛ فإننا نحيي سيرته العطرة. وكان لهذا الحضور الفخم وقع على لجنة التحكيم فقد أطلق الشاعر السعودي فواز اللعبون على القصيدة لقب «القصيدة المجنحة»، ولن أخفي عليكم بأن القراءة في «قنديل من الغار» سلبتني وألهمتني في الآن ذاته... سلبتني خفة انطلاق ريشتي المعهودة بالتحليق على الورق فهي أشبه بريشة على جناح طائر القطرس، الذي اعتاد على التحليق المتواصل لسنة كاملة بلا كلل ولا ملل. وحينها اِنْهمر عليّ وابل من الأسئلة، اِنْبَثَقَت في ذهني وأَوْجَسَت في نفسي حيرة! ماذا أصابها؟ هل شلت حركتها؟ أم أن قدرتها خانتها؟ وما لبثت إلا قليلا قبل أن أعي، بأنه التروي والتأني، للتمعن في عظمة الذات المحمدية وأنه كان السبب الحرِيّ بسلبها انطلاقتها الحرة العفوية. فقد توقفت كثيرا، وتأخرت، وتحيرت، وترددت، وتساءلت، وانقطعت، وامتنعت، وأمسكت، وصامت عن التحليق على الورق طويلا، وتقوقعت داخل صدفتها مرارا وتكرارا. فكان ذاك هو السلب المُباح. وعن الإلهام أتحدث فإنه حدث ذات فجر ليس ببعيد، وقبيل انبلاج صبحه السعيد. تراءى لي البيت الشعري:

وتستكينُ إلى الأقلامِ قافيةٌ

لولا «مُحمَّدُ» ما أهدت لها الجُمَلا

لهج لساني مرددا إياه كتباشير الوليد، فتردد في ذهني صدى لولا «مُحمَّدُ» ما أهدت لها الجُمَلا.

القصيدة تعكس فكرة الشاعرة هنا؛ أنا الإنسان التائه في طريق الحياة الوعر القاسي المليء بالأشواك التي جرحتني وسببت لي الآلام. وروحي محملة بالذنوب التي تثقل كاهلي، وتعيق تقدمي، وتعرقل مسيري... رغم كل ما كان وكل ما سيكون استمرت روح ذاك الإنسان بالبحث عن خلاص ونور يهديها إلى الرشد. مُتأملة بعسى أن يهديني ربي. أما القنديل هنا فهي الذات النبوية، التي تمدها بالنور. النبي المصطفى كان لها ذلك «القنديل» الذي أنار لها ظلمة الحياة الشائكة، كذلك كانت كلمة «اقرأ» هي نور لبيان طريق الرسول صلى الله عليه وسلم.

الشاعرة هُنا كأنما تصف صراع معركة بين ذاتها والآلام.. الأشواك.. الظلام.. العقبات والمنغصات التي تحاول جاهدة خلعها؛ لغرس وإيراق الهداية.. النرجس.. النور.. النعيم عوضا عنها. فسمحت «الشاعرة» للقارئ للدخول لمعركتها، وجعلته يعيش سيناريو الأحداث بأدق تفاصيلها. فالمعركة تحدث لإحلال السلام بعدها، ولإعادة المياه لمجاريها. هدفها الأسمى والأعلى هو اجتثاث الداء وإيراق الدواء. افتتحت الشاعرة قصيدتها بهطول شعري غفير، تميز بأسلوب بلاغي واعٍ، متأرجحا بين الحزم واللين.

هنا الشاعرة تناجي نفسها بأن تخلع جراحها وآلامها، مخبرة بأن الإنسان يذنب أحيانا، ولكن عليه ألا يصده الذنب عن التوبة، وعليه اتباع دافق عشقه بالصعود للبحث عن النور؛ وعسى ربه أنه يهديه سواء السبيل.

اخلعْ جراحَكَ بالسطرِ المُقدَّسِ، لا

يصدَّك الذنبُ عن وحيٍ بكَ ارتحلا

مصطلح «السدرة العُليا» هنا يحتمل معنيين اثنين: فأما الأول فيشير لـ «سدرة المنتهى»، وهي المنتهى لكل رحلة، وأما الآخر فالشاعرة تعني بها القصيدة الشعرية في المديح النبوي؛ فالشعر بشتى ألوانه لا يصل إلى سمو وأوج وعتو (شعر المديح النبوي). كذلك هي «قنديل من الغار» وقريناتها صعدت، واعتلت، وتربعت عرش الشعر.

واصعد إلى السدرةِ العُليا بلا حَذَرٍ

من دافِقِ العشقِ، إنْ ناداكَ وانهملا

يشرق الأمل جليا، فمن بين تلك الأشواك، والآلام، والصعاب هناك تنمو نرجسه لطيفة تفوح عطرا وتعج بالحياة، ضربت بجذورها الأرض وأورقت بين تلك الأشواك الجارحة. إنه مشهد تصوير بليغ يرمز للتوازن الذي يبعثه الأمل في البيئات القاسية، والطرق الوعرة.

هناكَ تنمو على الأشواكِ نرجِسَةٌ

تؤرجِحُ العطرَ في أوراقِها أَمَلا

القصيدة تعج بتصوير المشاهد، وتسجل حضورا كبيرا بذلك، فللقارئ أن يتخيل المشهد، وكأنما يرى الأحداث تعرض على شاشة سينمائية أمامه، فالشاعرة تجسد بأن الحب الحقيقي الصادق يقود صاحبه للنجاة، والحب هنا لنبي الله المبعوث الأمين الذي أرسل رحمة ونجاة للعالمين.

«الشاعرة» هنا الإنسان الذي يلمس في حُب النبي صلى الله عليه وسلم سراجا ووهجا يأخذه إلى حوض الهداية. يُخرجه من ظلمات الجهل إلى نور الهدي، نور العِلم والوعي. يُريه بأن الحق حقا وعليه اتباعه، وأن الباطل باطلا وعليه اجتنابه.

خلفي تلفّتَ بعضيْ إذ رأيتُ فتىً

ساقيه أطلَقَ والريحُ استوتْ سُبُلا

أتى تسيلُ ذنوبُ الأرضِ من دمِهِ

ما ضَلَّ مسراهُ، لكِنْ بالرؤى شُغِلا

وعن كيف ابتدأت الشاعرة رحلتها في صياغة القصيدة فقد صرحت لي بأنها استشعرت وجود النبي عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم. فكان بمثابة القنديل المُلهم بل هو أشبه بالبوصلة المُرشدة للقِبلة وهو بصيص النور الذي لطالما بحثت عنه في الليالي المُظلمة. فما كان منها إلا أنها ترجمت مشاعرها الجياشة في تلك اللحظة وحبها الصادق الذي تكنه للرسول الأعظم، وصاغته على هيئة حروف نورانية، وكلمات في أبيات شعرية.

تكونُ قِنديلَهُ في ليلِ وحدتِه

يرجوكَ، أو قِبلَةً تهدي النُهى مُقَلا

لطالما كان نشر الطمأنينة، وإغداق الأرواح بالسكينة هو نهج نبوي، فقد قال رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم لصاحبه: «لا تحزن، إن الله معنا»

كفٌّ تحطُّ على الأرواحِ حانيةً

لتهدأَ الحربُ والثأرُ الذي اشتعلا

لا نورَ يوقِظُ هذا العصرَ من خَدَرٍ

والكهفُ لمّا أوى، أحصاهُمُ مِلَلا

إنها الأبيات الأقرب والأحب لوجدان الكاتبة، فقد لامست الروح لطفا، وخاطبت العقل وعيا، وملئت القلب حبا ويقينا.

إنما حسن الظن واليقين من النبي الصادق الأمين بالله رب العالمين؛ لهو دليل قاطع على كمال توكل النبي صلى الله عليه وسلم على ربه، وأن اعتماده عليه وحده، ومفوض إليه أمره. فجنى ثمار ذاك اليقين بأن أعمى الله عز وجل أعين المشركين، وران على قلوبهم؛ فما استطاعوا رؤيته وصاحبه، وما كانوا منتصرين.

بعضُ اليقينِ الذي في «اللهِ ثالِثُنا»

لو زارنا أورقتْ أرواحُنا رُسُلا

حضور مميز لعاطفة المرأة حيث الرعاية.. الاحتواء.. الحنية.. واللطف. فهذان الشطران يزخران بالحس الأنثوي الأمومي.

من دمعةِ الجوعِ والأطفالُ حِصَّتُها

والأمهاتُ حُداءٌ يوقِدُ الشُّعَلا

حاكت شاعرتنا الخاتمة بأسلوب مشابه للمقدمة والعرض، فكانت القصيدة كالبنيان المرصوص، يملأها الانسيابية والسلاسة العالية، وبدفق شعوري غزير بلا انقطاع من البداية للنهاية.

خلعتُ كُلَّ جِراحيْ وانتبذتُ بها

سطرًا عليًّا، كمن في نقصِهِ اكتملا

وفقت الشاعرة بإيصال رسالتها الأدبية الشعرية، وأضفت الجمالية على القصيدة بحضور الحس الأمومي، كما أن القصيدة مليئة بتصوير المشاهد، مطرزة بالبديع والجماليات جعلت غايتها الأسمى بأن تكون القصيدة شفيعة لها كلما قرأها قارئ وصلى على الحبيب، فكلنا أمام ذكر سيرته عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم يحيا ويستطيب.

«وإني جاهدت نفس قلمي كثيرا كي أوجز بكفاية، وأن أشير بوفاية» ويبقى السؤال الذي راود عزّة كثيرا ولا يزال حتى اللحظة ماذا لو أن هذه القصيدة هي رسالة لك.. بوصلة ترشدك.. لاستخراج كنزك.. الدفين داخلك.. فتكون نقطة تحول فارقة في حياتك.. وتحدد منها انطلاقتك.. فتكتشف شغفك ورسالتك؟

عزة الهنائية كاتبة ومترجمة عمانية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: أفضل الصلاة ما کان

إقرأ أيضاً:

بوتين يعيد رسم تحالفاته من بيونغ يانغ.. قراءة في الأهداف

في زيارة هي الأولى من نوعها منذ نحو 24 عامًا، حطّت طائرة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عاصمة كوريا الشمالية، بيونغ يانغ. خلال أكثر من عقدين من الزمن، لم يكن من الممكن أن يحتفظ النهر بنفس مياهه كما يقال. بوتين الذي قابل زعيم كوريا الشمالية الراحل، كيم جونغ إل، ليس هو نفس الشخص الذي التقى ابنه، كيم جونغ أون مؤخرًا. في عام 2000م، كان بوتين قد تسلّم للتوّ بقايا الإمبراطورية السوفياتية المهدمة، وزادت سنوات حكم الرئيس السابق، بوريس يلتسين (1991م- 1999م)، البلاد رهقًا وتراجعًا.

وقد وصل الأمر ببوتين حينها إلى التفكير جديًا في الانضمام إلى حلف الناتو، ولم يجد غضاضة في مفاتحة الرئيس الأميركي السابق، بيل كلينتون في ذلك. لكن بعد سنوات من التحديث وإعادة البناء، تغيرت الأوضاع بل وتعقدت. روسيا تشن حربًا شرسة في أوكرانيا، حيث يقدم الحلف الدعم والمساعدة، والحرب توشك أن تتحول إلى صدام مباشر بين روسيا والغرب، مما قد يقود إلى حرب عالمية ثالثة، تُدخل البشرية جمعاء في مصير مجهول.

على خطى حلف الناتو

تكمن أهمية زيارة بوتين إلى بيونغ يانغ في المضامين الموضوعية أكثر منها من حيث الشكل. رغم حرص الرئيسين على بثّ مجموعة من الصور المصنوعة بعناية للرأي العام، كي تعكس حميمية العلاقة التي تجمعهما، كما فعل قادة مجموعة دول السبع في اجتماعهم الأخير في إيطاليا. المضمون كان هو الأهم هنا، فقد شهدت الزيارة توقيع اتفاقية الشراكة الإستراتيجية بين الدولتين، التي قد تدشن لحلف دفاعي جديد على غرار حلفَي الناتو ووارسو.

المادة الرابعة من الاتفاقية تتحدث عن الدعم العسكري المتبادل في حال تعرض أحد الطرفين لهجوم من دولة أو عدة دول أخرى. هذه المادة تتشابه مع المادة الخامسة من ميثاق حلف الناتو، التي تنص على أن أي هجوم مسلح ضد إحدى الدول الأعضاء يعتبر هجومًا ضد جميع الأعضاء، مما يتوجب مساعدة المعتدى عليه حتى لو تطلب الأمر استخدام القوة المسلحة. تم تفعيل هذه المادة بعد يوم واحد من هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001م التي استهدفت برجَي التجارة في نيويورك.

من هنا فإن هذه الشراكة الإستراتيجية قد تشكل نواة لحلف أوسع يضم الصين، وإيران في المرحلة الأولى. ما سيميز هذا التحالف – حال وجوده – أنه سيكون عابرًا للأيديولوجيا، خلافًا لحلف وارسو الذي كان تجمعًا للدول الشيوعية. الفكرة الأساسية هنا التي ستجمع مكوناته، هي التصدي للهيمنة الغربية بقيادة الولايات المتحدة.

الرسائل الروسية

عقب زيارته بيونغ يانغ، توجه بوتين إلى العاصمة الفيتنامية، هانوي؛ لتعزيز العمل المشترك وصولًا إلى شراكة إستراتيجية مماثلة. فما هي الرسائل التي أراد بوتين إيصالها للولايات المتحدة وحلفائها؟

أولًا: تأسيس عالم متعدد الأقطاب

نشأ بوتين في ظل الإمبراطورية السوفياتية، ورأى انهيارها بعينه، وعاصر التداعيات الكارثية التي مرت بها البلاد عقب ذلك الانهيار. تجرعت بلاده مرارة التحكم الأحادي للولايات المتحدة في العالم. إذ وقفت روسيا عاجزة أمام القصف الذي تعرضت له صربيا خلال حرب كوسوفو عام 1999م، وهي دولة سلافية حليفة لروسيا. كذلك فشلت روسيا في الحيلولة دون الغزو الأميركي للعراق عام 2003م رغم طبيعة العلاقات التي كانت تجمع الدولتين.

الملاحظة الجديرة بالتسجيل هنا، أن هاتين العمليتين تمتا خارج إطار الأمم المتحدة، مما شكل سابقة مهمة سيعتمد عليها بوتين لاحقًا في تبريره غزو أوكرانيا. كما أنهما خصمتا كثيرًا من كبرياء الدولة الروسية، وأحالتاها إلى دولة من الدرجة الثانية، وأثبتتا التفرد والهيمنة المطلقة للولايات المتحدة وحلفائها. من المفيد أن نذكر كيف وطّأت كتابات أكاديمية لفكرة نهاية التاريخ وانتصار الليبرالية الغربية، ونجاحها في فرض هيمنتها ثقافيًا وسياسيًا واقتصاديًا.. إلخ.

في مقدمة هؤلاء يأتي فرانسيس فوكوياما بأطروحته ذائعة الصّيت، "نهاية التاريخ والإنسان الأخير". تلك المرحلة "أحادية القطبية" يحاول بوتين اليوم تجاوزها وطرح بديل لها. أكد بوتين من هانوي على أهمية "التعاون في الأمم المتحدة والقمم الآسيوية وآسيان، إضافة إلى الاهتمام المشترك ببناء هيكل أمني جديد مبنيّ على مبدأ عدم استخدام القوة، والحل السلمي للأزمات، وعدم بناء تحالفات عسكرية في المنطقة".

كان بوتين يشير هنا إلى النشاط العسكري الأميركي المكثف في المحيط الهادئ، خاصة منطقتَي بحر اليابان، وبحر الصين الجنوبي، والتي تشمل اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان والفلبين. المعنى ذاته أشار إليه أيضًا الزعيم الكوري الشمالي، بتأكيده على أن معاهدة الشراكة الإستراتيجية "ستصبح قوة دافعة لتسريع إنشاء عالم جديد متعدد الأقطاب".

ثانيًا: مزاحمة الوجود الأميركي في شرق آسيا

يحتفظ الجيش الأميركي بأكثر من 70 قاعدة عسكرية في كوريا الجنوبية، وحوالي 120 قاعدة في اليابان. كما استخدمت الولايات المتحدة، أوكرانيا للعبث بالأمن القوميّ الروسيّ، يبدو أنّ موسكو قرّرت أن تنتهج الإستراتيجية نفسها معها. أرسلت روسيا مؤخرًا 4 سفن حربية، بينها غواصة تعمل بالطاقة النووية إلى كوبا على مقربة من السواحل الجنوبية للولايات المتحدة.

من فيتنام، قال بوتين للصحفيين: "نحتفظ بحق إرسال أسلحة إلى مناطق أخرى في العالم، مع أخذ اتفاقاتنا مع كوريا الشمالية في الاعتبار. ولا أستبعد هذا الاحتمال". إن هذه الخطوة الروسية حال تحققها قد تؤدي إلى خلخلة الموازين الأمنية والدفاعية في شبه الجزيرة الكورية. لذا لم يكن مستغربًا أن تعبر واشنطن عن قلقها، فيما أعلنت سول مراجعة سياستها بشأن توريد أسلحة إلى أوكرانيا، فيما ستعمل إستراتيجية روسيا على فك العزلة عن كوريا الشمالية، وتخطي العقوبات الدولية بحقها.

ثالثًا: الاستعدادات لتطورات الحرب الأوكرانية

يريد بوتين أن يؤكد للولايات المتحدة وحلفائها أنه ليس بمفرده، خاصة بعد الحشد الأميركي للحلفاء في الناتو ومجموعة دول السبع. الاجتماع الأخير لوزراء دفاع الحلف في بروكسل أكد على "عدد من التدابير التي سيتم تطبيقها بشكل فردي وجماعي". أمين عام الحلف، ينس ستولتنبرغ، دافع عقب الاجتماع غير الرسمي لوزراء خارجية الناتو، في مايو/أيار الماضي، عن استخدام أسلحة غربية لضرب أهداف داخل روسيا. فيما تحدث وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، عن "الرد الفردي والجماعي على روسيا إذا لزم الأمر".

من هنا تحتاج موسكو إلى زيادة فاعلية تحالفاتها العسكرية، تحسبًا لأي تطورات مرتقبة في الساحة الأوكرانية. الجيش الكوري الشمالي يربو عدد جنوده على المليون جندي، كما أن بيونغ يانغ يمكنها مد الجيش الروسي بالقذائف الصاروخية وغيرها من العتاد العسكري، إما بشكل مباشر، أو بالتحول إلى قناة بديلة لتمرير المساعدات العسكرية الصينية دون تعرض بكين لأي لوم دولي.

الخلاصة

روسيا تدرك اليوم أن فرص اشتعال حرب عالمية ثالثة تزداد يومًا بعد الآخر، مما يلزم إعادة رسم خريطة تحالفاتها الخارجية، خاصة في نقاط التماس مع القوات الأميركية.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • هل تصح الصلاة في المساجد التي بها أضرحة؟.. «الإفتاء» تُجيب
  • قراءة في المواجهة الكبرى
  • قراءة لقصيدة اغتراب للشاعرة (آمال صالح)
  • قراءة في كتاب: محمود محمد طه وقضايا التهميش في السودان (4/5)
  • نساء في حديث خاص لـ (الأسرة): الولاية إكمال للدين وإتمام النعمة لأمة محمد وغلبة وفلاح للموالين
  • بوتين يعيد رسم تحالفاته من بيونغ يانغ.. قراءة في الأهداف
  • فضل الله: للكف عن كل ما يهدد الوحدة الداخلية
  • سورتان في القرآن لسداد الدين وتفريج الهموم.. فضلهما عظيم
  • رئيس جامعة حلوان يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة ذكرى ثورة ٣٠ يونيو
  • هبة الله مرهيس تحتل المرتبة الأولى بجهة فاس مكناس وهذا هو المعدل الذي حصلت عليه في الباك