سرايا - في مثل هذا التوقيت بالذات، العام الماضي، استيقظت الخرطوم على أصوات الرصاص ودوِّي المدافع، يشق صمت نهارها في ذلك اليوم الرمضاني الهادئ. حينها كانت العاصمة السودانية تستعد للاحتفال بعيد الفطر الذي لا يفصله عنها إلا أسبوع واحد تقريباً. وظنت الغالبية العُظمى من ساكني الخرطوم وبقية المدن السودانية أنّ تلك الاضطرابات لن تعدو سوى وميض خاطف لا يعول عليه كثيراً، أو "زوبعة فنجان" لا تلبث أن تهدأ، إلّا أنّها خالفت كل التوقعات، وكانت إيذاناً لاندلاع الحرب الطاحنة بالسودان بين القوات المسلحة السودانية والدعم السريع.


الصراع الكارثي بالسودان، خلّف ولا يزال جروحاً لا تندمل وأوجاعاً عصيّة على النسيان "قتل.. نهب.. سلب وتشريد" وغيرها من فظائع الصراع الذي أودى بحياة آلاف الأشخاص، وترك الملايين في ربوع البلد المنكوب بدون طعام أو مأوى أو رعاية صحية، تلك الأهوال وسواها من مشاهد الخراب والدمار والجثث والأشلاء ستظل عالقةً بأذهان السودانيين لزمان طويل.

أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم

وقالت منظمة اللاجئين الأسبوع الماضي "بعد مرور عامٍ من الزمن، ما زالت الحرب مُستعرةً في السودان، بينما تعيش البلاد والدول المُجاورة لها واحدةً من أضخم الأزمات الإنسانية وأزمات النزوح وأكثرها تعقيداً على مستوى العالم. وقد تجاوز عدد السودانيين المُجبرين على الفرار الآن عتبة الـ8.5 مليون شخص، علماً أنّ 1.8 مليون منهم قد عبروا إلى خارج حدود البلاد".

ولم تقف المأساة بتلك العتبة، إذ حذّرت منظمة يونيسف من أن السودان يهوي لشفا أسوأ أزمة تعليمية في العالم، إذ يوجد 19 مليون طفل خارج المدرسة، مع إغلاق آلاف المدارس بجميع أنحاء البلاد.

اقتصادياً، تجرّعت البلاد خسائر مُروِّعة مع توقُّف عجلة الإنتاج بالغالبية العُظمى لمناطق السودان، وهُبوط مُريع لقيمة العملة المحلية مقابل الدولار الأميركي الذي تخطّى حاجز الألف وأربعمئة جنيه سوداني مُقابل الدولار الواحد مقارنةً بستمئة جنيه سوداني قبل اندلاع الحرب.

واتخذت الخسائر الاقتصادية أشكالاً مُختلفة كعمليات النهب الواسعة لممتلكات الدولة والمواطنين والمصانع والسّيّارات والبنية التحتية، ونهب البنوك بصورة بشعة وكاملة، هذا بالإضافة إلى التكلفة العسكرية، وخراب المنشآت العامة، وانقطاع سبل التجارة، والتبادل الاقتصادي الداخلي والخارجي، كلّ هذا لم يتوقّف منذ اليوم الأول لاندلاع الحرب، وما زال مستمراً إلى يومنا هذا.

وتعيش الأسر شظف العيش وارتفاع تكاليف الحياة، مع زيادة معدلات الفقر والعوز، وفقدان الغالبية العُظمى لمصادر دخلهم لعام كامل. ومثال لذلك، أظهرت دراسة أجرتها لجنة المعلمين السودانيين "حول تآكل قيمة الرواتب"، أنّ راتب المعلم في الدرجة الأولى كان يُعادل (498) دولاراً قبل الحرب، بينما أصبح ذات الراتب يعادل (128) دولاراً بعد انهيار قيمة الجنيه، أما راتب الدرجة التاسعة فأصبح يعادل أقل من (70) دولاراً. كما رصدت الدراسة تفاوت التزام الحكومة بدفع الرواتب.

وارتفعت المخاطر الصحية بالسودان مع خروج ما لا يقل عن 80% من المستشفيات ومراكز تلقي العلاج عن الخدمة، والنقص الحاد في الأدوية والعقاقير الطبية وارتفاع أسعارها بطريقة جنونية خاصّةً الأدوية المُنقذة للحياة، بالإضافة لتفشي الأمراض الوبائية والحميات بمناطق النزاع المسلح وخارجه.

وأكّـدت المعلومات أنّ نحو "مئة مستشفى حكومي وخاص دُمِّرت في العاصمة الخرطوم، وأنّ بعضها بات قواعد عسكرية وثكنات للجنود".

بينما أعلن وزير الصحة هيثم محمد إبراهيم أنّ "حجم الدمار والتخريب في القطاع الصحي في السودان يقدر بنحو 11 مليار دولار، وأن الحرب دمّرت مستشفيات بالكامل".

في المُقابل، وصفت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، البيانات الرسمية بـ"رأس جبل الجليد، وأقل بكثير من حالات الاشتباه في المنازل والذين قُبروا من دون أن يتم رصدها عن طريق نظام التقصي الذي يُعاني من صعوبات لوجستية كبيرة، وفي ظل انعدام الثقة بالنظام الصحي المنهار وصعوبة الوصول إلى المشافي الحكومية".

يُعاني السُّودانيون صنوفاً من العذاب منذ تفجُّر الحرب، وتحمّلت النساء الكلفة الباهظة للصِّـراع من نزوح ولجوء وشظف عيش وتدهور اقتصادي و"عنف جنسي"، وبلغت مرحلة الاسترقاق الجنسي.

في المُقابل، حذّرت منظمة إنقاذ الطفولة بأنّ 230 ألف طفل وامرأة حامل وأمهات جُدد، يُهدِّدهن الموت جوعاً، إن لم يتدخّـل أحدٌ لإنقاذ أرواحهن من براثن الموت جوعاً، مع احتدام المعارك بين الطرفين المُتحاربين


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

إقرأ أيضاً:

???? درع السودان اربك الجميع وخلط الاوراق واختصر علي الدولة السودانية ثلاثين عاما قادمة من الابتزاز بالسلاح

النقاش حول درع السودان هو نقاش جيد ومفيد من عدة نواحي
????- اولا: اصبح في الاقليم الاوسط جماعة وشباب قادر علي حمل السلاح وخبر الحرب ودروبها

????ثانيا: النقاش حول مسئولية كيكل القانونية حول الجرائم التي وقعت في الجزيرة فتح النقاش حول مسئولية الحركات المسلحة عن الجرائم التي ارتكبتها ايام التمرد من خليل وجبريل ابراهيم ومناوي وعقار وبحر ابو قردة

– وايضا عن مسئولية الجبهة الثورية بما فيها الحركة الشعبية شمال الحلو – عقار – عرمان ومبارك اردول في تدمير حقول ومنشآت هجليج والحاق خسائر جاوزت الاربعة مليار دولار وايضا جرائمهم في النيل الازرق وكردفان في كادقلي واب كرشولا

????ثالثا: لن يجدي نفعا بعد الان الاحتجاج بالتهميش فمواطني الاقليم الاوسط بسبب هذه الحرب اصبحوا علي الحديدة وعلي كل المجتمعات البداية من الصفر مع ان هناك مجتمعات نهبت الدولة والمواطنين والان تراكمت عندها ثروات المواطنين التي جمعوها في خمسين سنة من الذهب والعربات الفاخرة حتي دراجات الاطفال ومراتب الاسرة

????رابعا – درع السودان سيتوسع في الشرق وسنار والنيل الابيض وعلي الدولة اذا ارادت ان تحل درع السودان او تسرحه فعليها ان تحل كل المليشيات والحركات المسلحة بما فيها درع السودان او الخيار الآخر هو ان يحتفظ كل اقليم بسلاحه وينام كل مواطن محتضنا كلاشه حتي لا تدهمه جحافل تاتشرات الطرف الذي يحمل السلاح.

ووفقا للمعطيات الراهنة لا نسبتعد ان تتحرك مجتمعات الشمالية ونهر النيل في تنظيم مجموعات مسلحة مساندة للجيش ولن تتخلف عن الموجة.

????خامسا: تفكيك الابتزاز بالسلاح فالمنطق يقول انه اذا اصبح السلاح في يد الجميع فقد بطل الابتزاز بالسلاح ولن يصبح اداة ضغط ضد الدولة او بقية المجتمعات والمكونات

????سادسا: الخيارات ضيقة جدا اما ان يذهب الجميع في مسار المليشيات والتمليش حتي النهاية او ان يتواضعوا علي حل المليشيات جميعا ويتوافقوا علي احتكار السلاح للدولة وللجيش الوطني الذي يجب ان يدعم ويوسع ويصلح ويزاد عدده الي مليون جندي غير الاحتياط

♦️اخيرا
– درع السودان كفكرة وحراك اربك الجميع وخلط الاوراق واختصر علي الدولة السودانية عشرين او ثلاثين عاما قادمة من الابتزاز بالسلاح ودعاوي المظلومية وموضة حركات التمرد وهوس الافتخار بحمل السلاح وهذه بالضبط هي الخطوة التي وضعها القدر امام الجميع للعودة للتفكير في الدولة والحفاظ عليها والتواضع علي القاء السلاح والبحث عن حلول سلمية والتفكير في التنمية واستغلال الموارد

– ومن فوائدة بعد يتم ان تفكيك الابتزاز بالسلاح وتبيين عدم جدواه ( فالجميع مسلح وقادر علي القتال) وبعد انتهاء التكسب بالتمرد وتلاشي هوس واحلام جنرالات الحرب والرتب الخلا سيتجه للجميع للسباق نحو التعلم والتنمية وتطوير الطرق ووسائل الانتاج.

????- هذا المبحث لايعني باي حال تأييد اي جريمة ارتكبت بحق مواطن او مدني لكنه محاولة لقراءة الوضع ومآلاته وتحليل ما ستصير اليه الاوضاع.

النور صباح
12/3/2025-

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • هل تلعب تركيا مع الطرفين في الحرب الأهلية السودانية ؟
  • فك الخلاف ما بين تحالف السودان التأسيسي و”الديمقراطيين السودانيين” والدعم السريع
  • ???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
  • مناوي يقول إنه ناقش مع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي أوضاع الحرب السودانية
  • أمريكا تتخذ خطوة حيال دخول السودانيين إلى أراضيها
  • ليلة سحور المهندسين السودانيين في قطر .. يا سر الليالي
  • رمضان في سجون “إسرائيل”.. قمع وتجويع بحق الأسرى الفلسطينيين
  • الحكومة السودانية تسمى ملحقين إعلاميين بمصر وإثيوبيا
  • الاعيسر يبحث مع اليونسكو التعاون في استعادة وترميم الآثار السودانية
  • ???? درع السودان اربك الجميع وخلط الاوراق واختصر علي الدولة السودانية ثلاثين عاما قادمة من الابتزاز بالسلاح