قبل عامين كتبتُ مقالًا عن «فن إدارة الأزمات» وضرورة وجود مركز متخصص يرصد الكوارث والأزمات في كل القطاعات قبل وأثناء وبعد حدوث الأزمة أو الكارثة، وفي المقال السابق تطرقت إلى بعض التجارب الناجحة في تأسيس مثل هذا النوع من المراكز مع الإشارة إلى تجربتنا في سلطنة عمان بوجود مركز إدارة الحالات الطارئة والأدوار التي يقوم بها، وإن كان موضوع إدارة الأزمات إعلاميا ليس من صميم عمل هذا المركز، وإنما تعنى به جهات أخرى وهذا ما أردت التأكيد والتشديد عليه في هذا المقال عقب الحادثة المأساوية الأخيرة التي خلفت وراءها ثمانية عشر شخصًا من ضحايا السيول والفيضانات منهم أطفال من مدرسة حلقة أولى بنيابة سمد الشأن بولاية المضيبي بعد أن جرفتهم السيول.
الحادثة أثارت الرأي العام المحلي وحتى العربي بفضل انتشار الأخبار على وسائل التواصل الاجتماعي بسرعة شديدة، وألقى الكثيرون باللائمة على الجهات المرتبطة بالحادثة في عدم كفايتها في التعامل السليم مع الأزمة، ويمكن إرجاع ذلك إلى بعض العوامل المتمثلة في قلة الخبرة والدراية بفنون إدارة الأزمات والتخاطب مع الجمهور وسرعة الاستجابة والشفافية والصدق في نقل الأخبار وغيرها من الفنون التي ينبغي لمدير الأزمة مراعاتها قبل التفكير في إصدار بيان أو الظهور إلى الجمهور في وسائل الإعلام الحديثة والتقليدية وسرعة تحديث البيانات والمعلومات والحديث عن أنسنة الإعلام وتحمل المسؤولية وعدم إلقاء الملامة على جهات أخرى، والعديد من الفنون التي باتت تدرس كعلم مستقل في الجامعات ويخصص لها مراكز ومتخصصون في فنون إدارة الأزمات مدربون على إدارة الكوارث بكافة أشكالها وأنواعها.
نعلم جميعا بأنه لا يمكن في كثير من الأحيان إيقاف الأزمات والكوارث، ولكن يمكن التنبؤ بها وإدارتها قبل وأثناء وما بعد الكارثة، وهذا ما تشدد عليه أدبيات وعلوم إدارة الأزمات، وقد تفلح إدارة أزمة ناجحة في تحسين صورة مؤسسة ما في حين تخفق إدارة أزمة في تشويه سمعة المؤسسة، وهذا ينطبق ليس فقط على المؤسسات والشركات والأفراد، وإنما حتى على الدول والحكومات التي يمكن أن يسهم نجاح إدارة أزمة في تحسين صورة تلك الدولة أو فشل إدارة أزمة في تشويه تلك السمعة.
أعتقد أن الوقت قد حان لإنشاء مركز متخصص لإدارة الأزمات الوطنية المختلفة بكل أشكالها وأنواعها سواء الطبيعية منها كالسيول والأعاصير والزلازل والبراكين وغيرها من الظواهر كالأمراض والعلل أو التي يتسبب الإنسان بها مثل الكوارث الجوية والاقتصادية والسياسية والعسكرية، تتمثل مهامه في التدخل السريع في كافة الجوانب الفنية والتقنية والإدارية وجوانب الموارد البشرية والجوانب الإعلامية وتأهيل المتحدثين الرسميين، ويمكن الاستعانة بالخبراء والمدربين من المراكز المتخصصة والجامعات وأهل الخبرة في إنشاء هذا المركز وإدارته وتأسيسه.
مع اليقين، أن كل شيء في الحياة في تطور دائم كما هو حال الكوارث والأزمات التي باتت كثيرة في عصرنا هذا وتقتضي سرعة الاستجابة لها، كذلك الحال هو مع وسائل الإعلام التي أصبحت بفضل التقنيات السريعة في تدوين الأخبار ونقلها وتداولها وتقتضي أيضا سرعة الاستجابة والتواصل مع الجمهور وإطلاعه على مستجدات وحقائق الأزمات ورصد معاناة الإنسان من جراء الكارثة ومحاولة التخفيف من وقع الكوارث والأزمات عليه وهذا هو صلب التواصل الإعلامي الفعال.
عبدالله الشعيلي رئيس تحرير جريدة «عمان» أوبزيرفر
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: إدارة الأزمات إدارة أزمة
إقرأ أيضاً:
القمة العالمية للطوارئ والأزمات 2025 تنطلق في أبوظبي 8 إبريل
تحت رعاية كريمة من سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان نائب حاكم إمارة أبوظبي مستشار الأمن الوطني، تُنظم الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث الدورة الثامنة من القمة العالمية لإدارة الطوارئ والأزمات 2025 تحت شعار «معاً نحو بناء مرونة عالمية»، والتي ستعقد خلال الفترة من 08 إلى 09 إبريل 2025، في مركز أبوظبي الوطني للمعارض – أدنيك، في إمارة أبوظبي.
تمثل القمة العالمية لإدارة الطوارئ والأزمات 2025 إحدى المبادرات البارزة في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام في مجال إدارة الطوارئ والأزمات والكوارث وأحد أهم القمم المتخصصة عالمياً، ما يعكس التزام دولة الإمارات العربية المتحدة بالمساهمة في تعزيز الجاهزية والاستعداد عالمياً للتعامل مع حالات الطوارئ والأزمات.
مجال إدارة الطوارئ والأزمات والكوارث من أهم المجالات عالمياً نظراً لعمومه وتنوع المجالات القطاعية المتداخلة في منظومة الطوارئ والأزمات والكوارث، لذلك تستقطب قمة إدارة الطوارئ والأزمات العديد من المختصين والخبراء في مجال إدارة الطوارئ والأزمات والكوارث من مختلف الجهات الحكومية والمنظمات الدولية وممثلين من حكومات وسفراء، بالإضافة إلى الخبراء والعسكريين وكافة المعنيين في مختلف المجالات.
تنبثق هذه القمة من رؤية تركز على أهمية الاستمرار في تطوير منظومة إدارة الطوارئ والأزمات لمواجهة التحديات المستقبلية المحتملة، لا سيما في ظل التطورات التقنية التي يشهدها العالم وانتشار أنظمة الذكاء الاصطناعي والحلول والمنصات الرقمية المتعددة.