الحرب تحطم آمال شباب السودان.. لكن شعلة الثورة لاتزال في القلوب
تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT
عندما اندلعت "الثورة" عام 2018 في السودان، لم يكن عمر عوشاري، يتخيل أنه سيكون يوما ما لاجئا في القاهرة، وأنه سيضطر إلى الفرار من الحرب المستعرة في بلاده منذ عام.
في ذلك الوقت، كان المحامي ابن الـ 37 عاما خلف القضبان، مثل العديد من المعارضين الذين اعتقلوا في عهد نظام عمر البشير الذي حكم البلاد 30 عاما.
ومثل كل السجناء السياسيين، فرح عوشاري بتلك الانتفاضة الشعبية التي أسقطت البشير في أبريل 2019 وقرر تحقيق حلم ظل يراوده سنوات طويلة هو أن يفتح مقهى ثقافيا.
وبسرعة تحول المقهى الذي سماه "رتينة"، إلى ملتقى للأدباء والفنانين والناشطين يتداولون فيه بناء "سودان جديد".
لكن عندما اندلعت الحرب في 15 أبريل 2023 بين الجيش بقيادة، عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع التي يقودها، محمد حمدان دقلو، "بدأ المكان يتآكل أمامي رويدا رويدا"، بحسب تعبير عوشاري.
وعلى مدى أشهر بعد نشوب الحرب، وقبل أن يخرج من السودان، كان الشاب يذهب إلى مقهاه مستغلا أي فترة هدوء في المعارك.
ويقول لوكالة فرانس برس: "كنت أضع كرسيا في وسط رتينة وسط ظلام دامس بسبب انقطاع الكهرباء واستغرب كيف تحول المقهى من مسرح حي للفنانين والموسيقيين والنشطاء السياسيين والمثقفين والأدباء، إلى مكان أسمع فيه من كل النواحي أصوات الرصاص وأصوات الراجمات ... شيء أشبه بالرواية".
ويتابع: "تحول المقهى إلى زجاج متناثر في كل مكان بجانب شظايا الرصاص".
"ثورة سرقت"عام من الحرب أدى إلى سقوط آلاف الضحايا وانهيار "آلاف الاحلام"، بحسب عوشاري الذي ودع ما تبقى من مقهاه مدركا أن "الثورة سرقت".
كانت المرحلة الانتقالية نحو الديمقراطية التي أعقبت سقوط البشير قد أوجدت في السودان "آمالا وحماسة وجرأة" لدى الشباب، بحسب ما قالت لفرانس برس، سارة سلمان، التي كانت تعمل آنذاك في شركة استثمارية في الخرطوم وانتقلت بعد الحرب إلى الولايات المتحدة.
وتوضح أن الشركات الناشئة "انتشرت في جميع أنحاء البلاد" وكانت تتنافس في إبداع "حلول مبتكرة لتلبية الاحتياجات الحقيقية للسودانيين".
الشركة التي تعمل فيها سلمان تلقت وحدها عروض مشاريع من 50 شركة ناشئة تعمل في مجالات متنوعة من الخدمات الصحية عبر الانترنت إلى الخدمات المالية.
يتذكر عوشاري أنه في ذلك الحين عندما قامت "الثورة .. أحيت السودان، وأصبح البلد مختلفا وكان التفكير خارج الصندوق... في هذا الوقت كانت الآمال كبيرة أن السودان يوضع على المسار الصحيح كبلد نام منطلق تجاه الديمقراطية والحكم المدني والحرية".
ومثل الكثير من السودانيات، ساهمت الخبيرة في الاتصالات، رغدان أورسود (36 عاما)، في جهود التغيير.
شاركت الشابة، التي انتقلت بعد الحرب للإقامة بلندن، في تأسيس منصة رقمية للكشف عن الأخبار الكاذبة سميت "بيم ريبورتس"، إذ أنها كانت "مقتنعة بالدور الذي يمكن أن يؤديه الإعلام في مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية"، وفق ما قالت لفرانس برس.
وبعد شهرين فقط من تأسيس المنصة، انهارت المرحلة الانتقالية عندما قام الجنرالان المتحاربان آنذاك، بانقلاب ضد الحكومة المدنية وسيطرا معا على السلطة.
ويذكر عوشاري أنها "كانت مرحلة مؤلمة وكان المتظاهرون يقتلون كل أسبوع" عندما يخرجون للمطالبة بعودة الحكم المدني.
احتراق "رتينة"فجأة، استيقظ سكان الخرطوم في يوم سبت بحدود نهاية رمضان على دوي المدافع وأدركوا أن حربا تدور في الشوارع.
غادر عدة ملايين من السودانيين العاصمة، واضطرت أورسود إلى ترك تجهيزات الصوت الجديدة والفرار من الخرطوم.
وتقول: "كانت المعدات لاتزال داخل الصناديق" عندما استولت قوات الدعم السريع على البناية التي كانت تقيم وتعمل فيها.
وعندما كان عوشاري يحاول إعادة ترتيب أموره في القاهرة، تلقى لقطات فيديو أظهرت نشوب حريق ضخم. وقال: "هكذا عرفت أن (مقهى) رتينة احترق".
العديد من السودانيين العاملين في الخارج استثمروا في بلادهم بعد الثورة وانفقوا مدخرات حياتهم في بناء منازل في الخرطوم، ولكنهم عجزوا عن أي فعل وهم يرون قوات الدعم السريع تسيطر على بيوتهم.
وتقول الطاهية المتخصصة في صنع الحلويات، شيماء عدلان (29 عاما)، إن والدها الذي يعمل في الرياض كان "يدعو الله أن تدمر قذيفة منزله بدلا من أن يتحول إلى قاعدة لقوات الدعم السريع".
"السودان لنا"عدلان، التي كانت بدأت العمل متعهدة لتقديم الطعام، وجدت نفسها بعد الحرب في القاهرة، بعيدا من موطنها وبلا عمل.
ما زال الشباب السودانيون الذين كانوا يأملون في مستقبل واعد لبلادهم وينظمون التظاهرات يحلمون بالديمقراطية.
أما من بقي منهم داخل السودان فقد باتوا يشرفون على شبكة المساعدات الإنسانية ويشكلون، وفق الأمم المتحدة "الخط الأول"لتلبية الاحتياجات الانسانية الناجمة عن الحرب.
ورغم المنفى والألم، يقول عوشاري: "لاتزال هناك شعلة من الثورة موجودة في كل قلب".
وتقول أورسود "السودان لنا، فماذا نفعل إن لم نواصل السعي لإعادة بنائه؟".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الدعم السریع من السودان
إقرأ أيضاً:
في ذكراها الرابعة عشرة…شباب ثورة فبراير يجددون التمسك بمبادئها ويتعهدون بتحقيق كامل أهدافها
يمن مونيتور/ من إفتخار عبده
تحلّ علينا اليوم الذكرى الرابعة عشرة لثورة الحادي عشر من فبراير، الثورة التي شكّلت منعطفًا حاسمًا في مسيرة النضال اليمني بنضالها السلمي الذي استمر لأربع سنوات.
اليوم وبعد أربع عشر عاما تقف هذه المناسبة في المنتصف بين مؤيدٍ لها ومعارض لها متهمها بأنها السبب في وصول اليمن لهذه المرحلة من الحرب والصراع.
وعلى الرغم من المآلات التي آلت إليها هذه الثورة والتهم الموجهة ضدها إلا أن الثوار ما يزالون متمسكين بثورتهم حتى استكمال كافة أهدافها، مؤكدين أن النجاح سيكون حليفًا لها ولو بعد حين.
خلاصة الثورات اليمنية
بهذا الشأن يقول عبده عماد، الأمين العام لمجلس قيادة صوت الثورة، ورئيس تحرير صحيفة صوت الوطن الناطقة باسم مجلس قيادة صوت الثورة، إن:” 11 فبراير خلاصة الثورات اليمنية وهي محطة يمنية شعبية شبابية سلمية بامتياز، لم تكن ثورة نخبة ولم تكن ثورة طارئة؛ بل كانت آمال وأحلام الملايين من أبناء الشعب اليمني الذين وصلت بهم الحال إلى طريق مسدود وأوصل النظام الهالك الشعب بكل فئاته إلى عنق الزجاجة”.
وأضاف عماد” أتذكر قبل ثورة الـ11 من فبراير كنت أحدث الكثير من الشباب والأقارب أن ثورة الثورات وأم الثورات لابد منها للانتقال باليمن إلى الديمقراطية والعدل والمساواة والتنمية؛ لأن النظام كان قد أفسد كل شيء وسمم كل الأجواء ودمر كل القيم اليمنية من شهامة وشجاعة ونجدة “.
وأردف” 11 فبراير لم تُخلق فجأةً، أو تم استيرادها من خلف الحدود، فقد سبقتها أحداث وفعاليات في الجنوب والشمال وحركة وعي سياسي واجتماعي وثقافي منقطع النظير، بعدما وصل الوضع اليمني السياسي والاقتصادي والاجتماعي إلى درجة لا تطاق إلا أن اشتعال ثورات الربيع العربي عجلت بخروج القوى اليمنية من كل الاتجاهات والقطاعات للمطالبة بتحسين الأوضاع والتحذير من التوريث وفقدان النظام الجمهوري”.
وتابع” عندما سقط نظام بن علي وحسني مبارك خرج الناس إلى الشارع وبالذات في تعز خرجنا إلى فندق ديلوكس وشارع جمال شبابًا مستقلين وحزبيين من كافة الأطياف بثورة شبابية سلمية تنشد الحرية والعدالة وتحسين الأوضاع وانسحب البعض قبل منتصف الليل والبعض صمد في الشارع”.
وواصل” وبسبب قمع السلطة الطائش واعتقال بعض الشباب في المواجهات التي حدثت، دُشنت الثورة السلمية فعليًا وتحركت القوى السياسية بعد ذلك بمحاولة الأفراج عنهم وانتقال ساحة الاعتصام من التحرير إلى صافر واحتشدت تعز بعدهم بكامل قواها وبالذات بعد مقتل أول شهيد للثورة السلمية الشبابية” مازن البذيجي” وقد كانت الحادثة يوم الجمعة ولم يأتِ وقت صلاة العصر إلا والساحة تعج بعشرات بالألاف من الثوار”.
وأكد” لقد كانت ثورةً سلمية شبابية لم تقطف زهرة أو تكسر نافذة، أهدافها واضحة وسلميتها أكثر وضوحًا ولولا تدخل الإقليم والقوى السياسية لكانت الثورة قد نجحت في الأشهر الأولى لها، إلا أن هذا التدخل أحدث منعطفات جديدة وفصولًا مسيئةً أوصلت الثورة إلى هذاالوضع الذي نحن فيه اليوم وضع اللا حرب واللا سلم”.
وأشار عبده إلى أن” التدخل الإقليمي قام بإجهاض الثورة قبل أن تلد منجزاتها، وما زاد الطين بلةً إضافة إلى ذلك هو انقلاب 21 سبتمبر المليشاوي والذي حاول كل الحاقدين تجيير نتائجه الكارثية على ثورة الـ11 من فبراير”.
ووضح أن” الثورة استمرت بسلميتها حتى جاء الانقلاب الحوثي المليشاوي، فانتقلت إلى المقاومة المسلحة، كما أن تدخل التحالف ومشاركة من كافة القوى السياسية أوصل الثورة والشعب إلى هذ الوضع الذي نحن نناشد بتغييره من أول لحظة وندعو إلى ثورة في طور جديد حتى نرى ونعيش مجتمع الثورة وحكومة الثوار بكامل أهدافها الوطنية التنموية والوحدوية والإنسانية الشاملة”.
واختتم” الثورة ما تزال مستمرة رغم كل الحرب والتشويه والخداع الذي أُلقي على كاهلها؛ بسبب الفشل الذريع لأداء مابعد مرحلة باسندوة، والتي كانت فعلا المرحلة الحقيقية والمعبر الصادق لكفاح الثوار الأحرار”.
قامت ضد الفساد المستشري بأجهزة الدولة
في السياق ذاته يقول محمد الحميدي ( أحد قادة ثورة فبراير )” الـ 11 من فبراير هي الثورة الشبابية الشعبية السلمية التي قامت ضد مشاريع تهدد وحدة الوطن وأمنه واستقراره وضد الفساد المستشري في اجهزة الدولة وضد الحكم العائلي المستبد، إذ وصلت الأمور- قبل اندلاع الثورة- إلى انسداد الأفق السياسي ولم يبقَ لليمنيين من وسائل تغيير إلا تلك الثورة الشبابية الشعبية السلمية”.
وأضاف الحميدي لـ” يمن مونيتور” هذه الثورة قدم فيها اليمنيون تضحيات كبيرة وخرجت
في نهاية المطاف بوفاق سياسي ووطني في مؤتمر الحوار الوطني وكان هذا المؤتمر كفيلًا ببناء وطن آمن ومستقر ومزدهر؛ لكن الأيادي الخبيثة أبت إلا أن تنقلب على إرادة الشعب المتمثلة في مخرجات الحوار الوطني الشامل عبر الانقلاب المشؤوم في 21 سبتمبر 2014″.
وأردف” انقلاب سبتمبر يعتبره اليمنيون نكبة وطن؛ إذ دخلت فيه البلاد في دوامة من الحرب التي قتلت اليمنيين و شردتهم وقضت على أحلامهم واستدعت التدخلات الخارجية ومزقت النسيج المجتمعي وعملت على تفكيك الجغرافيا اليمنية”.
وأكد” ورغم ذلك فنحن ثوار فبراير اليوم ونحن نحتفل بالذكرى 14 لثورتنا المجيدة نؤكد أننا مستمرون بثورتنا حتى تحقيق كامل أهدافها بما فيها إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة وبناء مؤسساتها بحيث تسودها العدالة والمساواة والمواطنة المتساوية وترسخ فيها مبادىء الديمقراطية الحقيقة المنبثقة عن الإرادة الشعبية اليمنية والسعي نحو المشاركة السياسية الواسعة في بناء الدولة الحديثة القائمة على أسس الحكم الرشيد”.
نقطة تحول تأريخية
بدوره يقول الصحفي والناشط السياسي وليد الجبزي” ثورة 11 فبراير، كانت نقطة تحول تاريخية في مسار اليمن نحو التغيير، ورغم التحديات والصعوبات التي شهدتها البلاد من حرب مع مليشيا الحوثي الانقلابية والانقسامات الداخلية داخل منظومة الحكم للحكومة الشرعية والوضع الاقتصادي المنهار الذي يعيشه المواطن اليمني، إلا أن هذه المناسبة تظل تذكيرًا بأهمية التمسك بمبادئ الحرية والعدالة التي نادت بها الثورة”.
وأضاف الجبزي لـ”يمن مونيتور” نحن وحتى اليوم لا زلنا مؤمنين أن أهداف ثورة فبراير في بناء دولة مدنية ديمقراطية قائمة على المساواة والحقوق يجب أن تتحقق، وأن إرادة الشباب هي التي ستظل المحرك الأساسي لأي تغيير حقيقي في المستقبل”.
وأردف” منذ انطلاق ثورة 11 فبراير 2011 في اليمن، كانت شرارة التغيير التي ألهبت الشارع اليمني، تمسك شباب الثورة بمبادئهم وأهدافهم في السعي لتحقيق دولة مدنية ديمقراطية تُؤمن بالعدالة والمساواة، بعيدًا عن الاستبداد والفساد. وقد تجسد هذا التمسك في عدة جوانب”.
وتابع” إن شباب الـ11 فبراير لم ينطلقوا من أجل تغيير شخص، بل من أجل تغيير النظام بكامله، وقد كان لديهم إيمان راسخ بمبدأ الديمقراطية والحرية، وعزموا على بناء دولة قوية وعادلة تقوم على المواطنة المتساوية، وواكب هذا التمسك تحقيق إصلاحات جذرية في مختلف المجالات، خاصة في العدالة الاجتماعية، والشفافية ومكافحة الفساد”.
وأشار إلى أنه” على الرغم من مرور عقد من الزمن على الانحراف عن المسار الثوري بسبب التدخلات السياسية الخارجية وانقلاب مليشيا الحوثي المسلحة على السلطة في 21 سبتمبر 2014م ، لكن يظل شباب 11 فبراير مصممين على استعادة المسار الثوري؛ فهم يتمسكون بإرث ثورتهم و التحرر من الهيمنة، والتدخلات الأجنبية ويصرون على استعادة الدولة، مطالبين بإصلاح النظام السياسي القائم في البلاد، الذي يشهد تصدعًا بسبب الأزمات المستمرة”.
وأكد” لقد كانت ثورة 11 فبراير تعبيرًا عن وحدة الشعب اليمني ضد الفساد والاستبداد، لذا فإن الشباب الثوار لا يزالون مصممين على أن وحدة الشعب هي أساس التحول السياسي المنشود، كما يسعى هؤلاء الشباب إلى بناء دولة مدنية تنبذ التقسيمات الطائفية والمناطقية، وتؤمِّن للجميع حقوقهم المتساوية في المشاركة السياسية”.
وأوضح” لقد نجح شباب فبراير في رفع الوعي الوطني بأهمية التغيير والمشاركة في صناعة مستقبل أفضل لليمن وهو ما يعكس تمسكهم بأهداف الثورة وإيمانهم بإمكانية تحقيق الدولة المدنية المنشودة”.واختتم” نحن ثوار الحادي عشر من فبراير مصممون على موقفنا وثابتون على مبادئنا حتى تحقيق كامل أهداف الثورة وتمسكنا بمبادئنا وثورتنا سيوصلنا إلى النصر الحتمي بإذن الله”.