معضلة كبيرة تواجه ناسا لجلب عيّنات من المريخ
تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT
تستهدف وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" طرقا أرخص وأقل تعقيدا لجلب عينات من الكوكب الأحمر كانت جمعتها هناك منذ سنتين- إلى الأرض ضمن إحدى أولوياتها المستقبلية وفي ظلّ ميزانية محدودة حاليا. وأشار مسؤولون في الوكالة الاثنين الماضي إلى أنّ المهمة القادمة تستهدف جلب عينات من تربة المريخ الثمينة.
ويسعى مديرو ناسا التنفيذيين إلى إخطار جميع مراكز ومختبرات الوكالة وأيضا شركات صناعة الفضاء، عن أهداف المهمة وسماتها التقنية في البرنامج الفضائي القادم ضمن الحد الأدنى من الإنفاق.
وقال المدير المساعد للوكالة نيكي فوكس: إن التغييرات المطلوبة ستركز على الابتكار والتكنولوجيا التي خضعت للتجربة بدلاً من التركيز على قفزات تقنية جديدة ضخمة، وذلك لمراعاة أهمية تقليص وقت التطوير المستغرق، وكذلك تقليل المخاطر والتكاليف.
ويبدو أنّ الأمر معضلة بالنظر إلى صعوبة تحقيق شيء جديد لم يحدث من قبل باستخدام تكنولوجيا قديمة، وخاصة على مستوى إطلاق صاروخ من سطح كوكب آخر.
وأظهرت مراجعة في شهر سبتمبر/أيلول الماضي من طرف مستقل بتكليف من وكالة ناسا، أنّ البرنامج لا يمكن تنفيذه بسبب محدودية الميزانية والإطار الزمني الضيّق وغير الواقعي.
وتأثر النشاط الفضائي كثيرا بسبب التقليصات في الإنفاق التي فرضها الكونغرس على برامج الفضاء هذا العام، مما أدى إلى تسريح مئات العمال في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا قرب مدينة لوس أنجلوس، وهو المركز المسؤول عن قيادة مهام بعثات المريخ.
ويعمل المسبار الفضائي الآلي المصنّع في مختبر الدفع النفّاث على جمع عينات من تربة المريخ منذ عام 2021، حيث يوجد المسبار الآن في قاع بحيرة مريخية قديمة تُدعى فوهة جيزيرو. ويهدف الخبراء من مراجعة تلك العينات إلى العثور على علامات محتملة لميكروبات متحجرة.
وتهدف المرحلة التالية من المهمة بالشراكة مع وكالة الفضاء الأوروبية، إرسال مركبة هبوط آلية ثانية إلى المريخ لجلب العينات وإطلاقها في مدار حول المريخ للالتقاء بمركبة فضائية ثالثة كي تحضرها إلى الأرض.
وكان من المتوقع إطلاق كلتا المركبتين بين عامي 2027 و2028، على أن تصل العينات في مطلع الثلاثينيات، ومن المتوقع أن تتراوح إجمالي التكاليف بين 5 و7 مليارات دولار.
ولكن المراجعة المستقلة التي أجريت العام الماضي، وجدت أنّ التكاليف الفعلية لإرجاع العينات ضمن القيود التقنية المطلوبة، سترتفع إلى 11 مليار دولار، ولن يحدث الوصول قبل عام 2040.
وهذا ما دفع مدير الوكالة بيل نيلسون إلى القول إنّ كلفة 11 مليار دولار تعد باهظة للغاية، وموعد العودة أيضا بعيد. وأضاف أنّ الاستمرار في مستويات التمويل المرتفعة هذه سيؤثر أيضا في الأهداف العلمية الرئيسية الأخرى للوكالة، مثل استكشاف الطائرات العامودية المخطط إرسالها لقمر زحل الجليدي تيتان، ومهمتين قادمتين إلى كوكب الزهرة، ومستكشف الأجسام القريبة من الأرض.
واختتم نيلسون بالقول عن أمله في أن تجد ألمع العقول في وكالة ناسا وفي شركائها في صناعة الفضاء حلاً جذريا قادرا على حل تلك المعضلة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
سلاح المقاومة وإدارة غزة.. معضلة أمام قمة القاهرة
لا يختلف القادة العرب الذين سيجتمعون بالقاهرة يوم الرابع من مارس/ آذار 2025 على أن إعادة إعمار قطاع غزة الذي دمرته آلة الحرب الإسرائيلية، وأعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تديره أنه منطقة منكوبة، هو المدخل السليم، لتثبيت أهل القطاع في أرضهم، ومنع تهجيرهم قسريًا، وهو المقاربة الصائبة لمواجهة مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتحويل القطاع إلى "ريفيرا" أميركية، والذي يلقى رفضًا دوليًا واضحًا.
لكن هذه القمة الموسعة، التي تأتي عقب قمة مصغرة استضافتها الرياض، وضمت قادة دول مجلس التعاون الخليجي إلى جانب مصر، والأردن، ستجد نفسها أمام معضلة تتعلق بأمرين أساسيين هما: إدارة قطاع غزة، وسلاح فصائل المقاومة الفلسطينية بمختلف تنظيماتها، وهذا لا يمكن أن يخرج، بالطبع، عن طريقة التفكير التي تُعنى بها الولايات المتحدة الأميركية، وإسرائيل.
فترامب الذي يهدد باحتلال أميركا القطاعَ، وإسرائيلُ التي تهدد بعودة الحرب بغية تحقيق الهدف الذي استعصى عليها في خمسة عشر شهرًا من الحرب، وهو استئصال (حماس) سيكون من الصعب عليهما قبول أي حل أو رد على خطة ترامب، دون التطرق إلى هذين الأمرين، ما يفرض ضرورة أن يشمل "الرد العربي" تصورًا واضحًا حولهما، يضع في اعتباره ألا تحقق إسرائيل بالتفاوض أو تسويات ما بعد المعركة، ما عجزت عن تحقيقه بالسلاح.
إعلانتتعاطى فصائل المقاومة الفلسطينية، إلى الآن، بإيجابية مع المقترح المصري لإعادة إعمار قطاع غزة، ليكون قابلًا للحياة، وفق جدول زمني مناسب، بغية اعتماده في قمة القاهرة لكنها تبدو حذرة حيال أي مقاربة تنزع سلاح المقاومة، وتدمر أنفاقها، بوصفها بنية تحتية قتالية، أو تضع في إدارة القطاع من يعمل، ولو بالتدريج، على تحقيق هذا الهدف.
نعم تعهدت الحكومة المصرية بتقديم تصور شامل يعيد إعمار غزة، بعد إزالة الركام والردم، وتقديم خطط تعافٍ مبكر، أو تأهيل يساعد الفلسطينيين على استمرار العيش في مكانهم، بوصف هذا حقًا مشروعًا لهم، لكن هذا التعهد يتطلب وجود موقف عربي حاسم، لا يتساوق مع الرغبات الإسرائيلية حيال موضوع سلاح المقاومة، وإدارة القطاع.
كل ما هو مطروح رسميًا وعلنًا وبوضوح في هذا الخصوص، هو حديث أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الذي دعا فيه حماس إلى التنحي عن إدارة القطاع إن كان هذا في صالح الشعب الفلسطيني، ثم حديث "مصادر" بالقاهرة عن تشكيل لجنة فلسطينية لحكم قطاع غزة إثر تنحية حماس جانبًا، وجذب تعاون دولي في إعادة الإعمار، والضغط في اتجاه حل الدولتين.
وإلى جانب تسريبات من هنا وهناك، لم يقدم أي من المسؤولين الرسميين في الدول الخمس، إلى الآن، ما يبين إن كان التواصل مع فصائل المقاومة الفلسطينية، خصوصًا حماس، قد حرص بشدة على الاستئناس برأيها، أو وضعها في الصورة، أو حصل على موافقة نهائية، بخصوص الإدارة والسلاح من عدمه.
فبعيدًا عن المقاربة المتّفق عليها حول الإعمار وتثبيت السكان، فإن قضية الإدارة والسلاح، تقع في قلب ما ترى مصر أنها "تطورات خطرة للقضية الفلسطينية"، حسب تعبير وزارة الخارجية المصرية، وهي مسألة لا تغيب عن ذهن المقاومة الفلسطينية في غزة، التي تجد نفسها الآن أمام خيار صعب.
فهي إن رفضت المقترح العربي، فتحت الباب أمام عودة الحرب، أو مضي ترامب في تنفيذ تهديداته، ما يزيد وضع سكان غزة صعوبة، وهي إن قبلته، فهذا معناه أن إسرائيل ستحقق أحد أهدافها المهمة من مهاجمة قطاع غزة بأيدٍ عربية، وفي عملية يمكن تسويقها للرأي العام العربي على أنها الطريقة الوحيدة لقطع الطريق على ترامب وإسرائيل في محاولة التهجير، وإبقاء أهل غزة في أرضهم.
إعلانتفطن (حماس) بالطبع إلى هذا المأزق، ولذا سارعت بإعلان استعدادها للتخلي عن حكم غزة للجنة وطنية، لكنها تريد أن يكون لها دور في اختيار أعضائها، وأنها لن تقبل بنشر أي قوات برية دون موافقتها.
وهي بهذا تريد من إدارة القطاع ألا يكون ضمن أهدافها تقليم أظفار غزة، بنزع سلاح مقاومتها، أو تقديم معلومات لإسرائيل عن إمكانات المقاومين المادية والمعنوية، ولا تريد في الوقت نفسه أن يحدث أي صدام مع "قوة برية عربية أو دولية" تدخل إلى القطاع تحت غطاء دفع إسرائيل إلى انسحاب نهائي من قطاع غزة، واستعادة أمنه، أو حماية أفراد الشركات المكلفة بإعادة الإعمار هناك.
لا تخلو يد الفصائل الفلسطينية هنا من أوراق، لا بدّ أن تضعها قمة القاهرة في الاعتبار، وهي أن المقاومة لم تنكسر، وأنها قادرة على مواصلة حرب استنزاف ضد الجيش الإسرائيلي إن عاد إلى اجتياح القطاع برًا.
ولا يزال في يدها أسرى إسرائيليون، وأن تل أبيب لا تلتزم، إلى الآن، بتنفيذ بنود اتفاق غزة كاملة، وأن هناك رفضًا دوليًا لمحاولات التهجير الجماعي، لأنها ترتقي لمستوى الجرائم ضد الإنسانية، وأن تصور ترامب هو محض خيالات أو أوهام غير قابلة للتنفيذ، وأنه لا يفكر في احتلال القوات الأميركية للقطاع، لا سيما أنه يدرك أن الولايات المتحدة لم تكن بعيدة، بسلاحها ومعلوماتها وتأييدها السياسي، عن الحرب التي دارت رحاها على مدار خمسة عشر شهرًا، وعجزت مع إسرائيل عن تحقيق الأهداف التي أعلنها بنيامين نتنياهو، وأن الشعوب العربية، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني، لا يمكنها قبول ما يحقق هذه الأهداف بيد العرب، أو عبر السلطة الفلسطينية في رام الله.
لقد أعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أن "بلاده منفتحة على مقترحات من الدول العربية في شأن غزة"، وهذا معناه في المجمل أن واشنطن تدرك أنه من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، تنفيذ تصور ترامب عنوة، وهي مسألة يجب أن يأخذها الزعماء العرب في الاعتبار، فلا يسمحوا بأن تحصل إسرائيل بالدبلوماسية على ما لم تتمكن من حصده بالحرب.
إعلانمن الضروري هنا ألا يكون "الحل العربي" على حساب المقاومة، ومن المهم أن ينفتح العرب، في هذا كله، على مساندة دولية لمسلكهم، قد تكون بتنظيم مؤتمر دولي لإعمار غزة، تُدعى إليه دول العالم التي أعلنت رفضها تصور ترامب، وأن يكون ذلك عقب قمة القاهرة مباشرة، بما يسند الظهر العربي في مواجهة جموح الرئيس الأميركي وانحيازه لإسرائيل.
ولعل حصول مصر على موافقة "من حيث المبدأ" لعقد اجتماع وزاري طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي بعد القمة المرتقبة، هو أول الطريق لهذا الإجراء المهم، فالقضية الفلسطينية، لا سيما في ظل ما ترتب على "طوفان الأقصى"، تعزز حضورها كقضية دولية وإنسانية، وهناك كثيرون في العالم من المنحازين لحقوق الشعب الفلسطيني، لن يقبلوا بتصفيتها.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline