"مسرحيات" إيران لن تنتهي؟!
تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT
علي بن مسعود المعشني
ali95312606@gmail.com
المسرح يُسمى أبو الفنون، وألعاب القوى تُسمى أم الألعاب، والأب والأم هما المصدر والأساس للحياة والسلالات البشرية، وكما نعلم جميعًا؛ فالفنان الذي يلتحق بالمسرح في بداية حياته الفنية، يُمكنه الإبداع في جميع الفنون الفنية والدرامية الأخرى لاحقًا من سينما وتلفزيون وإذاعة، واللاعب الذي ينطلق من مدرسة ألعاب القوى، يُمكنه ممارسة جميع ألعاب القوى لاحقًا بجدارة وتفوق.
وفي حياتنا كثير من البشر تحكمهم انفعالاتهم وتقودهم ألسنتهم لا عقولهم في توصيف حالات بعينها بلا وعي منهم، أو توصيف شخص بمنزلة عدو لهم يريدون النيل من مكانته أو إنجازاته، فيرفعونه أكثر بلا وعي منهم كذلك؛ لأن عقولهم في ألسنتهم، كما يُقال بالعامية.
وكثير من التعليقات والتوصيفات والردود والآراء على عملية الرد الإيراني على الكيان الصهيوني يمكن توصيفها بأنها ردود نابعة من قوم عقولهم في ألسنتهم لا أكثر ولا أقل، وإذا أردنا التقليل في وصف حالتهم والاحتكام للعلمية المُجردة من العواطف، يمكن الجزم بأنهم قوم مصابون بكل مظاهر وأعراض حصار العقل وتغييب الوعي، وبالنتيجة مرفوع عنهم القلم شرعًا؛ لأنهم غير مُدركين لحقيقة ما يقولون، ولا لخطورة ما ينشرون ويروجون له من غثاء هم في الحقيقة أول ضحاياه وأكثرهم تضررًا منه.
قضيتنا هنا ليست في الحديث عن تفاصيل "مسرحية إيران" مع الكيان الصهيوني بقدر حرصنا على تشخيص هذا العقل العربي الذي أصبح صهيونيًا وظيفيًا يُصلي معنا صلاة العشاء في الجامع، ثم يتفرغ تطوعًا للدفاع عن الصهيونية وامتداحها، وكما حذر ووصف الدكتور عبدالوهاب المسيري- رحمه الله- في موسوعته الرائعة والعميقة عن الصهيونية، والتي تنبأ فيها وحذر من الخطر القادم على الأمة العربية والمتمثل في العقل العربي المُتصهْيِن.
كما وصف عالم الاجتماع العراقي الدكتور علي الوردي- رحمه الله- في كتابه الرائع "مهزلة العقل البشري"، الكثير من خصائص العقل البشري الجامد والمرن وعدد الكثير من المواقف التي تُرافق هذه الحالات كشواهد وأمثلة. ولعلنا كمُسلمين نتذكر موقف وتوصيف كفار قريش للنبي محمد صلى الله عليه وسلم قبل الوحي وبعده؛ حيث كان يُعرف بينهم ويُلقب بـ"الصادق الأمين" قبل التكليف والوحي، ثم وصفوه بعد الوحي والنبوة بـ"شاعر وكذاب ومجنون"!!
وقد استعرض المُفكر الإيراني الدكتور علي شريعتي- رحمه الله- عددًا من أمثلة حصار العقل وخطورتها على الفرد والمجتمع في كتابه "النباهة والاستحمار".
كثيرةٌ هي الأمثلة والمواقف والتحليلات النفسية التي يمكن الاستدلال بها لتوصيف وتشخيص حالات الاستحمار والنباهة، وحصار العقل، ومهازل العقل، وجميعها حالات خطيرة على الفرد والمجتمع؛ كون هذه الأمراض والأوبئة أصبحت من العلوم الحربية التي يُوظِّفها العدو في حروبه الشاملة مع الآخر حتى يخلق بُنى عقلية مُسطحة في النظرة والتفكير، ويستهدف النُخب بالدرجة الأولى؛ لعلمه أنهم سيتكفلون لاحقًا بوعي وبلا وعي ببسط السطحية والبؤس والفجيعة بين أوساط مريديهم وأشياعهم في مجتمعاتهم كنوع من الوجاهة الفكرية.
مشكلتنا في الوطن العربي، أننا مجتمعات وشعوب لا تقرأ، لهذا انتقلنا من أعراض الشفاهة بالأمس الى أحضان التفاهة اليوم. يقول المثل الصيني: "ما لم تقرأ لثلاثة أيام فلن تجد جديدًا تتحدث به". (فما بالنا بحالة من لم يقرأ لثلاثة عقود أو يزيد؟!).
قبل اللقاء.. يقول الحق تبارك وتعالى: "وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ" (الأعراف: 179).
وبالشكر تدوم النعم.
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الدكتور عبد الله الغنيم يلتقي بجمهور معرض الكويت وحديث عن مسيرته الفكرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أضاء معرض الكويت الدولي الـ 47 للكتاب على اسهامات وانجازات شخصية المعرض الدكتور عبد الله الغنيم في مجالات البحث العلمي والثقافة.
واستعرض الدكتور الغنيم خلال جلسة حوارية أقيمت في قاعة كبار الزوار ضمن فعاليات النشاط الثقافي المصاحب للمعرض، مسيرته العلمية ومحطات من حياته كان لها الأثر الكبير في تشكيل رؤيته الثقافية والفكرية بحضور نخبة من المثقفين والمهتمين وزملائه وأقربائه.
وأدار الجلسة الدكتور يوسف البدر الذي استعرض مساهمات الدكتور الغنيم لا سيما إسهاماته في رئاسة مركز البحوث والدراسات الكويتية حيث قاد العديد من المبادرات التي تهدف إلى توثيق تاريخ الكويت وتراثها الثقافي والحضاري.
وتحدث الدكتور الغنيم عن مسيرته الحافلة في مجالات البحث العلمي والتأليف إضافة إلى إسهاماته في توثيق التراث الكويتي وتعزيز الهوية الثقافية، مؤكدا أهمية الكتاب والمعرفة في بناء المجتمعات.
وقال الدكتور الغنيم، إن بحوثه ودراساته تندرج في ثلاث مسارات رئيسية يربط بينهما جميعا التراث العربي بعناصره الموسوعية المختلفة.
وقال، إن المسار الأول هو “جغرافية شبه الجزيرة العربية” والثاني “التراث الجغرافي العربي بوجه عام والجانب الطبيعي بوجه خاص” والثالث “المخطوطات الجغرافية العربية فهرسة وتحليلا وتحقيقا”.
وأكد أن الجزيرة العربية بتنوع اشكال سطحها وطبوغرافيتها استهوته منذ أن كان في العاشرة من عمره وفي رحلاته الى الحج مع والده حيث كانت الأولى سنة 1957 والثانية في السنة التي تلتها مبينا انه كان ينظر في الطريق الى رمال الدهناء وجالات نجد وحرات الحجاز.
وقال أنه جمع في تلك الفترة كل ما يمكن الحصول عليه من معلومات حول تلك الأرض وزاد ذلك بعد ان أنهى دراسته الثانوية وانتقل للدراسة الجامعية في القاهرة.
واشار الى أول بحث ينشر له وحمل عنوان “الدحلان في شبه الجزيرة العربية” وقد نشر في مجلة رابطة الأدباء بالكويت عام 1969 وهو العام الذي تخرج فيه من الجامعة.
واشار الى رسالته الماجستير التي كان موضوعها “الجغرافي العربي ابو عبيد البكري مع تحقيق الجزء المتعلق بالجزيرة العربية من كتابه المسالك والممالك” مبينا انه قرأ من أجل تلك الدراسة معظم ما كتبه القدماء والمحدثون عن جزيرة العرب او عن المملكة العربية السعودية.
وقال ان عمله في الماجستير أثمر عدة كتب منها كتاب “مصادر البكري ومنهجه الجغرافي” ويشتمل الكتاب على دراسات تفصيلية تتعلق بالجزيرة العربية كما جاءت في كتابي “المسالك والممالك” و"معجم ما استعجم للبكري".
وعن دراسته للدكتوراة قال انه هدف الى هدفين رئيسين أولهما “دراسة اشكال سطح الأرض في شبه الجزيرة العربية بالاعتماد على التراث العربي القديم ومعالجة ذلك وفق منظور عصري” وثانيهما “جمع المصطلحات الجغرافية العربية في هذا الشأن واقتراح ما يمكن استخدامه في كتاباتنا الحديثة”.
وأشار الدكتور الغنيم الى دراساته الميدانية والإقامة في العديد من الدول من اجل البحث العلمي والاطلاع على أحدث المصادر الجيومرفولوجية ذات العلاقة بالصحاري والمناطق الجافة.
وقال انه كان يبحث عن العلاقات السببية بين نشأة شبه الجزيرة العربية من الناحية الجيولوجية والأشكال الأرضية الماثلة أمامنا الآن ويحاول الربط أيضا بين تلك الاشكال والنشاط البشري.
وأشار الدكتور الغنيم الى العديد من الأسماء الذين كان لهم الفضل في مسيرته وتتلمذ على يدهم منهم "علامة الجزيرة العربية" الشيخ حمد الجاسر رحمه الله والعلامة المحقق محمود شاكر رحمه الله والمرحوم محمد عبدالمطلب احد اعلام معهد المخطوطات العربية.
وحظيت المحاضرة بتفاعل كبير من الحضور الذين أعربوا عن تقديرهم للدور الكبير الذي لعبه الدكتور الغنيم في إثراء المشهد الثقافي الكويتي والعربي.
كما تطرق الدكتور الغنيم الى مركز البحوث والدراسات الكويتية وعن الوثائق التاريخية واهميتها مشيرا الى فترة الغزو العراقي على الكويت وجمع عدد كبير من الوثائق في تلك الفترة التي توصلوا من خلالها الى العديد من الحقائق، مبينا ان هناك العديد من الكتب التي صدرت بناء على تلك الوثائق.
ويأتي اختيار الدكتور عبدالله الغنيم شخصية المعرض في دورته الـ47 تقديرا لعطاءاته الثقافية والعلمية الممتدة على مدار عقود ودوره في إثراء المكتبة الكويتية والعربية بمؤلفاته القيمة.
يذكر ان الأستاذ الدكتور عبدالله الغنيم محاضر وباحث مميز في مجال الفكر الجغرافي العربي وجيومرفولوجية شبه الجزيرة العربية وقد درس في هذين الموضوعين سنوات عدة تسنم خلالها مناصب مختلفة.
وشغل الدكتور الغنيم العديد من المناصب سابقا فكان رئيسا لقسم الجغرافيا ثم عميدا لكلية الآداب بجامعة الكويت وترأس تحرير مجلة دراسات الجزيرة العربية والخليج التي تصدرها جامعة الكويت وعمل مديرا لمعهد المخطوطات العربية ووزيرا للتربية ووزيرا للتعليم العالي.
وغاص الدكتور الغنيم في أعماق تاريخ الكويت وتراثها الحضاري بعد توليه رئاسة مركز البحوث والدراسات الكويتية منذ عام 1992 حتى الآن.