جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-26@08:00:27 GMT

الطوفان الإيراني الكبير

تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT

الطوفان الإيراني الكبير

 

 

حمد بن سالم العلوي

إنْ كانت المقاومة الفلسطينية دشَّنت "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر الماضي، وقد أحدث انعطافة بالتاريخ، وأسست لحقبة تحررية مُهمة، فإنَّ الطوفان الإيراني الكبير، يأتي اليوم في نفس السياق، وسوف يؤسس لتاريخ مختلف، سيشمل منطقة الشرق الأوسط وغرب آسيا وربما العالم كله، وسوف يساعد على خلق فهم جديد لعالم مُتغير ومتعدد الأقطاب، وذلك بالتعاون مع روسيا والصين، لإخراج العالم أجمع من هيمنة قذرة ينتهجها الغرب ضد ما عداهم من شعوب العالم ودوله، وذلك إلى عالم حر ينشد العدل والمساواة والاحترام المتبادل.

الطوفان الإيراني الكبير، يُضارع في قوته ومقداره وتأثيراته المستقبلية طوفان الأقصى، الذي حدث في 7 أكتوبر 2023، هذا إذا ما نظرنا إلى فارق القوة والإمكانيات، وذلك بين قوة دولة كإيران، وقوة منظمات فلسطينية محاصرة في قطعة أرض محدودة المساحة والإمكانيات كذلك، ولكن التأثير في كلتا الحالتين كان كبيرًا ومُؤثرًا وتاريخيًا.

إيران التي اضطرتها الأحداث لتعلن عن نهاية صبرها الإستراتيجي، إنما خدمت نفسها أولًا، وثانيًا شعوب المنطقة من المستضعفين في الأرض، وعلى رأس ذلك محور المقاومة، الذي كان وكأنه يحرث في أرض جدباء، وإيران التي أبلغت عن أنها قوية بما فيه الكفاية، ولكنها عقلانية في تصرفاتها لأكثر من مرة، وذلك من خلال إسقاط طائرة التجسس الأمريكية قبل سنوات، وحتى في ردها على مقتل قائدها الثوري قاسم سليماني في العراق، وقد دكت قاعدة عين الأسد الأمريكية في العراق بالصواريخ، ورغم الخسائر التي أحدثتها في تلك القاعدة؛ أكانت في الأفراد والمعدات أو المباني، ولكن سرعان ما حول المنافقون تلك الصفعة الكبيرة إلى سراب كما يحلو لهم التصوير، فصوروا ذلك الرد إلى مجرد حادثة بسيطة لا تستحق الاهتمام، خدمة لسيدتهم أمريكا وربيبتها إسرائيل.

ولكن.. فإن تمادي الصهاينة في جبروتهم وغيهم الآثم، وذلك في الاعتداء بالهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق، وقتل مجموعة من القادة العسكريين المهمين، فكان الواجب هنا؛ أن تتخذ إيران القرار بالرد المباشر ومن داخل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهنا من الممكن أن نقول؛ "ربِّ ضارة نافعة" فإيران التي بلغت من القوة العسكرية مبلغًا كبيرًا، جعلها تزود روسيا ببعض الطائرات دون طيار، وهذا فيه دلالة على أن الصناعات الحربية الإيرانية، أصبحت في وضع يحسب له ألف حساب، فعندما تأتي دولة كروسيا وتعطي الثقة إلى الصناعات الإيرانية، فإن ذلك يعطي إيران زخمًا قويًا من الثقة بالنفس، وإيران التي كانت تدور حول عرش التتويج كقوة عالمية صاعدة، لكنها ظلت مترددة ومؤجلة لحقها، ولكنها أضطرها العدو الصهيوني أن تعلن عن ذاتها، وذلك حتى لا يظل الصهاينة يتمادون أكثر فأكثر، وأن إشهار نفسها كقوة عسكرية فاعلة عالمية سيردع العدو، وذلك حتى لا يتجرأ الكيان الصهيوني عليها في كل مرة، وذلك عندما ظلت تتبنى كتم الغيظ، ولكن الهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق، ورأت أن العدو الصهيوني يتمادى في جبروته، وهو المعروف عنه أنه يسخر من والقوانين الأنظمة الدولية، وظل يضرب بكل المواثيق والأعراف الدولية عرض الحائط كعادته.

هُنا وقع الفأس على الرأس، وألزم إيران حرق المراحل إلى التتويج المحق، والارتقاء على مقعدها الشاغر، ورغم ذلك لم تقم إيران بهجوم انفعالي انتقامي وعلى الفور، فظلت تسعى من خلال دبلوماسية هادئة، لكي تعرّي الأمم المتحدة ودول الاستكبار العالمي، فردهًا تطلب وقف الإبادة الجماعية في غزة، وردهًا تطلب إدانة لإسرائيل في الأمم المتحدة، فلم تجد من وراء ذلك إلا التهميش وعدم الاكتراث، فعندئذ قررت أن تستغل الحق الذي منحها إياه القانون الدولي، وذلك بشن ضربة منسقة ومعلنة، وعلى قواعد عسكرية واستخبارية للعدو في الأراضي المحتلة، وهي لم تكن غادرة ولا ضد المدنيين كما هي عادة الكيان الصهيوني في حروبه الكثيرة ضد العرب، وبهذا الهجوم الكاسح الذي تصدت له أمريكا وبريطانيا وفرنسا، وكما قيل ألمانيا كذلك، بالإضافة إلى الكيان الصهيوني، ولكنها حققت الأهداف التي رسمتها لهذا الهجوم، وهنا ارتقت إيران بجدارة وبلا منازع مكانتها على عرش القوى العسكرية المهمة في هذا العالم، وأصبحت منذ يوم 14 من أبريل 2024 دولة عظمى في المنطقة والعالم.

لذلك لا أبالغ إن قلت إن إيران التي كان الغرب يحاول تهميشها، وقبرها بالحصار والتهم المضللة، قد خرجت من تلك الشرنقة البغيضة، وخاصة دول الاستكبار العالمي بعدم الاستماع لما تقوله؛ فاعتبارًا من 14 أبريل 2024 ستكون إيران مسموعة، ليس في الإقليم وحسب؛ وإنما في كل المحافل الدولية، وعندما يتكلم وزير خارجيتها، سيصغي إليه العالم كما يصغون لوزراء خارجية أمريكا وروسيا والصين، وقد لا تحتاج إيران في الإعلان عن قوتها العسكرية بعد هذا التاريخ المهم، فالذين كانوا يشككون في قدرة إيران العسكرية والاعتبارية، قد رأوا رأي العين ما جرى للكيان الصهيوني، وقد حُشر قادته وشعبه في الأنفاق، خوفًا على حياتهم من الهجوم الإيراني الكبير، ولو لا التكبيرات التي كان يرددها الفلسطينيون، وهم يشاهدون ويصورون عبور الطائرات المسيرة والصواريخ بكافة أنواعها هي تعبر فوق رؤوسهم، متجهة إلى أهدافها في الأراضي المحتلة، وإلا صدق الناس كذب إسرائيل ورئيس الولايات المتحدة، الذِّين قالوا إن 99% من الصواريخ والطائرات قد أسقطت.

إذن.. العالم ما بعد الطوفان الإيراني الكبير، أصبح عالمًا مختلفًا تمامًا، وسيظل كذلك حتى تتحرر فلسطين، رغم أنوف صهاينة العرب وسادتهم.

فلا نقول إلا صبرًا أهل غزة العزة إن النصر آتٍ، وإن طوفان الأقصى هو بداية النهاية للصهاينة، وأنَّ لا أحد سيموت بغير تقدير من الله، وهم مكرمون بالشهادة والحياة الأبدية، ومن يجرؤ ويصبر ينتصر.. وإنه لجهاد نصرٌ أو استشهاد.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

إدارة مكافحة المخدرات بالتعاون مع إدارة الأمن العام، تضبط كميات كبيرة من المواد المخدّرة في درعا، كانت معدّة للتهريب إلى الخارج وذلك في إطار العمليات المستمرة لمكافحة تجارة المخدرات وتجفيف منابع التهريب وتعقّب المتورّطين فيها

2025-04-24najwaسابق الرئيس الشرع يجتمع مع وزير الثقافة انظر ايضاً الرئيس الشرع يجتمع مع وزير الثقافة

دمشق-سانا اجتمع اليوم رئيس الجمهورية السيد أحمد الشرع مع وزير الثقافة السيد محمد صالح

آخر الأخبار 2025-04-24إدارة مكافحة المخدرات بالتعاون مع إدارة الأمن العام، تضبط كميات كبيرة من المواد المخدّرة في درعا، كانت معدّة للتهريب إلى الخارج وذلك في إطار العمليات المستمرة لمكافحة تجارة المخدرات وتجفيف منابع التهريب وتعقّب المتورّطين فيها 2025-04-24الرئيس الشرع يجتمع مع وزير الثقافة 2025-04-24نشطاء وتجار وصناعيون يطلقون حملة “الوفاء لحلب” لدعم التماسك المجتمعي وإعادة الإعمار 2025-04-24تحديث أحد خطوط مخبز محردة الآلي بريف حماة لتحسين جودة الخبز 2025-04-24وزير التربية والتعليم يبحث مع ممثل اليونيسف تطوير العمل ‏المشترك ‏ 2025-04-24حماية المستهلك بدرعا تنظم 15 ضبطاً تموينياً خلال الأسبوع الحالي 2025-04-24وزير المالية التركي يؤكد ضرورة رفع العقوبات عن سوريا 2025-04-24محروقات طرطوس تزود باخرة فيصل بعشرة أطنان من المازوت 2025-04-24التربية والتعليم تبحث مع وكالة “الأونروا” تعزيز التعاون 2025-04-24غرفة صناعة دمشق وريفها تفتتح مركز تنمية الموارد البشرية والمهنية في ‏عدرا الصناعية ‏

صور من سورية منوعات صفائح لعضلة القلب من الخلايا الجذعية… خطوة نحو العلاج الأول من نوعه في العالم 2025-04-17 أول سماعة طبية رقمية في اليابان تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل نبضات القلب 2025-04-10فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • إيران: ندين إرهاب النظام الصهيوني في غزة ولبنان
  • أخبار العالم| استشهاد عشرة فلسطينيين في غارة إسرائيلية بجباليا.. حماس ترفض قرارات المركزي الفلسطيني وتدعو لإعادة بناء منظمة التحرير.. وجولة جديدة من المحادثات الأمريكية الإيرانية
  • لا تبشر بالخير.. تفاصيل مجزرة جامو وكشمير التي دفعت مودي لقطع زيارة السعودية وأوصلت التوتر لأوجه بين دولتين نوويتين
  • قصة التوتر التي تحدث الآن بين الهند وباكستان
  • إدارة مكافحة المخدرات بالتعاون مع إدارة الأمن العام، تضبط كميات كبيرة من المواد المخدّرة في درعا، كانت معدّة للتهريب إلى الخارج وذلك في إطار العمليات المستمرة لمكافحة تجارة المخدرات وتجفيف منابع التهريب وتعقّب المتورّطين فيها
  • وزير الخارجية الإيرانية: محاولات الكيان الصهيوني لتقويض المسار الدبلوماسي باتت واضحة للجميع
  • احذر: هجوم تصيّد ذكي يخدع Gmail.. ويهدد ملايين الحسابات حول العالم
  • ما حدث يُعد إنذار للفوضى التي قد تحدث عند وقوع الزلزال الكبير المتوقع في إسطنبول
  • سيناريو الهجوم العسكري على إيران جاهز إذا  فشلت المفاوضات
  • إسطنبول: المدينة التي حملت أكثر من 135 اسمًا عبر التاريخ