الطوفان الإيراني الكبير
تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT
حمد بن سالم العلوي
إنْ كانت المقاومة الفلسطينية دشَّنت "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر الماضي، وقد أحدث انعطافة بالتاريخ، وأسست لحقبة تحررية مُهمة، فإنَّ الطوفان الإيراني الكبير، يأتي اليوم في نفس السياق، وسوف يؤسس لتاريخ مختلف، سيشمل منطقة الشرق الأوسط وغرب آسيا وربما العالم كله، وسوف يساعد على خلق فهم جديد لعالم مُتغير ومتعدد الأقطاب، وذلك بالتعاون مع روسيا والصين، لإخراج العالم أجمع من هيمنة قذرة ينتهجها الغرب ضد ما عداهم من شعوب العالم ودوله، وذلك إلى عالم حر ينشد العدل والمساواة والاحترام المتبادل.
الطوفان الإيراني الكبير، يُضارع في قوته ومقداره وتأثيراته المستقبلية طوفان الأقصى، الذي حدث في 7 أكتوبر 2023، هذا إذا ما نظرنا إلى فارق القوة والإمكانيات، وذلك بين قوة دولة كإيران، وقوة منظمات فلسطينية محاصرة في قطعة أرض محدودة المساحة والإمكانيات كذلك، ولكن التأثير في كلتا الحالتين كان كبيرًا ومُؤثرًا وتاريخيًا.
إيران التي اضطرتها الأحداث لتعلن عن نهاية صبرها الإستراتيجي، إنما خدمت نفسها أولًا، وثانيًا شعوب المنطقة من المستضعفين في الأرض، وعلى رأس ذلك محور المقاومة، الذي كان وكأنه يحرث في أرض جدباء، وإيران التي أبلغت عن أنها قوية بما فيه الكفاية، ولكنها عقلانية في تصرفاتها لأكثر من مرة، وذلك من خلال إسقاط طائرة التجسس الأمريكية قبل سنوات، وحتى في ردها على مقتل قائدها الثوري قاسم سليماني في العراق، وقد دكت قاعدة عين الأسد الأمريكية في العراق بالصواريخ، ورغم الخسائر التي أحدثتها في تلك القاعدة؛ أكانت في الأفراد والمعدات أو المباني، ولكن سرعان ما حول المنافقون تلك الصفعة الكبيرة إلى سراب كما يحلو لهم التصوير، فصوروا ذلك الرد إلى مجرد حادثة بسيطة لا تستحق الاهتمام، خدمة لسيدتهم أمريكا وربيبتها إسرائيل.
ولكن.. فإن تمادي الصهاينة في جبروتهم وغيهم الآثم، وذلك في الاعتداء بالهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق، وقتل مجموعة من القادة العسكريين المهمين، فكان الواجب هنا؛ أن تتخذ إيران القرار بالرد المباشر ومن داخل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهنا من الممكن أن نقول؛ "ربِّ ضارة نافعة" فإيران التي بلغت من القوة العسكرية مبلغًا كبيرًا، جعلها تزود روسيا ببعض الطائرات دون طيار، وهذا فيه دلالة على أن الصناعات الحربية الإيرانية، أصبحت في وضع يحسب له ألف حساب، فعندما تأتي دولة كروسيا وتعطي الثقة إلى الصناعات الإيرانية، فإن ذلك يعطي إيران زخمًا قويًا من الثقة بالنفس، وإيران التي كانت تدور حول عرش التتويج كقوة عالمية صاعدة، لكنها ظلت مترددة ومؤجلة لحقها، ولكنها أضطرها العدو الصهيوني أن تعلن عن ذاتها، وذلك حتى لا يظل الصهاينة يتمادون أكثر فأكثر، وأن إشهار نفسها كقوة عسكرية فاعلة عالمية سيردع العدو، وذلك حتى لا يتجرأ الكيان الصهيوني عليها في كل مرة، وذلك عندما ظلت تتبنى كتم الغيظ، ولكن الهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق، ورأت أن العدو الصهيوني يتمادى في جبروته، وهو المعروف عنه أنه يسخر من والقوانين الأنظمة الدولية، وظل يضرب بكل المواثيق والأعراف الدولية عرض الحائط كعادته.
هُنا وقع الفأس على الرأس، وألزم إيران حرق المراحل إلى التتويج المحق، والارتقاء على مقعدها الشاغر، ورغم ذلك لم تقم إيران بهجوم انفعالي انتقامي وعلى الفور، فظلت تسعى من خلال دبلوماسية هادئة، لكي تعرّي الأمم المتحدة ودول الاستكبار العالمي، فردهًا تطلب وقف الإبادة الجماعية في غزة، وردهًا تطلب إدانة لإسرائيل في الأمم المتحدة، فلم تجد من وراء ذلك إلا التهميش وعدم الاكتراث، فعندئذ قررت أن تستغل الحق الذي منحها إياه القانون الدولي، وذلك بشن ضربة منسقة ومعلنة، وعلى قواعد عسكرية واستخبارية للعدو في الأراضي المحتلة، وهي لم تكن غادرة ولا ضد المدنيين كما هي عادة الكيان الصهيوني في حروبه الكثيرة ضد العرب، وبهذا الهجوم الكاسح الذي تصدت له أمريكا وبريطانيا وفرنسا، وكما قيل ألمانيا كذلك، بالإضافة إلى الكيان الصهيوني، ولكنها حققت الأهداف التي رسمتها لهذا الهجوم، وهنا ارتقت إيران بجدارة وبلا منازع مكانتها على عرش القوى العسكرية المهمة في هذا العالم، وأصبحت منذ يوم 14 من أبريل 2024 دولة عظمى في المنطقة والعالم.
لذلك لا أبالغ إن قلت إن إيران التي كان الغرب يحاول تهميشها، وقبرها بالحصار والتهم المضللة، قد خرجت من تلك الشرنقة البغيضة، وخاصة دول الاستكبار العالمي بعدم الاستماع لما تقوله؛ فاعتبارًا من 14 أبريل 2024 ستكون إيران مسموعة، ليس في الإقليم وحسب؛ وإنما في كل المحافل الدولية، وعندما يتكلم وزير خارجيتها، سيصغي إليه العالم كما يصغون لوزراء خارجية أمريكا وروسيا والصين، وقد لا تحتاج إيران في الإعلان عن قوتها العسكرية بعد هذا التاريخ المهم، فالذين كانوا يشككون في قدرة إيران العسكرية والاعتبارية، قد رأوا رأي العين ما جرى للكيان الصهيوني، وقد حُشر قادته وشعبه في الأنفاق، خوفًا على حياتهم من الهجوم الإيراني الكبير، ولو لا التكبيرات التي كان يرددها الفلسطينيون، وهم يشاهدون ويصورون عبور الطائرات المسيرة والصواريخ بكافة أنواعها هي تعبر فوق رؤوسهم، متجهة إلى أهدافها في الأراضي المحتلة، وإلا صدق الناس كذب إسرائيل ورئيس الولايات المتحدة، الذِّين قالوا إن 99% من الصواريخ والطائرات قد أسقطت.
إذن.. العالم ما بعد الطوفان الإيراني الكبير، أصبح عالمًا مختلفًا تمامًا، وسيظل كذلك حتى تتحرر فلسطين، رغم أنوف صهاينة العرب وسادتهم.
فلا نقول إلا صبرًا أهل غزة العزة إن النصر آتٍ، وإن طوفان الأقصى هو بداية النهاية للصهاينة، وأنَّ لا أحد سيموت بغير تقدير من الله، وهم مكرمون بالشهادة والحياة الأبدية، ومن يجرؤ ويصبر ينتصر.. وإنه لجهاد نصرٌ أو استشهاد.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
المُعارضة الإيرانية في فرنسا تكشف أسرار طهران النووية
كشفت معلومات استخباراتية للمجلس الوطني للمُقاومة الإيرانية (CNRI)، عن أسرار خطيرة بشأن برنامج إيران النووي، مؤكدة أنّ طهران باتت على وشك دمج الرؤوس النووية مع الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، وأنّها شرّعت خطة العمل الشاملة لبرنامج التخصيب.
وذكر المجلس، الذي يتخذ من باريس مقرّاً له، أنّ النظام الإيراني يُطوّر سرّاً، خلف ستار برامج فضائية، رؤوساً حربية نووية للصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب والسائل، والتي يصل مداها إلى أكثر من 3000 كيلومتر، وذلك بإشراف منظمة الأبحاث الدفاعية المُتقدّمة (SPND).
ودعت المُعارضة الإيرانية في بيان لها عبر منصّاتها الإلكترونية من العاصمة الفرنسية، إلى إغلاق جميع المواقع النووية للنظام الإيراني، بما في ذلك جميع منشآت تخصيب اليورانيوم.
وأكدت ضرورة تفتيش جميع المنشآت النووية الإيرانية، المُعلنة أو غير المُعلنة.
وشددت على أنّ المُبادرات الدبلوماسية التي لا تتضمن المحاسبة لم تُؤدِّ إلا إلى تشجيع النظام على مواصلة الخداع.
Révélations du CNRI : Le programme secret d’ogives nucléaires et les sites de missiles du régime iranien #Iran #Nucleaire https://t.co/LgUmKt52S0
— CNRI-France (@CNRIFrance) February 3, 2025 موقع شهرودتعمل إيران بشكل خاص على تصنيع الرؤوس الحربية النووية لصواريخ قائم-100 التي تعمل بالوقود الصلب، والتي يتم تزويدها بمنصّات إطلاق مُتحرّكة في موقع شهرود، الذي يقع على بعد 400 كيلومتر شمال شرق طهران. ويُعرف الموقع محلياً باسم "قاعدة الإمام الرضا".
وخلال تجربة فاشلة للمرحلة الأولى من هذا الصاروخ قُتل العشرات من خبراء الصواريخ في الحرس الثوري الإيراني عام 2011. لكن في نهاية المطاف، تُوّج هذا المشروع بثلاث عمليات إطلاق ناجحة خلال العامين 2023 و2024، مما عزز قّدرة النظام الإيراني على نشر الأسلحة النووية.
وبحسب المعلومات، فإنّ الحرس الثوري الإيراني سيختبر صاروخ "قائم 105" الأكثر تطوراً في الأشهر المقبلة.
وأجريت اختبارات الصواريخ الباليستية تحت ستار إطلاق الأقمار الصناعية، وذلك ضمن المشروع المعروف رسمياً "قاعدة سلمان الفارسي الفضائية، والذي يقوده العميد في حرس النظام علي جعفر آبادي، وهو مُدرج في قائمة العقوبات الأمريكية والبريطانية منذ سبتمبر الماضي.
Révélations du CNRI : Le programme secret d’ogives nucléaires et les sites de missiles du régime iranien#Iran #Nucleaire https://t.co/GV7xEGVj18
— Afchine Alavi (@afchine_alavi) February 2, 2025 موقع سمنانتتركز الأبحاث والاختبارات في الموقع على صاروخ "سيمرغ" الذي يستخدم الوقود السائل ويبلغ مداه أكثر من 3 آلاف كيلومتر. ويقع على بعد 70 كيلومتراً جنوب شرق مدينة سمنان شمال إيران. وقد تمّ تطوير هذا الصاروخ بناءً على تصميم الصواريخ الحربية الكورية الشمالية.
ويشمل التوسّع في موقع سمنان ثماني مجمعات مموّهة جميعها تحت غطاء مجمع الإمام الخميني لإطلاق الأقمار الصناعية. ومن أبرز العلماء في هذا الموقع محمد جواد ذاكر، وحامد عابر، وفرهاد مرادياني خسرو آباد. ويحافظ المشروع على علاقات وثيقة مع المعهد الدولي لهندسة الزلازل.
استراتيجيات الإخفاءبحسب لجنة الأبحاث الدفاعية والاستراتيجية للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، واستناداً إلى تقارير من الشبكة الإيرانية لمنظمة مجاهدي خلق، فقد تمّ إخفاء مشروع تطوير الرؤوس الحربية النووية تاريخياً باعتباره مبادرة فضائية، تهدف ظاهرياً إلى إطلاق أقمار الاتصالات الصناعية.
ویستخدم النظام الإيراني استراتيجيات مُتعددة لإخفاء طبيعة أنشطته النووية. فقد أنشأ "مديرية المعاهدات النووية" داخل منظمة الابتكار والبحوث الدفاعية، والتي تتلخص مهمتها في التظاهر بالالتزام بمعاهدة حظر التجارب النووية الشاملة، بينما تستمر في تطوير البرنامج النووي سرّاً.
وتخضع هذه الوحدة لإشراف المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، ويترأسها الدكتور محمد سبزيان، الذي يُدير أيضاً مجموعة الجيوفيزياء التي تُجري أبحاثاً حول حسابات قوة الانفجارات النووية التي تقع تحت الأرض.
وأكد المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في باريس، في بيان له عبر منصّاته الإلكترونية، أنّ حُكّام طهران هم أساتذة الخديعة والمراوغة. وهم يسعون إلى كسب الوقت من خلال التفاوض مع الدول الأوروبية وحتى بشكل غير مباشر مع الولايات المتحدة، بهدف الحفاظ على الوضع الراهن لاستكمال برنامج الأسلحة. وعلى مدى أكثر من عقدين من الزمن، استخدم النظام المحادثات لكسب الوقت، وخان ثقة المجتمع الدولي، وهدد بشكل خطير السلام والاستقرار العالميين.
Un site iranien appelle à l’arme nucléaire pour établir un « équilibre de la terreur » https://t.co/IuR5fPtBNm
— CNRI-France (@CNRIFrance) February 4, 2025 الطريق إلى الأمامونبّه المجلس إلى أنّ هذا النظام، الذي رفضه شعبه على نطاق واسع وأضعفه سقوط نظام الأسد في سوريا (عُمقه الاستراتيجي)، عمل على تكثيف قمع شعبه بزيادة عمليات الإعدام، وفي الوقت نفسه تسريع تطويره للأسلحة النووية.
واعتبر أنّ طهران لم تكن قط ضعيفة أو عرضة للخطر أو يائسة كما هي اليوم. ولذلك فإنّ النظام الإيراني، في حالة اليأس، يعمل على تسريع تطوير الأسلحة النووية.
وأكد المجلس الوطني للمُقاومة الإيرانية أنّه حان الوقت لمُحاسبة النظام على المجازر الداخلية والتحريض على الحروب الإقليمية وتطوير الأسلحة.
وأكد أنّه ما دام هذا النظام موجوداً فإنّه لن يتخلّى أبداً عن برنامجه النووي، حتى ولو قدّم تنازلات تكتيكية. وشدّد على أنّ الطريقة الوحيدة لإنهاء التهديد الذي يُشكّله النظام الإيراني هي إنهاء حكم رجال الدين من قبل الشعب وعبر مُقاومته المُنظّمة.
ونبّه المجلس إلى أنّه وتحت عنوان "القنبلة الذرية لإرساء توازن الرعب"، نشر موقع الدبلوماسية الإيرانية مقالاً حديثاً في الأول من فبراير (شباط) 2025، دعا النظام الديني في طهران إلى وجوب إعادة النظر في موقفه من الأسلحة النووية لتحقيق الردع الاستراتيجي.