جريدة الرؤية العمانية:
2025-11-15@05:54:01 GMT

الطوفان الإيراني الكبير

تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT

الطوفان الإيراني الكبير

 

 

حمد بن سالم العلوي

إنْ كانت المقاومة الفلسطينية دشَّنت "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر الماضي، وقد أحدث انعطافة بالتاريخ، وأسست لحقبة تحررية مُهمة، فإنَّ الطوفان الإيراني الكبير، يأتي اليوم في نفس السياق، وسوف يؤسس لتاريخ مختلف، سيشمل منطقة الشرق الأوسط وغرب آسيا وربما العالم كله، وسوف يساعد على خلق فهم جديد لعالم مُتغير ومتعدد الأقطاب، وذلك بالتعاون مع روسيا والصين، لإخراج العالم أجمع من هيمنة قذرة ينتهجها الغرب ضد ما عداهم من شعوب العالم ودوله، وذلك إلى عالم حر ينشد العدل والمساواة والاحترام المتبادل.

الطوفان الإيراني الكبير، يُضارع في قوته ومقداره وتأثيراته المستقبلية طوفان الأقصى، الذي حدث في 7 أكتوبر 2023، هذا إذا ما نظرنا إلى فارق القوة والإمكانيات، وذلك بين قوة دولة كإيران، وقوة منظمات فلسطينية محاصرة في قطعة أرض محدودة المساحة والإمكانيات كذلك، ولكن التأثير في كلتا الحالتين كان كبيرًا ومُؤثرًا وتاريخيًا.

إيران التي اضطرتها الأحداث لتعلن عن نهاية صبرها الإستراتيجي، إنما خدمت نفسها أولًا، وثانيًا شعوب المنطقة من المستضعفين في الأرض، وعلى رأس ذلك محور المقاومة، الذي كان وكأنه يحرث في أرض جدباء، وإيران التي أبلغت عن أنها قوية بما فيه الكفاية، ولكنها عقلانية في تصرفاتها لأكثر من مرة، وذلك من خلال إسقاط طائرة التجسس الأمريكية قبل سنوات، وحتى في ردها على مقتل قائدها الثوري قاسم سليماني في العراق، وقد دكت قاعدة عين الأسد الأمريكية في العراق بالصواريخ، ورغم الخسائر التي أحدثتها في تلك القاعدة؛ أكانت في الأفراد والمعدات أو المباني، ولكن سرعان ما حول المنافقون تلك الصفعة الكبيرة إلى سراب كما يحلو لهم التصوير، فصوروا ذلك الرد إلى مجرد حادثة بسيطة لا تستحق الاهتمام، خدمة لسيدتهم أمريكا وربيبتها إسرائيل.

ولكن.. فإن تمادي الصهاينة في جبروتهم وغيهم الآثم، وذلك في الاعتداء بالهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق، وقتل مجموعة من القادة العسكريين المهمين، فكان الواجب هنا؛ أن تتخذ إيران القرار بالرد المباشر ومن داخل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهنا من الممكن أن نقول؛ "ربِّ ضارة نافعة" فإيران التي بلغت من القوة العسكرية مبلغًا كبيرًا، جعلها تزود روسيا ببعض الطائرات دون طيار، وهذا فيه دلالة على أن الصناعات الحربية الإيرانية، أصبحت في وضع يحسب له ألف حساب، فعندما تأتي دولة كروسيا وتعطي الثقة إلى الصناعات الإيرانية، فإن ذلك يعطي إيران زخمًا قويًا من الثقة بالنفس، وإيران التي كانت تدور حول عرش التتويج كقوة عالمية صاعدة، لكنها ظلت مترددة ومؤجلة لحقها، ولكنها أضطرها العدو الصهيوني أن تعلن عن ذاتها، وذلك حتى لا يظل الصهاينة يتمادون أكثر فأكثر، وأن إشهار نفسها كقوة عسكرية فاعلة عالمية سيردع العدو، وذلك حتى لا يتجرأ الكيان الصهيوني عليها في كل مرة، وذلك عندما ظلت تتبنى كتم الغيظ، ولكن الهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق، ورأت أن العدو الصهيوني يتمادى في جبروته، وهو المعروف عنه أنه يسخر من والقوانين الأنظمة الدولية، وظل يضرب بكل المواثيق والأعراف الدولية عرض الحائط كعادته.

هُنا وقع الفأس على الرأس، وألزم إيران حرق المراحل إلى التتويج المحق، والارتقاء على مقعدها الشاغر، ورغم ذلك لم تقم إيران بهجوم انفعالي انتقامي وعلى الفور، فظلت تسعى من خلال دبلوماسية هادئة، لكي تعرّي الأمم المتحدة ودول الاستكبار العالمي، فردهًا تطلب وقف الإبادة الجماعية في غزة، وردهًا تطلب إدانة لإسرائيل في الأمم المتحدة، فلم تجد من وراء ذلك إلا التهميش وعدم الاكتراث، فعندئذ قررت أن تستغل الحق الذي منحها إياه القانون الدولي، وذلك بشن ضربة منسقة ومعلنة، وعلى قواعد عسكرية واستخبارية للعدو في الأراضي المحتلة، وهي لم تكن غادرة ولا ضد المدنيين كما هي عادة الكيان الصهيوني في حروبه الكثيرة ضد العرب، وبهذا الهجوم الكاسح الذي تصدت له أمريكا وبريطانيا وفرنسا، وكما قيل ألمانيا كذلك، بالإضافة إلى الكيان الصهيوني، ولكنها حققت الأهداف التي رسمتها لهذا الهجوم، وهنا ارتقت إيران بجدارة وبلا منازع مكانتها على عرش القوى العسكرية المهمة في هذا العالم، وأصبحت منذ يوم 14 من أبريل 2024 دولة عظمى في المنطقة والعالم.

لذلك لا أبالغ إن قلت إن إيران التي كان الغرب يحاول تهميشها، وقبرها بالحصار والتهم المضللة، قد خرجت من تلك الشرنقة البغيضة، وخاصة دول الاستكبار العالمي بعدم الاستماع لما تقوله؛ فاعتبارًا من 14 أبريل 2024 ستكون إيران مسموعة، ليس في الإقليم وحسب؛ وإنما في كل المحافل الدولية، وعندما يتكلم وزير خارجيتها، سيصغي إليه العالم كما يصغون لوزراء خارجية أمريكا وروسيا والصين، وقد لا تحتاج إيران في الإعلان عن قوتها العسكرية بعد هذا التاريخ المهم، فالذين كانوا يشككون في قدرة إيران العسكرية والاعتبارية، قد رأوا رأي العين ما جرى للكيان الصهيوني، وقد حُشر قادته وشعبه في الأنفاق، خوفًا على حياتهم من الهجوم الإيراني الكبير، ولو لا التكبيرات التي كان يرددها الفلسطينيون، وهم يشاهدون ويصورون عبور الطائرات المسيرة والصواريخ بكافة أنواعها هي تعبر فوق رؤوسهم، متجهة إلى أهدافها في الأراضي المحتلة، وإلا صدق الناس كذب إسرائيل ورئيس الولايات المتحدة، الذِّين قالوا إن 99% من الصواريخ والطائرات قد أسقطت.

إذن.. العالم ما بعد الطوفان الإيراني الكبير، أصبح عالمًا مختلفًا تمامًا، وسيظل كذلك حتى تتحرر فلسطين، رغم أنوف صهاينة العرب وسادتهم.

فلا نقول إلا صبرًا أهل غزة العزة إن النصر آتٍ، وإن طوفان الأقصى هو بداية النهاية للصهاينة، وأنَّ لا أحد سيموت بغير تقدير من الله، وهم مكرمون بالشهادة والحياة الأبدية، ومن يجرؤ ويصبر ينتصر.. وإنه لجهاد نصرٌ أو استشهاد.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أرقام تاريخية.. حصيلة تذاكر المتحف المصري الكبير تدفعه لصدارة المنافسة العالمية بعد أسبوع واحد من الافتتاح

في مشهدٍ يعكس فخر المصريين وإعجاب الزوار من مختلف أنحاء العالم، يواصل المتحف المصري الكبير استقبال أعدادٍ قياسية من الزائرين منذ لحظة افتتاحه الرسمي مطلع نوفمبر الجاري. هذا الصرح العملاق الذي طال انتظاره، لم يعد مجرد متحف يضم كنوز الفراعنة، بل أصبح رمزًا عالميًا للحضارة المصرية الحديثة، يجمع بين عبق التاريخ وروعة الحاضر.

إقبال غير مسبوق منذ اليوم الأول

كشفت وزارة السياحة والآثار المصرية عن استمرار التدفق الكبير للزوار على المتحف المصري الكبير، حيث استقبل أكثر من 12 ألف زائر حتى منتصف اليوم السابع من افتتاحه للجمهور. وذكرت الوزارة، في منشور عبر صفحتها الرسمية على "فيسبوك"، أن متوسط عدد الزائرين بلغ نحو 19 ألف زائر يوميًا، وهو رقم يعكس حجم الشغف العالمي بالحضارة المصرية.

وأكد الدكتور أحمد غنيم، الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف، أن الزيارات تسير بانسيابية وتنظيمٍ متميز، مشيرًا إلى أن المتحف استقبل يوم الأحد الماضي نحو 17 ألف زائر استمتعوا بتجربة فريدة تجمع بين الأصالة والتقنيات الحديثة في العرض المتحفي.

أسعار الزيارة وإقبال عالمي

حددت وزارة السياحة قيمة تذاكر الدخول للمتحف بـ 1450 جنيهًا للأجانب والعرب (ما يعادل نحو 30 دولارًا)، و200 جنيه للمصريين، و100 جنيه لطلبة المدارس.
وتسعى مصر من خلال هذا المشروع العملاق إلى استقطاب نحو 8 ملايين زائر سنويًا، ليصبح المتحف منافسًا مباشرًا لمتحف اللوفر في باريس، أحد أكثر المتاحف جذبًا للسياح حول العالم، والذي تتجاوز إيراداته السنوية 250 مليون دولار.

وبناءً على الأرقام الحالية، من المتوقع أن تصل إيرادات المتحف المصري الكبير إلى نحو 150 مليون دولار سنويًا من مبيعات التذاكر فقط، دون احتساب العوائد الإضافية من المطاعم والمقاهي والمتاجر ومناطق الضيافة داخل المتحف.

انعكاسات اقتصادية وسياحية واسعة

لم يقتصر تأثير المتحف المصري الكبير على الجانب الثقافي فقط، بل امتد إلى قطاع السياحة بأكمله. فبحسب مصادر في القطاع، ارتفعت نسب الإشغال الفندقي في القاهرة والمناطق المجاورة إلى مستوياتٍ قياسية، كما زاد متوسط إنفاق السائح خلال فترة إقامته بشكلٍ ملحوظ.

وأشار وزير السياحة المصري في تصريحاتٍ متلفزة إلى أن إيرادات مصر السياحية ستتجاوز 18 مليار دولار هذا العام، مع توقعاتٍ بمواصلة النمو لتصل إلى أكثر من 30 مليون سائح بحلول عام 2030، وهو ما يعزز مكانة مصر كأحد أبرز المقاصد السياحية في العالم.

صرح عالمي بكنوز لا مثيل لها

بلغت تكلفة إنشاء المتحف نحو 1.2 مليار دولار، واستغرق بناؤه أكثر من عشرين عامًا. ويضم المتحف أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، من بينها الكنوز الكاملة للملك توت عنخ آمون، التي تُعرض لأول مرة في مكانٍ واحد.

وقد شهد حفل الافتتاح حضور 79 وفدًا رسميًا، من بينهم 39 رئيس دولة وملكًا وأميرًا، في تأكيدٍ واضحٍ على الأهمية الدولية لهذا الحدث الثقافي والتاريخي الفريد.

موسم سياحي واعد

ومع اقتراب موسم الإجازات الشتوية في أوروبا، تتوقع مصر موسمًا سياحيًا مزدحمًا، خاصة أن البلاد تُعد من الوجهات المفضلة للسياح الأوروبيين بفضل طقسها المعتدل وتنوع تجاربها السياحية بين التاريخ والثقافة والاستجمام.

المتحف المصري الكبير لم يعد مجرد مبنى يعرض آثار الفراعنة، بل أصبح رمزًا وطنيًا وعالميًا يجسد روح مصر الحديثة، ويعيد إلى الأذهان أمجاد حضارةٍ عمرها آلاف السنين. ومع هذا الإقبال المتزايد من الزوار من مختلف أنحاء العالم، يبدو أن المتحف ماضٍ بثقة نحو أن يصبح واحدًا من أهم المتاحف في العالم، وواجهةً حضارية تليق بتاريخ مصر العريق ومستقبلها الواعد.

طباعة شارك المتحف المصري مصر اللوفر السيسي دولار السائح

مقالات مشابهة

  • جامع الشيخ زايد الكبير يحتفي باليوم العالمي للتسامح
  • انطلاق ملتقى الحوار الوطني الفلسطيني في إسطنبول.. خنفر: المشروع الصهيوني يتصدع
  • ولادة أول طفل بالذكاء الاصطناعي.. المعجزة الإلكترونية التي تغير المستقبل
  • المتحف المصري الكبير.. روان أبو العينين: لا تزال تبهر العالم بجذورها الممتدة من أعماق التاريخ
  • تشكيل فرنسا أمام أوكرانيا في تصفيات كأس العالم.. «كيليان مبابي» يقود الهجوم
  • «كريستيانو رونالدو» يقود الهجوم.. تشكيل البرتغال أمام أيرلندا في تصفيات كأس العالم 2026
  • دول عربية بينها اليمن ضمن أسوأ البلدان في العالم التي تواجه المجاعة
  • عراقجي: على الأمم المتحدة محاسبة أمريكا والكيان الصهيوني على عدوانهما على إيران
  • أرقام تاريخية.. حصيلة تذاكر المتحف المصري الكبير تدفعه لصدارة المنافسة العالمية بعد أسبوع واحد من الافتتاح
  • تقرير: إيران ترفض تفتيش مواقعها التي ضُربت.. يمكنها صناعة 10 قنابل نووية