جريدة الرؤية العمانية:
2024-07-03@16:01:34 GMT

لا عذر.. لا عذر

تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT

لا عذر.. لا عذر

 

د. خالد بن حمد بن سالم الغيلاني

khalid.algailni@gmail.com

@khaledalgailani

 

إذا سلمنا بحقيقة لا تخفى على أحد فنحن في دولة المؤسسات، ومرد كل حكم فيها، وأمر نافذ، وقاعدة عمل، لنظامنا الأساسي الذي نفخر به، وبقواعد الحكم والعمل بين دفتيه؛ فالنظام الأساسي حدد الأسس لعمل كل مسؤول، والواجب المطلوب منه، ومناط ذلك كله رعاية مصالح البلاد والعباد، وتوفير متطلبات الحياة الكريمة، وحفظهم، وتحقيق أمنهم وأمانهم، كما ألزم المسؤولينَ- على اختلاف درجاتهم ومراكزهم- بأداء اليمين المغلظ، وحفظ الأمانات والحقوق، وصيانة المكتسبات، وتحمل التبعات، وهم جميعًا في ذلك أمام ميزان العدل الثابت، ورهنُ الالتزام بالواجب، ومحط أنظار الرقيب والحسيب.

ثم جاءت القوانين النافذة، واللوائح الشارحة المفصلة، لتكون في ذات الاتجاه، ولتحقيق نفس المقاصد، وهي مقاصد رفيعة ارتكزت عليها الشريعة، وبنيت على أساسها التشريعات، وضمنت من خلالها الحقوق، فحفظ المقاصد الخمسة غاية الحياة، ومراد بلوغ الأمل فيها، ولذلك فإنَّ حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ العرض، وحفظ المال؛ مقاصد تضمن بها الإنسانية حياة كريمة شريفة عفيفة، وبلادنا الغالية والإسلام مرتكز الحكم والتشريع فيها، سعت بكل قوانينها من أجل حفظ هذه المقاصد، وحمايتها، وتحريم وتجريم كل من لا يحفظها عن عمد أو عن تقصير وسهو.

ثم إن مولانا السلطان المعظم حدد أساسيات العمل في شتى قطاعات الدولة، وبين ضرورة قيامها على أسس من الثبات والاستدامة، جاعلا الحوكمة أساساً من أسس الرقابة والمتابعة، معززا جلالته الصلاحيات والإمكانات لتعمل كل المؤسسات في نطاق مهامها، واختصاصاتها، بمزيد من المساحة الكافية، والحرية الإدارية الواضحة، لاتخاذ قراراتها، وتفعيل أدوارها.

وبالتالي فلا عذر يمكن قبوله لأي تقصير، ولا مجال لأي تهاون، والمسؤولية تعلو بقدر علو الوظيفة، وتزداد كلما زاد مستواها، هكذا هي طبيعة الأمور، وهذا هو مناط التكليف، ذلك أن الوظيفة العامة مسؤولية وأمانة، من نال شرفها، وجب عليه تحمل أعباءها، كما أنه ينال حقوقه كاملة، ويسعد بخيرها، وامتيازاتها.

إنَّ الفاجعة التي أذهلت البلاد، وأقضت مراقد العباد، وتداعى الجميع من شدة وقعها، وهول حدوثها، وتوالت التعازي للتخفيف من أثرها من كل حدب وصوب، لهي كارثة عظيمة، ومصيبة شديدة، فأكثر من خمس عشرة نفسًا أزهقت من بينها عدد من فلذات الأكباد، وزهر من زهور البلاد، أطفال تداعب أحلامهم الصغيرة حدود بيوتهم، وحفيف أشجار مزارعهم، ونخيل قراهم، لا زالوا في زهو العيد وبسمة أيامه، ولا زالت ملابسهم يفوح الطيب والعود منها، ورغم أنها تصاريف الأقدار، ومطية الخلق، وطريق كل حي؛ لكنه التقصير ممن كان عليه اتخاذ ما يلزم قبل وقوع الكارثة.

والمتابع لموقف وزارة التربية والتعليم ممثلة في كل مسؤول مختص يعنيه الأمر يدرك تمامًا أن ما حدث يأتي ضمن الإهمال الجسيم، والخطأ الفادح، والإخفاق الذي يتوجب الحساب والعقاب، هكذا هي طبيعة الأمور، وهذا هو أصل العمل وتوابعه ولوازمه، وهنا على كل جهةٍ مسؤولة القيام بدورها ومحاسبة المقصرين والمتهاونين بأسمائهم وشخوصهم، وتفعيل نصوص القانون النافذ فيهم، من كل الجهات، وعلى كل المستويات، أما التحرك بعد حدوث الفاجعة، ونزول المصيبة، فهذا لم يعد يجدي نفعًا، ولا يمثل عملا مخططا ومنظما، وما هي إلا ردود فعل في غير محلها ولا تأتي بحلول ناجعة.

من الأمور المهمة التي يجب العمل عليها، إعادة تخطيط مواقع المدارس وضمان بُعدها عن مجاري الأودية، وسلامة الطرق المؤدية إليها والرابطة بينها وبين مواقع السكن لمختلف الروافد، والاستعانة عند التخطيط بذوي الخبرة من الأهالي فهم أدرى بخط الوادي وسيره، وكثيرا ما قدموا النصيحة، ولم يؤخذ بها فكان عاقبة ذلك خسارة في الأرواح والممتلكات، وهدرا للمال العام، فأن تكون مهندسًا ومخططًا لا يكفي دون خبرة لواقع الحال، وظروف المكان.

وعلى وزارة التربية والتعليم أن تنتهج سياسة عامة لإدارة الأزمات تتضمن عددا من الإجراءات، مستفيدة في ذلك من علم السياسات العامة، مستعينة بكل ذوي العلاقة؛ فمثلًا أن ترسم عددًا من (السيناريوهات) وتكون واضحة ومحددة دون حاجة للقاءات واجتماعات. فعلى سبيل المثال: عند صدور تنبيه بغزارة الأمطار مباشرة فكل المحافظات المذكورة في التنبيه يكون دوامها عن بعد، دون انتظار تعميم أو بيان من أحد، ويستمر الحال حتى نهاية وضع التنبيه، فإن حضر الطلاب للمدرسة فلا خروج لأحدهم إلّا بموافقة واضحة وصريحة من الدفاع المدني المختص في هذه الحالة، وبالتالي يكون الدفاع المدني وأجهزة الأمن هم وحدهم أصحاب القرار وفق برتوكولات واضحة، فلا ولي أمر معني ولا إدارة مدرسة ولا معلم.

هذا مثال بسيط، والأمر- كما قلت- يتطلب سياسة عامة واضحة، نجنب بها البلاد والعباد هكذا حوادث لا يمكن تجاوزها، ومن قراءات الواقع فإنَّ التغيرات المناخية أثرها واضح، والتطرف في الحالات الجوية أصبح متكررا، ويحتاج إجراءات تجاهه، كما يمكن أن نستفيد من تجارب الدول التي تشهد هكذا حالات مطرية متطرفة في كيفية التعامل معها وتجنب أثارها أولاً على سلامة الأرواح ومن ثم الأموال والممتلكات. والله نسأله الحفظ لعُمان وسلطانها وأهلها.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

«الإفتاء» تضع «روشتة» لتحصين النفس من الفتن ومكائد الشيطان.. السر في ذكر الله

تحصين النفس من الفتن من الأمور التي يسعى المسلمون إلى معرفة جوانبها، لينفذوها بشكل مستمر، وذلك في سبيل التقرب من الله عز وجل وعبادته على أكمل وجه، وليكون عبدًا طائعًا مخلصًا لله تعالى، وليقوي على مقاومة الفتن ومكائد النفس والشيطان.

روشتة لكيفية تحصين النفس من الفتن

وأوضحت دار الإفتاء المصرية عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» روشتة لكيفية تحصين النفس من الفتن، وهي كالتالي:

- الاستعانة بالله في جميع الأمور.

- التوكل على الله.

- أن لا يغتر الشخص بنفسه أبدًا مهما أكثر من الطاعات،  قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [آل عمران: 101].

- الإكثار من ذكر الله تعالى.

- ترسيخ محبته ومحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في القلب.

 - قراءة القرآن الكريم وتدبره.

- التفقه في الدين.

- مصاحبة أهل الخير والصلاح.

- الحرص على أداء الفرائض واجتناب المعاصي لا سيما الكبائر.

- محاسبة النفس.

- عدم اليأس من الاستقامة مهما وقع الإنسان في الذنوب أو تكررت.

- إحسان الظن في عفو الله ومغفرته.

- أن يبادر الشخص بترك الذنب وتجديد التوبة منه، قال تعالى: ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾.

مقالات مشابهة

  • «الإفتاء» تضع «روشتة» لتحصين النفس من الفتن ومكائد الشيطان.. السر في ذكر الله
  • «أمهات مصر» تعلن مطالب أولياء الأمور من وزير التعليم الجديد
  • وزير السياحة: سنعمل بشكل متناسق لتحقيق تطلعات المواطن
  • اللعبة انتهت؟
  • برج الثور.. حظك اليوم الأربعاء 3 يوليو: اهتم بغذائك
  • عائشة الماجدي: حفظ الله مصر واهلها وحفظ الله أهلنا السودانيون اللآجئين فيها
  • الأوروجواي تقصي البلد مضيف وتتأهل بصحبة بنما
  • الإنجليزي سبب فرحة طلاب الثانوية العامة بالغربية
  • رابطة الأندية عن بيان بيراميدز : عدم احترام .. ونجهز رد صارم
  • حسين علي: الأهلي كان يريد ضمي عندًا في الزمالك