العلاقة الزوجية يقيمها الحق تبارك وتعالى على السكن والمودة والرحمة، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: (المودة هي: المحبة، والرحمة هى: الرأفة، فإن الرجل يمسك المرأة إما لمحبته لها، أو لرحمة بها بأن يكون لها منه ولد).
فمن أعظم مقاصد النكاح في شرع الله المطهر أن تسود المودة والرحمة بين الزوجين، وعلى هذا الأساس ينبغي أن تبنى الحياة الزوجية.
فيا أيها الزوجة الكريمة ويا أيها الزوج الكريم، ينبغى ألا يغيب عنكما المودة والرحمة اللتين ذكرهما الله تعالى في الآية الكريمة بين الزوجين، وعلى الزوجة أن تتأمل في حال أمهات المؤمنين ونساء الصحابة رضي الله عنهم أجمعين لاسيما دور السيدة خديجة رضي الله عنها مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، لتجتهد في إسعاد الزوج والأسرة، وسوف تجد أثر ذلك خيرا إن شاء الله، ولا تستمعى أيتها الزوجة الغالية لذلك النفر الذى لا يريد للأسرة استقرارا، بل يسعى لتفكيكها، بدعوى الحرص على حقوق المرأة وإنصافها من ظلم الرجال. واعلمى أن من أكبر أسباب كسب القلوب البشاشة ولين القول كما جاء عن بعض الصالحين: "إنما البر شيء هين: وجه طلق وقول لين" فتكلفي هذا البر مع زوجك حتى يصير لك سجية، فتكسبي قلبه وتنعشي فيه المودة والرحمة نحوك.
بل قبل ذلك، وفوق ذلك كله، قول ربنا جل جلاله: "وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ). فصلت: 34-35.
قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله: "أي: لا يستوي فعل الحسنات والطاعات لأجل رضا الله تعالى، ولا فعل السيئات والمعاصي التي تسخطه ولا ترضيه، ولا يستوي الإحسان إلى الخلق، ولا الإساءة إليهم، لا في ذاتها، ولا في وصفها، ولا في جزائها: "هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ".
ثم أمر بإحسان خاص، له موقع كبير، وهو الإحسان إلى من أساء إليك، فقال: "ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" أي: فإذا أساء إليك مسيء من الخلق، خصوصا من له حق كبير عليك، كالأقارب والأصحاب ونحوهم، إساءة بالقول أو بالفعل، فقابله بالإحسان إليه.
وإذا كان هذا كله في حق الخلق، فكيف في حق الزوجين كلاهما تجاه الآخر؟، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "لوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ النِّسَاءَ أَنْ يَسْجُدْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ لِمَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ الْحَقِّ" رواه أبو داود والترمذي، وهو حديث صحيح.
وإلى كل زوج كريم: ينبغى ألا يغيب عنك قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ.. " رواه مسلم.
وماذا فعلت أخى الكريم بوصية النبي -صلى الله عليه وسلم -، وقد قال لنا: "اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا" رواه البخاري ومسلم. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي" رواه الترمذي في صحيحه، وقد قال الله تعالى: "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ" النساء: 19.
على مثل ذلك تقام البيوت وتبنى الأسر، لا على الدعوات الشيطانية التى تثير الفتن بين الأزواج، ولا تبتغى سوى المزيد من حالات الطلاق إرضاء لإبليس وأعوانه.
اللهم أقم بيوتنا على المودة والرحمة، وبارك لنا فى أولادنا واحفظنا وإياهم من كل مكروه وسوء، وارزقنا حبك وحب من يحبك وكل عمل يقربنا إلى حبك.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلم المودة والرحمة
إقرأ أيضاً:
سنن يوم الجمعة الواردة عن النبي.. أبرزها الاغتسال والإصغاء للخطيب
ورد عن سنن يوم الجمعة، أهمية الاغتسال في هذا اليوم المبارك، لقول سيدنا رسول الله: «إِذَا جَاءَ أحَدُكُمُ الجُمُعَةَ، فَلْيَغْتَسِلْ». [متفق عليه]، والذهاب إلى المسجد مشيًا، لقول سيدنا رسول الله: «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَغَسَّلَ وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ وَدَنَا وَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا أَجْرُ سَنَةٍ صِيَامُهَا وَقِيَامُهَا». [أخرجه الترمذي].
سنن يوم الجمعةكما أن من سنن يوم الجمعة التطيب، والتسوك، لقول سيدنا رسول الله: «..وأَنْ يَسْتَنَّ، وأَنْ يَمَسَّ طِيبًا إنْ وجَدَ» [متفق عليه]، ولو استعمل يوم الجمعة بدلًا من السواك الفرشاة التي تطهر الفم؛ فلا حرج إن شاء الله.
كذلك من سنن يوم الجمعة، لبس أفضل الثياب، لقول الله تعالى: {يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}. [الأعراف:31].
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن سنن يوم الجمعة، «إِذَا كانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ وقَفَتِ المَلَائِكَةُ علَى بَابِ المَسْجِدِ يَكْتُبُونَ الأوَّلَ فَالأوَّلَ، ومَثَلُ المُهَجِّرِ كَمَثَلِ الذي يُهْدِي بَدَنَةً، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً، ثُمَّ كَبْشًا، ثُمَّ دَجَاجَةً، ثُمَّ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإمَامُ طَوَوْا صُحُفَهُمْ، ويَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ». [متفق عليه].
قراءة سورة الكهفكما يستحب في يوم الجمعة، قراءة سورة الكهف لقوله (صلى الله عليه وسلّم): «من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء الله له من النور ما بين قدميه وعنان السماء».
ويستحب صلاة المسلم ركعتين تحية المسجد، حتّى وإن بدأت الخطبة: فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- «كان يَخْطُبُ يوما في أصحابه فدَخَلَ رَجُلٌ فجلس فرآه النبي فقطع الخطبة فسأله أَصَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ؟ قَالَ: لا. قَالَ: قُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ».
ومن سنن يوم الجمعة، الإصغاء للخطيب والتدبّر فيما يقول: فعن أبي هريرة، فعن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من اغتسل ثم أتى الجمعة، فصلَّى ما قدِّر له، ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته، ثم يصلي معه، غُفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وفضل ثلاثة أيام»؛ رواه مسلم (857)، وعن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصت، والإمام يخطب، فقد لغوت»؛ رواه مسلم (934).