الوعد الحق وتعثّر العقل السّني في فكّ شفرات رسائله
تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT
لا مباغتة في الهجوم الإيراني ردّا على قصف إسرائيل للقسم القنصلي لسفارتها في دمشق. فقد كانت كلّ المؤشرات تؤكّد حدوثه. فتوقعته الإدارة الأميركية. وأكدته إيران مرارا قبل ذلك. ثمّ أعلنته منذ إرسال لمسيّراتها رغم أنها تستغرق ساعات قبل صولها. والأدهى أنّ مصادر إسرائيلية أكّدت أنّ الإيرانيين قد أعلموها به قبل الشّروع في تنفيذه.
أمّا على المستوى العربي، فقد غذّى هذا الحدث نشرات الأخبار وشكّلت "غضبة إيران للدّم الفلسطيني المراق" موضوعا كسر روتين ونقاشات بلاتوهاتها التلفزيونية المضجرة. وجعل البعض يسعى جاهدا لتحقيق نقاط في سوق المزايدات السياسية. وفاض أمل المتواصلين الاجتماعين ، وناب عن شعورهم بالقهر وقلة الحيلة وبشّر بعضهم بحرب عالمية ثالثة.
بعيدا عن وصف الهجوم بالمسرحية كما ساد في أفضية التّواصل لاحقا أو وصف إيران بالتّخاذل وذر الرّماد عن الأعين يبدو أنّ خللا كبيرا قد طرأ على قراءة هذا الحدث، وأنّ الرّأي العام العربي السّني خاصّة، قد حاول فكّ شفرته بجوارحه لا بعقله، وأنّ تصويبا لهذه القراءة يظلّ ضروريا، في تقديرنا على الأقلّ.
1 ـ من "الوعد الحقّ" "كفى الله المؤمنين القتال"
ظّلت مواقع التواصل الاجتماعي العربية ترشح حلما ونخوة في الليلة الفاصلة بين 13 و14 أفريل2024. فقد عاد الأمل إلى الشّعوب العربية المغلوبة على أمرها، بتحرّك النّخوة عند طرف مّا لنصرة الفلسطينيين وسعيه لإيقاف الإبادة التي تمارس في حقّهم. ولا لوم عليها. فما تأمله هو ما كان يجب أن يحدث سواء كان هذا الطّرف دوليا أو إسلاميا أو عربيّا. وصوت إيران المتعاطف مع الفلسطينيين كان عاليا ينذر بمثل هذا التحرّك.
"طوفان الأقصى" و"الوعد الحق" خطان متباعدان لا ينتميان إلى المخطط الهندسي نفسه. فالهجوم الأوّل مصيري راهن فيه الفلسطينيون بأجسادهم العارية ضد الموت دفاعا عن الأرض والمقدّسات أمّا الهجوم الثّاني فلا يزيد عن رسالة هادئة رصينة محسوبة العواقب.والاسم الذي أطلق على هجومها [الوعد الحقّ] يدفع إلى مثل هذا الاعتقاد. فمداره على استعارة تشبه وقعه بوقع قيام السّاعة وهولها. فقد جاء في الآية 97 من سورة الأنبياء [وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ]. ولكن لم يتحقق شيء من الحلم العربي ومن التّهديد الإيراني حقيقة أو مجازا. فلم تشخص أبصار الإسرائيليين ولم يعلنوا أنهم كانوا في غفلة ولم يحدث دمار يذكر. ذلك أنّ كل المسيرات والصّواريخ قد أسقطت خارج المجال الجوي الإسرائيلي. وسريعا ما أدلت بعثة إيران بالأمم المتحدة برسائل طمأنة مؤكّدة أنّ "الردّ على استهداف القنصلية انتهى". ثم ظهر القائد العام للحرس الثوري الإيراني حسين سلامي ليؤكّد أنّ إيران أرادت من الهجوم عملية محدودة ناجحة، محذّرا إسرائيل من أنّ إيران ستردّ بعنف إذا هوجمت مصالحها. فكشف التهديد الظّاهر توسلا مضمّنا لإيقاف الفعل وردّ الفعل عند هذا المستوى. و"عفا الله عمّا سلف" و"كفى الله المؤمنين القتال".
ويبدو أنّ الولايات المتحدة قد التقطت هذه الرسالة. فأعلن رئيسها أنّ ما حدث يعتبر انتصارا إسرائيليا داعيا بنيامين نتنياهو إلى عدم تصعيد الموقف أكثر، مؤكدا أنّه سيعارض أي هجوم إسرائيلي على إيران. وأدان الناتو بدوره "التصعيد الإيراني" داعيا إلى ضبط النفس حتّى لا يتّسع التصعيد أكثر في الشرق وأعلنت المتحدثة باسمه فرح دخل الله في بيان ضرورة " ألا يخرج النزاع في الشرق الأوسط عن السيطرة". وعلى منوالها فعلت كلّ من فرنسا والمملكة المتّحدة.
2 ـ "الوعد الحق".. قراءة في حسابات طرفي المواجهة
كان في المشهد أكثر من علامة تبرز أنّ الهجوم الإيراني "المنتظر" محض مناورة بين طرفين يحسبان خطواتهما جيّدا. فلا يريد كلاهما أن ينخرط في حرب لا يتوقّع أحد مآلاتها. وفي الآن نفسه يعملان على إبقاء منسوب التوتّر والشدّ العصبي مرتفعا لحسابات سياسية داخلية وخارجية. ولعلّنا أن نلمس هذه الرّغبة في مواقف حزب الله، أحد أهم وكلاء إيران في المنطقة والمشارك في الهجوم بإطلاق العشرات من صواريخ الكاتيوشا على مقر للدفاع الجوي في ثكنة إسرائيلية بالجولان. فمنذ بداية حرب إسرائيل على غزّة بعد 7 أكتوبر بات الحزب الذي يستمدّ شرعيته من شعارات كنصرة الأمة الإسلامية ومقاومة إسرائيل، مرتبكا محرجا. وظل يشاغل الإسرائيليين بالحدّ الأدنى. فاكتفى بهجمات صاروخية أو بإرسال طائرات مسيّرة، دون أن يقوم بتصعيد يذكر مقارنة بقدراته التي عرفناها في صداماته السّابقة معهم. وكانت عملياته تؤكّد لهم أنه وإيران التي تقف خلفه، ملتزمان بقواعد الاشتباك في الردّ، أكثر ممّا تقنع الفلسطينيين بالوقوف معهم في خندق واحد..
وكان سلوك إسرائيل بدوره يؤكّد أنها لن تذهب بعيدا في مناوشاتها مع الحزب. فموقفها على المستوى الدولي محرج، خاصّة أنّ حليفها الأميركي غير راض على مغامرات ناتنياهو. أما على المستوى الدّاخلي فمكبل بوضع حكومتها المربك ووضع رئيسها السياسي والقضائي الهش ورفض سكان الشمال العودة إلى مستوطناتهم ما لم تتوافر لديهم ضمانات. ومن ثمّ ظلّ انتشارها على الحدود الشمالية دفاعيا صرفا.
تكشف هذه العوامل كلّها إذن أنّ المناكفات بين إسرائيل وإيران تتصّل بالصّدام الإقليمي بينهما ومن وجوهها رهاناتهما في كل من سوريا ولبنان ومعركة السلاح النووي وأن علاقتها بالحرب على غزّة واهية جدّا.
3 ـ التفاعل مع الهجوم غربا وشرقا
يكشف التّفاعل مع هذا الهجوم وجها آخر من صلابة المواقف الغربية وثباتها بقدر ما يكشف هشاشة الموقف العربي. فقد ذكر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري في مؤتمر صحفي عُقد بعد الهجوم إن إيران أطلقت أكثر من 300 صاروخ ومسيرة على إسرائيل وأنّ الدفاعات الجوية بمشاركة "الحلفاء والشركاء"نجحت في التصدي إليها جميعا تقريبا. وبالفعل فقد أعلنت فرنسا إسهامها في إسقاط هذه المسيرات قبل وصولها إلى المجال الجوي الإسرائيلي. وفي الآن نفسه أكّدت وزارة الدفاع البريطانية أنّ "طائرات مقاتلة وطائرة تزود بالوقود في الجو، شاركت مع نظيراتها الأميركية في التصدي للمسيرات والصواريخ الإيرانية".
من المنظور الإيراني ليس الهجوم أكثر من رسالة للطرف الإسرائيلي مضمونها أنّ التطاول عليها لن يبقى دون عقاب، بعد تواتر الهجمات الإسرائيلية على قواتها في سوريا أو عمل مخابراتها على أراضيها ومحاصرتها لبرنامجها النّووي.ولا نرمي من هذا العرض إلى تقديم المعلومة. فهي متاحة في مختلف نشرات الأنباء. وإنما نحاول أن نبرز أنّ التحالف التقليدي بين الصهيونية والغرب المسيحي يظل ثابتا في تواطؤه ضد الثقافة العربية الإسلامية. فلا يكاد يتغيّر منذ أن توجّه نابليون بونابارت عام 1799 بعكا إلى يهود العالم بنداء قال فيه "أيها الإسرائيليون انهضوا فهذه هي اللحظة المناسبة إن فرنسا تقدّم لكم يدها الآن حاملة إرث إسرائيل، سارعوا للمطالبة باستعادة مكانتكم بين شعوب العالم" ومنذ أن انتزع البريطانيون فكرة "وطن اليهود القومي"من الفرنسيين وعملوا على تحقيقها بعد موافقة مجلس الوزراء البريطاني عام 1917على إنشاء وطن لليهود وفق الرسالة التي كتبها أرثر بولفور إلى اللورد الصهيوني ليونيل والتر روتشلد ومنذ أن انخرط الأمريكيون في هذا المشروع. فالغرب لم يتحرّر من فكرة الصدام بين الشرق المسلم والغرب اليهودي المسيحي وإن رفض "علمانيوه" الرّبط بين الدين والسياسة.
ومقابل وضوح البوصلة بالنسبة إلى الغرب ظلّ الطرف العربي السني خاصّة، يتخبّط. فأغلب ساسته تحرّروا من عبء القضية الفلسطينية "بفضل" اتفاق أوسلو الذي حوّلها من قضية أمّة إلى قضية فلسطينية محلية. فغدا القرار الرّسمي معطلا تماما. وباتت أنظمته العالقة بين مطرقة الطموحات الإيرانية الفاعلة ضمن امتدادها الشيعي في لبنان والبحرين واليمن والعراق وسنديان إسرائيل، تبحث عن خلاصها الفردي. وليس أفضل من بيان مجلس الوزراء الأردني برهانا على هذا التّخبط وهو يعلن "ببراءة" أنه قد "جرى التّعامل مع بعض الأجسام الطائرة التي دخلت إلى أجوائنا ليلة أمس، والتصدي لها".
وعلى خلاف الموقف الرّسمي غلب على الرأي العام السّني العاطفي الاندفاعُ والأملُ في أن تنوب إيران عنه في الدفاع عن مصالحه وحقن دمائه. وهذا ما يبرّر الحماسة اللامتناهية لهجمات "الوعد الحق". فقد ساد لديه اعتقاد بأنّ عملية تحرير فلسطين قد بدأت بعد. وغاب عن ذهنه المعطّل كلّيا أنّ الصّراع الإيراني الإسرائيلي محكوم بمصالح الطّرفين الإقليمية والاقتصادية وأنّ الخطاب الإيديولوجي الذي يغذّيه ليس إلاّ تعلّة لحشد الأنصار وتجييشهم.
4 ـ ما بعد الهجوم.. حسابات الحقل والبيدر
بديهي أن يُطرح السؤال حول حصيلة هذا الهجوم إحصاءً لمكاسب الإيرانيين والإسرائيليين والفلسطينيين وخسائرهم. فهل فشل الهجوم الإيراني حقّا؟
لا يمكن تقييم حصيلة الوعد الحقّ دون ربطه بالأهداف المراد تحقيقها منه. فمن المنظور الإيراني ليس الهجوم أكثر من رسالة للطرف الإسرائيلي مضمونها أنّ التطاول عليها لن يبقى دون عقاب، بعد تواتر الهجمات الإسرائيلية على قواتها في سوريا أو عمل مخابراتها على أراضيها ومحاصرتها لبرنامجها النّووي. وفضلا عن ذلك فقد مثّل فرصة لاختبار ترسانة أسلحتها أو اختبار فاعلية الدفاعات الإسرائيلية. ولكن لا شك أنّها أضحت اليوم أكثر انتباها إلى دور الدّفاعات الغربية في إعاقة أي هجوم على إسرائيل وأنها ستأخذه في اعتبارها في خططها العسكرية المستقبلية وستكون أكثر تمسّكا بالواجهتين اللبنانية والسورية لقربهما من عدوّها وقدرتها على المناورة من خلالهما. ولكن لهجومها خسائره أيضا، تلك التي تعتبر مكاسب من منظور المحتلّ الإسرائيلي. فقد أتيحت لإسرائيل الفرصة لاختبار قدرتها على التّصدي لهجوم إيراني محتمل والفرصة لاختبار مدى استعداد شركائها للدّفاع عنها. وحمل لها الهجوم مفاجأة سعيدة بانخراط الأردن في الدفاع عنها، وهي تحمي أجواءها من" بعض الأجسام الطائرة وتتصدى لها".
وقبل الهجوم كانت إسرائيل في عنق الزجاجة. ورغم كلفة التضحيات الفلسطينية في غزة خاصّة بعد عملية طوفان الأقصى، يمكن أن نعتبر الخسائر الإسرائيلية أفدح. فقد انهارت إستراتيجية الردع التي تمثّل ركيزة مهمة لمفهوم أمنها. وحطّم الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس على مستوطنات "غلاف غزة" أسطورة الجيش الذي لا يقهر أو المخابرات الخارقة. أما اقتصادها فقد لحقت به أضرار جسيمة طالت مختلف القطاعات وتفاقم عجز موازنتها. فبلغت تكلفة حرب على القطاع منذ 7 أكتوبر الماضي حتى نهاية مارس 73 مليار دولار، وهذا رقم ضخم جدّا. وقد يكون الهجوم الإيراني قد فاقم من خسائرها الاقتصادية فقد قدّرت صحيفة يدعوت أحرنوت أنّ تكلفة الاعتراضات الجوية ليلةَ 13-14 أفريل تراوحت بين1 مليار دولار و 1.5 مليار دوار، صرفت في التشويش على نظام «GPS» والتأثير على مسار الطائرات الإيرانية المسيرة وصواريخها الموجّهة وتشغيل «القبة الحديدية» . ولكن حصيلة الهجوم الإيراني مثّلت لها جبرا للضرر وترميما المعنويات وتجميعا لحلفائها من حولها.
أما الفلسطينيون فلا مكاسب تحقّقت لهم من هذا الهجوم، ولا خسائر لحقتهم أيضا. وتفسير ذلك بسيط. فليس لهذا الصّدام الإسرائيلي الإيراني، بصرف النّظر عن نتائجه أو قراءاتنا له أو مدى تعاطفنا مع إيران، صلة بالإبادة التي يتعرض لها الفلسطينيون في قطاع غزة. و"طوفان الأقصى" و"الوعد الحق" خطان متباعدان لا ينتميان إلى المخطط الهندسي نفسه. فالهجوم الأوّل مصيري راهن فيه الفلسطينيون بأجسادهم العارية ضد الموت دفاعا عن الأرض والمقدّسات أمّا الهجوم الثّاني فلا يزيد عن رسالة هادئة رصينة محسوبة العواقب. ورغم ما فيه من مخاطرة ولعب بالنار في سياق عالمي شديد التوتّر فقد أرادت إيران للتفجيرات التي خلّفها أن تكون أشبه بألعاب نارية في احتفال جماهيري حتى تحدّ من وقع رسالتها.
ضمن هذا السياق يجب على الرأي العام العربي أن ينزّل هجوم "الوعد الحقّ" حتى لا يسقط ضحية للوهم من جديد كما حدث له في حرب 67 أو في حرب الخليج الثّانية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير الإيراني إسرائيل إيران إسرائيل رد تداعيات سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الهجوم الإیرانی الوعد الحق ا الهجوم أکثر من
إقرأ أيضاً:
الـ The National Interest: حزب الله جوهرة التاج.. هل إيران قادرة على ردع إسرائيل؟
ذكر موقع "The National Interest" الأميركي أنه "لا يمكن لإيران ردع إسرائيل. لقد تم إطلاق العنان لقدرات إسرائيل العسكرية والسرية لمواجهة الجمهورية الإسلامية وشركائها، وقد دفع فشل الردع الإيراني النظامَ إلى خيارٍ صعب: إما المخاطرة بكل شيء سعيًا وراء الأسلحة النووية، أو وضع نفسه تحت رحمة تل أبيب وواشنطن. ولكن، كيف وصلت الأمور إلى هنا؟ قبل نيسان من العام الماضي، بدا الردع الإيراني متينًا بما يكفي، وكانت طهران تملك منصةً من أربع دعائم للرد على التهديدات الإسرائيلية والأميركية".وبحسب الموقع، "الدعامة الأولى، ترسانة القوة الجوية الفضائية التابعة للحرس الثوري الإسلامي، والتي تضم آلاف الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والطائرات المسيّرة، الجاهزة لضرب المنطقة. وقد استخدموا هذه الأداة للرد على اغتيال الولايات المتحدة لقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، عام 2020، وضرب أهداف داعش في سوريا، وشن العديد من الضربات على الانفصاليين الأكراد والمخابئ الإسرائيلية المزعومة في كردستان العراق. الدعامة الثانية شبكة إيران من الفصائل بالوكالة. كان لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني علاقات قوية مع مجموعة واسعة من الفصائل المسلحة في كل أنحاء الشرق الأوسط الكبير، بدءًا من مجموعات التجنيد بين السكان الشيعة المهمشين في أفغانستان وباكستان، مرورًا بالفصائل في العراق وسوريا، ووصولًا إلى الحوثيين في اليمن. وكان جوهرة تاج هذه الشبكة حزب الله، الذي كان يمتلك نحو 150 ألف صاروخ وقذيفة وطائرة مسيّرة قادرة على ضرب أهداف في كل أنحاء أرض إسرائيل".
وتابع الموقع، "الدعامة الثالثة، الإرهاب والعمليات السرية. فجرت أجهزة الاستخبارات الإيرانية، بالتعاون أحيانًا مع حزب الله، مبانٍ وأطلقت النار على أعداء في كل أنحاء العالم. على سبيل المثال، ردّ حزب الله على اغتيال إسرائيل لسلف حسن نصر الله، عباس الموسوي، عام 1992 بتفجير السفارة الإسرائيلية في بوينس آيرس. وتعمل هذه الدعامة من خلال نقاط الضعف، فقائمة الأهداف المحتملة ضد إسرائيل لا تشمل المرافق الدبلوماسية الإسرائيلية فحسب، بل تشمل أيضا الشركات وأصولها، وأي تجمع لليهود بغض النظر عن علاقاتهم بإسرائيل. أما الدعامة الرابعة، فهي النفط. تقع إيران على الخليج العربي ومضيق هرمز الضيق، ويمر خُمس إمدادات النفط العالمية عبر المضيق الذي يبلغ عرضه واحدًا وعشرين ميلًا. كما يقع جزء كبير من الطاقة الإنتاجية المرنة للعالم داخل حدود الخليج أيضًا. ولقد استعدت القوات البحرية الإيرانية منذ فترة طويلة للتدخل في هذه التجارة، ومن شأن القوة الصاروخية والجوية الإيرانية أن تساهم في ذلك أيضًا".
وبحسب الموقع، "بدا وكأن كل ما سبق كان يوفر الردع لإيران. فأميركا، المهتمة بالصين وأوكرانيا أكثر من أي حرب أخرى في الشرق الأوسط، لن تضرب إيران مباشرةً، إنما ستستخدم أحيانًا قوة محدودة ضد وكلاء إيران في العراق وسوريا. بإمكان إيران الضغط على الوجود الأميركي المتضائل في جوارها، لكنها قد تتراجع عن الصراع المباشر عند الحاجة. في الواقع، لم تكن أميركا متعطشة يوماً لخوض معركة كبيرة ضد وكلاء إيران، وبالتأكيد ليس ضد إيران نفسها. أما في مواجهة إسرائيل، فكان الردع جزئيًا. فقد حوّلت إسرائيل سوريا إلى ساحة معركة، وضربت خطوط الإمداد الإيرانية لحزب الله مئات المرات، وأحبطت أجهزة الأمن الإسرائيلية العمليات السرية الإيرانية مرارًا وتكرارًا. أما الإجراءات الإسرائيلية داخل إيران كانت جريئة. فقد نجحت في عرقلة البرنامج النووي الإيراني، لكنها لم تنجح في إيقافه،
ولم تستطع إسقاط الجمهورية الإسلامية. وتمكنت إسرائيل من محاربة وكلاء إيران، لكنها لم تستطع اقتلاعهم من جذورهم. كما ولم تستطع تل أبيب ضرب إيران علنًا، ولم تستطع قصف البرنامج النووي بسبب عوامل متعددة، منها تحصين الأهداف الإيرانية، والتهديدات الإيرانية، ومخاوف إسرائيل من إغضاب الولايات المتحدة".
وتابع الموقع، "كان حزب الله أيضًا محصنًا إلى حد كبير داخل لبنان، وتحدث المحللون بتوجس عن التكلفة الباهظة التي ستتكبدها إسرائيل في حرب مع حزب الله. ولم يكن أيٌّ من هذا مريحًا لطهران، ولكن كان هناك مجال للمناورة. في الواقع، كانت إيران تتعدى على إسرائيل بثبات، وكان برنامج إيران النووي يتقدم بحذر شديد نحو أكثر مواقعه تقدمًا على الإطلاق. قد لا تكون القنبلة، في مثل هذه الظروف، ضرورية، فالمخاطر الاستراتيجية والسياسية للتسليح تفوق المكاسب. كما ولا يبدو دور الحرس الثوري الإيراني في الردع كما كان في السابق. فعملية الوعد الحق، هجوم نيسان 2024 بالصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والطائرات المسيّرة، لم تُلحق سوى أضرار طفيفة بإسرائيل".
وأضاف الموقع، "كما ويعاني وكلاء إيران أيضاً. فقد كانت مساهمة الحوثيين في الحرب ضد إسرائيل محدودة، كما ولم تُقدم شبكات الوكلاء العراقية والسورية الكثير لإسرائيل، وعقدت هدنة فعلية استمرت لأشهر مع الولايات المتحدة بعد رد فعل أميركي محدود. ويُزعم أن طهران هي من فرضت تلك الهدنة. وكانت صدمة الصراع الحقيقية هي حزب الله. فقد سعى وكيل إيران الأكثر رعبًا إلى تحقيق نصرٍ في الصراع، فشنّ حملةً لتشتيت الانتباه في الشمال، لكنه تجنّب الحرب. على الأقل كانت هذه هي خطته. وبعد معركة طويلة مع حماس، حوّلت إسرائيل طاقاتها إلى الشمال، وأرسلت خمس فرق عبر الحدود اللبنانية. لم ترق قوة حزب الله الصاروخية والطائرات المسيّرة، التي يخشاها، إلى مستوى التوقعات التي شكّلت صدمةً للمجتمع. كما وهاجمت إسرائيل قيادات حزب الله العليا، آخذةً زمام المبادرة مرارًا وتكرارًا بأجهزة النداء، وأجهزة الاتصال اللاسلكية، وقنابل اختراق المخابئ. والأسوأ بالنسبة لإيران، أن إمداد حزب الله بالأسلحة سيكون أصعب الآن بعد سقوط نظام الأسد في سوريا".
وبحسب الموقع، "لم يكن لدى حزب الله ردٌّ على تحركات إسرائيل. صحيحٌ أنه نفّذ ضربةً واحدةً على أحد منازل بنيامين نتنياهو، إلا أن الإسرائيليين زعموا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يتواجد هناك لأشهر. فهل كانت هذه لكمةً مُرتجلةً، تهدف إلى إظهار القدرة على ضرب نتنياهو؟ وهل كان حزب الله عاجزًا عن التصعيد إلى حرب، أم أنه ببساطة غير راغب؟ كلا الجوابين لا يُرضي إيران".
وختم الموقع، "لم تعد حلول إيران القديمة لمواجهة المخاطر الأميركية والإسرائيلية مجدية. ولذلك، يدور الحديث في طهران عن حل جديد: القنبلة الذرية. فهل سيكفي ذلك لحل مشكلة الردع الإيرانية؟" المصدر: لبنان24 مواضيع ذات صلة الـ"National Interest: تحليق طائرات إسرائيلية فوق جنازة نصرالله رسالة ليس لحزب الله فقط Lebanon 24 الـ"National Interest: تحليق طائرات إسرائيلية فوق جنازة نصرالله رسالة ليس لحزب الله فقط 13/04/2025 10:31:35 13/04/2025 10:31:35 Lebanon 24 Lebanon 24 الـ"The Conversation": هل يستطيع ترامب التوصل إلى اتفاق مع إيران وتجنب الحرب؟ Lebanon 24 الـ"The Conversation": هل يستطيع ترامب التوصل إلى اتفاق مع إيران وتجنب الحرب؟ 13/04/2025 10:31:35 13/04/2025 10:31:35 Lebanon 24 Lebanon 24 تقرير لـ"The Telegraph" يكشف: هل أوكرانيا قادرة على استعادة أراضيها؟ Lebanon 24 تقرير لـ"The Telegraph" يكشف: هل أوكرانيا قادرة على استعادة أراضيها؟ 13/04/2025 10:31:35 13/04/2025 10:31:35 Lebanon 24 Lebanon 24 تقرير لـ"National Interest":طائرات أميركية بحوزة إيران وهكذا حصلت عليها Lebanon 24 تقرير لـ"National Interest":طائرات أميركية بحوزة إيران وهكذا حصلت عليها 13/04/2025 10:31:35 13/04/2025 10:31:35 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنان خاص صحافة أجنبية تابع قد يعجبك أيضاً الحواط خلال إطلاق الماكينة الانتخابية في جبيل: مدينتنا نموذج للعيش المشترك Lebanon 24 الحواط خلال إطلاق الماكينة الانتخابية في جبيل: مدينتنا نموذج للعيش المشترك 03:05 | 2025-04-13 13/04/2025 03:05:02 Lebanon 24 Lebanon 24 الايجابية في عمان والتطبيق في لبنان Lebanon 24 الايجابية في عمان والتطبيق في لبنان 03:00 | 2025-04-13 13/04/2025 03:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 تأخير في صرف التعويضات Lebanon 24 تأخير في صرف التعويضات 02:45 | 2025-04-13 13/04/2025 02:45:00 Lebanon 24 Lebanon 24 ضبط شاحنة محمّلة بمعدات لتصنيع الكبتاغون Lebanon 24 ضبط شاحنة محمّلة بمعدات لتصنيع الكبتاغون 02:40 | 2025-04-13 13/04/2025 02:40:24 Lebanon 24 Lebanon 24 تحتوي على أقدم وأندر الأشجار في العالم.. غابات لبنان "سحر لا يُقاوم" مُهدد بالزوال! (صور) Lebanon 24 تحتوي على أقدم وأندر الأشجار في العالم.. غابات لبنان "سحر لا يُقاوم" مُهدد بالزوال! (صور) 02:30 | 2025-04-13 13/04/2025 02:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة بعد غياب أكثر من 15 عاما فنانة لبنانية تعود إلى الغناء.. شاهدوا كيف أصبحت (فيديو) Lebanon 24 بعد غياب أكثر من 15 عاما فنانة لبنانية تعود إلى الغناء.. شاهدوا كيف أصبحت (فيديو) 03:55 | 2025-04-12 12/04/2025 03:55:13 Lebanon 24 Lebanon 24 صورة قديمة تنتشر.. شاهدوا كيف كانت نادين نسيب نجيم قبل التجميل Lebanon 24 صورة قديمة تنتشر.. شاهدوا كيف كانت نادين نسيب نجيم قبل التجميل 03:40 | 2025-04-12 12/04/2025 03:40:40 Lebanon 24 Lebanon 24 زفة "أسطورية" وترتيبات "خيالية".. الصور واللقطات الأولى من زفاف نارين بيوتي (فيديو) Lebanon 24 زفة "أسطورية" وترتيبات "خيالية".. الصور واللقطات الأولى من زفاف نارين بيوتي (فيديو) 13:40 | 2025-04-12 12/04/2025 01:40:50 Lebanon 24 Lebanon 24 ثغرات في أنظمة الطاقة الشمسية تثير هلع اللبنانيين.. كيف تتجنبها؟ Lebanon 24 ثغرات في أنظمة الطاقة الشمسية تثير هلع اللبنانيين.. كيف تتجنبها؟ 08:37 | 2025-04-12 12/04/2025 08:37:37 Lebanon 24 Lebanon 24 خبر عن قصف يطال الجنوب.. ما صحته؟ Lebanon 24 خبر عن قصف يطال الجنوب.. ما صحته؟ 15:13 | 2025-04-12 12/04/2025 03:13:05 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك عن الكاتب ترجمة رنا قرعة قربان - Rana Karaa Korban أيضاً في لبنان 03:05 | 2025-04-13 الحواط خلال إطلاق الماكينة الانتخابية في جبيل: مدينتنا نموذج للعيش المشترك 03:00 | 2025-04-13 الايجابية في عمان والتطبيق في لبنان 02:45 | 2025-04-13 تأخير في صرف التعويضات 02:40 | 2025-04-13 ضبط شاحنة محمّلة بمعدات لتصنيع الكبتاغون 02:30 | 2025-04-13 تحتوي على أقدم وأندر الأشجار في العالم.. غابات لبنان "سحر لا يُقاوم" مُهدد بالزوال! (صور) 02:15 | 2025-04-13 "مأزق" انتخابيّ في الشوف فيديو جويس عقيقي تتمنى مُقابلة بشار الأسد لهذا السبب.. وهذا ما قالته عن ترك هشام حداد محطة الـ MTV (فيديو) Lebanon 24 جويس عقيقي تتمنى مُقابلة بشار الأسد لهذا السبب.. وهذا ما قالته عن ترك هشام حداد محطة الـ MTV (فيديو) 01:42 | 2025-04-12 13/04/2025 10:31:35 Lebanon 24 Lebanon 24 توقعات جديدة لليلى عبد اللطيف.. هذا ما قالته عن سلاح "الحزب" ومصير الشرع ومُفاجأة عن الدولار (فيديو) Lebanon 24 توقعات جديدة لليلى عبد اللطيف.. هذا ما قالته عن سلاح "الحزب" ومصير الشرع ومُفاجأة عن الدولار (فيديو) 00:04 | 2025-04-10 13/04/2025 10:31:35 Lebanon 24 Lebanon 24 حذفت صورها وارتدت الحجاب.. ابنة فنانة عربية تطلق قناة دينية (فيديو) Lebanon 24 حذفت صورها وارتدت الحجاب.. ابنة فنانة عربية تطلق قناة دينية (فيديو) 23:00 | 2025-04-09 13/04/2025 10:31:35 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي بلديات 2025 متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24