صدى البلد:
2025-04-30@20:01:21 GMT

عصام الدين جاد يكتب: فلسطين وسؤال لا نعلم إجابته

تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT

خالف "مجلس الأمن" دوره القوي الذي جاء في ميثاق "الأمم المتحدة" الذي أكد دوره الفعال في تحقيق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات، وغيرها من مصادر القانون الدولي.


وللأسف فإن دوره من خلال عقوبات وإجراءات مهمة تعقيدية أو عقابية للمخالف أو المعتدي، والتي أُنشئ من أجل سلام العالم، يشاهد ويعلم أن فلسطين والفلسطينيين في خطر دامغ.


فماذا لو كان جاد في نواياه، هل كان سيدعو العالم للمقاطعة الاقتصادية - وهي ما تتوافق معه المادة 41 من الميثاق الأممي - على دولة الاحتلال المسماة إسرائيل، لإجبارها على التوقف عن المذابح الوحشية ضد الأطفال والنساء والشيوخ؟


وما ستدعو إليه محض مسألة إجرائية مبدئية لما نصت عليه في ميثاقها، وهو ما تتوافق معه المادة 27/2، بل هي مسائل إجرائية يحق لتسعة فقط من أعضاء مجلس الأمن الدائمين وغير الدائمين التصويت عليها، وهذا أمر واجب على من وقع الاختيار عليهن لحفظ الأمن والسلام الدوليين.


يرى العالم أن هذه المذابح اضطهاد جازم لجماعة الفلسطينيين العزل لأسباب سياسية وعرقية وقومية، ويرجع ذلك إلى ما قبل 7 أكتوبر 2023 لمطالبتهم بالعيش في سلام وكرامة والاعتراف بحقهم في الأرض لعقود من الزمن. 


أكثر من ثلاثين ألف شهيد خلال الستة أشهر الأخيرة وآلاف الجرحى ما بين أطفال وشباب ونساء وشيوخ لا يحملون السلاح، بل ازداد ذلك بمنعهم من العلاج بقصف المستشفيات واقتحامها وقتل المصابين، وهو ما ظهر بجلاء فيما فعلته الجماعة الإرهابية الصهيونية (المستعربون الإسرائيليون) بالدخول للمستشفى بادعاء للعلاج، وقتلوا من أمامهم بدم بارد، وتؤكد هذه الجرائم ما نصت عليه المواد 6 و7 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. 


هذا التخاذل والعوار يُبيِّن مدى عدم جدية نظرة بعض الدول صاحبة الفيتو، واستخدام نصوص ميثاق الأمم المتحدة وتطويعها من أجل المصالح المشتركة.


إننا أمام سؤال لا أعلم إجابته، فعندما درسنا مبادئ العدالة، ومبادئ القانون الدولي، علمنا أن عصبة الأمم انتهى مصيرها لعدم جدوى وجودها لتعارض مصالح الدول الأعضاء مع بعضها بعضًا عند وجود قرار ملزم، ونذكر ما شهِده العالم من قبل، فعندما اعتدى بعض الجنود الإيطاليين على وحدة من وحدات الصليب الأحمر، خرج موسوليني بمقولته: "إن العصبة لا تتصرف إلا عندما تسمع العصافير تصرخ من الألم، أما عندما ترى العقبان تسقط صريعةً، فلا تحرّك ساكنًا".


إن ما يقف عليه "مجلس الأمن" -الذراع الأقوى والمنفذ- ما هو إلا إعلان بانتهاء ولاءه لفلسفته على تمييز وتفعيل القرارات، بل إنه لا يوجد تعريف محدد أو أمثله على سبيل الحصر أو المثال للمسائل الإجرائية أو الموضوعية التي يحق فيها لأصحاب الفيتو استخدام حقهم فيها.


وعلى الجانب الآخر نجد أن ما تقدمه الدول العربية، وخاصة مصر، من دور فعال يقوم على نهج الإيمان بالأخوة والقضية الفلسطينية، ومساعيها لحل القضية على مدار عشرات السنين، وإظهارها وتكريسها ما تقوم به من مساعٍ دبلوماسية، يُعد من أكبر التفاعلات الإنسانية المهمة والواجبة. 


فعلى العالم أن ينتبه لما هو قادم، من تمادٍ في النسيان، والتغافل عن الحق والإنسانية.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

من يقتل الحقيقة لا يحق له أن يكتب التاريخ

أول ما تفكر الحروب في استهدافه هو الحقيقة، ومنذ زمن بعيد أدرك صناع الحروب أن إسكات الكلمة وقتل الصحفيين هو السبيل الأنجح لطمس الجرائم ومحو آثارها من الذاكرة الجماعية. فالصحفي في مثل هذه الحالة، هو العدو الأخطر لمن يريد أن يروي الحرب كما يشتهي، لا كما حدثت.

ولم يعد قتل الصحفيين في الحرب الظالمة التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة حادثا عرضيا أو خطأ غير متعمد ولكن، دون أدنى شك، سياسة ممنهجة لطمس الأدلة وإخضاع الوعي العالمي لسرديات المحتل الزائفة.

لكنّ الطموح الإسرائيلي المبني على الإيمان المطلق بالسردية الذاتية، يبدو أنه يتلاشى تمامًا بعد أكثر من 19 شهرا على بدء مجازر الاحتلال في قطاع غزة والذي راح ضحيته أكثر بكثير من 52 ألف فلسطيني بينهم عشرات الآلاف من الأطفال والنساء، ولكل منهم قصته وحلمه وطموحه ومساره في هذا العالم.. فما زال صوت الحقيقة، ولو عبر ثقوب صغيرة جدا، يتسرب إلى العالم ويملك قوة تهشيم السردية الإسرائيلية، وصناعة الدهشة، وتحريك الضمائر الحرة في كل أنحاء العالم.

واغتالت يد الغدر الإسرائيلية منذ بدء الحرب أكثر من211 صحفيا، بعضهم تم استهدافه على الهواء مباشرة، وبعضهم رآه العالم وهو يحترق في خيمة الصحفيين حتى الموت، وهو عدد ضخم جدا في حرب واحدة لم تكمل بعد العامين. ولكل صحفي من هؤلاء حكايته التي لا نعرفها، وهو منشغل بنقل حكايات الآخرين من ضحايا الحرب، وله حلمه الذي ينتظر لحظة أن تضع الحرب أوزارها ليذهب نحو تحقيقه.. وكل جرائم هؤلاء أنهم اختاروا أن يكونوا شهودًا على الحقيقة، لا صامتين على الجريمة.

لم تكن الرواية يومًا كما يدعي الإسرائيليون، لكن الأمر كان، منذ الصحفي الأول الذي سقط ضحية للحقيقة، ممنهجا في سبيل احتكار الاحتلال للرواية، ليكتب الحرب وحده دون صور تُوثق أو أقلام تسائل ما يحدث أمام سطوة التاريخ التي لن ترحم في يوم من الأيام.. ويريد أن يحرق الحقيقة كما حرق أجساد الصحفيين، وأن يُطفئ العدسات كما يُُطفئ الحياة في عيون الأطفال.. تماما كما يستهدف المسعفين، ويدمر المستشفيات، ويقصف المدارس والجامعات.. إنه يستهدف، وفي كل مرة، شهود الجريمة أنفسهم.

وهذا ليس صادما لمن يفهم الاحتلال الإسرائيلي؛ فهو ينطلق دائمًا من مبدأ نزع الإنسانية عن الفلسطينيين، وعقدة الاستثناء التاريخي من القوانين والأخلاقيات والمبادئ، وفصل جرائمه ضد الفلسطينيين، عن التقييم الأخلاقي والقانوني. ولذلك لا غرابة أن يعمد الاحتلال الصهيوني إلى اغتيال الحقيقة وإطفاء الأضواء في زمن الظلام؛ فالعمل الصحفي في نظره فعل مقاومة لأنه يعمل على كشف حقيقة ما يقوم به وفضح سردياته الملطخة بدماء الأبرياء.

رغم ذلك ورغم كل المحاولات الإسرائيلية لإسكات الحقيقة عبر اغتيال أبطالها وحرقهم بالنار تبقى «الحقيقة» آخر جدار للصمود، ويبقى الصحفيون في غزة هم حراس هذا الجدار، يكتبون بالدم ويصورون بالألم وصراخهم صدى لآلاف الضحايا الذين قضوا دون أن نسمع لهم صوتا أو أنينا. ولن تستطيع إسرائيل أن تصدّر سردياتها للعالم فقد كشف أمرها تماما، ومن يقتل الحقيقة لا يحق له أن يكتب التاريخ.

مقالات مشابهة

  • إبراهيم النجار يكتب.. 100 يوم من حكم ترامب.. هل أهتز توازن العالم؟!
  • مصر القومي: جلسة مجلس النواب لإقرار قانون الإجراءات الجنائية والموافقة عليه تاريخية
  • مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة: ندعو دول العالم لدعم شعبنا في تقرير المصير
  • مندوب فلسطين بمجلس الأمن: أملنا كبير في أن مصر وقطر وأمريكا ستتمكن من العودة لوقف إطلاق النار
  • مندوب فلسطين لدى مجلس الأمن: ندعو كل الدول لـ دعم الحكومة الفلسطينية وخطة إعمار غزة
  • مندوب فلسطين لدى مجلس الأمن: غزة تواجه حصارا عقابيا من قبل الاحتلال
  • الأمم المتحدة تطلق شبكة جمعيات ضحايا الإرهاب
  • الإمارات: تقرير مجلس الأمن لا يدعم الادعاءات الباطلة للقوات المسلحة السودانية ضدنا
  • من يقتل الحقيقة لا يحق له أن يكتب التاريخ
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: جبهة داخلية متماسكة .. أمن واستقرار