خبير عسكري فرنسي: إيران لم تستخدم أفضل أسلحتها
تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT
قالت مجلة لوبوان إن "طوفان النيران والتكنولوجيا" الذي أطلقته إيران باتجاه إسرائيل في ردها على الهجوم على قنصليتها في دمشق، جعل أنظمة الدفاع الإسرائيلية تعمل بكامل طاقتها لعدة ساعات.
بهذه المقدمة افتتحت المجلة مقابلة مع المؤرخ العسكري بينوا بيهان، بدأها بأنه سيكون من الخطأ أن تعتمد إسرائيل على قوة دفاعاتها، مؤكدا أن الهجوم الإيراني لم يكن يهدف إلى إحداث أضرار بشرية ومادية بقدر ما كان اختبارا للأسلحة بقياس جودتها وقياس قوة دفاعات العدو، خاصة أن المواجهة الإستراتيجية والعسكرية قد بدأت للتو.
وأشار المؤرخ العسكري الفرنسي -في المقابلة التي لخصها جوليان بيرون- إلى أن إيران لا يبدو أنها استخدمت أحدث أسلحتها في هذا الهجوم، حيث بدأ الهجوم بإرسال عدد من المسيرات باتجاه إسرائيل.
ولفت، في هذا الصدد، إلى أن طهران تمتلك عدة نماذج من المسيرات، يمكن استخدام العديد منها كذخائر بعيدة المدى، خاصة مسيرة "شاهد-136″، وهي صغيرة الحجم يمكن أن تصل إلى 2500 كيلومتر، ولكن سرعتها لا تتجاوز 185 كيلومترا في الساعة وحمولتها 50 كيلوغراما من المتفجرات.
وهذه المسيرة -حسب الخبير العسكري- سهلة الإسقاط نسبيا، ولدى طهران أنواع أكثر تقدما منها، شاهد-238، التي تعمل بمحرك صغير وهي بالتالي أسرع.
ومع أن اختراق هذه المسيرات للدفاعات الإسرائيلية ليس متوقعا، فإن دورها ربما يكون إجبار المدافعين على استخدام جزء من وسائلهم ضدها، وبالتالي استهلاك ذخائرهم التي هي أكثر تكلفة من المسيرة نفسها، إذ إن أرخص الصواريخ المتاحة لإسرائيل أغلى بـ3 أو 4 مرات من شاهد-136.
إسرائيل بحاجة للدعم الغربي
ولعل هذه المسيرات أيضا تسهم في شغل جزء من الدفاعات الإسرائيلية، للسماح للأسلحة الأخرى المستخدمة، كصواريخ كروز بالحصول على احتمال أكبر للنجاح.
كما أنه من المنطقي -حسب الخبير- أن طهران أرادت تقييم الرد الإسرائيلي على فئات مختلفة من الأسلحة، لتحسين قدراتها على تنسيق هذه الذخائر المختلفة معا في ضربة متزامنة.
وتستطيع إسرائيل، فنيا وتكتيكيا، حسب الخبير، إسقاط هذا العدد الكبير من المسيرات، لأنها تمتلك 280 طائرة مقاتلة، وهي مدعومة جيدا بوسائل كشف متقدمة، كما تمتلك نظام دفاع جوي-أرضي يعتبر من الأفضل في العالم، من حيث الأداء الفني أو كثافة الوسائل.
لكنه نبه إلى أن المساهمة الأميركية تبقى مع ذلك، ضرورية بالنسبة لإسرائيل، من ناحية تعزيز قدرات التزود بالوقود أثناء الطيران، ثم من أجل "فتح" المجال الجوي العراقي والأردني دبلوماسيا، كما أن قدرات الإنذار المبكر الأميركية والفرنسية والبريطانية، كانت مهمة.
وبالتالي فإن إسرائيل رغم قدراتها الفنية والتكتيكية، تحتاج إلى الدعم الغربي من الناحية الدبلوماسية، وعلى المستوى الاحتياطي من الذخيرة، خاصة أن الصواريخ الاعتراضية، بحكم مهمتها، أسلحة متطورة للغاية وبالتالي باهظة الثمن ومتوفرة بأعداد محدودة، مقابل مخزون كبير من الأسلحة الرخيصة لدى طهران.
وهنا جزء من التهديد الضمني الإيراني -حسب بينوا بيهان- فهي تهدد بحرب استنزاف تعتقد أن إسرائيل وحلفاءها لن يتمكنوا من تحملها على المدى الطويل.
لكنه نبه إلى أن القبة الحديدية ليست الوحيدة لدى إسرائيل، إذ لديها نظام دفاع شمسي متعدد الطبقات، يجمع بين عدة أنظمة مختلفة ومتكاملة، مثل نظام آرو طويل المدى المضاد للصواريخ، ونظام باتريوت الأميركي، وخليفته المعروف باسم "مقلاع داود"، كما تمتلك بعض أنظمة الدفاع النقطية، بما فيها "الشعاع الحديدي"، وهو نظام طاقة موجه لا يزال تجريبيا.
إيران في قلب اللعبة
وخلص الخبير العسكري إلى أن إيران تسعى إلى تحقيق 3 أهداف من هذا الهجوم الذي يجمع بين المسيرات والصواريخ الباليستية وصواريخ كروز.
أما الهدف الأول، فهو إظهار القوة والتحدي من خلال ضرب إسرائيل مباشرة، بدلا من الاستعانة بوسيط ينفذ الضربة، مما يظهر أن طهران لا تخشى ردا إسرائيليا محتملا، ويردع تل أبيب عن تكرار مثل هذه الضربات.
والهدف الثاني هو البقاء من دون عتبة الحرب المفتوحة، واستقرار الوضع بدلا من تصعيده، ولهذا السبب، "أبلغ" الإيرانيون عن هجومهم على نطاق واسع، مع علمهم التام أن ذلك سيصل إلى الولايات المتحدة وإسرائيل.
وكان الهدف من التخلي الطوعي عن أي تأثير للمفاجأة هو على وجه التحديد ضمان أن تكون إسرائيل في حالة دفاع، بحيث يمكن أن تكون الضربة ضخمة، وتحقق الهدف الأول، ولكن آثارها الحقيقية محدودة لا تفي بتحقيق الهدف الثاني، ومع ذلك فإيران تريد أيضا تحقيق هدف ثالث.
وهذا الهدف هو وضع إسرائيل في معضلة إستراتيجية في أعقاب الهجوم، فإما أن تقبل التهدئة أو تتصرف بشكل ضعيف، وإما أن تصعد، وترد بعنف أو بشكل غير متناسب، وفي هذه الحالة تواجه خطر العزلة الدبلوماسية وربما العسكرية.
وختم المؤرخ العسكري الفرنسي بأن التأثير العسكري لم يكن الهدف الرئيسي الذي تسعى إليه هذه الضربة، خاصة أن إيران لم تستخدم أقوى أسلحتها، مشيرا إلى أن المواجهة الجيوسياسية بين إيران وإسرائيل قد تحدث على المدى الطويل.
أما اليوم، فقد أصبحت طهران في قلب اللعبة في الشرق الأوسط، وهي على قدم المساواة مع إسرائيل من حيث القدرة على العمل الإستراتيجي، رغم التباين الكبير بينهما في الوسائل العسكرية، على حد تعبيره.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات ترجمات إلى أن
إقرأ أيضاً:
محللون: إسرائيل قد تستخدم المساعدات لتحقيق أهدافها والعالم لا يفعل شيئا
لم تعد إسرائيل مهتمة بالانتقادات الدولية المتزايدة بسبب التجويع الممنهج الذي تمارسه ضد الفلسطينيين في قطاع غزة -كما يقول خبراء- ولكنها مهتمة بإيجاد طريقة تمكنها من استخدام المساعدات لتحقيق أهدافها العسكرية بما فيها تهجير السكان.
فمع استمرار الحصار المضروب على غزة وإغلاق جميع المعابر منذ نحو شهرين، تتعالى أصوات تحذيرات منظمات الإغاثة الدولية من أن الوضع الإنساني في القطاع يزداد سوءا، وأن الأيام المقبلة ستكون حرجة بسبب تفاقم أزمة الجوع.
وقد أكدت أولغا تشريفكو المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في غزة -في مقابلة مع الجزيرة- أن القطاع "يعيش كابوسا بسبب نفاد الإمدادات الغذائية والطبية".
وتسبب الحصار الإسرائيلي الخانق في مضاعفة حالات سوء التغذية خلال الأسابيع الأخيرة، حيث تم تسجيل حوالي 10 آلاف حالة سوء تغذية حاد لدى أطفال في غزة، منذ بداية العام الجاري، حسب ما أفاد المكتب الأممي للشؤون الإنسانية.
ورغم تزايد الانتقادات الموجهة لإسرائيل من بعض الدول، فإن هذه الدول لا تتخذ موقفا فعليا لوقف ما يتعرض له سكان القطاع من تجويع ممنهج، كما يقول أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جنيف الدكتور حسني عبيدي.
إعلانوخلال مشاركته في برنامج "مسار الأحداث" قال عبيدي إن هناك عوارا في موقف الاتحاد الأوروبي بسبب انقسام أعضائه إزاء ما يحدث في غزة، وأيضا بسبب العلاقات التجارية والعسكرية التي تجمعه بإسرائيل.
أوروبا لا تريد ردع إسرائيل
لذلك، فإن تذرع الأوروبيين بأنهم مانحون وليسوا فاعلين، وحديثهم عن احتكار الولايات المتحدة كافة الأدوار المهمة المتعلقة بهذه الحرب، ليس صحيحا -برأي عبيدي- لأن الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأول في العالم لإسرائيل وليس واشنطن.
وحتى الطلب الاستشاري الذي طلبته النرويج من محكمة العدل الدولية ليس كافيا -على أهميته- لأن ما يحدث لا يحتاج لمن يقول إنه انتهاك دولي، كما يقول عبيدي الذي أكد أن هذا التجويع محاولة لتثوير الشارع ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لإجبارها على تسليم الأسرى بشروط إسرائيل.
ومع غياب الضغط الدولي والعربي، تحاول إسرائيل جعل المساعدات جزءا من مفاوضات الأسرى -وفق عبيدي- الذي يعتقد أن الولايات المتحدة ستبتكر طريقة لإدخال المساعدات لأنها لم يعد لديها هامش في هذه القضية.
وقبل أيام، أصدر وزراء خارجية كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا بيانا مشتركا، طالبوا فيه بإنهاء الحظر على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة والسماح بدخولها فورا ودون عوائق التزاما بالقانون الدولي. وقال البيان إن منع إدخال المساعدات "أمر غير مقبول".
وفي الوقت نفسه، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه ناقش مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي الحاجة لإدخال المزيد من الغذاء والدواء إلى القطاع، مضيفا أن بلاده ستتكفل بضمان إيصالها لتخفيف المعاناة عن المدنيين، حسب قوله.
لا حل سوى وقف الحرب
وبينما تستهلك إسرائيل الوقت في البحث عن آلية لإيصال المساعدات، يقول الدكتور إينار غونارسون ممثل جمعية "نورواك" الإنسانية والطبيب بقطاع غزة إن السكان لا يمكنهم تحمل المزيد من هذا الإنهاك.
إعلانووصف غونارسون -الذي وصل إلى المستشفى الأوروبي قبل أسبوعين- وضع المرضى والجرحى وحتى العاملين في القطاع الصحي بالصعب، وقال إنهم لا يجدون أدنى لوازم العلاج.
ويعاني الناس من سوء تغدية حاد، والتهابات بسبب الجروح، فضلا عن غياب مستلزمات التخدير ورعاية ما بعد الجراحة، حتى إن الأطباء يستخدمون طرقا في العلاج لم تعد تستخدم منذ 30 عاما، كما يقول غونارسون.
ولكن هذه الخدمات المحدودة ستتوقف قريبا ما لم يتوقف القصف وتدخل المساعدات اللازمة لهؤلاء السكان الذين يقول غونارسون إنهم عانوا معاناة شديدة بسبب هذه الحرب التي يجب أن تتوقف.
محاولة للتهجير
ورغم حديث ترامب عن ضرورة حل مشكلة التجويع، فإن الخبير بالشأن الإسرائيلي الدكتور مهند مصطفى يجزم بأن إسرائيل ما كان لها أن تقوم بهذا العمل دون غطاء أميركي.
أما الحديث عن إنشاء منطقة في المواصي جنوب القطاع لتوزيع المساعدات من خلالها عبر شركات أميركية خاصة، فهو لا يتجاوز كونه حملة دعاية عامة ومحاولة لحشر الناس في مساحة ضيقة تمهيدا لتهجيرهم، كما يقول مصطفى.
فمن غير الممكن -برأي مصطفى- أن يتمكن الناس من التنقل بين مناطق القطاع طلبا للمساعدات بينما إسرائيل ستوسع عملياتها العسكرية، وهي التي لا تملك أي تسامح مع حركة الناس في الشارع، وتقتلهم لمجرد الشك.
والأهم من ذلك -من وجهة نظر المتحدث- أن هذه الطريقة "قد تكون محاولة لحشر السكان في منطقة محددة حتى يتسنى للجيش الإسرائيلي تهجيرهم مرة واحدة إلى الحدود المصرية، أو على الأقل أن يبقوا في هذه المنطقة واحتلال بقية القطاع تحت مسمى المناطق العازلة".
والدليل على أن إسرائيل لا تريد إيصال المساعدات أنها رفضت قيام الجيش بهذه المهمة حتى لا تحاسب عليها ولكي تتنصل من مسؤوليتها كدولة محتلة، حسب الخبير بالشأن الإسرائيلي.
وخلص مصطفى إلى أن الإسرائيليين يرفضون تصوير وجودهم في القطاع على أنه احتلال حتى لا يتحملون مسؤولياتهم تجاه الشعب الفلسطيني، ويبحثون عن طريقة تجعل المساعدات سببا في تحقيق الأهداف العسكرية.
إعلان