وكيل الأزهر: الوطن في حاجة إلى جهود المخلصين من أبنائه
تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT
أجرى وكيل الأزهر الدكتور محمد الضويني جولة تفقدية بمجمع البحوث الإسلامية؛ رافقه فيها، الدكتور نظير عياد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، والدكتور محمود الهواري الأمين المساعد للدعوة والإعلام الديني، والدكتور حسن خليل الأمين المساعد للثقافة الإسلامية؛ حيث ناقش وكيل الأزهر خلال الجولة مع العاملين طبيعة تقسيم العمل اليومي داخل كل إدارة والتحديات التي يمكن أن تواجههم أثناء أعمالهم.
وقال وكيل الأزهر خلال جولته: إننا في مرحلة مهمة نظرًا للظروف المحيطة بنا؛ والتي تحتاج منّا جميعًا إلى مزيد من الأداء وتحمل الأعباء، فنحن نتعامل مع فئات متنوعة من المجتمع وجميعهم في حاجة ملحّة إلى المعرفة بالكثير من الأمور التي ترتبط بحالهم ارتباطًا مباشرًا، كما أن ثقة الناس بالأزهر وعلمائه الأجلاء تزيد من تلك الأعباء وتفرض علينا مسئولية إضافية، مؤكدًا على أن النموذج الأزهري عمله رسالة تخدم الجميع وليس مجرد وظيفة.
وأكد وكيل الأزهر على أهمية حفز همم العاملين وتشجيعهم على الإخلاص والتفاني في العمل لتحقيق مزيد من الإنتاج، فالوطن في حاجة إلى جهود المخلصين من أبنائه في جميع المجالات العلمية، والعملية، والإدارية والخدمية، فكل فرد له دورٌ مهمٌ في بناء الدولة المصرية والحفاظ على مقدراتها، مما يلقي على عواتقنا مزيدًا من المسؤوليات ويجعلنا أكثر قدرةً على مواجهة التحديات بوعي وتركيز وإخلاص.
على صعيد آخر قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، إن قضية الأخلاق في الإسلام قضية مركزية، فلا يكاد يخلو تشريع من التشريعات، عقيدة وعبادة وعملا، من حكمة خلقية تظهر ثمارها في الإنسان، جمالا وعقلا، وفي المجتمع تكافلا وتعاونا، ولا نحتاج في بيان العلاقات الوثيقة بين تشريعات الإسلام وبين الغايات الأخلاقية إلى كثير من النظر، لافتا أنه يتضح لنا ذلك عبر التأمل القليل لبعض آيات من القرآن الكريم، وبعض أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم تبين له ذلك، فالقرآن يقول "وأقِمِ الصَّلاةَ إنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الفَحْشاءِ والمُنْكَرِ"، ويقول أيضا "ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون"، ويقول أيضا "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها"، ويقول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
وأوضح خلال كلمته بالمؤتمر الدولي الخامس لكلية الدراسات الإسلامية والعربية تحت عنوان "الأخلاق.. وآليات بناء الوعي الرشيد"؛ إن الأخلاق والعبادات وجهان لعملة واحدة، لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر، فالبعد الأخلاقي متغلغل في الإسلام عبادة وشريعا وسلوكا، بل إن العبادات في الإسلام من صلاة وصيام وحج وغيرها، إذا لم تستند إلى ظهير أخلاقي فإنها قد لا تفيد صاحبها يوم القيامة، مصداقا لما ورد عن نبينا صلى الله وسلم "إن فلانة تصلي الليل و تصوم النهار و في لسانها شيء يؤذي جيرانها سليطة قال: لا خير فيها هي في النار"، ولا أتصور أن تذكر امرأة بكثير الصلاة والصيام وهي مقتصرة على أداء الفريضة فحسب، ومع ذلك لم ينفعها لفقدها البعد الأخلاقي، وفي الصورة المقابلة، ورد عنه أيضا " إن فلانة تصلي المكتوبة و تصوم رمضان و تتصدق بالأثوار و ليس لها شيء غيره و لا تؤذي أحدا قال: هي في الجنة"، وبمقابلة الصورتين تظهر مكانة الأخلاق في ديننا وأنها قرينة العبادة ولا تنفك عنها بحال.
وتابع وكيل الأزهر إنني لأعجب حقا من هؤلاء الذين يصومون ويصلون ويزكون، إلا أنهم يصرون على أكل حقوق العباد وظلمهم، ألا يخشى هؤلاء من أن يأتوا يوم القيادة مفلسين من الحسنات، ولذا هناك أمر يجب التنبيه إليه، بمناسبة اقتراب شهر الصوم أنه تعالى يقول "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون"، فكلمة التقوى مرتبطة أشد الارتباط بالجانب العملي في الحياة، والتقي رجل مجتمع صالح قادر على النفع والعطاء، وهو الذي لا يأكل مالا حراما ويحافظ على المال العام ويتحاشى أن يؤذي الناس بكلمه إلى آخر ما يمكن أن تشتمل عليه كلمة التقوى ومواصفات الإنسان التقي، مضيفا أنه ومما يؤسف له أن معايير تقييم الإنسان في مجتمعاتنا اليوم قد اختلت واضطربت اضطرابا شديد، بل تراجعت الأخلاقيات والقيم أمام المادية والشهوانية، حتى أصبح من المعتاد أن تقيم كل الأمور بالدرهم والدينار، حتى في مجال القيم والأخلاق ولا علاج لهذه الظاهرة الغريبة إلا بتكاتف علماء الدين والنفس والاجتماع، والمفكرين والمعنيين من أجل وضع تصور عملي واضح، لصياغة مجتمعاتنا صياغة جديدة تحيي القيم الدينية والأخلاقية مع معاصرة رشيدة تحفظ الإنسان من العزلة عن الواقع، وآمل أن يكون هذا المؤتمر خطوة في سبيل تحقيق هذا الرجاء.
وبيَّن أنَّ من الضرورة بمكان في مجتمعاتنا اليوم أن يكون أبناؤنا على قدر من الوعي الرشيد، ليكون تحصينا لهم ضد أي تشويه متعمد، من أجل حماية الأوطان والمجتمعات مما تستهدف به على وعي أبنائها، وعيهم بهويتهم ووعيهم بتاريخهم ووعيهم بما يخطط لهم، وإن من أخطر أدوات تغييب الوعي وتزييف الواقع، الشائعات والأكاذيب والشبهات التي تسعى بها جهات خبيثة إلى احتلال العقول احتلالا ناعما غير مكلف، لاستلاب خيرات الأوطان ومقدراتها، أو على الأقل عرقة الأوطان عن مسيرتها بعد أن فشلت في احتلال الأوطان احتلالا صريحا، مؤكدا أن ديننا الإسلامي الحنيف قد وضع منهجا دقيقا لتكوين العقلية الصحيحة الواعية، التي لا تتقبل كل ما يلقى إليها، فقد قال تعالى موضحا أهم معيار لقبول الأخبار "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا"، وبما يوضح لنا مبدأ قبول الأخبار والتوثق من صحتها، وما أنتجته الأمة في ذلك يمثل طفرة علمية كبيرة شهد على قيمتها وأهميتها علماء الغرب من المستشرقين وغيرهم، ومبدأ التثبت في الآية الكريمة لا يتوقف عند تصديق الخبر فحسب، بل تطرق للتوثق من صدق راويه ومقصده.
وأوضح الدكتور الضويني أن الخبر الكاذب مرفوض وإن كان مقصده نبيلا، فإن نبل الغاية لا يبرر فساد الوسيلة، والخبر الصادق أيضا قد يكون مغرضا أو مشوشا أو متقطعا من سياقه، وكل هذا يتنافى مع مبدأ التثبت ومع الوعي الرشيد لمجتمعاتنا، وقد حذرنا نبينا الكريم من قبول كل خبر يلقى علينا فقال " كَفَى بالمرءِ كذِبًا أن يحدِّثَ بِكُلِّ ما سمِعَ"، في دلالة واضحة على أن المتساهل في تلقي الأخبار ومن يقوم بترويجها دون تثبت مجازف ومخاطر، بل لا يقل خطورة وإثما عن الذي يختلق الشائعات ويروج الأكاذيب، وهذا يدل على منهجية الإسلام الفائقة التي سبق بها الأمم في مجال تكوين العقول الواعية التي تبني فكرها.
وفي ختام كلمته شدد وكيل الأزهر على ضرورة الحفاظ على الوطن والمجتمع من أي انتهاكات تهدد هويته وتعبث بعقول أبنائه، وقوام المجتمع أخلاق حافظة ووعي رشيد مصداقا لقول الشاعر "إنما الأمم الأخلاق ما بقيت، فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا"، مؤكدا أنه كلما زاد المغرضون من أساليبهم في تزييف الوعي زادت مسؤولية العلماء في مجابهتهم، وتفنيد ما يعتمدونه من فكر هدام عبر وسائل تكنولوجية مغرية ووسائل استهلاكية براقة وطعن في القدوات، وإن العلماء على اختلاف تخصصاتهم مسؤولون أمام الله تعالى عن تشكيل العقلية الواعية التي تستعصي على الخطط الماكرة والأجندات المشبوهة، ولا يكون ذلك إلا بالحفاظ على قيمنا وأخلاقنا وتراثنا، وأن ندرك جميعا أن الأمم تبنى بالوعي السليم والإرادة القوية والعمل الجاد المتواصل لتتحقق النهضة المنشودة بعيدا عن الشعارات الزائفة، وإنا لننتظر ما يكشف عنه هذا المؤتمر من مخرجات وتوصيات تكون لنا نورا هاديا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأزهر وكيل الأزهر نظير عياد البحوث الإسلامية محمود الهواري وکیل الأزهر فی الإسلام
إقرأ أيضاً:
الصادق الرزيقي: الوجوه التي تسلقت سيقان البلاهة العجفاء في نيروبي، جاءت لتكتب شهادة وفاة لمشروع بائس
■كل تلك الوجوه التي تسلقت سيقان البلاهة العجفاء اليوم في نيروبي ، جاءت لتكتب شهادة وفاة لمشروع بائس ، قميء الملامح ، باهت الوجه ، صفيق الجبين ، أبرز ما فيه إصفرار الموت ، لقد جمعوا له أصحاب العاهات السياسية ـالصدئة ونفايات الاحزاب المنبوذة ، وقطاع الطرق و السابلة الهائمين علي درب السياسة اللزج بوحله وطينه وروثه وقاذوراته والدماء ..
جاءت وجوه أياديها ملطخة بالعار ، تمتد الأظافر كالخناجر ، وتلتقي الحوافر بالسوافر بالنصال ، جاءوا ولم تزل محاجرهم وأصابعهم و أكفهم السفلي ، تقطر من دم النساء والأطفال والرجال والشيوخ من أهل بلادنا ، من ضحايا حربهم الملعونة ، ألم ترهم يتلفتون وهم بالقاعة البكماء في وجل وخوف وإرتعاش ، أرواح البسطاء الضحايا والشهداء في الفاشر والقطينة وود النورة ومعسكر زمزم وكل مكان نازف ، تلاحقهم تركض خلفهم ، و تمد حبالها المنسوجة من الدم المسفوح حول رقابهم المغموسة في الذل والمال الحرام ، وتغوص أرجلهم في قعر الخيانة المعتم … لتدوس وجوههم الخائبة المرتعدة سنابك النصر المتوالي لجيشنا الباسل في مسارح العمليات كل صبح ومساء .
■ تجمعوا في نيروبي كبغاث الطير ،تكاد تقفز قلوبهم من بين أضلعهم وهم يتصنعون الإبتسامات الخادعة اللئيمة ، في القاعة المزخرفة يشعرون في دواخلهم الخواء أنهم داخل قفص حديدي مزركش ، أحاطتهم المليشيا بجراب مالها وقبله بحرابها المسننة المدببة ، جلسوا كالببغاوات الثرثارات يحملقون في السقف المزين بالهزيمة ، ويرددون نشيد الإنشاد تملقاً و تقرباً زلفي لقادة المليشيا ، وصديد الخيانة يلامس الأنوف والشفاه الذاهلة الذابلة ..
■ شاهدنا الحلو … يحمل عاره الأبدي .. يدخل القاعة كالملدوغ ، قبض الثمن ولم يقبض الوطن ، ضاعت نظراته التائهة بين ضحاياه وهزائمه وأحلامه المهيضة الجناح منذ تمرده الأول وسيره في ركاب قرنق ، فهو لم يحقق شيئاً وقد أفني عمره متمرداً مدحوراً يسكن كالخفافيش بين صلد الصخور ، فبالأمس إتكأ علي عكازة المليشيا اليابسة ، أقعي أمام مصاصي الدماء ، ينشد مجداً لا يأتي ابداً ،و لم يصنعه يوماً ، فتوهمه بالأمس وظن غافلاً أنه سيجده في مكب النفايات ذاك ، وسيصعد به من سفح الخيبة ، فإذا به يدخل أحشاء الأفعي الشرهة ..
■ وجاءت حفنة من تراب السياسة النجس ، يتامي مطرودين من أحزابهم وحركاتهم ، فضل الله برمة ناصر ، جاء فقط ليدنس ثياباً ما كانت يليق به أبداً ، ثوب الجندية السابق ، و جلباب حزب الأمة الذي صنع الاستقلال لدولة 56 ، فألقي بالثوبين وبنفسه في نار المليشيا غير المقدسة ، كما الفراشة العمياء فأحرق تاريخ الثوبين و أحترق ..
■و أختار قادة الحركات السابقة ( الهادي ادريس – الطاهر حجر – سليمان صندل ) المشي خلف جنازة الوطن القتيل ، حملوا هزائمهم وهواجسهم وأحلامهم الحرام ، وتقيأوا مراراتهم وسخام نفوسهم ، وربطوا أياديهم و أعناقهم بخيط مغموس في صبغة الذل ، فنبحوا كثيراً وهم يسيرون خلف قافلة المليشيا ، وعلت وجوههم أكداس من الغبار والسعال والحسرة وقلة الحيلة والطمع ، وأهاليهم يُقتلون ويُذبحون ويُقصفون ، فبئس الخيانة وبئس المسعي المقيت.
■وأختار سليل المراغنة ، أن توضع علي ظهره بردعة المليشيا المتمردة ، جعلوا علي فمه خطاماً كخطام البعير ، وزينوه بزينة برّاقة من الزيف والكذب والخداع ، وما دروا أن كان بالفعل بعيراً أجرب عندما لفظه حزبه وعافه رهطه ، فنال بجدارة لقب الأخرق المستغفل اليتيم ، فقد رضي لنفسه أن يكون ذيلاً.. فكان … وكم في السياسة من ديوث …
■ بعض رموز القبائل علي قلتهم ، لا يمثلون شيئاً غير أنهم زينة وضعوها لتجميل القاعة ، جلابيبهم الباهتة كمواقفهم مثل قشور الخديعة ، تبرق عيونهم من فرط الحيرة ، تناسلت في جنباتهم إنكسارات المواقف الهشة المهلكة ، وهم يخونون وطناً أعطاهم كل شيء ، فخانوه عندما لهثوا وراء الدرهم والدينار ، وحال بينهم وبين الوطن الموج الكاسر ، فلا شيء يعصمهم من الغرق في مستنقع المليشيا الحمضي المتلاطم، رأهم الناس بالأمس و لم تبق في الوجوه مزعة لحم ….
أما الشرفاء من قيادات الإدارة الاهلية وقيادات قبائل السودان العفيفة الشريفة ، فقد ركلت دعوات المليشيا وجفان دولة الامارات وهباتها ومالها ، فحافظوا علي الإرث والتاريخ والإسم ولم يرضوا أن يتلوث، رفضوا الدعوة وقاطعوا ، أما من ذهبوا إلي نيروبي فقد ذهبوا مع الريح …
■بقية الزعانف السياسية والناشطين ، لم نعرف أكثرهم ، لأنهم مجرد أصفار لا قيمة لها في حساب العمل العام ، وجوه لم يشاهدها من قبل أحد ، غوغاء ملأوا بهم المكان ، تراصوا كأحجار الأرصفة ، فرحين ما وجدوا في الطقس الكرنفالي البئيس ، يتصايحون كأنهم في مركب ضائع ، الملح في حلوقهم التي شرخت من الهتاف اللعين ، و السأم في عيونهم التي لم تر أفقاً في السماء ولا درباً يفضي للوطن ، فحاروا في صحراء التيه ، وهم يعبدون عجل السامري الإماراتي الحنيذ .
■ أما النور حمد ونصر الدين عبد الباري ومحمد حسن التعايشي وبقية الناشطين ، فلا شأن لنا بهم فهم يخرجون بلا أجنحة من جيفة التمرد المدحورة .. جاءوا من الفراغ وإليه سيعودوا ، فالضرب علي الميت حرام ..
■ و أخيراً …
كل الذين حضروا …كانوا يحلمون بحدث إحتفالي يرتدي عباءة مخططة بخيوط من ذهب ، فإذا بهم و إحتفالهم عرايا من كل قيمة ، فسيعودوا خلال أيام ، كلٌ إلي مكانه و مهجعه ، فمن كان في المرابض عاد لها وواصل النباح ، ومن مرقده المزابل هجع إليها يهش عن وجهه الذباب، ومن حرفته الإرتزاق تعلم فناً من فنون التسول ، ومن صنعته الإنتظار فلينتظر مع السراب ….فوفاض المليشيا خاو …
الصادق الرزيقي
إنضم لقناة النيلين على واتساب