بعد انتظار وترقّب نفّذت إيران وعيدها بالردّ على الهجوم الإسرائيلي على قنصليتها في دمشق، الذي أدّى إلى تدمير المبنى ومقتل 16 شخصًا بينهم قياديان وعناصر في الحرس، يتقدّمهم القائد في فيلق القدس محمد رضا زاهدي، فأطلقت مسيّرات وصواريخ باتجاه أهداف محدّدة في الأراضي المحتلّة، في حدثٍ عُدّ "تاريخيًا وغير مسبوق"، بمعزلٍ عن نتائجه الملموسة، باعتبار أنّها أول عملية مباشرة من هذا النوع، في تاريخ الصراع بين إيران وإسرائيل.


 
وفي وقت جاء الردّ الإيراني على وقع تأهّب واستنفارٍ عالميّ كان لافتًا، وكأنّ هناك من سرّب موعد الهجوم سلفًا، فإنّ البارز أكثر كان "التفاوت" في ردود الفعل عليه، بين من سارعوا للتنديد به، وعزله عن سياقه، أو من اعتبروه مجرد "مسرحية"، وضمنهم من كان "يسخر" من نظرية "الزمان والمكان المناسبين"، ومن بالغوا في المقابل في الحديث عن "استثنائيته"، فيما كان الإسرائيليون، ومعهم الأميركيون، يزعمون "إحباطه" بنسبة تسعة وتسعين في المئة.
 
لكن بمعزل عن القراءات "المنحازة" للهجوم، والتي يمكن استنتاجها سلفًا، وفقًا للمواقف والأهواء السياسية، سواء من إيران أو من إسرائيل، حتى إنّ من يعارضون الطرفين وجدوا أنفسهم في موقف "صعب"، فإنّ الثابت أنّ الهجوم بما انطوى عليه من رسائل، يعيد إلى الواجهة شبح "الحرب الكبرى"، أو "الشاملة"، الذي يلوح في الأفق منذ السابع من تشرين الأول، فهل يمكن القول إنّ الهجوم الإيراني "قرّب" موعدها، أو ربما حدّد "ساعتها الصفر"؟!
 
"رسائل" الهجوم
 
  بالحديث عن "رسائل" الهجوم الإيراني على إسرائيل، يتحدّث العارفون عن مجموعة منها أرادت طهران إيصالها، بمعزل عن النتائج المرتبطة بالخسائر والإصابات، التي حاول البعض التركيز عليها، وفي مقدّمة هذه الرسائل ما يرتبط بتغيير قواعد الاشتباك، باعتبار أنّ ما قامت به طهران شكّل "سابقة" من نوعها، وكأنّ الإيرانيين يقولون للإسرائيليين إنّهم بتجاوزهم كلّ الخطوط الحمراء، يحرّرونهم من كل الضوابط التي التزموا بها.
 
بالتوازي، ثمّة رسالة "ردع" أساسية يسعى الإيرانيون إلى إرسالها من خلال الهجوم على إسرائيل، مفادها أنّ التمادي بالهجمات على الأهداف الإيرانية في سوريا، كما حصل في الآونة الأخيرة، ما عاد مسموحًا، علمًا أن هناك من يعتقد أنّ إيران كانت مضطرة لإرسال مثل هذه الرسالة، في مواجهة الانطباع الذي كان سائدًا بأنّ إسرائيل تفعل ما تفعله، لأنها مرتاحة ومطمئنّة بأنّ إيران لا تريد الانجرار للحرب مهما اشتدّت الضغوط عليها.
 
وفي السياق، يتحدّث العارفون عن "رسالة جوهرية" أرادت إيران إيصالها للعالم كلّه، أنّها قادرة على "ضرب" العمق الإسرائيلي إن أرادت، وهو ما تؤكده طبيعة الرد الذي لا يمكن اعتباره "شكليًا"، كما ذهبت بعض التقديرات السابقة له، التي كانت تضعه في خانة "رفع العتب" وربما "الحرج" ليس إلا، علمًا أنّ المتحمّسين لها يقولون إنّ الأسلحة التي استخدمتها في الهجوم ليست "أفضل" ما لديها، وأنّها أرادت توجيه الرسائل أكثر من تحقيق الإصابات الموجعة.
 
ما بعد الردّ الإيراني
 
في مقابل الرسائل التي أرادت إيران توجيهها من خلال الهجوم، ثمّة من يرى أنّ الأمر "ضُخّم"، بل أنّ الرسالة الوحيدة التي أوصلها هي أنّ طهران تحاول "إثبات الوجود"، باعتبار أنّ الهجمات الإسرائيلية الأخيرة وضعتها في موقف محرج، وهناك من يذهب لحدّ اعتبار الأمر مجرّد "مسرحية"، باعتبار أنّ كل الوقائع دلّت على أنّ طهران أبلغت مسبقًا خصومها بموعد الهجوم، وربما شكله وطبيعته، من باب "احتواء" ردود الفعل المحتملة.
 
لكن، سواء صحّت هذه النظرية أم لا، يبقى السؤال عن التبعات أكثر من مشروع، خصوصًا أنّ احتمالات الانزلاق إلى مواجهة شاملة عادت لترتفع، في ظلّ وجهة نظر تقول إنّ إسرائيل ولو أكدت "إحباط" الهجوم، لا يمكنها أن "تمرّره"، ولا سيما أنّ تأثيراته "المعنوية" كانت كبيرة، مع ليلة "رعب" أخرى قضاها الإسرائيليّون في الملاجئ وهم ينتظرون وصول المسيّرات، وهو ما أدّى إلى تآكل ما تبقى من هيبة الردع الإسرائيلية.
 
في هذا السياق، تتّجه الأنظار إلى محاولات "الاحتواء" التي تُبذَل غربيًا، خصوصًا من جانب الإدارة الأميركية، التي تنقل بعض الأوساط الصحافية عنها رفضها للمشاركة في أيّ تحرّك إسرائيلي مضاد، بل اعتبارها أنّ إحباط الهجوم كافٍ لطيّ الصفحة، علمًا أنّ الرئيس جو بايدن لا يحبّذ بالمُطلَق توسيع الصراع في هذه المرحلة، على أبواب منافسة انتخابية حامية مع خصمه الرئيس السابق دونالد ترمب، يعزّز الوضع في الشرق الأوسط من صعوبتها.
 
ليس مُستغرَبًا أن ينقسم الرأي العام في الحكم على الهجوم الإيراني، وأن يبالغ كلّ الأطراف في قراءته، ولو أنّ الثابت يبقى أنّه بمعزل عن كلّ شيء، غير مسبوق من حيث الشكل على الأقلّ. لكنّ المستغرَب أن يصرّ البعض في المنطقة، ولبنان من ضمنها، على التعامل مع الحدث، وفق الموقف "الكلاسيكي"، من دون أن يتحسّب فعلاً لكلّ الخيارات والسيناريوهات، التي تبقى واردة حتى إثبات العكس!
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الهجوم الإیرانی

إقرأ أيضاً:

زي النهارده.. توقيع معاهدة سلام تورون التي أنهت الحرب البولندية الليتوانية التوتونية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يمر علينا اليوم السبت الموافق 1 شهر فبراير، العديد من الأحداث السياسية والتاريخية والرياضية الهامة ونقدم لكم أبرزها:
عام 1327 تتويج إدوارد الثالث ملكا لإنجلترا، وهو في سن المراهقة.
وعام 1411 توقيع معاهدة سلام تورون التي أنهت الحرب البولندية الليتوانية التوتونية بين مملكة بولندا ودوقية ليتوانيا الكبرى من جهة، وفرسان تيوتون من جهة أخرى.
وعام 1662  القرصان الصيني «كاوشينجا» يستولي على جزيرة تايوان بعد حصار دام 9 أشهر.
وعام 1713اندلاع أعمال شغب في مدينة بيندر في مولدوفيا الحالية، بسبب أمر السلطان العثماني بالقبض على كارل الثاني عشر ملك السويد، بسبب اتهامات له بإثارة الفتن داخل أراضي الدولة العثمانية.
وعام 1793 فرنسا تعلن الحرب على المملكة المتحدة وهولندا.
وعام 1796 نقل عاصمة كندا العليا من مدينة نيوراك إلى مدينة يورك.
وعام 1814 أكبر ثورة لبركان مايون بالفلبين تقتل 1200 شخص.
وعام 1835 إلغاء العبودية في موريشيوس.
1856 - انتهاء حرب القرم بين الدولة العثمانية والإمبراطورية الروسية والتي ساندت فيها فرنسا وإنجلترا العثمانيين.
وعام 1861  تكساس تنفصل عن الولايات المتحدة ضمن أحداث الحرب الأهلية الأمريكية.
عام 1864 القوات البروسية تعبر الحدود إلى شليسفيغ لتطلق شرارة الحرب التي عُرفت بحرب شلسفيغ الثانية.
وعام 1865 د الرئيس الأمريكي أبراهام لنكولن يوقع على التعديل الثالث عشر لدستور الولايات المتحدة الأمريكية، الذي ألغى العبودية.
وعام 1877 -إسحق برجس وويليام لونجستريت يحصلان على براءة اختراع أول قارب بخاري في الولايات المتحدة.
 عام 1881 إلقاء القبض على أحمد عرابي ورفاقه بعد دخول الإنجليز للقاهرة.
 عام 1884 نشر أول مجلد من قاموس أكسفورد الإنجليزي.
 وعام 1893 توماس إديسون ينهي بناء أول ستوديو أفلام المعروف باسم «ذا بلاك ماريا» في ويست أورنج في نيوجرسي.
 وعام 1895بول كروغر رئيس جمهورية جنوب أفريقيا يعلن عن محمية «فالي فاونتينز» في بريتوريا، وهي أقدم محمية طبيعية في أفريقيا.
1896 – العرض الأول لأوبرا البوهيمي في مسرح ريجيو في تورين، بقيادة أرتورو توسكاني.
عام 1897 افتتح بنك شينهان أقدم بنوك كوريا الجنوبية في العاصمة سيئول.
1908 اغتيال كارلوس الأول ملك البرتغال وابنه لويس فيليبي في لشبونة.
 عام 1918روسيا تتبنى التقويم الغريغوري.
1924 استئناف العلاقات بين روسيا والمملكة المتحدة بعد قطيعة ست سنوات بسبب الثورة الشيوعية.
1942 جوزيف تيربوفن مندوب الرايخ في النرويج الخاضع للاحتلال النازي، يعين فيدكون كفيشلينغ رئيسا لوزراء الحكومة الوطنية.
البحرية الأمريكية تُغير على جزر مارشال وغيلبرت وهي أول عمل عدائي تشنه الولايات المتحدة ضد القوات اليابانية في المحيط الهادي.

عام 1964اختيار النرويجي تريغفه لي ليكون أول أمين عام للأمم المتحدة.
البرلمان المجري يلغي الملكية التي استمرت ست قرون، ويعلن قيام جمهورية المجر الشعبية.
1947 - رئيس الوزراء الأردني إبراهيم هاشم يقدم استقالته للملك عبد الله بن الحسين.
1948 - تأسيس ماليزيا الاتحادية من اتحاد تسع ممالك كانت خاضعة للاحتلال البريطاني.
1950 أول نموذج للطائرة ميغ 17 تقوم برحلتها الأولى.
1953 فيضانات عارمة في هولندا.

مقالات مشابهة

  • 50 دعاء مستحبا للصائم قبل الإفطار.. يفتح الله لك أبواب رحماته
  • هذه أبرز النزاعات التي تواجه العالم في عام 2025.. حروب ترامب من بينها
  • فرانشيكا ألبانيز: الأوضاع في غزة كارثية بسبب الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل
  • علي الدين هلال: تخوفات عربية من هيمنة إسرائيل على المنطقة بعد انهيار إيران
  • خدعوا الموساد .. وثائق تهز إسرائيل عن كواليس وعراب هجوم 7 أكتوبر الحقيقي
  • وثيقة تضرب إسرائيل.. الإعلام العبري يكشف كواليس وتفاصيل مثيرة عن هجوم 7 أكتوبر
  • إسرائيل تعيد شحنة مساعدات إلى الجانب المصري من معبر رفح
  • ‏حماس تطالب الوسطاء بإلزام إسرائيل بإدخال مواد الإغاثة التي نص عليها اتفاق غزة ووقف الانتهاكات
  • ميشيل الجمل: تطوير القرى يفتح أبواب الاستثمار أمام رجال الأعمال
  • زي النهارده.. توقيع معاهدة سلام تورون التي أنهت الحرب البولندية الليتوانية التوتونية