ردود فعل متفاوتة.. هل يفتح الهجوم الإيراني أبواب الحرب الكبرى؟
تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT
بعد انتظار وترقّب نفّذت إيران وعيدها بالردّ على الهجوم الإسرائيلي على قنصليتها في دمشق، الذي أدّى إلى تدمير المبنى ومقتل 16 شخصًا بينهم قياديان وعناصر في الحرس، يتقدّمهم القائد في فيلق القدس محمد رضا زاهدي، فأطلقت مسيّرات وصواريخ باتجاه أهداف محدّدة في الأراضي المحتلّة، في حدثٍ عُدّ "تاريخيًا وغير مسبوق"، بمعزلٍ عن نتائجه الملموسة، باعتبار أنّها أول عملية مباشرة من هذا النوع، في تاريخ الصراع بين إيران وإسرائيل.
وفي وقت جاء الردّ الإيراني على وقع تأهّب واستنفارٍ عالميّ كان لافتًا، وكأنّ هناك من سرّب موعد الهجوم سلفًا، فإنّ البارز أكثر كان "التفاوت" في ردود الفعل عليه، بين من سارعوا للتنديد به، وعزله عن سياقه، أو من اعتبروه مجرد "مسرحية"، وضمنهم من كان "يسخر" من نظرية "الزمان والمكان المناسبين"، ومن بالغوا في المقابل في الحديث عن "استثنائيته"، فيما كان الإسرائيليون، ومعهم الأميركيون، يزعمون "إحباطه" بنسبة تسعة وتسعين في المئة.
لكن بمعزل عن القراءات "المنحازة" للهجوم، والتي يمكن استنتاجها سلفًا، وفقًا للمواقف والأهواء السياسية، سواء من إيران أو من إسرائيل، حتى إنّ من يعارضون الطرفين وجدوا أنفسهم في موقف "صعب"، فإنّ الثابت أنّ الهجوم بما انطوى عليه من رسائل، يعيد إلى الواجهة شبح "الحرب الكبرى"، أو "الشاملة"، الذي يلوح في الأفق منذ السابع من تشرين الأول، فهل يمكن القول إنّ الهجوم الإيراني "قرّب" موعدها، أو ربما حدّد "ساعتها الصفر"؟!
"رسائل" الهجوم
بالحديث عن "رسائل" الهجوم الإيراني على إسرائيل، يتحدّث العارفون عن مجموعة منها أرادت طهران إيصالها، بمعزل عن النتائج المرتبطة بالخسائر والإصابات، التي حاول البعض التركيز عليها، وفي مقدّمة هذه الرسائل ما يرتبط بتغيير قواعد الاشتباك، باعتبار أنّ ما قامت به طهران شكّل "سابقة" من نوعها، وكأنّ الإيرانيين يقولون للإسرائيليين إنّهم بتجاوزهم كلّ الخطوط الحمراء، يحرّرونهم من كل الضوابط التي التزموا بها.
بالتوازي، ثمّة رسالة "ردع" أساسية يسعى الإيرانيون إلى إرسالها من خلال الهجوم على إسرائيل، مفادها أنّ التمادي بالهجمات على الأهداف الإيرانية في سوريا، كما حصل في الآونة الأخيرة، ما عاد مسموحًا، علمًا أن هناك من يعتقد أنّ إيران كانت مضطرة لإرسال مثل هذه الرسالة، في مواجهة الانطباع الذي كان سائدًا بأنّ إسرائيل تفعل ما تفعله، لأنها مرتاحة ومطمئنّة بأنّ إيران لا تريد الانجرار للحرب مهما اشتدّت الضغوط عليها.
وفي السياق، يتحدّث العارفون عن "رسالة جوهرية" أرادت إيران إيصالها للعالم كلّه، أنّها قادرة على "ضرب" العمق الإسرائيلي إن أرادت، وهو ما تؤكده طبيعة الرد الذي لا يمكن اعتباره "شكليًا"، كما ذهبت بعض التقديرات السابقة له، التي كانت تضعه في خانة "رفع العتب" وربما "الحرج" ليس إلا، علمًا أنّ المتحمّسين لها يقولون إنّ الأسلحة التي استخدمتها في الهجوم ليست "أفضل" ما لديها، وأنّها أرادت توجيه الرسائل أكثر من تحقيق الإصابات الموجعة.
ما بعد الردّ الإيراني
في مقابل الرسائل التي أرادت إيران توجيهها من خلال الهجوم، ثمّة من يرى أنّ الأمر "ضُخّم"، بل أنّ الرسالة الوحيدة التي أوصلها هي أنّ طهران تحاول "إثبات الوجود"، باعتبار أنّ الهجمات الإسرائيلية الأخيرة وضعتها في موقف محرج، وهناك من يذهب لحدّ اعتبار الأمر مجرّد "مسرحية"، باعتبار أنّ كل الوقائع دلّت على أنّ طهران أبلغت مسبقًا خصومها بموعد الهجوم، وربما شكله وطبيعته، من باب "احتواء" ردود الفعل المحتملة.
لكن، سواء صحّت هذه النظرية أم لا، يبقى السؤال عن التبعات أكثر من مشروع، خصوصًا أنّ احتمالات الانزلاق إلى مواجهة شاملة عادت لترتفع، في ظلّ وجهة نظر تقول إنّ إسرائيل ولو أكدت "إحباط" الهجوم، لا يمكنها أن "تمرّره"، ولا سيما أنّ تأثيراته "المعنوية" كانت كبيرة، مع ليلة "رعب" أخرى قضاها الإسرائيليّون في الملاجئ وهم ينتظرون وصول المسيّرات، وهو ما أدّى إلى تآكل ما تبقى من هيبة الردع الإسرائيلية.
في هذا السياق، تتّجه الأنظار إلى محاولات "الاحتواء" التي تُبذَل غربيًا، خصوصًا من جانب الإدارة الأميركية، التي تنقل بعض الأوساط الصحافية عنها رفضها للمشاركة في أيّ تحرّك إسرائيلي مضاد، بل اعتبارها أنّ إحباط الهجوم كافٍ لطيّ الصفحة، علمًا أنّ الرئيس جو بايدن لا يحبّذ بالمُطلَق توسيع الصراع في هذه المرحلة، على أبواب منافسة انتخابية حامية مع خصمه الرئيس السابق دونالد ترمب، يعزّز الوضع في الشرق الأوسط من صعوبتها.
ليس مُستغرَبًا أن ينقسم الرأي العام في الحكم على الهجوم الإيراني، وأن يبالغ كلّ الأطراف في قراءته، ولو أنّ الثابت يبقى أنّه بمعزل عن كلّ شيء، غير مسبوق من حيث الشكل على الأقلّ. لكنّ المستغرَب أن يصرّ البعض في المنطقة، ولبنان من ضمنها، على التعامل مع الحدث، وفق الموقف "الكلاسيكي"، من دون أن يتحسّب فعلاً لكلّ الخيارات والسيناريوهات، التي تبقى واردة حتى إثبات العكس!
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الهجوم الإیرانی
إقرأ أيضاً:
هآرتس: التهرب من الخدمة يعرقل خطط إسرائيل لاستئناف الحرب على غزة
كشف تقرير لصحيفة هآرتس أن الجيش الإسرائيلي يواجه أزمة غير مسبوقة في أوساط جنود الاحتياط، حيث تظهر مؤشرات واضحة على عزوف متزايد عن التجاوب مع استدعاءات الخدمة العسكرية، ما يضعف قدرة إسرائيل على استئناف القتال في قطاع غزة في حال انهيار مفاوضات وقف إطلاق النار مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وكشف المراسل العسكري لصحيفة هآرتس عاموس هرئيل عن تقديرات مصدرها جيش الاحتلال تشير إلى أن نصف قوات الاحتياط في بعض الوحدات لم تلتحق بالخدمة مؤخرا، فيما يحاول الجيش التعتيم على هذه المشكلة، في ظل معارضة 70% من الجمهور الإسرائيلي لعودة العمليات العسكرية، وفقا لاستطلاعات الرأي الأخيرة.
أزمة الاحتياط والحريديمويسلط تقرير هرئيل الضوء على مشكلة عميقة تواجه الجيش الإسرائيلي للمرة الأولى، إذ يلوح في الأفق خطر عدم التحاق بعض جنود الاحتياط بالخدمة إذا قررت الحكومة العودة إلى الحرب، وهو أمر لم يكن موجودا من قبل بهذا الشكل.
ويقول "في العديد من الوحدات العسكرية، لم يحضر سوى حوالي نصف الجنود إلى الخدمة في الآونة الأخيرة، وفقا لتقديرات عسكرية، وهو ما يعكس تراجع الحماسة للحرب مع مرور الأشهر. هذا التطور يضع القيادة العسكرية والسياسية في موقف صعب، حيث يتعين عليها إقناع الجنود بالعودة إلى ساحة المعركة في ظل جدل متزايد حول جدوى استمرار العمليات".
إعلانويتطرق المحلل العسكري لتصريحات زير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الذي يُعرف بمواقفه المتشددة، والذي حاول التخفيف من وطأة الأزمة عندما ظهر صباح أمس في مقابلة إذاعية على شبكة الإذاعة الإسرائيلية "كان"، حيث دعا جنود الاحتياط للاستعداد للاستدعاء القريب للخدمة الإضافية، مؤكدا أن إسرائيل ستعود قريبا إلى القتال ضد حركة حماس في غزة.
ويرى هرئيل أن سموتريتش يعيش في عالم منفصل عن الواقع السياسي والعسكري الحالي، ويتجاهل العبء الثقيل الذي يتحمله الجنود الاحتياطيون والجيش النظامي، ويقول إن تصريحات هذا الوزير "تظهر انفصالا واضحا بين القيادة السياسية والواقع الميداني، حيث يبدو أن الوزراء لا يدركون حجم التضحيات التي يقدمها الجنود وعائلاتهم".
كما يسلط الضوء على الانقسام في إسرائيل حول مسألة الحرب، مع احتدام الجدل في الحكومة التي تبدو – حسب رأيه – منقسمة حيال المضي قدما في القتال أو التفاوض على صفقة جديدة للأسرى.
ويقول في هذا السياق إن "رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي كان حتى الآن متفقا إلى حد كبير مع سموتريتش بشأن استمرار العمليات، يواجه ضغوطا داخلية وخارجية متزايدة".
ويلفت المحلل العسكري الانتباه إلى أن الاستطلاعات التي أظهرت أن 70% من الإسرائيليين يؤيدون صفقة تبادل حتى لو تضمنت تنازلات كبيرة لحماس، تضع الحكومة تجد نفسها أمام خيار صعب: إما المضي في الحرب مع مواجهة أزمة داخلية غير مسبوقة في صفوف الجيش، أو القبول بتسوية قد تؤدي إلى تبعات سياسية على نتنياهو وحلفائه في اليمين المتطرف.
وعلق أيضا على مساعي رئيس الأركان الجديد إيال زامير الذي يضع حاليا خططا عملياتية تحسبا لاحتمال انهيار المفاوضات واستئناف القتال على الصعيد الميداني، قائلا "يحاول الجيش الإسرائيلي التكيف مع الوضع المستجد، لكنه يواجه عقبات تتعلق بتراجع معنويات القوات النظامية وغياب الحماسة في صفوف جنود الاحتياط".
إعلانويرى هرئيل أن العبء على الجيش الإسرائيلي يزداد بسبب المتطلبات الأمنية المتزايدة، سواء في قطاع غزة أو على الحدود الشمالية مع لبنان وسوريا، مشيرا إلى أن الجيش يحتاج إلى تعزيز دفاعاته لمنع تكرار هجوم على غرار 7 أكتوبر/تشرين الأول 2003، كما أن نشر القوات في الجولان وجنوب لبنان يستهلك موارد إضافية، ما يجعل من الصعب تخصيص قوة كافية لعملية برية جديدة في غزة.
ولا ينسى المحلل العسكري الإشارة مشكلة أخرى تتمثل في ملف تجنيد المتدينين اليهود (الحريديم)، مشيرا إلى الأزمة التي يواجهها الجيش الإسرائيلي، لأن المستوى السياسي الحالي لا ينوي إلغاء الاتفاق السياسي مع الأحزاب الحريدية، والذي يضمن استمرار تهرب هذا القطاع من الخدمة العسكرية.
ويرى أن "الحلول التي يطرحها الجيش، مثل إنشاء لواء الحريديم، لا تصمد أمام أي نقاش. لأنه من الناحية العملية، لا يوجد أي تغيير كبير في عدد الرجال المتشددين دينيا الذين يتقدمون للخدمة العسكرية".
وتثير هذه القضية غضب قطاعات واسعة من المجتمع الإسرائيلي، حيث يُنظر إلى استمرار إعفاء الحريديم على أنه استنزاف لموارد الجيش النظامي وإجحاف بحق الجنود الذين يواجهون ضغوطا متزايدة.
موقف أميركيوتناول المحلل العسكري حالة الإرباك التي تعيشها إسرائيل بسبب الخطوة الأميركية الجديدة بإنشاء قناة خلفية سرية للمفاوضات مع حماس عبر آدم بولر مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتصريحات المفاجئة التي أدلى بها في مقابلات مع وسائل الإعلام في الولايات المتحدة".
ورغم أنه يقول إن هذه التصريحات تم تجاوزها من خلال التحرك الإسرائيلي المضاد، إلا أنه يرى في الوقت نفسه أن "الرئيس الأميركي دونالد ترامب ما زال يأمل في التوصل إلى اتفاق، ومن المشكوك فيه أنه يعتقد أن السبيل الوحيد للوصول إلى اتفاق هو من خلال احتلال إسرائيلي متجدد للقطاع، حيث يواصل ترامب تهديد حماس بأنه سيدعم عملية إسرائيلية مؤلمة، لكنه لا يسد الطريق أمام التوصل إلى اتفاقات بشأن صفقة لاحقة لإعادة الرهائن المتبقين".
إعلانكما أشار إلى أن سياق الخطة المصرية التي أقرتها القمة العربية في القاهرة الأسبوع الماضي ما زالت تدور حول وقف إطلاق النار وإعادة جميع الأسرى، وانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع بالكامل، وتشكيل حكومة تكنوقراطية فلسطينية من دون مشاركة حماس، ووجود قوات عربية في القطاع، وهو ما يرى هرئيل أنه يشكل تحركا تأخذه إدارة ترامب بعين الاعتبار في إطار الحفاظ على وقف إطلاق النار وعودة الأسرى الإسرائيليين.
وختم هرئيل بالقول "من المهم بالنسبة للأميركيين أن يتم الحفاظ على وقف إطلاق النار وأن يبدأ المزيد من المختطفين في العودة إلى ديارهم، حتى لو كان ذلك على مدى فترة من الزمن، وأمام عينيهم مثال آخر ناجح نسبيا لاتفاق صمد حتى الآن، على الرغم من كل الانتهاكات والعقبات، وهو وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان".