تعهّد المجتمعون في مؤتمر باريس حول السودان، الاثنين، بتقديم مساعدات إنسانية تزيد على مليارَي يورو، لدعم المدنيين، مطالبين "كل الأطراف الأجنبية" بوقف تقديم الدعم المسلّح للطرفين المتحاربين.

وقال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون: "يمكن أن نعلن أنه سيتم في المجمل تعبئة أكثر من مليارَي يورو"، لافتا إلى أن الالتزامات التي سُجّلت، الاثنين، قبل المؤتمر بلغت 190 مليون يورو فقط.



وستساهم دول الاتحاد الأوروبي في 900 مليون يورو من التعهدات الإجمالية التي تبلغ حصة باريس فيها 110 ملايين وبرلين 244 مليونا وبروكسل 350.

أمّا واشنطن، فتعهدت من جهتها تقديم 138 مليون يورو.

وأوضح ماكرون أن هذا الدعم "سيسمح بالاستجابة للاحتياجات الأكثر إلحاحا في قطاعات الأمن الغذائي والصحة والمياه والصرف الصحي والتعليم وحماية الأكثر ضعفا".

حرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ 15 أبريل 2023
قتال وهدن مخترقة وملايين يفرون.. تسلسل لأحداث عام من الحرب في السودان
أدت الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى سقوط آلاف القتلى ونزوح أكثر من 8,5 ملايين شخص بحسب الأمم المتحدة.
ورغم أن التعهدات بالتبرعات طموحة، فإنها لاتزال بعيدة عن مبلغ 3.8 مليارات يورو اللازم لتوفير المساعدات بحسب الأمم المتحدة.

وتعليقا على إعلان الالتزامات المالية، قال المدير العام لمنظمة "سوليداريتي إنترناسيونال" غير الحكومية كيفن غولدبرغ: "يسعدنا أن الالتزامات التي تعهدت بها مجموعة من الدول اليوم كبيرة... لكنها تبقى أقل بكثير من الاحتياجات".

وفي إعلان مشترك، دعت 14 دولة بينها ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة والسعودية وجيبوتي وتشاد ومنظمات دولية مثل الأمم المتحدة وهيئة التنمية في شرق أفريقيا (إيغاد) "كل الأطراف الإقليمية والدولية إلى تقديم الدعم بدون تحفظ لمبادرة سلام موحدة لصالح السودان".

وفي وقت سابق الاثنين، قال وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه: "منذ عام، يجد السودانيون أنفسهم ضحايا حرب رهيبة... لا تترك إلا الفوضى والمعاناة". وأضاف: "السودانيون هم أيضا ضحايا النسيان واللامبالاة".

وتضمن اجتماع باريس شقّا سياسيا على المستوى الوزاري لمحاولة إيجاد مخارج للنزاع، وشقّا إنسانيا هدفه تعبئة التبرعات وتقديم معونة ضخمة، كما ضم اجتماعا لنحو 40 شخصية من المجتمع المدني.

واستضافت باريس المؤتمر الدولي من أجل السودان بعد مرور عام بالضبط على بدء الحرب بين الجيش، بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق، الجنرال محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي.

وخلال عام واحد، أدّت الحرب في السودان إلى سقوط آلاف القتلى بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في إحدى مدن غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة.

المعارك العسكرية مستمرة في الخرطوم ومناطق أخرى
"متشددون ومرتزقة".. هل يُخرج المقاتلون الجدد أزمة السودان عن السيطرة؟
مع اقتراب الحرب في السودان من إكمال عامها الأول، اتسعت دائرة المعارك بصورة غير مسبوقة، ودخلت تشكيلات قتالية جديدة على خط القتال، بينما يخطط الوسطاء لاستئناف المحادثات بين الجيش وقوات الدعم السريع في جدة بالسعودية
ودفعت الحرب البلاد البالغ عدد سكانها 48 مليون نسمة إلى حافة المجاعة، ودمرت البنى التحتية المتهالكة أصلا، وتسببت بتشريد أكثر من 8.5 ملايين شخص بحسب الأمم المتحدة.

وتُعدّ أزمة التشريد هذه "أكبر أزمة نزوح في العالم في الوقت الحالي"، حسبما قالت المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة، إيمي بوب، لوكالة فرانس برس.

وفي نيويورك، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الاثنين، أن الهجمات العشوائية على المدنيين في السودان يمكن أن تشكل "جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".

"فراغ إنساني"
وقالت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك، إن مبادرات الوساطة المتعددة لم تثمر، داعية المجتمع الدولي إلى "العمل بشكل منسّق لجلب الطرفين المتحاربين إلى طاولة المفاوضات والتوصل إلى وقف لإطلاق النار".

من جهته، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إنه من خلال "الضغط الدولي" فقط يمكن دفع الطرفين المتحاربين إلى التفاوض.

ودعا وزير الخارجية التشادي، محمد صالح النظيف، إلى "ممارسة ضغط إلى جانب التمويل من أجل التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار لأنه إذا استمررنا على هذا النحو، فإن السودان معرّض للتفكيك خلال عام".

وحذّرت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي سيندي ماكين، على هامش المؤتمر في باريس من أن الأزمة الغذائية التي يمر بها السودان قد تكون "الأكبر من نوعها على الإطلاق".

وقالت ماكين في مقابلة مع وكالة فرانس برس إن الوضع في السودان "شبه كارثي"، مضيفة "حتى لو أعلنّا حالة المجاعة، سيكون قد فات الأوان".

بدوره، أكد مدير السودان في المجلس النروجي للاجئين، وليام كارتر، أن "المدنيين يعانون الجوع، العنف الجنسي الهائل، المجازر العرقية على نطاق واسع، والاعدامات (...) ورغم ذلك، يواصل العالم إشاحة نظره".

وحذّر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الانسان، فولكر تورك، من مزيد من التصعيد للعنف مع قيام المتحاربين بتسليح المدنيين وانضمام مزيد من الجماعات المسلحة إلى القتال.

وقال: "إن تجنيد واستخدام الأطفال من قبل أطراف النزاع يشكل أيضًا مصدر قلق كبير".

وشدّد وزير خارجية جيبوتي، محمود علي يوسف، على "ضرورة فتح ممرات إنسانية يجب أن يقبلها الطرفان تحت رعاية الأمم المتحدة"، مشيرًا إلى أن "هذه الممرات يجب أن يتمّ تأمينها بواسطة وحدات خفيفة تابعة للأمم المتحدة بالتنسيق مع دول المنطقة".

وفي حين يحتاج نحو 25 مليون شخص في السودان، أي نحو نصف عدد السكان، إلى المساعدة، حذّر رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود، جين ستويل، في بيان من "فراغ إنساني يثير قلقا شديدا".

وحثت مديرة القرن الإفريقي في منظمة هيومن رايتس ووتش، ليتيسا بدر، على توجيه "رسالة صارمة" وفرض عقوبات دولية على طرفي الحرب اللذين "حالا دون وصول المساعدات الانسانية" وقاما بنهب ما وصل منها، وخططا لعمليات "قتل العاملين الانسانيين"، إضافة الى سلسلة من الانتهاكات بحق المدنيين.

وشددت على أنه "من الضروري أن يعقد هذا المؤتمر، لكنه يجب ألا يصبح ذريعة... لنسيان السودان مرة جديدة".

وأعلنت المملكة المتحدة عقوبات جديدة تستهدف شركات تدعم الطرفَين المتحاربَين.

فرانس برس  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: وقوات الدعم السریع الحرب فی السودان الأمم المتحدة بین الجیش

إقرأ أيضاً:

عقوبات أميركية على قائد الدعم السريع.. ماذا وراءها؟

بدون مراجعة الخلفيات والدوافع الحقيقية، لا يمكن فهم السياق والحيثيات الدقيقة التي اعتمدت عليها الإدارة الأميركية المغادرة بعد أيام لفرض عقوبات على قائد مليشيا الدعم السريع، بعد ما يقارب العامين من استعار الحرب المدمّرة في السودان، وفرض عقوبات سابقة على شقيقَيه وعدد من قادة المليشيا المتمردة.

وذلك رغم معرفة واشنطن الكاملة بكل ما ارتكبته من جرائم حرب وانتهاكات للقانون الدولي الإنساني، والولوغ في فظائع مستبشعة لا حد لها في ولايات: الخرطوم، الجزيرة، سنار، النيل الأبيض، وبعض مناطق كردفان، وولايات دارفور، والتي راح ضحيتها عشرات الألوف من السودانيين الأبرياء.

من نافلة القول أن لدى الإدارة الأميركية معلومات وتقارير كافية لمعاقبة الدعم السريع وقياداتها، إلا أنها خلال فترة الحرب لم تولِ موضوع معاقبة قائد المليشيا اهتمامًا كبيرًا، مكتفية بعقوبات رمزية على من هم أدنى منه، ولم تصل إلى عصب ومفاصل تحركات الدعم السريع بما يقود إلى إعاقتها.

تحت ضغوط من نواب في مجلسي الشيوخ والكونغرس السابقين والحاليين، ومنظمات حقوقية وتقارير صحفية، صدرت عقوبات في يونيو/ حزيران 2023 على شركات تتبع الدعم السريع لم تكن ذات بال.

إعلان

وفي سبتمبر/ أيلول 2023، فرضت عقوبات أخرى على القائد الثاني لقوات الدعم السريع عبدالرحيم حمدان دقلو، وعبدالرحمن جمعة، المسؤول العسكري في ولاية غرب دارفور، المتهم بقتل والي الولاية خميس أبكر، وقتل وتشريد الأهالي من المواطنين.

وفي مايو/ أيار 2024، صدرت عقوبات ضد بعض قادة الدعم السريع العسكريين (علي يعقوب – قُتل في معارك الفاشر العام الماضي)، و(عثمان محمد حميد الشهير بعثمان عمليات).

وتزايد الضغط حتى فرضت الخزانة الأميركية في أكتوبر/ تشرين الأول 2024 عقوبات على الشقيق الأصغر لقائد الدعم السريع (القوني حمدان دقلو)، وبعض الشركات التابعة للدعم السريع. وأخيرًا، صدر قرار الإدارة المنصرفة ضد قائد المليشيا المتمرّدة نفسه.

لا يساور أحد أدنى شك حول هذه العقوبات المتدرجة وتأثيرها على قدرة الدعم السريع في مواصلة القتال، ودورها في تحجيم تحركاتها السياسية والعسكرية، فضلًا عن كونها بمثابة شهادة وفاة لطموحات (آل دقلو) في لعب أي دور سياسي في مستقبل السودان وتفاعلاته الراهنة والقادمة.

ويمكن اعتبارها أيضًا تأشيرة خروج نهائي من المشهد السياسي السوداني. وإذ تعاني الدعم السريع حاليًا من تراجع كبير في الميدان العسكري في كل مناطق العمليات، وتوالت عليها الهزائم وعجزت عن تحقيق نجاحات عسكرية خلال الفترة الماضية، سواء في الفاشر عاصمة إقليم دارفور، أو أي منطقة أخرى، فإن هذه العقوبات على قائد المليشيا تعطي الإشارة الواضحة بأن دوره قد انتهى، وسيكون مصيره مثل جوناس سافيمبي في أنغولا، وبول بوت في كمبوديا، ويفغيني بريغوجين في روسيا.

وعلى إثر هذه العقوبات وصدورها، بات على الدعم السريع، التي تعلم حساسية وضعها الداخلي والخلافات الداخلية التي بدت طلائعها تلوح بين المكونات القبلية والعرقية المختلفة داخلها، وصراع مراكز القوة والنفوذ، التحسب لما هو أسوأ في القريب العاجل.

إعلان

سيقفز الكثير من القادة العسكريين من السفينة الغارقة التي تواجه رفضًا عارمًا وعقوبات أميركية يمكن أن تتوسع لتصبح دولية، بجانب النشاط السياسي في مناطق دارفور، وكردفان، ومنابع المرتزقة في جنوب ليبيا، وتشاد، والنيجر، وبقية دول الساحل، الذي ينبه بقوَّة لما ستؤول إليه الأوضاع، مع تضعضع وضع الدعم السريع العسكري وهشاشة موقفها السياسي، وربما يتخلى عنها حلفاؤها الإقليميون.

على الأرض في مناطق دارفور، تواجه الدعم السريع منذ فترة سبقت الهجوم على منطقة (الزرق) بشمال دارفور، وبعد الهجوم، شبحَ انقسام حاد تقوده ثلاث جهات عسكرية تمثل 45% من القوات الفاعلة للمليشيا في ولايات دارفور، وبعض القادة المتوقع انشقاقهم من المنتمين إلى آل دقلو في قبيلة الرزيقات.

وتسري وسط القيادات الأهلية وبعض زعماء القبائل في ولايات دارفور الذين ساندوا تمرد الدعم السريع، روح جديدة؛ مؤداها أن محمد حمدان دقلو وإخوته وشركاءه لم تعد لديهم فرصة لتحقيق نتائج إيجابية في حربهم ضد الدولة السودانية، وسيكون الارتداد العكسي عليهم وخيم العواقب، مما يتطلب تحركًا عاجلًا لدرء المخاطر ومد الجسور من جديد.

وخلال الأيام الماضية، بعد فرض العقوبات الأميركية على قائد الدعم السريع، زادت وتيرة الشكوك والمخاوف وسط هذه الزعامات القبلية بأن منسأة الدعم السريع قد أكلتها دويبة العقوبات، وستخرّ صريعةً لا محالة.

بجانب ذلك، هناك تأثيرات أخرى للعقوبات على قائد الدعم السريع، منها موقف حلفاء واشنطن في المحيط الأفريقي للسودان، خاصة جواره القريب في تشاد، وإثيوبيا، وأفريقيا الوسطى، وجنوب السودان، وليبيا، ثم أوغندا، وكينيا.

ثم هناك موقف حليفه الإقليمي الذي دعم الحرب بالعتاد الحربي والسلاح والأموال والتنسيق السياسي، وجر مقطورات حزبية وسياسية عاجزة مثل تنسيقية "تقدم" للتحالف مع المليشيا المتمردة. فكل هؤلاء في موقف دقيق للغاية، فهم حلفاء المغضوب عليه أميركيًا، ولا يمكنهم مواصلة موالاته وتقديم الدعم والمساندة له. وهذه ميزة حاضرة في الحسبان تعقد من حسابات الدعم السريع ومناصريها.

إعلان

إذا كانت هذه التأثيرات، فما هي خلفية العلاقة الأميركية مع الدعم السريع حتى وصلت إلى هذه المرحلة؟ يمكن القول إن الأجهزة الأميركية، خاصة المخابرات المركزية (CIA) والخارجية الأميركية، اهتمت بموضوع الدعم السريع فور تكوينها في أبريل/ نيسان 2013.

وكانت في السابق تهتم بالمجموعات العسكرية العربية التي تكونت عقب تمرد حركات دارفور في 2003، تحت مسمى حرس الحدود. وسعت الـ(CIA)، مع مكونات داخلية في السودان، إلى بذر الخلافات وسط مجموعة حرس الحدود بقيادة الشيخ موسى هلال، وكان حميدتي أحد القادة العسكريين لموسى هلال وانشق عنه في 2006.

ورصدت واشنطن تلك الخلافات ونسقت مع منظمات أجنبية طوعية كانت تعمل في دارفور، ومع الفرنسيين على تنسيق اتصالات وتحركات مع حميدتي في ذلك الأوان، لكن حميدتي سرعان ما عاد إلى حضن الدولة في 2007.

عقب تكوين الدعم السريع، وبعد أن أسندت إليها في نهاية 2015 عملية محاربة الهجرة غير الشرعية بقفل الحدود السودانية الليبية، وكان حميدتي في تلك الأيام برتبة العميد، ثم تمت ترقيته إلى لواء، عقد أول اجتماع بين مسؤول استخباري أميركي وحميدتي في الصحراء قريبًا من الحدود مع ليبيا، بغرض التعرف عليه ومراجعة خطط محاربة الهجرة غير الشرعية. وتم التنسيق في ذلك مع الأوروبيين المستفيد الأول من مكافحة تسلل المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين.

وبعد مشاركة السودان في عاصفة الحزم، وإرسال قوات من الدعم السريع إلى اليمن وحدود السعودية الجنوبية، وفتح الباب أمام قائد الدعم السريع لزيارات مكوكية إلى دول خليجية، تمت لقاءات غير معلنة في تلك الفترة بين جهات أميركية ثم إسرائيلية خلال الفترة من 2017 و2018. وكان هناك تحذير أميركي لحميدتي بعدم التورط في النزاعات الخليجية، رغم أن الولايات المتحدة كانت تؤيد الحرب على اليمن. وكانت وجهة نظرها أن الدعم السريع يمكن ترويضها.

إعلان

بدأت الشكوك تساور الجانب الأميركي، عقب دخول شركة فاغنر الروسية السودان في عهد الرئيس البشير ومباشرتها عملية تدريب متقدمة لقوات الدعم السريع. ورصدت واشنطن عبر أجهزتها في تلك الفترة تمدد الاستثمارات التعدينية المشتركة لفاغنر مع الدعم السريع في منطقة (سنغو) أقصى حدود جنوب دارفور الجنوبية.

وهي قريبة من حفرة النحاس وجيب (كفيا كنجي) المتنازع عليه بين السودان وجنوب السودان، وهي منطقة غنية باليورانيوم والألماس والذهب. وتمتد مناطق سنغو ومناجمها في شريط مترابط داخل أفريقيا الوسطى، التي كانت تحت هيمنة فاغنر الروسية الداعمة للرئيس فوستين أرشانج تواديرا في العاصمة بانغي.

كما تابعت واشنطن نشاطات الدعم السريع في مناطق أخرى وتجارة الذهب بالتنسيق مع روسيا وإحدى الدول العربية، لكنها غضت الطرف؛ لأن التحالف الدولي لإسقاط البشير كان يضع الدعم السريع ضمن الأطراف المساهمة في التغيير وفق المخطط الجاري.

بعد إطاحة الرئيس البشير، رصدت المخابرات الأميركية عمليات تهريب لخام اليورانيوم من أفريقيا الوسطى والسودان، بالإضافة إلى الذهب. ففي نهاية العام 2019، وحميدتي في قمة السلطة، كانت التقارير التي تتداولها الدوائر الأميركية والغربية تشير إلى عمليات بيع وتجارة نشطة لليورانيوم والألماس والذهب.

كما رصدت الأجهزة الأميركية تعاملات مع دوائر مالية أوروبية تتبع لبعض عائلات متحكمة في النظام المصرفي الدولي وتجارة الألماس والذهب واليورانيوم، خاصة في زيارة خاصة قام بها محمد حمدان دقلو إلى إيطاليا في 2021. وحسب معلومات تناقلتها جهات عربية وغربية تتابع هذه العلاقة، فإن أموال حميدتي وأشقائه في بنوك معينة ذات صلة بهذه العائلات تُعد أكثر بكثير من أمواله في مصارف أخرى.

رغم ذلك، تعاملت واشنطن مع الدعم السريع وعملت على استخدامها وتوظيفها من أجل مصالحها في السودان، خاصة أن التيارات والدوائر المتحكمة في القرار الأميركي منذ 2020 حتى اليوم، كانت تجنح إلى إضعاف السودان وتهيئته لحالة التنافر المفضية للتقسيم والسيطرة على موارده.

إعلان

ولم تكن إسرائيل بعيدة عن ذلك، فهي أيضًا أنشأت علاقة وطيدة مع الدعم السريع وقيادتها، وزار عبدالرحيم دقلو تل أبيب مرتين، وعقد لقاءات في نيروبي، وأوغندا، ودول أخرى أكثر من مرة لتنسيق مواقف مشتركة.

ومع بداية الحرب الروسية الأوكرانية، وكان محمد حمدان دقلو في لحظة اندلاعها في زيارة لموسكو (قبل يوم واحد من وقوع الحرب)، وقع حميدتي تحت ضغط أميركي على مستويات مختلفة. فهو كثير اللقاءات في الخرطوم مع المبعوثين والوفود الأميركية التي تزور السودان.

خلال اللقاءات التي أعقبت عودته من موسكو، تعهد للجانب الأميركي بعدم وقوفه مع روسيا في حربها مع أوكرانيا، وعدم توريدها أو بيعها أي شحنات من الذهب واليورانيوم والألماس، بل كشف معلومات أخرى عن علاقته مع روسيا وتبرمه منها.

في هذه الفترة، راجت معلومات استخبارية تشير إلى أن واشنطن تفكر في توجيه ضربات جوية لمواقع فاغنر والدعم السريع في أفريقيا الوسطى، ومنطقة سنغو على حدود السودان وجنوب السودان.

بغض النظر عن الدوافع الحالية لقرار العقوبات ضد قائد الدعم السريع، وما يكتنفه من أبعاد ومرامٍ، وتقديرات للإدارة الحالية، إلا أن هذه العقوبات تضع حدًا لعلاقة مرحلية شعرت واشنطن والمجتمع الاستخباري فيها، أنه ليس لدى الدعم السريع ما تقدمه، وأن هناك تهيئة للمسرح في المنطقة تقتضي إبعاد وكشط عناصر وجهات مختلفة، منها الدعم السريع.

وستكون المنطقة كلها، سواء كانت ليبيا، اليمن، ومنطقة الشرق الأوسط والقرن الأفريقي، أمام ترتيبات جديدة لا مكان فيها للمليشيات القبلية أو المجموعات العسكرية ذات الطموح المأزوم.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • ارتفاع عدد النازحين في السودان إلى 15 مليون شخص بسبب الحرب
  • الأمم المتحدة تحذر من تأثير سوء التغذية الحاد على أكثر من 3 ملايين طفل سوداني
  • السودان يصدر فئات نقدية جديدة بهدف إلحاق الخسارة بـالدعم السريع
  • الأمم المتحدة: بسبب الحرب في السودان هناك أطفال خارج المدرسة
  • عقوبات أميركية على قائد الدعم السريع.. ماذا وراءها؟
  • الأمم المتحدة: نزوح 12 مليون سوداني جراء الحرب الأهلية
  • واشنطن تتهم قوات الدعم السريع السودانية بارتكاب "إبادة جماعية" في دارفور  
  • بيان لسفيرة الولايات المتحدة: الطرفان المتحاربان يتحملان مسؤولية أعمال العنف والمعاناة التي تشهدها السودان ويفتقران إلى الشرعية لحكم السودان
  • مسؤولة توثق اغتصاب قوات الدعم السريع لعشرات السودانيات.. أرقام صادمة
  • مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة: تحضيرات لعقد مؤتمر دولي حول حل الدولتين يونيو المقبل