الجزيرة:
2024-12-28@06:22:41 GMT

السودان.. عام من الحرب

تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT

السودان.. عام من الحرب

إذْ لم تضع الحرب أوزارها كما توقع الكثيرون في الأيام الأولى لاندلاع أعنف الحروب الأفريقية وأقساها، يبدو السودان أكثر بؤسًا بعد عام من الحرب، لم يتبقَّ منه سوى أطلال وطن، ورائحة دم وبارود، وأنقاض مجتمع تناثر كفراش مبثوث، وباتت البلاد على شفير الهاوية، بينما لا يتوقع أن تصمت المدافع قريبًا.

حسب إحصاءات حكومية رسمية وأممية ودولية، فقد فاق عدد ضحايا الحرب 17 ألف قتيل من المدنيين، ونزح جراءها ما يزيد على 12 مليون شخص، من ولايات الخرطوم والجزيرة وولايات دارفور الخمس، ومن أجزاء بولايات شمال كردفان، وغرب وجنوب كردفان، والنيل الأبيض، بينما فرّ ما يقارب 1,9 مليون سوداني إلى مصر، وجنوب السودان، وتشاد، وإثيوبيا، وإريتريا، وأوغندا، وليبيا، وكينيا، ودول الخليج العربي.

 انهار قطاع الصناعة أيضًا بشكل كامل في أنحاء البلاد، ودُمِّر وتوقف 9 آلاف مصنع في ولايتي الخرطوم والجزيرة وحدهما

هذه الحرب التي بدأت قبل 365 يومًا كانت إرهاصاتها شاخصة للأعين قبل انطلاق شرارتها، وها نحن اليوم إزاء فتات دولة انهارت مؤسساتها، وشُرد مواطنوها، وضاعت طمأنينتها، وضُيعت سلامة ترابها، واخترقت حتى النخاع، وغزاها مرتزِقة من كل فجٍ وملةٍ ونحلةٍ ولون، وإلى جانب خسائرها البشرية (قتلًا، وإصابة، واعتداء، وتهجيرًا) فقد تهدم أكثر من 17 ألفًا من مبانيها الحكومية والخدمية، ودُمر أو نهب ما يفوق الـ85٪ من منازل المواطنين في العاصمة، وولاية الجزيرة، وولايات دارفور، وأكثر من 120 بنكًا في تلك الولايات.

ويقول مراقبون؛ إن السودان يحتاج في حال توقف القتال، إلى معجزة تعيد إليه تشغيل المرافق الحيوية والخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه، والصحة، والتعليم، والطرق، والمطارات، خلال عامين من العمل المكثف، فقد طال الدمار الواسع 75% من المستشفيات والخدمات الطبية بما يكلف 15 مليار دولار، كما صرح وزير الصحة مؤخرًا، وخسر قطاع الطاقة ما يقارب الـ 12 مليار دولار، وبلغت خسائر البنية التحتية في 8 أشهر من الحرب نحو 60 مليار دولار، حسب تقديرات وزير المالية. ويجري إحصاء خسائر قطاعي التعليم العام والعالي اللذين توقفت مؤسساتهما بالكامل عن العمل، فنهبت الجامعات، وتحول كثير من المدارس في الولايات الآمنة إلى مراكز لإيواء النازحين، ودُمر نحو 65٪ من مدارس الخرطوم.

لم تنجُ قطاعات الزراعة والثروة الحيوانية والتعدين من ذلك، فقد أدى توقف الإنتاج إلى تراجع الناتج الإجمالي القومي من 34 مليار دولار قبل الحرب إلى بضعة مليارات بعد عام من اندلاعها، وتوقع صندوق النقد أن يتجاوز انخفاض الناتج القومي الإجمالي للعام 2024 معدل 18.3%، وذلك مع تراجع عوائد التعدين وتصدير الذهب، وتوقف إنتاج النفط (أقل من عشرين ألف برميل يوميًا).

انهار قطاع الصناعة أيضًا بشكل كامل في أنحاء البلاد، ودُمِّر وتوقف 9 آلاف مصنع في ولايتي الخرطوم والجزيرة وحدهما، وكانت مساهمة الصناعة في الناتج الإجمالي المحلي 21%، بينما يسهم القطاع الزراعي بنسبة 32.7%، يقول صندوق النقد الدولي؛ إن الاقتصاد السوداني يواجه انكماشًا كارثيًا بنسبة تتجاوز 12% بعد تدمير رأس المال البشري، وقدرات الدولة، وتوقف الإنتاج، وانهيار القطاعات الخدمية التجارية والمالية، وتكنولوجيا المعلومات والاتّصالات، وفيما سبق كان القطاع الخدمي يسهم بنسبة تزيد على 40% في إجمالي الناتج المحلي.

على صعيد الدولة ومؤسساتها، توقف أداء دواوين الحكومة ومؤسساتها وأجهزتها إلا قليلًا، ولا توجد الآن حكومة فعلية تمارس صلاحياتها وسلطاتها بالكامل، وخرجت خمس ولايات من سيطرة الدولة، وهي؛ غرب ووسط وجنوب وشرق دارفور، وولاية الجزيرة، وتقطعت أوصال الخدمة العامة بالبلاد، ولم تعد الوزارات في الحكومة الاتحادية ذات تواصل مع الولايات الأخرى، ولا ينساب نسق العمل الوظيفي للدولة في كثير من أرجاء السودان؛ لغياب جهاز الخدمة العامة، والشرطة، والقضاء والنيابة العامة، وإدارات التعليم، والصحة، والجمارك، والضرائب، وغيرها.

كما توقفت كل مطارات السودان عن العمل، وأغلق المجال الجوي السوداني، ولا تعمل إلا مطارات بورتسودان وكسلا ومروي ودنقلا والدمازين وكادوقلي، فيما واجه السودانيون شبح العزلة عن العالم؛ باعتداء المتمردين على المواقع الهندسية لشركات الاتصالات، وتوقفت خدمات الإنترنت والاتصال لما يقارب الشهرين في كثير من الولايات، بينما فقد قطاع النقل كل مقوماته، وتوقفت حركة النقل بنسبة 90% في كل أرجاء البلاد.

هذه المؤشرات حول حجم الدمار الذي خلفته الحرب في عامها الذي تصرّم، تترافق معها آثار الحرب على المجتمع، وهي الأوخم عاقبة، والأشدّ فداحة، فلأول مرة في تاريخ السودان، ترتفع بشكل علني دعوات الاصطفاف القبلية والمناطقية، وتتعالى نيران العصبية القبلية، وتسود لوثة خطاب الكراهية بشكل يقشّعر له البدن، ويتلطخ وجه السودان وصورة تماسكه الاجتماعي الزاهية بخبال عنصري لا سابق له.

وما تجرأ السودانيون على التنابز بالولايات الدنيا وتعايروا بالقبائل والانتماءات العرقية مثلما يفعلون الآن، والسبب هو الخطاب العنصري الطائش الذي انتهجته مليشيا الدعم السريع لتبرير تمردها على الدولة، وأقبلت على التحشيد الجهوي والقبلي من داخل السودان وخارجه، مستغلة السياقات الإقليمية – من الناحيتين: الاجتماعية والسياسية – التي جعلت قبائل في تشاد، والنيجر، ومالي، وجنوب ليبيا، وأفريقيا الوسطى، وجنوب السودان، تتناصر وتصدر مرتزقتها في حرب إقليمية ضد الدولة السودانية.

لم يتجرد شعور السودانيين من الاعتقاد الجازم بأن عملية الاستنصار بالقبائل، وتجنيد أبنائها داخل الدعم السريع، واستقطاب الزعامات القبلية وبعض السياسيين من أبناء الحواضن الاجتماعية، واعتماد الدعم السريع على الولاء القبلي، ما هي إلا دعوة صريحة لتدمير الدولة، وممارسة الإبادة الجماعية، وصناعة حرب أهلية، والتأليب الأعمى للتصفية العرقية التي مورست بالفعل في بعض الولايات، وما من عاقل وواعٍ لم يفهم أن خطاب الدعم السريع وممارساتها المفزعة عجلت بالدعوات العنصرية الأخرى لتطفو على السطح، وتتصدر المشهد العام السياسي والاجتماعي، وتضع البلاد في سياق الحرب الأهلية.

ولمزيد من تمزيق عُرى المجتمع السوداني، لعبت الدعم السريع ومن ورائها دول إقليمية في الخليج العربي وإسرائيل وفي جوار السودان، دورًا كبيرًا في تغذية الشعور القبلي وتأجيج نيرانه اللافحة، فمن بين 160 ألف مقاتل حشدتهم الدعم السريع للقتال في الخرطوم، وولايات السودان الأخرى، تمثل القبائل العربية: (الرزيقات وهي قبيلة حميدتي وأسرته، قبيلة المسيرية، قبيلة الحوازمة، قبيلة البني هلبة، قبيلة السلامات، قبيلة المهادي، قبيلة التعايشة -قبيلة الفلاتة، قبيلة الثعالبة، قبيلة الترجم، قبيلة الزيادية، قبيلة الهبانية، قبيلة الصعدة، قبيلة أولاد راشد) الرافد الأساس للقوات، وهي أكثر القبائل التي استهدفتها الدعم السريع بتجنيد أبنائها، وترغيب وترهيب زعامتها وقياداتها للوقوف معها، ويمثل أبناء هذه القبائل 65% من القوات المقاتلة في صفوف الدعم السريع في فترة الحرب في الأشهر الأولى، ثم ازداد العدد من مايو/أيار 2023م حتى اليوم بدخول المرتزقة من الامتدادات القبلية في دول الجوار في تشاد، والنيجر، ومالي، ونيجيريا، وأفريقيا الوسطى، وليبيا، وجنوب السودان، وموريتانيا، وبوركينا فاسو، وإثيوبيا، وإريتريا، واليمن.

بسبب هذا التناصر القبلي، وسيطرة آل دقلو (وهم ينحدرون من بطن وفخذ محددة من قبيلة الرزيقات)، على المراكز القيادية في الدعم السريع، توجست القبائل الأخرى غير العربية خيفة من مخطط الدعم السريع للسيطرة على دارفور، وباتت هذه القبائل تشعر بالاستهداف، كما حدث في ولاية غرب دارفور لقبيلة المساليت عندما انفتح الباب على مصراعيه للحرب الأهلية في ولايات دارفور التي تعيش أوضاعًا هشة منذ العام 2003م، عندما ظهر التمرد الأول في دارفور عبر الحركات التي كانت تنتمي إلى قبائل غير عربية، والآن تشعر هذه القبائل في دارفور خاصة (المساليت، الفور، الزغاوة، الميدوب، البرتي، الداجو، والتنجر، الارنغا، الميما، التاما، البرقو، البرقد، وغيرها) أنها تواجه مصيرًا محتومًا في حال دانت الأمور في دارفور للدعم السريع.

وذات التوجّس لدى قبائل أخرى في مناطق كردفان، خاصة في الدلنج عندما هاجمت "الدعم السريع" قبائل النوبة في جنوب كردفان، وظلت تعتدي عليهم طوال الأشهر الماضية، ونفس الشيء تعيشه قبائل عربية في ولاية الجزيرة صنفتها "الدعم السريع"، تصنيفًا سياسيًا بأن سكان الولاية هم من فلول النظام السابق أو من مواطني ما تسميه جوقة الدعاية السوداء من المتحدثين باسم "الدعم السريع" في وسائل التواصل الاجتماعي، بأنهم تجسيد لدولة 56، وهو مصطلح بائس متخلف مختل، استعارة تمرد الدعم السريع دون وعي من حركات التمرد السودانية الأخرى التي انتهت من سنوات وصار الخطاب الممجوج نسيًا منسيًا.

المهم في هذا الحديث؛ أن الحرب في السودان أنتجت وضعًا مأساويًا على الصعيد الإنساني لا يمكن السكوت عنه من تشريد وتهجير ونقص حاد في الغذاء وشبح المجاعة المخيم على البلاد، كما أفرزت تجاوزات لا حصر لها في حقوق الإنسان، بلغت فيها الاعتداءات على المرأة شأوًا لم تبلغه حروب أخرى في الإقليم، ويشهد المجتمع السوداني في هذه الحرب انقسامًا أفقيًا ورأسيًا لا يمكن تصور تداعياته في الحاضر ولا في المستقبل، ستكون له ظلال معتمة على وحدة البلاد وتماسكها.

فبينما يرجو السودانيون توقف الحرب وعودتهم لبلادهم ولحياتهم الطبيعية، فإن المخاوف تتراءى أمامهم خاصة ما يجري وراء الكواليس في الإقليم والجوار وبعض القوى الدولية؛ لإطالة أمد الحرب، وعدم وجود رغبة إقليمية ودولية في توليد الحلول المناسبة حتى تضع الحرب أوزارَها، فالتدخلات السالبة والدعم الخارجي للتمرد، ومدّه بالعتاد الحربي والسلاح وتسخير وسائل إعلامية داعمة له وتبني حملة سياسية وحملة علاقات عامة لصالحه، ستجعل هذه الحرب تستعر بلا هوادة، فهناك من يلقي بالحطب ويصبّ الزيت على نارها كل يوم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات الدعم السریع ملیار دولار

إقرأ أيضاً:

السودان.. حرب «منسية» و ملايين يعانون في صمت

 

مع نهاية عام آخر، تتواصل الحرب المُدمرة في السودان وقد تصل إلى عامها الثالث في منتصف أبريل القادم من عام 2025. ومازال التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين طرفي الحرب: الجيش والدعم السريع، بعيد المنال على الأقل في الوقت الحالي.

التغيير ــ وكالات

وتبدو مأساة السودان تائهة في زحام أولويات الإعلام الدولي. أما رقعة الجوع في السودان، فإنها آخذة في التمدد لتصل إلى مناطق جديدة، حسب تقارير إعلامية وأخرى مدعومة من الأمم المتحدة.

“حرب منسية”

وخصصت صحيفة “ديلي مورنينغ” مقالا مطولا للغاية عن الحرب المدمرة في السودان، والتي وصفتها بأنها لا تحظى بمتابعة إعلامية كبيرة بالمقارنة مع حروب أخرى مشتعلة حاليا في العالم.

وبدأت الصحيفة الإنجليزية تقريرها عن الحرب “المنسية” بالقول: “ينبغي ألّا تكون هناك منافسة أو مقارنة حول أي حرب هي الأكثر أهمية في العالم”. وأضافت أن الحرب المُدمرة في السودان بالكاد تُوجد على رادار بعض وسائل الإعلام .

وتابعت أن الحرب بالنسبة للأشخاص الذين يكتوون مباشرة بنيرانها هي مسألة حياة أو موت، “إذ يجب على الجميع خارج السودان أن يفهم ما يحدث في واحدة من أصعب الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث”.

وأردفت الصحيفة ذاتها: “لا يُمكننا أن نتحدث عن أهمية حياة السود ثم نتجاهل الملايين من الأرواح التي تأثرت بهذا الصراع (في السودان) دون أن نفهم الأسباب الكامنة وراءه”.

ولفتت صحيفة “ديلي مورنينغ” الأنظار إلى أن الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع أوقعت آلاف القتلى والجرحى. وفرضت على الملايين النزوح بحثا مكان آمن. فضلا عن معاناة ملايين من السودانيين من أزمة جوع حادة.

وأشار نفس المصدر أنه من “المستحيل” الحصول على الأرقام الحقيقية والكاملة للكارثة التي يعيشها السودان، مُوضحا أن عمال إغاثة يعملون داخل السودان يقول إن الحرب تسببت في “أسوأ أزمة إنسانية في العالم”
وترى “ديلي مورنينغ” أن القوى الغربية تدرك بوضوح حجم المشكلة. أما وسائل الإعلام الكبرى فقد “اختارت إلى جانب الحكومات التي تزودها بالبيانات الصحفية لتقوم بنسخها ولصقها-اختارت- أن تغض الطرف عن الأمر”.

وواصل المصدر أنه في خضم الحرب المدمرة في السودان، تُحقق شركات أسلحة فرنسية أرباحا هائلة من التكنولوجيا المستخدمة في الصراع، وفي انتهاك لحظر أسلحة فرضته الأمم المتحدة. وأضاف: “لا شك أن أطرافا أخرى متورطة أيضا”.

وفي وقت سابق، كشفت منظمة العفو الدولية أن ناقلات جنود مدرعة تستخدمها قوات الدعم السريع قد صُنعت في الإمارات العربية المتحدة ومُجهزة بمعدات فرنسية.

وأشارت صحيفة “ديلي مورنينغ” أن شركات الأسلحة متواطئة في توفير الوسائل، التي يُمكن من خلالها مواصلة القتال. وأضافت أنه لا بد من منع شركات الأسلحة من توريد المعدات العسكرية، التي تُغدي الحرب الأهلية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

ودعت الصحيفة البريطانية إلى بذل المزيد من الجهود من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار في “هذه الحرب الأهلية الكارثية”.

الذهب والحرب!

أما صحيفة “فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ” ، فقد سلطت الضوء على الأزمة السودانية بمقال يحمل عنوان :”مليارات من تجارة الذهب تموّل الحرب”.

وذكرت الصحيفة الألمانية ذائعة الصيت أنه أمام الحرب المدمرة التي تدور رحاها في السودان “يجب على المجتمع الدولي وألمانيا ألّا يقفا موقف المتفرج”، بل ينبغي عليهم “حرمان أطراف النزاع من أهم مصادر تمويلهم”، ( في إشارة للذهب).
ولفتت “فرانكفورتر ألغماينه” أن التوصل إلى اتفاق شامل ودائم يُوفر الحماية للسكان المدنيين يبدو أمرا يصعب تحقيقيه على المدى، إذ إن الأطراف المتحاربة: الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ماضيان في خيار المواجهة. وأضافت أن هذا الوضع يزيد من أهمية استكشاف خيارات أخرى لوقف الحرب.

وواصل المصدر ذاته أن “صمود أطراف النزاع لفترة طويلة يعود إلى اعتمادها على موارد مالية كبيرة و دعم خارجي على شكل أسلحة ومعدات”. وأضاف أن “تقييد” مصادر التمويل وإمدادات الأسلحة قد يساعد في تقليل العنف ضد المدنيين.

وكتبت “فرانكفورتر ألغماينه” تقول: “تستفيد كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع من تجارة الذهب منذ سنوات. ومع استقلال جنوب السودان في عام 2011، حل إنتاج الذهب المتزايد محل النفط كأهم سلعة تصدير للبلاد”.

وأضافت: “يتعلق الأمر بمليارات الدولارات سنويا، والتي تستفيد منها شركات القوات المسلحة وقوات الدعم”.

وأوضح المصدر ذاته أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة فرضتا عقوبات على بعض الشركات السودانية المُشاركة في تجارة الذهب. وأضافت أنه “يجب فرض عقوبات على المزيد من الشركات لضمان عدم تعاون مقدمي الخدمات اللوجستية أو شركات التأمين في الاتحاد الأوروبي مع قطاع المعادن في السودان”.

وقالت “فرانكفورتر ألغماينه” في هذا الصدد: “من خلال لائحة الاتحاد الأوروبي بشأن المعادن في مناطق النزاع، تُلزم الشركات بالفعل بضمان أن الذهب المستخدم صناعيا لا يمول الجهات المسلحة”.

وشدد المصدر ذاته على أن “كل هذه الإجراءات لن تؤدي إلى إنهاء بشكل مباشر للحرب، بيد أنها ستساعد على الأقل في الحد من معاناة المدنيين، وإيجاد مساحة للحديث عن وقف إطلاق النار والاعتماد على الحلول السياسية”.

مجاعة تتمدد

“الصراع في السودان يُشعل أزمة مجاعة حادة”. كان هذا عنوان تقرير نشرته صحيفة “ميراج نيوز” الأسترالية للحديث عن تأثير الحرب المباشر على طعام ملايين السودانيين، الذين يُواجهون خطر مجاعة حقيقي في عدة مناطق.

وكتبت “ميراج نيوز” تقول: “يُواجه السودان أزمة مُتفاقمة، مع انتشار واسع للجوع الحاد وتزايد سوء التغذية الحاد والنزوح الجماعي، مما يزيد من تفاقم الوضع الإنساني المُتردي بالفعل، وفق تقرير مدعوم من الأمم المتحدة”.

وتشير تقديرات التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أن أكثر من 24.6 مليون شخص يُعانون من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأوضحت صحيفة “ميراج نيوز”، بالاعتماد على معلومات مُستقاة من تقرير للجنة مراجعة المجاعة بالتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، فإن المجاعة اتسعت إلى خمس مناطق ويُرجح أن تمتد إلى خمس مناطق أخرى بحلول شهر مايو القادم.

وأضاف المصدر ذاته أن “عدة مناطق أخرى معرضة لخطر المجاعة، لاسيما تلك التي تشهد تدفقات كبيرة من النازحين”. وأردف أن المناطق المُتضررة تشمل أجزاء من ولايات شمال وجنوب دارفور والخرطوم والجزيرة.

وكتبت “ميراج نيوز” “رغم أن هطول الأمطار فوق المتوسط دعم الزراعة في المناطق التي سمحت فيها الظروف الأمنية بذلك، فإن الصراع المستمر عرقل بشدة الأنشطة الزراعية”. وواصل المصدر ذاته أن المزارعين اضطروا إلى التخلي عن حقولهم، وتعرضت محاصيلهم للنهب أو التدمير.

 

الوسومالجيش الدعم السريع السودان حرب

مقالات مشابهة

  • السودان.. الكارثة المنسية
  • قتلى بينهم طفلتان بقصف للدعم السريع على مخيم في الفاشر
  • السودان: حكومات الحرب الموازية
  • عام آخر والناس في متاهة الحرب أين الطريق ؟
  • رغم إنها حربكم ربما تفصد السموم التي حقنتم بها الوطن!
  • تحديات السودان مع مطلع 2025
  • السودان.. حرب «منسية» و ملايين يعانون في صمت
  • تقدم الجيش السوداني في دارفور هل يغير معادلات الحرب في السودان؟ ؟
  • اشتباكات عنيفة بين الجيش والدعم السريع بالخرطوم ودارفور
  • الحركة الشعبية والدعم السريع- رؤى متضاربة وصراع المصير