عام من الحـرب: تداعيـات كارثية وسيناريـوهات مفتوحة

محمد الأميـن عبد النبي

تدخل حـرب 15 أبريل عامها الثاني؛ وتصريحات القادة العسكريين تشير الي التعنت والإصرار على إنتصارات زائفة هنا وهناك؛ ولم يستوعبوا الدرس بعد، تداعيات كارثية فرضتها هذه الحرب؛ فقد أعلنت الفاو عن حاجة 18 مليون سوداني الي الغذاء، وحذر برنامج الغذاء العالمي من أزمة الجوع في مناطق الحرب؛ فيما أكدت الأمم المتحدة على ان 25 مليون سوداني يحتاجون للمساعدات العاجلة؛ وفقدان 80٪ من موارد البلاد؛ وفقد اكثر من 13 الف من المدنيين حياتهم؛ ويتضاعف عدد القتلى وسط العسكريين؛ ونزوح اكثر من 8 ملايين من السودانيين؛ بالإضافة الي إرتكاب مجازر وانتهاكات جسيمة لحقوق الانسان تصل لجرائم الحرب وجرائم ضد الانسانية وجرائم على أساس اثني وقبلي وإغتصاب للنساء؛ وتدمير البنية التحتية والممتلكات العامة والخاصة؛ وتوقف المدارس والجامعات؛ وانهيار النظام الصحي وانتشار الأوبئة والأمراض؛ ونحو 4 ملايين من العاملين في القطاع الحكومي والخاص فقدوا وظائفهم؛ وتراجع الجنية السوداني وفقد 90٪ من قيمته؛ وخسر الاقتصاد السوداني مئات المليارات من الدولارات؛ وتوقفت المصانع نتيجة القصف وانعدام الأمن؛ وتعطل الإنتاج الزراعي، كل ذلك ومازال طرفي الحـرب يمنعان وصول المساعدات الإنسانية؛ ولا يعيرا اي إهتمام للمواطن السوداني؛ عطفاً على صمت وتقاعس العالم بعدم الوفاء بإلتزاماته الإنسانية؛ فقد وصفت الأزمة السودانية بالأزمة المنسية.

عاماً من الحرب ومازال قادة طرفي الحرب في غيهما؛ يتوهمان النصر العسكري؛ ومازال المؤتمر الوطني المحلول يدعو الي إستمرار الحـرب ويجهض أي عملية سياسية سلمية لإنهاء الحرب.

عاماً من الحرب عنوانه فشل كل محاولات التهدية والتفاوض والحل السلمي.

عاماً من الحرب بلغ فيه؛ الاستقطاب السياسي وسط القوى المدنية قمته؛ وقد أعلنت بعضها الانحيار لأحد طرفي الحرب (الجيش) وتخلت عن مبدأ الحياد وانخرطت في الحرب؛ مما أدى لتوسع رقعة الحرب.

عاماً من الحرب فيه؛ وصل خطاب الكراهية والعنصرية مداه؛ وحدث شرخ وانقسام مجتمعي خطير وعمليات استنفار تكرس لحرب أهلية شاملة.

عاماً من الحرب وغياب الإرادة وضياع السيادة الوطنية سيدة الموقف؛ في ظل تضارب المصالح الإقليمية والدولية في بلد منهك وموارد مهدرة أصبح ساحة لصراع نفوذ وعمليات التسليح والاطماع الإقليمية والدولية.

صحيح؛ أن هناك جهود إقليمية ودولية لإيجاد حل للأزمة؛ رغم تعثرها؛ إلا أنها تمثل أرضية لوقف الحرب وتوصيل المساعدات الانسانية وحماية المدنيين سيما جهود الايقاد والاتحاد الإفريقي ومنبر جدة ومنبر المنامة؛ وفي هذا الإطار يأتي مؤتمر باريس؛ والذي من المأمول ان يدير حواراً على مستوى وزراء الخارجية للضغط على طرفي الحـرب والتحقيق في الجرائم التي ارتكبت وحماية المدنيين؛ وتداول المانحين حول تقديم المساعدات الإنسانية والوفاء بالالتزامات والتعهدات؛ وحواراً سياسياً بين فاعلين من القوى المدنية حول قضايا الحرب والسلام.

بعد عام من الحرب؛ فإن البلاد مقبلة على مآلات وسيناريوهات مفتوحة الاحتمالات تتراوح ما بين إستمرار الحـرب وتحولها الي حرب شاملة وبالتالي إنهيار كامل للدولة؛ أو تدخل دولي يفرض وصايا على السودان؛ أو العودة للتفاوض وابرام إتفاق سلام بين طرفي الحـرب وإتفاق سياسي بين المدنيين ومن ثم إعلان دستوري يفتح الطريق للاستقرار والسلام والتحول الديمقراطي.

wdalamin_2000@hotmail.com

الوسومإعلان دستوري الأمم المتحدة الاقتصاد السوداني السودان المؤتمر الوطني برنامج الغذاء العالمي محمد الأمين عبد النبي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: إعلان دستوري الأمم المتحدة الاقتصاد السوداني السودان المؤتمر الوطني برنامج الغذاء العالمي من الحرب

إقرأ أيضاً:

سوريا وترامب.. محطات وسيناريوهات نهج أقسى

لن تكون سوريا بمعزل عن الملفات التي ستكون على طاولة ساكن البيت الأبيض الجديد، وفي حين يتوقع خبراء ومراقبون أن تظّل السياسة ثابتة بناء على سلسلة المحددات التي تم تثبيتها خلال السنوات الماضية في عهد 3 رؤساء أميركيين لا يستبعدون أن "يتغير النهج" في المرحلة المقبلة، ولاسيما بعدما أعلن ترامب فوزه في الانتخابات.

في عهد ترامب (2016-2020) كان اتخذ عدة إجراءات خصّت الانتهاكات التي ارتكبها النظام السوري بحق السوريين، وكان على رأسها الأمر الذي أصدره في أبريل 2017 بضرب مواقع عسكرية تتبع لقوات بشار الأسد، ردا على تنفيذ الأخير هجوم بالغازات الكيماوية على بلدة بريف محافظة إدلب.

ولم يقتصر نهج إدارته على ما سبق، بل كان للمرشح الحالي الذي صعد مع حزبه أمام منافسته الديمقراطية كاملا هاريس نبرة حادة استهدفت الأسد على نحو خاص، حتى وصفه في 2018 بـ"الحيوان" الذي يتلقى دعما من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين وإيران.

وفي غضون ذلك وبشأن لم ينفصل مارس ترامب خلال فترة توليه بعد 2016 سياسة صارمة ضد النفوذ الإيراني، وبينما أكد لعدة مرات أن "طهران أساس مشكلات المنطقة" أمر في 2020 باغتيال قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني.

كما وافق مجلسا النواب والشيوخ في "الكونغرس" في عهده على تمرير قانون "قيصر"، إلى أن أصبح قانونا نافذا في ديسمبر 2019، بعدما وقع عليه ترامب، ضمن حزمة قوانين أدرجت ضمن قانون موازنة الدفاع الوطني الأميركية للسنة المالية 2020.

في المقابل، مر الملف السوري في عهد جو بايدن ونائبته كاملا هاريس بعدة محطات، لكنها كانت في غالبيتها ضمن إطار التأكيد وتمديد العقوبات المفروضة على النظام السوري، مع توسيعها لتشمل عمليات تهريب وإنتاج حبوب "الكبتاغون" على أراضيه.

القوات الأميركية ظلّت نشطة في شمال شرق سوريا في عهد بايدن وهاريس وكذلك الأمر بالنسبة لترامب قبل 2020، رغم أن الأخير كان قرر للحظة الانسحاب، لكنه عدّل عن ذلك بعد اعتراضات وفي أعقاب تقدم وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس آنذاك باستقالته من منصبه.

ماذا يقول الخبراء؟

وتعتقد المحللة السياسية ومديرة معهد نيولاينز للأبحاث، كارولين روز أن "إدارة ترامب ستمنح إسرائيل تفويضا مطلقا، مما سيدعم خطط نتنياهو للتوغل بشكل أعمق في بلاد الشام ضد إيران ووكلائها".

بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن تدعم إدارة ترامب هجوما إسرائيليا في مناطق داخل سوريا حيث تشتبه بوجود نشاط لحزب الله، إذ ستعتبر هذا بمثابة استراتيجية لإسرائيل لتكون وكيلا لمصالح الولايات المتحدة، وفق روز.

وتقول المحللة لموقع "الحرة" إن إدارة ترامب من المتوقع أيضا ان تسمح بخفض كبير لقوات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، خاصة في شمال سوريا.

ماذا ينتظر السوريون من الرئيس الأميركي الجديد؟ ساعات تفصل الولايات المتحدة عن موعد الانتخابات الرئاسية المرتقبة، ينظر أثناءها السوريون بمختلف المدن والقرى في بلادهم، التي تنقسم جغرافيًا وسياسيًا إلى مناطق نفوذ عدة، بشكل متفاوت نحو السباق الرئاسي بين الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطية كامالا هاريس.

وسبق لترامب أن أذن بالانسحاب المفاجئ في أكتوبر 2019، ومن المحتمل أن يفكر في ذلك مجددا، حتى في مواجهة هجوم تركي محتمل ضد شركاء "قوات سوريا الديمقراطية" وزحف نظام الأسد، بحسب روز.

ومن ناحية أخرى ستتبنى إدارة ترامب نهج الضغط الأقصى على النظام السوري، وستعمل بشكل أساسي من خلال إسرائيل والعقوبات ووسائل أخرى، بدلا من الاعتماد على الشركاء العرب، لممارسة الضغط على سوريا، كما تابعت المحللة السياسية في حديثها.

ومن جهته يشير المحلل السياسي الأميركي، إيريك هام إلى أن "سياسة دونالد ترامب الخارجية كانت متقلبة كرئيس بين عامي 2016 و2020".

ويوضح لموقع "الحرة" أن "علاقاته مع إسرائيل والسعودية كانت تُعتبر إيجابية إلى حد كبير، وكذلك جهوده في تشجيع دول المنطقة على تطبيع العلاقات مع إسرائيل".

ومع ذلك، فيما يخص إيران والأكراد وسوريا، لم يرَ ترامب أي سبب للتوازن أو إيجاد أرضية مشتركة، كما يضيف هام.

ولا يستبعد أن يكون هناك أي تحول جوهري أو كبير فيما يتعلق بملفات المنطقة وسوريا بالتحديد عن سنواته الأربع في المنصب.

ماذا عن العقوبات؟

وتميزت السنوات الأولى من رئاسة ترامب قبل 2020 باستمرار القتال ضد تنظيم داعش، والذي بلغ ذروته بالنهاية الفعلية لخلافته المعلنة في سوريا والعراق في عام 2019، فضلا عن مقتل زعيمه أبو بكر البغدادي.

كما تميزت سنوات ولايته السابقة بالضغط الأقصى الذي استهدف إيران، والسياسات التي رسمتها في المنطقة بيد "الحرس الثوري".

سينتظر ترامب بعد توجهه للبيت الأبيض ملفات ساخنة على رأسها الحرب في غزة والتصعيد الإسرائيلي المتواصل في جنوب لبنان، فضلا عن حالة التصعيد غير مسبوقة بين إسرائيل وإيران.

ورغم أن سوريا كموقف رسمي ما تزال بعيدة عن الحرب التي تحيط بها، إلا أنها باتت جزءا من الضربات التي تنفذها إسرائيل وتقول إنها تستهدف قادة إيرانيين ومواقع لحزب الله.

العراق يشرع بنصب 100 كم من الكونكريت على الحدود مع سوريا وعززت وزارة الداخلية في العامين الأخيرين قوات قيادة حماية الحدود، ونصبت مجموعة مخافر في نقاط حدودية عدة، بعد أن خصص مجلس الوزراء مبلغ 10 مليارات دينار عراقي في عام 2023 لتعزيز تأمين الحدود.

ويعتبر المحلل السياسي هام أن هاريس لم تطور هاريس أجندة سياسية أو سجلا كعضو في مجلس الشيوخ الأميركي، وكنائب للرئيس، وكان يقع على عاتقها التعامل مع القضايا الثقيلة في سوريا والشرق الأوسط بشكل عام.

وفيما يتعلق بسوريا يعتقد أن "سياسة الضغط الأميركية والعقوبات ستكون قائمة بالتأكيد" وأنها لن تتغير بغض النظر عن هوية ساكن البيت الأبيض الجديد.

في المقابل ترى المحللة السياسية روز أن هاريس كان من المرجح لو فازت أن تحافظ على مستويات القوة الحالية في الشرق الأوسط كوسيلة للتحوط ضد إيران ووكلائها المنتشرين في جميع أنحاء المنطقة.

وكان من المحتمل أيضا أن تفي بالتزام الانسحاب الجزئي من العراق، لكنها ستحتفظ بالقوات الأمريكية البالغ عددها 900 فرد في شمال شرق سوريا.

ولا كلا الحالتين تتوقع روز أن يستمر فرض العقوبات والالتزام بالموقف المناهض للتطبيع مع النظام السوري، وأن هذا النهج سيكون أشد مع وصول إدارة ترامب.

مقالات مشابهة

  • ما جدوى مقترح تقدم بإنشاء مناطق آمنة لحماية المدنيين بالسودان؟
  • حمدوك يحذر من انهيار الدولة وظواهر تعدد الجيوش ويطالب بفرض حظر طيران على كل السودان من أجل حماية المدنيين العزل
  • محلل سياسي: من المبكر الحكم على موقف الإدارة الأمريكية الجديدة بشأن الحرب في غزة
  • ترقّب لمواقف ترامب ومخاوف من حرب مفتوحة حتى 20 كانون الثاني
  • «الأمة القومي»: انتهاكات طرفي النزاع المستمرة بحق المدنيين تؤكد موقفنا الرافض للحرب
  • لازاريني: الحظر الإسرائيلي للأونروا له عواقب كارثية
  • "الجارديان" : فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية "هدية للكرملين".. تداعيات صعبة ومستقبل غامض يهدد أوكرانيا..وموسكو تتمسك بأهداف الحرب
  • منتدى الإعلام السوداني يطلق حملة ( الصمت يقتل … الوضع في السودان لا يحتمل التأخير) للفت انظار العالم للانتهاكات ووقف العنف ضد المدنيين
  • سوريا وترامب.. محطات وسيناريوهات نهج أقسى
  • تحذيرات اسرائيلية من تداعيات الاطاحة بغالانت