تتشكَّل حياة الفرد من مجموعة كبيرة من المراحل التي ينتقل بها و كأنه في رحلة يتنقل من محطة إلى أخرى فكل موقف له اثر و كل حدث له دور في بناء شخصيته و زيادة مستوى وعيه و انتقاله في مراحل الوعي المختلفة التي قد يعيشها بمفرده و من ثم تتحول استنتاجات المراحل المختلفة إلى سلوكيات و اعتقادات مختلفة و قد تكون ثابتة.
و من طبيعة الحياة ،عدم الثبات فهي تتمرجح بالفرد صعودًا و نزولاً ،ولكي يتمكن الفرد من تحديد مستوى وعيه من خلال مروره بالأزمات ،فاذا وجد ذاته في حالة ثورة وغضب و حزن شديد و شعور بالإزدراء ولوم شديد على الذات ،فإنه في أدنى مستويات الوعي الذاتي و أشدّها فتكًا للصحة النفسية والعقلية.
و قد يلاحظوا على أنفسهم أنهم لا يمتلكون أدنى طاقة لمواجهة التحدّيات الجديدة و يقبعون خلف اللامبالاة حيال الأزمات القائمة في حياتهم ،ويتطلب المرور إلى مرحلة أعلى من الوعي ،المزيد من الإنصاف مع الذات، والإنصاف بالإيجابية و مراقبة العبارات التي يخزنها الفرد في عقله الباطن و الإتصاف بالشجاعة للوصول مرحلة الوعي المتوسطة.
كما أن التقبُّل و التفكير بطريقة حكيمة ،يمنح الفرد فرصة أعلى لصعود سلم الوعي بشكل سلسل، فحينما يتعامل الفرد بإيجابيه مع مشكلاته و معيقاته، فإنه يمنح نفسه فرصة أكبر للإمساك بخيوط الحلول ، والتي تكمن في خلق مساحة أكبر للتفكير بشكل سليم و متوازن بتخطيط دقيق للتقدم إلى الأعلى.
و يتمحور أعلى مرحلة في الوعي الذاتي ،في السلام النفسي والذي يضمن للفرد سلامته النفسية و الصحية و قدرته على بناء علاقات ناجحة، وهذه المرحلة من الوعي ، لن تأتي هكذا إنما هي حصيلة الألم النفسي و التردد و الألم و الحزن و الإحباط ،فجميع هذه الضغوطات النفسية ،تمنح الفرد الذي يمتلك الإرادة العالية فرصة التربُّع على أعلى مستويات الوعي الذاتي.
fatimah_nahar@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
قمة “الإحراجات”
لطالما كانت مخرجات وبيانات القمم العربية غير ملبية لتطلعات الشعوب العربية، ولا معبرة عن مشاعر وتوجهات وآراء وحقيقة مواقف عامة الناس، ولم يكن الزعماء والقادة من أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، يكترثون لهذا البون الشاسع بينهم وبين رعاياهم، ويمضون على الدرب ذاته منذ عشرات السنين في عقد قممهم العقيمة، وإصدار بياناتهم الأكثر عقماً وسلبية.
-قمة القاهرة الأخيرة كانت طارئة واستثنائية وفي مرحلة حرجة جدا، فمعظم الدول الفاعلة في مجلس الجامعة العربية، باتت في دائرة الاستهداف الواضح والمباشر من قبل كيان الاحتلال الصهيوني المدعوم بقيادة أمريكية تخلت إلى درجة الوقاحة عن سياسة المواربة والتخفي بسياستها المعلومة في تبني الكيان، وصارت تساند مخططاته وجرائمه ومشاريعه التوسعية جهارا ولا تجد حرجا في الإفصاح عن ذلك والتباهي به على رؤوس الأشهاد.
– حساسية الظرف والمواضيع المطروحة أمام القمة دفعت بعدد من القادة للتغيّب، واقتصر تمثيل آخرين على أدنى المستويات الدبلوماسية، ولم يغب تأكيد الحاضرين منهم، مجددا على ثقة العرب بقدرة ورغبة الإدارة الأمريكية الحالية، على تحقيق السلام، قبل أن تتجرأ على إعلان البيان وما جاء فيه من قرارات غلب عليها طابع “الإحراجات”، وهي ترفض – على استحياء – خطط ترامب لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وتعلن اعتماد الخطة المصرية لإعادة الإعمار، الأمر الذي دفع بالإدارة الأمريكية إلى المسارعة برفضها وتصنيفها بغير المنطقية، والقول بعد ذلك على لسان الخارجية الأمريكية إن الخطة المصرية بشأن غزة “لا تلبّي تطلّعات” الرئيس دونالد ترامب شخصيا.
-الموقف الأمريكي لم يكن مفاجئًا البتة، فواشنطن اعتادت التعامل مع القرارات العربية باستهانة وازدراء كبيرين، فهي تؤمن إيمانا عميقا، أن الأدوات العربية الضاغطة لن تُستخدم أبدا لفرض إرادتهم ومصالح شعوبهم، مع أنهم يمتلكون من الأوراق ونقاط القوة ما يمكنهم من انتزاع بعض الحقوق من فم العدو.
-متى يصل العربان إلى مرحلة من الشجاعة والجرأة التي يعلنون فيها بالفم المليان أنه طفح الكيل من الظلم والعنجهية الأمريكية ويتخذون خطوات عملية تتجاوز حدود البيانات والمناشدات الخجولة، لرفع ذلك الظلم وبما يجبرها على إعادة حساباتها وفق معادلة المصالح، وليس عبر أسلوب الاستجداء ومحاولات التودد والاستعطاف؟.