في كل الظروف يحتاج العالم – كل العالم – إلى السلام لأنه البيئة المناسبة لحياة طبيعية متعايشة مستقرة، أما في الظروف الاستثنائية فإن السلام يصبح ضرورة ملحة وليس حاجة ترفية لمجتمع عانى ويعاني من النزاعات والعدوان والحروب والتجويع والحصار والمكائد السياسية بشتى أنواعها ما يفوق أي تصور، دمرت خلالها وبسببها البدايات المتواضعة من البنية التحتية المادية والمعنوية كما هو حال اليمن.
وليس من قبيل التفاؤل أو التباهي القول : بأن الخلفية الحضارية للشعب اليمني تؤهله للدخول بجدارة بوابة العصر وتشييد دولته المدنية القابلة للتواصل والحوار الجاد مع العالم كخطوة للانضواء في نظام عالمي يقوم على احترام مبدأ التعددية في إطار الوحدة الحلم الجميل المشروع الذي سيقضي بالتأكيد على كل بؤر الأحلام المريضة وغير المشروعة التي ذاقت البشرية منها الويلات، أبرزها ما خلفته الحربان العالميتان منتصف القرن العشرين والحروب الداخلية والإقليمية التي ما تزال نار بعضها وتداعياتها مشتعلة في كثير من الدول لعوامل وأسباب داخلية وخارجية لا يجهلها أي مهتم بمعرفة حقيقة ما يجري في العالم الذي بات صغيراً بفعل التقدم التكنولوجي وثورة المعلومات والاتصال التي شملت مجالات الحياة وتجاوزت وصفه: بالقرية إلى : العالم في قبضة يد وجيب كل إنسان يمتلك هاتفاً ذكياً وعقلاً متقدا يمكنه التواصل في أي لحظة من وإلى أي مكان في العالم ، وفاق الذكاء الاصطناعي كل تصور.
ومن الغريب والمؤسف أن يبقى بلد كاليمن بموقعه الجيوسياسي وما يمثله كبؤرة من بؤر التأريخ الحضاري في ظل هذه الثورة العلمية والمعرفية غارقاً في بحر التخلف والتبعية للبدو الرحل الذين شدوا الرحال وسلموا لنا البداوة والعزلة المفروضة بالحصار المادي والمعنوي والنفسي، تأكلنا الحرب المنسية أو شبه المنسية والمعاناة مدى السنين الماضية، وهذا أحد أهم عوامل استمرار الصراع الدامي المستثمر محلياً أو بالوكالة عن مستثمري وموجهي حروب ومآسي الدول والشعوب المستضعفة.
هذا من قبيل الإشارة إلى حقائق موضوعية تعاني منها اليمن وشعوب أخرى كثيرة، وليس من باب نكء الجراح.
والفرق واضح بين ضرورة معرفة الحقائق للعمل على تجاوزها وبناء الثقة إن وجدت الإرادة للخروج منها وتجاوزها والتوجه الجاد لإنهاء هذه الصفحة السوداء ومغادرتها بثقة ومسؤولية وبين حالة خلق الحروب وذر الرماد في العيون أو دس الرؤوس في الرمال والتعامي عنها بحجة ما يسمى: طي صفحة الماضي !.
السلام الحقيقي: لا يبنى على الدبلوماسيات الخبيثة المنافقة أو المتهاونة بالحقوق وإنما على اعتماد السياسات القائمة على الصدق والموضوعية ، وتكريس الأسس السليمة لثقافة الحوار والتسامح والعدالة والإنصاف والقبول بمبدأ الحرص بالقدر الممكن على الإنصاف وبذل أقصى الجهود في سبيل ذلك لإقناع المتضررين من هذه الحروب بالتوجه نحو التصالح والتسامح والسلام وتناسي الماضي المظلم وبناء مستقبل مشرق يستحقه اليمن وأبناؤه الشرفاء الكرام ، وكخطوة جوهرية وأساسية لا بد من انسحاب القوات الأجنبية من الأراضي اليمنية التي أثبتت الأيام أن تواجدها ليس لدعم الشرعية كما قيل ويقال، وإنما لتحقيق أجندتها الخاصة، وإذا وجدت إرادة دولية أممية جادة وصادقة لتحقيق هذا الهدف يمكن تشكيل قوة سلام دولية محايدة من غير الدول التي دعمت أي طرف من أطراف النزاع للإشراف على حوار يمني يمني .
من هنا يمكن البدء بتحقيق عدالة انتقالية يتم من خلالها جعل السلام ثقافة غير قابلة لأي اختراق ظلامي متوحش من أي اتجاه وتحت أي راية أو آيديولوجية محلية أو إقليمية أو دولية.
ومن المؤسف حقاً أن تكون العوامل الدولية في البحث عن تحقيق السلام في اليمن أكثر رحمة وإنسانية من العامل الوطني!!
يكفي اليمنيين ما عانوه في ماضيهم القريب والبعيد، وحان الوقت لبناء دولة المواطنة المتساوية لجميع اليمنيين والاتفاق غير القابل لأي نقض يقوم على القبول التام باحترام التعددية الحزبية والسياسية والتداول السلمي للسلطة وترسيخ مبدأ سيادة القانون دون تسويف أو تلاعب، وهذا المضمون ما زال هو الشرعية الحقيقية التي قامت عليها الوحدة في مايو1990م، ومنها استمدت وجودها الوطني والدولي بتسجيلها في الأمم المتحدة .
السم في أرجائنا يسري
والجرح في أعماقنا يجري
شغل المغانم والمغارم قيدنا
فمتى تُرى نصحوا متى ندري ؟!.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
أزمات غزة وسوريا تتصدر القمة المصرية التركية بالعاصمة الجديدة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، بالرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، وذلك على هامش قمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي، والتي تعقد بالعاصمة الإدارية الجديدة.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيسين قد أكدا على ضرورة مواصلة تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في كافة المجالات، بما يتفق مع مصالح الدولتين وشعبيهما، حيث تم استعراض سبل تطوير العلاقات الثنائية وخاصةً في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.
وأضاف السفير محمد الشناوي المتحدث الرسمي أن اللقاء تناول تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، حيث تم التأكيد على ضرورة تكثيف التنسيق والتشاور بين البلدين حيال الأزمات في المنطقة لضمان إحلال السلام والاستقرار.
وفي هذا الإطار، تم استعراض الجهود المصرية للتوصل الى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وإخلاء سبيل الرهائن والمحتجزين ونفاذ المساعدات الإنسانية لأهالي القطاع دون قيود أو عراقيل.
من جانبه، اعرب الرئيس التركي عن تقديره للجهود المصرية، مؤكدا إتفاقه مع الرئيس على أن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية هي الضمانة الأساسية لاستعادة السلام والاستقرار في الإقليم.
وأوضح المتحدث الرسمي أن اللقاء تناول أيضاً الأوضاع في سوريا، حيث أكد الرئيس على ضرورة الحفاظ على وحدة واستقلال سوريا وسلامة أراضيها، وتدشين عملية سياسية سورية تضم كافة أطياف المجتمع وقواه لتحقيق مصالحة وطنية وضمان نجاح العملية الانتقالية.