عام على الحرب العبثية
تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT
محمد عبد الرحمن الناير (بوتشر)
مر عام على حرب 15 أبريل العبثية بكل بشاعتها وفظائعها، وقد بات السودان على عتبة الانهيار والتمزق، وملايين من القتلى والمشردين والمفقودين والمحاصرين تحت وابل الرصاص وحمم القنابل التي تُسْقَط على رؤوس المواطنين العزل في دارفور وكردفان والخرطوم والجزيرة. أطراف الصراع ارتكبت انتهاكات فظيعة ترتقي لمرتبة جرائم الحرب والتطهير العرقي والإبادة الجماعية، وقد استخدام الجيش الغذاء والمساعدات الإنسانية كسلاح في مواجهة المواطنين الجوعى، لا سيما في غرب السودان.هنالك نذر مجاعة طاحنة تلوح في الأفق، حيث العشرات من الأطفال والنساء الحوامل وكبار السن يموتون يومياً في دارفور بسبب سوء التغذية وانعدام الغذاء والأمراض الفتاكة. ساد خطاب الكراهية والعنصرية العرقية والجهوية والتحشيد القبلي والمناطقي لتوسعة رقعة الحرب، فإن تسليح المواطنين وعسكرتهم على هذه الأسس سيقود السودان حتماً للحرب الأهلية الشاملة التي باتت أقرب من أي وقت مضى، مما يجر الإقليم بأكمله في أتون حرب مدمرة، لا سيما دول جوار السودان التي توجد فيها امتدادات عرقية وقبلية لكثير من المكونات السودانية. دخول التنظيمات الإرهابية المتطرفة العابرة للحدود إلى ساحة الصراع موالية لفلول نظام المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية الذين أشعلوا هذه الحرب بحثاً عن العودة إلى السلطة بعد أن أسقط الشعب نظامهم بثورة شعبية سلمية، ومن أجل قطع الطريق أمام التحول المدني الديمقراطي الذي يؤسس إلى بناء دولة مواطنة متساوية بين جميع السودانيين وإعادة بناء جميع مؤسسات الدولة وفق أسس قومية جديدة وبناء جيش وطني واحد وخروج العسكر من ممارسة العمل السياسي والاقتصادي. لا يلوح الأفق القريب حسم عسكري نهائي لأي من الأطراف المتحاربة، ولا يزال الحل السلمي عبر التفاوض والحوار بعيد المنال، في ظل تعثر منبر جدة والمبادرات الإقليمية والمحلية، والتعنت في إقرار وقف إطلاق النار وفتح المسارات الإنسانية لإيصال الإغاثة والمساعدات الإنسانية للمواطنين المحاصرين في المدن والمخيمات. آمل أن تتحلى أطراف الصراع بروح المسؤولية الوطنية والأخلاقية، وينظروا إلى معاناة شعبنا العظيم؛ بسبب هذه الحرب اللعينة التي أزهقت الأرواح، ودمرت البنية التحتية، وعرضت النسيج الاجتماعي والوجدان الوطني إلى هزة عنيفة تحتاج إلى عقود من الزمان لاستعادة لحمتها وتضميد جراحاتها. هناك ضرورة ملحة وآنية لإعلان وقف شامل لإطلاق النار وفتح المسارات الإنسانية والجنوح إلى للحلول السلمية وتجنيب بلادنا خطر الانزلاق في أتون حرب أهلية وشبح التفكك والانهيار، لجهة أن الحوار والتفاوض هو أقصر الطرق للحل وأقلها تكلفة، وشعبنا العظيم يستحق أن ننظر إليه بعين الرحمة والإنسانية. المجتمع الدولي صامت عما يجري في السودان، ولم يحرك ساكناً لإجبار أطراف الصراع بوقف الحرب وفتح المسارات الإنسانية والدخول في عملية سلمية جادة تؤسس لإنهاء الحرب والدخول في عملية سياسية شاملة لا تستثني سوى نظام المؤتمر الوطني وواجهاته؛ ولم يقم بواجبه الإنساني والأخلاقي بتقديم المساعدات الإنسانية وإغاثة الجوعى الذين يموتون يومياً. يجب على القوى السياسية السودانية الشريفة التي يهمها أمر السودان وحاضره ومستقبله عدم التورط في اصطفافات الحرب لأجل مكاسب شخصية وحزبية رخيصة، ويجب أن يصطفوا مع السودان أرضاً وشعباً وعدم دعم مخططات تدمير وتفكيك السودان، ويجب أن نسعى جميعاً بكل صدق وإخلاص وتجرد لتكوين أكبر جبهة وطنية لوقف وإنهاء الحرب وممارسة الضغط السياسي والجماهيري والدبلوماسي على أطراف الصراع وإنقاذ ما تبقى من السودان، واستشراف المستقبل والتحول المدني الديموقراطي ومخاطبة جذور الأزمة التاريخية بصورة صحيحة، والتوافق على تشكيل حكومة انتقالية مدنية بالكامل من شخصيات مستقلة، تلبي شعارات ثورة شعبنا وتضحياته العظيمة، تعمل على تضميد الجراحات وإنصاف الضحايا ومحاسبة الجناة وكافة المجرمين قديماً وحديثاً، فلا تصالح أو عفو مع أي قطرة دم أهدرت في وطننا الجريح. الوسوممحمد عبد الرحمن الناير (بوتشر)
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة: طرفا الصراع في السودان وحلفاؤهما يتحملون مسؤولية العنف
وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، أشارت إلى أن بعض حلفاء الأطراف المتحاربة يمكّنون استمرار الصراع، مطالبة هؤلاء بالتوقف عن دعم المذبحة.
التغيير: وكالات
دعت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روز ماري ديكارلو، إلى وقف فوري للعنف في السودان، عقب هجمات جديدة شنتها قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة، ووصفتها منظمات غير حكومية بأنها من أشد أعمال العنف في الفترة الأخيرة.
وعبرت ديكارلو، خلال اجتماع مجلس الأمن حول السودان اليوم الثلاثاء، عن إدانتها للهجمات المتواصلة من قبل قوات الدعم السريع ضد المدنيين، إلى جانب القصف العشوائي الذي تنفذه القوات المسلحة السودانية في المناطق السكنية، مؤكدة أن كلا الطرفين يتحمل مسؤولية العنف.
وحثت ديكارلو الأطراف المتحاربة على وقف القتال واللجوء إلى طاولة المفاوضات لتحقيق حل سياسي تفاوضي، معربة عن قلقها من تصاعد العمليات العسكرية واستمرار تدفق الأسلحة إلى السودان.
وأشارت إلى أن بعض حلفاء الأطراف المتحاربة يمكّنون استمرار الصراع، مطالبة هؤلاء بالتوقف عن دعم المذبحة.
من جهته، استعرض مدير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، راميش راجاسينغام، الأوضاع الإنسانية المتدهورة، مشيرًا إلى أن النزاع المستمر منذ أبريل 2023 أدى إلى أسوأ أزمة نزوح في العالم، مع تشرد أكثر من 11 مليون شخص.
كما حذّر من أزمة الجوع المتصاعدة، حيث يواجه نحو 750 ألف شخص في السودان انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي، لا سيما في جنوب كردفان، ما ينذر بتفاقم المجاعة وسوء التغذية.
كما تحدثت رئيسة منظمة “نساء دارفور من أجل العمل”، نعمات أحمداي، عن الجرائم المتزايدة ضد المدنيين، مثل القتل والاغتصاب الجماعي والقصف العشوائي، وناشدت مجلس الأمن اتخاذ خطوات جادة لحماية المدنيين.
وذكرت أحمداي أن نحو 130 امرأة في ولاية الجزيرة أقدمن على الانتحار هربًا من العنف الجنسي المروع، مطالبةً بنشر قوة دولية لحماية المدنيين ووقف الفظائع المرتكبة.
وختمت ديكارلو بدعوتها للمجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته، بما في ذلك العمل على حماية المدنيين وتنفيذ توصيات الأمين العام لتوسيع نطاق الاستجابة الإنسانية، إضافةً إلى عقد هدن إنسانية لتأمين إيصال المساعدات إلى المناطق المتأثرة بالنزاع.
الوسومآثار الحرب في السودان الأمم المتحدة حرب الجيش والدعم السريع مجلس الأمن الدولي