مؤتمر باريس لدعم الاحتياجات الإنسانية في السودان
تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT
اتجاهات مستقبلية
مؤتمر باريس لدعم الاحتياجات الإنسانية في السودان
يأتي انعقاد مؤتمر باريس لدعم الاحتياجات الإنسانية في السودان في توقيت صعب جدًّا، إذ ينشغل العالم أجمع الآن بالتصعيد الإيراني الإسرائيلي، وبتطورات الحرب في قطاع غزة، فضلًا عن عودة الحرب الروسية الأوكرانية إلى الواجهة من جديد.
وبالتوازي مع انعقاد المؤتمر يُعقد اجتماع على المستوى الوزاري لدعم مبادرات السلام الدولية والإقليمية الهادفة إلى وضع حد للحرب في السودان، وهو أمر لا يقل أهمية عن محاولات جمع الأموال اللازمة لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان. ومما لا شك فيه أن وقف الحرب المشتعلة بين طرفي النزاع هو المفتاح الأساسي لمواجهة المشكلات الإنسانية المتفاقمة في بلد يعاني أزمات الجوع والمرض منذ عشرات السنين.
وفي الواقع، لم يكن اختيار يوم 15 إبريل لانعقاد لمؤتمر باريس اعتباطيًّا أو وليد الصدفة، حيث انطلقت الحرب في السودان في اليوم ذاته من العام الماضي، وهي الآن تدخل عامها الثاني، وسط مخاوف كثير من السودانيين والمراقبين بأنها أصبحت حربًا منسية وأفضت إلى نتائج مأساوية، إذ إن 27 مليون سوداني، أي ما يزيد على نصف سكان السودان، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، وما لا يقل عن 18 مليون نسمة يواجهون حالة افتقاد الأمن الغذائي. كما أن تقارير الأمم المتحدة تُبين أن ما لا يقل عن 8 ملايين سوداني قد تشرّدوا، منهم 6.3 مليون نازح داخلي. وخلفت الحرب، حتى الآن ما يقرب من 15 ألف قتيل، وعددًا غير محدود من المصابين والمفقودين.
يهدف مؤتمر باريس لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية، أولها الالتزام بتمويل الاستجابة الدولية للحاجات الإنسانية الضرورية للسودان. وثانيها إحراز تقدم في ضمان وصول المساعدات من دون عوائق، حيث يسعى المنظمون للمؤتمر إلى جمع تبرعات مالية تصل إلى 3.8 مليار يورو لعام 2024، بينما المتوافر في الوقت الحالي لا يصل إلى خمس المبلغ المطلوب لسد الاحتياجات الأساسية للسكان. وثالثها ضرورة ألا يطغى عدم الاستقرار في النظام الدولي على الأزمات التي تؤثر في الأفارقة، بما في ذلك السودان. وفضلًا عن تلك الأهداف المعلنة للمؤتمر، يوجد هدف آخر يخص الدول الأوروبية تحديدًا، يتمثل في وقف المهاجرين واللاجئين السودانيين إلى الدول الأوروبية؛ إذ أظهرت إحصاءات نشرتها مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين عن تزايد انتقال اللاجئين السودانيين إلى أوروبا منذ بداية 2023.
وفي الواقع هناك مجموعة من العوامل التي يمكن العمل عليها لتحسين الوضع الإنساني في السودان، من بينها ضرورة زيادة الوعي العالمي بالأزمة الإنسانية في السودان والضغط على الجهات الدولية لتقديم المساعدة والدعم اللازم، وذلك عن طريق حملات الدعم بالتعاون مع الجهات الفاعلة الدولية. فضلًا عن حتمية وقف الحرب وتعزيز الحوار بين الفرقاء لإيجاد حلول سلمية توافقية بين طرفي الصراع في السودان، وزيادة التمويل المخصص لمساعدة النازحين واللاجئين في السودان وتوجيهها بشكل فعال لتلبية الاحتياجات الضرورية، وقيام طرفي الصراع بالتعامل الجاد بشأن ضمان وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين في جميع المناطق في السودان لإنقاذ الوضع الكارثي من التدهور، وتقليل حجم معاناة السكان، ووقف انتشار الأمراض والأوبئة.
والخلاصة هي أن مفتاح حل الأزمة الإنسانية في السودان يتمثل في تضافر الجهود الدولية والإقليمية والمحلية لوقف الحرب الدائرة الآن، وقيام المنظمات الأممية، والمانحين الدوليين بواجباتهم الإنسانية. وأخيرًا، يمكننا القول إن مؤتمر باريس يعد خطوة واحدة من خطوات عدة مطلوبة من قبل الأسرة الدولية لوقف الحرب الأهلية في السودان، ومواجهة الأزمة الإنسانية المتفاقمة هناك.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الأزمة الإنسانیة فی السودان مؤتمر باریس
إقرأ أيضاً:
كاميرون هدسون: لا يوجد مؤشرات تلوح في الآفق بشأن اتفاق للتهدئة في السودان
مع استمرار الحرب في السودان تزداد معاناة ملايين المدنيين من انعدام الأمن الغذائي، بينما لا تلوح في الأفق أي مؤشرات لحل سياسي ينهي القتال الدائر في البلاد منذ 15 أبريل 2023، الدبلوماسي الأميركي السابق ومدير الشؤون الأفريقية الأسبق في مجلس الأمن القومي، كاميرون هدسون أكد أنه لا يوجد مؤشرات تلوح في الآفق بشأن اتفاق للتهدئة في السودان.
ويرى أن تركيز الجهود الدولية حاليا يتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية، ولا جهود تتعلق بالعملية السياسية في السودان، مشيرا إلى أن مساعي واشنطن في جمع الأطراف المتحاربة في السودان لم تنجح.
وأعلنت واشنطن الخميس عن تخصيصها مبلغا إضافيا بقيمة 200 مليون دولار لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان، ليرتفع بذلك إجمالي المساعدات الأميركية إلى 2.3 مليار دولار.
وأضاف هدسون أن واشنطن أيضا لم تنجح في وضع حدود للقوى الدولية التي تغذي الصراع في السودان، لافتا إلى أن الولايات المتحدة "في وضع صعب" فيما يتعلق بالتعامل مع الأزمة في السودان، خاصة مع تبقي شهر واحد لإدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن.
ولا يعتقد أن الأزمة في السودان تتصدر أولويات إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب.
منذ أبريل 2023، يشهد السودان حربا بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو الملقب حميدتي.
وقال هدسون إن تقديم المساعدات لوحدها للسودان غير كافية، ولكن ما نحتاج إليه هناك هو حل سياسي للأزمة، مشيرا إلى أن واشنطن لم تستخدم كل الأدوات المتاحة لها للضغط في هذا الإطار، إذ لم تفرض عقوبات، ولم يتم إيقاف تغذية الصراع من قوى إقليمية.
والخميس، حذر برنامج الأغذية العالمي من أن السودان قد يشهد أكبر مجاعة في التاريخ الحديث، مع 1.7 مليون شخص في البلد إما يعانون الجوع أو هم معرضون له، إضافة إلى ذلك، يعاني حوالي 26 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي في البلد.
القتال في السودان تسبب في أكبر أزمة إنسانية عالمية حسب الأمم المتحدة
واشنطن تحذر من تفكك السودان أو تحوله إلى "دولة فاشلة"
حذر المبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيرييلو، من تداعيات الحرب في السودان، قائلا إنها تفاقم الأزمة الإنسانية وتعطلُ فرص السلام.
وأوضح هدسون أنه تم فرض عقوبات على بعض الأفراد في قوات الدعم السريع، والتي لم تكن فعالة لتغيير سلوكيات هذه القوات، وفي الوقت الذي ظهرت فيه دلائل على تقديم دولة الإمارات لأسلحة في السودان إلا أن واشنطن لم تتحدث بصرامة معها بهذا الشأن، تم الاكتفاء بنفي أبو ظبي إرسال أسلحة، وهذا يعني أن الولايات المتحدة تفضل علاقاتها مع الإمارات وإن كان ذلك على حساب مقتل العديد من المدنيين في السودان.
وقال هدسون إن رد وكالات الأمم المتحدة لم يكن كافيا في السودان، وهذا يعود للتمويل وللأولويات التي تفرضها الدول الأعضاء على المشهد، إذ أنها لا تحظى بذات الأولوية مثل ما يحدث في حرب أوكرانيا، أو حرب إسرائيل في غزة.
وتسيطر قوات الدعم السريع بشكل شبه كامل على إقليم دارفور ومساحات واسعة من منطقة جنوب كردفان ومعظم وسط السودان، بينما يسيطر الجيش النظامي على شمال وشرق البلاد.
وحتى الآن، لم يتمكن أي من المعسكرين من السيطرة على كامل العاصمة الخرطوم التي تبعد ألف كيلومتر شرق مدينة الفاشر.
وأودت الحرب بحياة عشرات الآلاف وشردت أكثر من 11 مليون شخص وتسببت بما تعتبره الأمم المتحدة أسوأ أزمة إنسانية في الذاكرة الحديثة.
ويتهم الجيش وقوات الدعم السريع باستهداف المدنيين والمرافق الطبية بشكل عشوائي، وبقصف مناطق سكنية عمدا.
الحرة الليلة