دعم ملياري ومسار سياسي.. ماذا جرى في مؤتمر باريس بشأن السودان؟
تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT
تعهّد المجتمعون في مؤتمر باريس حول السودان، الاثنين، بتقديم مساعدات إنسانية تزيد على مليارَي يورو، لدعم المدنيين، مطالبين "كل الأطراف الأجنبية" بوقف تقديم الدعم المسلّح للطرفين المتحاربين.
وقال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون: "يمكن أن نعلن أنه سيتم في المجمل تعبئة أكثر من مليارَي يورو"، لافتا إلى أن الالتزامات التي سُجّلت، الاثنين، قبل المؤتمر بلغت 190 مليون يورو فقط.
وستساهم دول الاتحاد الأوروبي في 900 مليون يورو من التعهدات الإجمالية التي تبلغ حصة باريس فيها 110 ملايين وبرلين 244 مليونا وبروكسل 350.
أمّا واشنطن، فتعهدت من جهتها تقديم 138 مليون يورو.
وأوضح ماكرون أن هذا الدعم "سيسمح بالاستجابة للاحتياجات الأكثر إلحاحا في قطاعات الأمن الغذائي والصحة والمياه والصرف الصحي والتعليم وحماية الأكثر ضعفا".
قتال وهدن مخترقة وملايين يفرون.. تسلسل لأحداث عام من الحرب في السودان أدت الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى سقوط آلاف القتلى ونزوح أكثر من 8,5 ملايين شخص بحسب الأمم المتحدة.ورغم أن التعهدات بالتبرعات طموحة، فإنها لاتزال بعيدة عن مبلغ 3.8 مليارات يورو اللازم لتوفير المساعدات بحسب الأمم المتحدة.
وتعليقا على إعلان الالتزامات المالية، قال المدير العام لمنظمة "سوليداريتي إنترناسيونال" غير الحكومية كيفن غولدبرغ: "يسعدنا أن الالتزامات التي تعهدت بها مجموعة من الدول اليوم كبيرة... لكنها تبقى أقل بكثير من الاحتياجات".
وفي إعلان مشترك، دعت 14 دولة بينها ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة والسعودية وجيبوتي وتشاد ومنظمات دولية مثل الأمم المتحدة وهيئة التنمية في شرق أفريقيا (إيغاد) "كل الأطراف الإقليمية والدولية إلى تقديم الدعم بدون تحفظ لمبادرة سلام موحدة لصالح السودان".
وفي وقت سابق الاثنين، قال وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه: "منذ عام، يجد السودانيون أنفسهم ضحايا حرب رهيبة... لا تترك إلا الفوضى والمعاناة". وأضاف: "السودانيون هم أيضا ضحايا النسيان واللامبالاة".
وتضمن اجتماع باريس شقّا سياسيا على المستوى الوزاري لمحاولة إيجاد مخارج للنزاع، وشقّا إنسانيا هدفه تعبئة التبرعات وتقديم معونة ضخمة، كما ضم اجتماعا لنحو 40 شخصية من المجتمع المدني.
واستضافت باريس المؤتمر الدولي من أجل السودان بعد مرور عام بالضبط على بدء الحرب بين الجيش، بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق، الجنرال محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي.
وخلال عام واحد، أدّت الحرب في السودان إلى سقوط آلاف القتلى بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في إحدى مدن غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة.
"متشددون ومرتزقة".. هل يُخرج المقاتلون الجدد أزمة السودان عن السيطرة؟ مع اقتراب الحرب في السودان من إكمال عامها الأول، اتسعت دائرة المعارك بصورة غير مسبوقة، ودخلت تشكيلات قتالية جديدة على خط القتال، بينما يخطط الوسطاء لاستئناف المحادثات بين الجيش وقوات الدعم السريع في جدة بالسعوديةودفعت الحرب البلاد البالغ عدد سكانها 48 مليون نسمة إلى حافة المجاعة، ودمرت البنى التحتية المتهالكة أصلا، وتسببت بتشريد أكثر من 8.5 ملايين شخص بحسب الأمم المتحدة.
وتُعدّ أزمة التشريد هذه "أكبر أزمة نزوح في العالم في الوقت الحالي"، حسبما قالت المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة، إيمي بوب، لوكالة فرانس برس.
وفي نيويورك، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الاثنين، أن الهجمات العشوائية على المدنيين في السودان يمكن أن تشكل "جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".
"فراغ إنساني"وقالت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك، إن مبادرات الوساطة المتعددة لم تثمر، داعية المجتمع الدولي إلى "العمل بشكل منسّق لجلب الطرفين المتحاربين إلى طاولة المفاوضات والتوصل إلى وقف لإطلاق النار".
من جهته، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إنه من خلال "الضغط الدولي" فقط يمكن دفع الطرفين المتحاربين إلى التفاوض.
ودعا وزير الخارجية التشادي، محمد صالح النظيف، إلى "ممارسة ضغط إلى جانب التمويل من أجل التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار لأنه إذا استمررنا على هذا النحو، فإن السودان معرّض للتفكيك خلال عام".
وحذّرت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي سيندي ماكين، على هامش المؤتمر في باريس من أن الأزمة الغذائية التي يمر بها السودان قد تكون "الأكبر من نوعها على الإطلاق".
وقالت ماكين في مقابلة مع وكالة فرانس برس إن الوضع في السودان "شبه كارثي"، مضيفة "حتى لو أعلنّا حالة المجاعة، سيكون قد فات الأوان".
بدوره، أكد مدير السودان في المجلس النروجي للاجئين، وليام كارتر، أن "المدنيين يعانون الجوع، العنف الجنسي الهائل، المجازر العرقية على نطاق واسع، والاعدامات (...) ورغم ذلك، يواصل العالم إشاحة نظره".
وحذّر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الانسان، فولكر تورك، من مزيد من التصعيد للعنف مع قيام المتحاربين بتسليح المدنيين وانضمام مزيد من الجماعات المسلحة إلى القتال.
وقال: "إن تجنيد واستخدام الأطفال من قبل أطراف النزاع يشكل أيضًا مصدر قلق كبير".
وشدّد وزير خارجية جيبوتي، محمود علي يوسف، على "ضرورة فتح ممرات إنسانية يجب أن يقبلها الطرفان تحت رعاية الأمم المتحدة"، مشيرًا إلى أن "هذه الممرات يجب أن يتمّ تأمينها بواسطة وحدات خفيفة تابعة للأمم المتحدة بالتنسيق مع دول المنطقة".
وفي حين يحتاج نحو 25 مليون شخص في السودان، أي نحو نصف عدد السكان، إلى المساعدة، حذّر رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود، جين ستويل، في بيان من "فراغ إنساني يثير قلقا شديدا".
وحثت مديرة القرن الإفريقي في منظمة هيومن رايتس ووتش، ليتيسا بدر، على توجيه "رسالة صارمة" وفرض عقوبات دولية على طرفي الحرب اللذين "حالا دون وصول المساعدات الانسانية" وقاما بنهب ما وصل منها، وخططا لعمليات "قتل العاملين الانسانيين"، إضافة الى سلسلة من الانتهاكات بحق المدنيين.
وشددت على أنه "من الضروري أن يعقد هذا المؤتمر، لكنه يجب ألا يصبح ذريعة... لنسيان السودان مرة جديدة".
وأعلنت المملكة المتحدة عقوبات جديدة تستهدف شركات تدعم الطرفَين المتحاربَين.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الحرب فی السودان الأمم المتحدة
إقرأ أيضاً:
وزير الصحة السوداني: الحرب أدت إلى انهيار النظام الصحي بشكل شبه كامل
أعلن وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم -اليوم السبت- أن الحرب الدائرة في السودان منذ أكثر من 20 شهرا بين الجيش وقوات الدعم السريع ألحقت أضرارا كارثية بالنظام الصحي، مما أدى إلى انهياره بشكل شبه كامل.
وقد وثقت وزارة الصحة مقتل 12 ألف مدني في مستشفيات البلاد، وهو ما يمثل 10% فقط من إجمالي عدد القتلى في الحرب.
وصرح الوزير -خلال مؤتمر صحفي بمدينة بورتسودان- أن الخسائر التي تكبدها القطاع الصحي نتيجة الحرب وصلت إلى نحو 11 مليار دولار. وأشار إلى أن 250 مستشفى من أصل 750 مستشفى خرجت عن الخدمة بسبب الدمار الذي لحق بها، مما حرم الملايين من الرعاية الصحية الأساسية.
ووصف وزير الصحة الوضع الإنساني في السودان بأنه الأسوأ في تاريخ البلاد، حيث تسببت الحرب في نزوح نحو ربع السكان، ولفت إلى أن السودان يواجه واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية عالميا، مع تزايد معاناة المدنيين الذين يفتقرون إلى الخدمات الأساسية.
دمار القطاع الصحيواتهم إبراهيم قوات الدعم السريع بشن هجمات ممنهجة على المستشفيات والمؤسسات الصحية، خاصة في مدينة الفاشر بإقليم دارفور، مما أدى إلى تعطيل العديد من المنشآت الطبية الحيوية.
وأوضح أن أكثر من 50% من مراكز غسيل الكلى أصبحت خارج الخدمة، في حين تعرض الصندوق القومي للإمدادات الطبية للنهب، مسببا خسائر بلغت 500 مليون دولار.
إعلانوأضاف الوزير أن الحرب عرقلت تقديم العلاج الإشعاعي وأدت إلى تدمير مراكز طبية مختصة، مشيرا إلى الصعوبات الكبيرة في إيصال الخدمات الصحية إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
وقد تفاقمت الأزمة الصحية مع تفشي الأمراض الناجمة عن تلوث المياه، حيث تم تسجيل 1,258 حالة وفاة وأكثر من 48 ألف حالة إصابة بالكوليرا نتيجة انهيار البنية التحتية لمحطات المياه في عدة مناطق، ووفقا لإحصائيات الوزارة.
ومنذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل/نيسان 2023، أسفر الصراع عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص، حسب التقديرات الرسمية، في حين تشير تقارير أخرى إلى أعداد أكبر من الضحايا. وأدى القتال إلى نزوح أكثر من 14 مليون شخص داخليا وخارجيا، مع تدمير واسع النطاق للبنية التحتية والاقتصاد والتعليم والقطاع الصحي.