لا شك أن الاقتصاد فى أى دولة يأخذ منحنى آخر بعيدا عن سلوكه الطبيعي إبان فترات الحروب والصراعات المسلحة، ويشار له في مثل هذا الظرف بمصطلح (اقتصاد الحرب) والذي ظهر أثناء الحروب العالمية الأولى والثانية، ومنها تكونت نظرية اقتصاد الحرب التي تعمل على صناعة التوازن بين الحاجة إلى تحقيق الأهداف العسكرية والتأثيرات الاقتصادية والاجتماعية الناتجة، ومن الطبيعي أن الوضع الاقتصادي المعقد يقتضي التدخل على أكثر من جبهة بحكم تشابك القطاعات والعلاقات الاقتصادية حيث إن الأزمة الاقتصادية المصرية الراهنة ربما تتشابه إلى حد ما مع وضع الاقتصاد المصري بعد يونيو عام 1967 وأثناء حرب الاستنزاف مع إسرائيل، ومع الوضع في الاعتبار أن هناك بالفعل حربا حقيقية تجري مع قوى الإرهاب، وتعرض المجتمع لأخطار وجودية فرضتها عليه هذه القوى، لذا فإن الوضع يقتضي ليس أقل من تبني اقتصاد الحرب للتعامل مع هذه الأزمات والمخاطر، والخلاصة أن اقتصاد الحرب الذى أقصده فى مقالى هذا لا يعنى الاشتراك فى صراعات مسلحة بل الاشتراك فى حروب داخلية ضد التضخم وغلاء الأسعار المتزايد وارتفاع سعر الدولار فى السوق السوداء وأزمات أخرى معروفة، حرب داخلية تستهدف قيام الدولة بهيكلة قدرتها الإنتاجية والتوزيعية، ومن هنا تأتى ضرورة التفكير في إنشاء لجنة وزارية تضم وزراء المجموعة الاقتصادية إضافة إلى محافظ البنك المركزي بحيث يكون عمل الوزراء المعنيين هو المشاركة في وضع الرؤية العامة ثم تنفيذ ما يتم وضعه من خطط واستراتيجيات في مجال عمل كل وزارة استنادا إلى لجنة من المعنيين تضم أعضاء على درجة عالية من الكفاءة ومتفرغين لوضع هذه الخطط والاستراتيجيات، فنجد مثلا أنه بعد الحرب العالمية الأولى تطور مفهوم اقتصاد الحرب بالتركيز على تطبيق سياسات زيادة الإنتاج وتحقيق التوازن الاقتصادي خلال فترة الحرب، وبالتالى أرى أن الدولة المصرية فى حاجة ماسة الآن إلى استدعاء روح نصر 1973، وسنوات حرب الاستنزاف، حتى تواجه كل جبهة ذات تحدٍ داخلياً أو خارجياً، وبمعنى آخر أن نبدأ بالحكومة دون أن نتجاهل دور المواطنين فى هذه الحرب الشاملة، فالحكومة الجديدة المنتظرة بعد أداء رئيس الجمهورية لليمين الدستورية عليها أن تتحول حقا إلى حكومة حرب مصغرة لاسيما فى الجانب الاقتصادى، على أن تحدد لنفسها خططا سنوية للإنجاز وفق حاجات البلاد وأولوياتها، وللحديث بقية إن شاء الله.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: اقتصاد الحرب د أحمد محمد خليل الصراعات المسلحة فترات الحروب اقتصاد الحرب
إقرأ أيضاً:
برلماني: الرقم القومي للعقار خطوة حاسمة نحو اقتصاد رقمي شفاف
أكد النائب علي الدسوقي، عضو لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب، أن مشروع قانون إنشاء قاعدة بيانات الرقم القومي الموحد للعقارات يمثل تحولًا استراتيجيًا في إدارة الثروة العقارية في مصر.
وأشار “الدسوقي” في تصريح خاص لـ"صدى البلد"، إلى أن هذا المشروع سيسهم في تحقيق الشفافية والحوكمة في سوق العقارات، مما يعزز مناخ الاستثمار ويقلل من الفساد والتلاعب في الملكيات.
وأوضح الدسوقي أن إنشاء رقم قومي موحد لكل عقار سيمكن الدولة من حصر الثروة العقارية بدقة، وتحديد الملكيات، ورصد المخالفات، وتسهيل عمليات التسجيل والتراخيص. كما سيساعد في تحسين تحصيل الضرائب العقارية، وتوفير بيانات دقيقة للتخطيط العمراني، وتقديم الخدمات للمواطنين بكفاءة.
وأضاف أن هذا المشروع يتماشى مع رؤية مصر 2030 للتحول الرقمي، ويعكس التزام الدولة بتحديث بنيتها التحتية الرقمية، وتحقيق التنمية المستدامة.
ودعا إلى تسريع إجراءات تنفيذ المشروع، وتوفير الدعم الفني واللوجستي لضمان نجاحه.
يبدأ مجلس النواب الأحد المقبل، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، مناقشة مشروع قانون جديد يُعد من أبرز مشروعات التحول الرقمي في قطاع العقارات، والذي تقدمت به الحكومة لإنشاء قاعدة بيانات قومية موحدة للرقم القومي للعقارات.
يرتكز المشروع على تحقيق رؤية مصر 2030، من خلال إنشاء "بصمة عقارية" لكل وحدة عبر رقم قومي موحد، ما يعزز الحوكمة والشفافية، ويمهد لبنية رقمية دقيقة تسهم في ضبط سوق العقارات وتعزيز الاستثمارات.
أهداف المشروع تمتد لتشمل قياس الثروة العقارية بدقة، والتصنيف العادل للملكية، وتحسين آليات الترخيص، فضلاً عن الحد من مخالفات البناء. كما يُتوقع أن يُحدث نقلة نوعية في تحديد الضرائب العقارية وتكاليف المرافق وفقًا للاستخدام الفعلي.
اللجنة المشتركة بمجلس النواب، والتي تضم لجان الإسكان، الدفاع، الاتصالات، الإدارة المحلية، الموازنة، والشئون التشريعية، أكدت أن المشروع يمثل تحولاً جذرياً في نظم التوثيق العقاري، ويعزز قدرة الدولة على التخطيط العمراني وتقديم خدماتها بشكل أكثر كفاءة، إلى جانب القضاء على التعديات والتضارب في الملكيات.
التشريع المرتقب يُعد خطوة تأسيسية لنقلة نوعية في إدارة الثروة العقارية بمصر، ويمهد الطريق لمزيد من الشفافية الرقمية والاستثمار العقاري المنظم.