في الذكرى الأولى للحرب.. مؤتمر باريس يتعهد بمليارَي يورو للسودان ويطالب “كل الأطراف الأجنبية” بوقف تقديم الدعم المسلّح لطرفَي النزاع
تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT
باريس/دبي- وكالات/الشرق
أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال المؤتمر الدولي بشأن السودان الذي عقد في باريس، الاثنين، تعهد المانحين بتقديم أكثر من ملياري يورو (2.13 مليار دولار)، وذلك بالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لبدء حرب السودان التي تحولت لـ"أزمة منسية".
وفي افتتاح الاجتماع الذي ترأسه فرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي، أعلنت باريس التبرع بمبلغ 110 مليون، وألمانيا بـ244 مليوناً، بالإضافة لـ350 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي، و138 مليوناً من الولايات المتحدة.
وطالب المجتمعون في مؤتمر باريس خلال إعلان مشترك، "كل الأطراف الأجنبية" بوقف تقديم الدعم المسلّح لطرفَي النزاع المستمر منذ عام في السودان.
ودعت 14 دولة بينها ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة والسعودية وجيبوتي وتشاد ومنظمات دولية مثل الأمم المتحدة وهيئة التنمية في شرق إفريقيا (إيقاد) "كل الأطراف الإقليمية والدولية إلى تقديم الدعم بدون تحفظ لمبادرة سلام موحدة لصالح السودان".
ويأتي المؤتمر في الذكرى السنوية الأولى لبدء الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، وسط استمرار تفاقم الأزمة الإنسانية وتصاعد المخاطر الجيوسياسية.
وتضمن اجتماع باريس شقاً سياسياً على المستوى الوزاري لمحاولة إيجاد مخارج للنزاع، وشقاً إنسانياً هدفه تعبئة التبرعات، وتقديم معونة ضخمة للبلد الذي مزقته الحرب، كما يضم اجتماعاً لنحو 40 شخصية من المجتمع المدني السوداني.
وقال وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في كلمة له خلال المؤتمر: "منذ عام، وجد السودانيون أنفسهم ضحايا حرب رهيبة لا تترك إلا الفوضى والمعاناة"، معتبراً أن "السودانيين ضحايا النسيان واللامبالاة".
وأوضح سيجورنيه أن الهدف من الاجتماع "كسر جدار الصمت المحيط بهذه الحرب، ودفع المجتمع الدولي إلى التحرك".
دعوات للتفاوض
من جهته، قال نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، إن "مشاركة المملكة في الاجتماع تأتي في إطار الحرص على تفعيل الجهود الدولية والتعاون متعدد الأطراف لتحقيق السلام والأمن المستدام في السودان، واستكمالاً للجهود المبذولة لاستئناف العملية السياسية وتخفيف معاناة الشعب السوداني".
وعبّر الخريجي عن "قلق المملكة البالغ جراء ما خلفه الصراع بين الأطراف المتنازعة من خسائر في الأرواح والممتلكات، نجم عنها سقوط الآلاف من المدنيين، وتهجير قرابة 8.3 مليون شخص من منازلهم، أكثر من 1.7 مليون منهم عبروا الحدود إلى دول مجاورة".
وأوضح أن "السبيل الوحيد لإنهاء هذه الأزمة والمعاناة المتفاقمة هو عبر حل سياسي داخلي (سوداني-سوداني) يحترم سيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه، ويُفضي إلى وقف لإطلاق النار، للحفاظ على مقدرات هذا البلد ومؤسساته الوطنية من الانهيار".
ورحب نائب وزير الخارجية السعودي بـ"كافة الجهود الإقليمية والدولية الرامية لحل الأزمة"، معرباً عن "عزم المملكة مواصلة الجهود لرعاية المباحثات، من خلال منبر جدة، من أجل تقريب وجهات النظر بين الأطراف السودانية، لوقف إطلاق النار وعودة الحوار السياسي لتحقيق السلام والاستقرار في السودان".
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، إن "المجتمع الدولي يجب ألا يصرف نظره عن الحرب في السودان التي تسببت في أزمة إنسانية كارثية"، متحدثة عن "المعاناة التي لا توصف" للسودانيين ضحايا حرب "جنرالين عديمي الرحمة وشعورهم بأن العالم تخلى عنهم"، في إشارة إلى قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".
وأضافت أن مبادرات الوساطة المتعددة "لم تثمر"، داعية المجتمع الدولي إلى "العمل بشكل منسّق لجلب الطرفين المتحاربين إلى طاولة المفاوضات والتوصل إلى وقف لإطلاق النار".
من جهته، قال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إنه من خلال "الضغط الدولي" فقط يمكن دفع الطرفين المتحاربين إلى التفاوض.
وتعثرت جهود الوساطة التي تبذلها الولايات المتحدة والسعودية منذ أشهر. ورجح المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو في مقابلة خاصة مع "الشرق الأوسط"، أن تبدأ محادثات جدة قريباً من دون تحديد التاريخ، مشيراً إلى وجود مفاوضات غير رسمية جارية في الوقت الحالي.
"فراغ إنساني"
وتستضيف باريس المؤتمر الدولي من أجل السودان بعد مرور عام بالضبط على بدء الحرب في 15 أبريل 2023، والتي أدت إلى سقوط آلاف الضحايا بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في إحدى مدن غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة.
كما دفعت الحرب البلاد البالغ عدد سكانها 48 مليون نسمة إلى حافة المجاعة، ودمرت البنى التحتية المتهالكة أصلاً، وتسببت بتشريد أكثر من 8.5 ملايين شخص، بحسب الأمم المتحدة.
وشددت منظمة "العمل لمكافحة الجوع" (أكسيون كونتر لا فان) غير الحكومية، على الحاجة إلى تحرك "عاجل" في تشاد لتوفير المساعدات للاجئين الذين يتدفقون عبر الحدود من السودان المجاور.
بدوره، أكد مدير السودان في المجلس النروجي للاجئين وليام كارتر، أن "المدنيين يعانون الجوع، العنف الجنسي الهائل، المجازر العرقية على نطاق واسع، والإعدامات ورغم ذلك، يواصل العالم الإشاحة بنظرة".
وفي حين يحتاج نحو 25 مليون شخص في السودان، أي نحو نصف عدد السكان، إلى المساعدة، حذر رئيس بعثة منظمة "أطباء بلا حدود" جان ستويل في بيان، من "فراغ إنساني يثير القلق للغاية".
وتابع: "إضافة إلى الوفيات المرتبطة بأعمال العنف، نرى الأطفال يتوفون جراء سوء التغذية ونقص اللقاحات، ونساء يعانين مضاعفات بعد ولادات خطرة".
وأوضحت الخارجية الفرنسية، أن "تمويل النداء الإنساني للأمم المتحدة في العام الماضي لم يبلغ سوى النصف. هذا العام، لم تتخط نسبة التمويل 5%"، مؤكدة أنها لا تتوقع سد هذا العجز خلال مؤتمر باريس "لكن نأمل في أن يستيقظ المجتمع الدولي".
وسيسعى مؤتمر "المانحين" في باريس إلى معالجة ضعف تمويل الطوارئ في السودان والدول المجاورة، والنقص الذي يبلغ أكثر من 2.5 مليار دولار.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: المجتمع الدولی فی السودان أکثر من
إقرأ أيضاً:
أوروبا تتعهد بتقديم 2.5 مليار يورو لدعم سوريا
تعهد الاتحاد الأوروبي اليوم الاثنين بتقديم حوالي 2.5 مليار يورو (2.7 مليار دولار) من المساعدات إلى سوريا حتى العام المقبل، وذلك خلال مؤتمر سنوي للمانحين عقده الاتحاد الأوروبي في بروكسل لدعم سوريا في إعادة الإعمار بعد الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين خلال المؤتمر إن "السوريين بحاجة إلى مزيد من الدعم، سواء إذا كانوا لا يزالون في الخارج أو قرّروا العودة إلى ديارهم. لذا، نزيد اليوم في الاتحاد الأوروبي تعهداتنا إزاء السوريين في البلد والمنطقة إلى حوالي 2.5 مليار يورو لعامي 2025 و2026".
وأضافت دير لاين "إن أحلام الشعب السوري أصبحت ممكنة التحقيق، وإن الشعب السوري يحتاج للداعمين في هذه المرحلة الحرجة"، وقالت إن طريق التعافي في سوريا طويل لكن الإشارات مبشرة، مشيرة إلى أن هناك أطرافا لا تريد نجاح عملية المصالحة في سوريا.
ومن جهتها، قالت ممثلة الاتحاد الأوروبي العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، كايا كالاس، إن الاتحاد سيمضي قدما في خطة تخفيف العقوبات على سوريا، وإن مؤتمر الأطراف المانحة بشأن سوريا يبعث رسالة دعم جماعي لعملية انتقال سلمية وشاملة يقودها سوريون.
إعلانوأضافت أن "هذا وقت احتياجات ماسة وتحديات بالنسبة لسوريا كما يتضح بشكل مأساوي من موجة العنف الأخيرة في المناطق الساحلية".
وأعلنت كالاس عن تعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم 750 مليون يورو لدعم السكان داخل سوريا واللاجئين السوريين في لبنان والأردن والعراق، وبمبلغ مماثل لدعم اللاجئين السوريين في تركيا.
وتعهدت ألمانيا خلال المؤتمر بمنح 300 مليون يورو إضافية لسوريا للتخفيف من العواقب الكارثية للحرب الأهلية هناك.
وبحسب البيانات، من المقرر استخدام الأموال الألمانية في المقام الأول للمساعدات الإنسانية، وأيضا لدعم المجتمع المدني والنظام التعليمي، إلى جانب دعم اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة لهم في الأردن ولبنان والعراق وتركيا.
كما تعهدت المملكة المتحدة بتقديم ما يصل إلى 160 مليون جنيه إسترليني (200 مليون دولار) هذا العام لدعم تعافي سوريا، مشيرة إلى أن ذلك "سيساعد في توفير الاحتياجات الأساسية للسوريين من الماء والغذاء والرعاية الصحية والتعليم خلال 2025".
الشيباني يطالب برفع العقوباتوللمرة الأولى، حضر المؤتمر التاسع للمانحين ممثلون عن الحكومة في دمشق، على رأسهم وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني الذي قال في كلمة خلال افتتاح المؤتمر إن حكومة بلاده تطالب برفع العقوبات المفروضة عليها، ودعم إعادة إعمارها.
وأشار الوزير السوري إلى أن "مؤتمر المانحين في بروكسل اليوم فيه تمثيل سوري حقيقي لأول مرة"، وقال إن "استمرار العقوبات يعني أن الشعب السوري هو المعاقب، ولا بد من رفعها لأنها تمنع نهضة البلاد".
وأضاف أن السوريين لن يتسامحوا "مع أي مساس بسيادة سوريا ووحدتها، والحكومة تعمل على تعزيز المصالحة والحوار الوطني، وحماية حقوق جميع مواطنيها"، مؤكدا أن خطوات الحكومة نحو نهضة سوريا "يجب أن تتوافق مع تطلعات الشعب، الذي ما زال معظمه يعيش في المخيمات".
إعلانوقال إن "النظام السابق استغل ورقة الأقليات، وإن السلطة الحالية ترفض ذلك لأنها تؤمن بالمواطنة لجميع السوريين، مؤكدا أن الحكومة تسعى لإنفاذ الاتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية، وتعمل على عدم تشكيل أي تهديد لدول الجوار".
كما أوضح الشيباني أن إسرائيل تنتهك اتفاقية 1974، وتتوغل داخل الأراضي سوريا، بما يشكل خطرا على سيادتها وسلامة شعبها.
يذكر أن الاتحاد الأوروبي كان يستضيف مؤتمر المانحين في بروكسل منذ عام 2017، لكنه كان ينعقد بدون مشاركة حكومة الأسد، الذي تم تجنبه بسبب نهجه خلال الحرب الأهلية التي اندلعت في عام 2011.
ونجح مؤتمر المانحين العام الماضي في جمع نحو 7.5 مليارات يورو لسوريا. لكن الجهود المبذولة لتحقيق هذه النتيجة أصبحت معرضة للخطر هذا العام بسبب قرار الولايات المتحدة تعليق مساعداتها الدولية، حيث كانت تعتبر حتى الآن المانح الرئيسي للمساعدات الدولية لسوريا.
ومن المتوقع أن يكون إجمالي عدد التعهدات نتيجة لذلك أقل من الأعوام السابقة، لكن منظمي مؤتمر المانحين هذا يأملون أن تتمكن دول عربية من تعويض الانسحاب الأميركي.
وفي ظل الاحتياجات الهائلة، قدرت الأمم المتحدة أنه، بالوتيرة الحالية، ستحتاج سوريا إلى نصف قرن على الأقل للعودة إلى الوضع الاقتصادي الذي كانت عليه قبل الحرب الأهلية التي اندلعت في العام 2011.