لجريدة عمان:
2025-03-04@16:29:01 GMT

الهيكل التمويلي والقرارات المالية

تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT

تسعى المؤسسات الاقتصادية إلى التوسّع المالي وتحقيق أعلى معدّل للأرباح عبر تكوين هيكل تمويلي مناسب باستخدام المصادر المالية المتاحة بأقل التكاليف. ورغم تأثر المؤسسة الاقتصادية بعدة عوامل داخلية وخارجية عند اتخاذ القرارات المالية والإدارية، فإن أثر العوامل أكبر على اتخاذ القرارات المالية؛ لأهميتها في استقرار المؤسسة وتوسعها خاصة عند اتخاذ قرارات الاستثمار، وتوزيع الأرباح، والتمويل.

وفي ظل المتغيرات الاقتصادية التي تؤثر سلبا وإيجابا على المؤسسات الاقتصادية، فإن البحث عن التمويل لأنشطة المؤسسات أصبح يمثّل أهمية كبرى؛ لتفادي الوقوع في الأزمات المالية، وهو ما يعرف بالإدارة المالية التي تهتم بالاستفادة من الموارد المالية وإدارتها وتوظيفها جيدا، ويعد البحث عن مصادر للتمويل من أصعب القرارات التي تتخذها المؤسسات، وذلك لتنوّع مصادر التمويل، ولتطوّر أساليب جمع البيانات والمعلومات ومنهجياتها المستخدمة لاتخاذ قرار التمويل، مما أدى إلى اهتمام الباحثين والمهتمين كثيرا بالإدارة المالية، والهيكل التمويلي، وما زاد الأمر تعقيدا أن هناك عديدا من السياسات التمويلية والنظريات المفسرة للهيكل التمويلي ظهرت حديثا لاستخدام التمويل الهيكلي الأمثل للمؤسسة، رغم وجود تباين حولها من قبل متخذي قرار التمويل.

ولفهم الهيكل التمويلي جيدا، لا بد من فهم القرارات المالية الاستراتيجية التي تتخذها المؤسسة الاقتصادية عبر تحليل سلوك الأفراد والمؤسسات وفهمها جيدا التي ترتبط بقرار التمويل مثل اتخاذ قرارات الاقتراض، وتوزيع الأرباح، واختيار المشاريع الاستثمارية المناسبة ذات العائد المالي الجيد، إضافة إلى تقييم الأصول؛ فمثلا العوامل السلوكية والعاطفية يمكن أن تؤثر في قرارات المستثمرين والأسواق المالية، وأن الأفراد يتخذون قرارات مالية عقلانية وفقا لتحليل البيانات والمعلومات المتوفّرة وتحليلها، رغم أن المستثمر ينبغي أن يأخذ في الحسبان المخاطر المالية المحتملة مع العوامل الاقتصادية والمالية عند اتخاذ القرارات دون النظر إلى العوامل الأخرى المرتبطة بالعاطفة والسلوك.

وللوصول إلى تحليل مالي مناسب ذي بُعد استراتيجي يساعد على تحقيق أهداف المؤسسة الاقتصادية، لا بد من معرفة الهيكل التمويلي وهو مزيج بين رأي المال والديون؛ لاختيار الهيكل المناسب للنشاط التجاري، واتخاذ القرار المناسب في حال زيادة المبيعات والاختيار بين الحصول على تمويل خارجي من عدمه، إضافة إلى الطريقة المثلى لإدارة السيولة والتحكم بها؛ لمنع أي عجز تتعرّض له المؤسسة؛ فاختيار الهيكل التمويلي المناسب للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة يجنّبها المخاطر المالية المحتملة، والأزمات المالية الناتجة عن المتغيرات والصدمات الاقتصادية، لذلك من الضروري أن تقوم المؤسسات الاقتصادية قبل إطلاقها بدراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع لقياس القدرة المالية على الوفاء بالالتزامات المالية طيلة فترة الإنتاج، والقدرة على تغطية تكلفة الإنتاج والاستثمار خلال فترة محددة، إضافة إلى تحقيق التوازن بين الاحتياجات المالية اللازمة ومصادر الحصول عليها.

في سلطنة عُمان هناك اهتمام كبير بتنمية قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتطوير مشروعاتها الاستثمارية لرفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي ضمن الجهود الوطنية لتنويع مصادر الدخل عبر اختيار الهيكل التمويلي المناسب للمشروع محل الدراسة والتخطيط المالي الجيد للشركة من خلال القيام بدراسة الجدوى الاقتصادية التي تتضمن تحديد التكلفة الاستثمارية، وإعداد قائمة الدخل المتوقّعة، وإعداد قائمة التدفقات النقدية للمشروع، وتقييم المشروع من حيث معدل العائد الداخلي وفترة الاسترداد ومؤشر الربح. وكثير من المؤسسات الاقتصادية تواجه تحديا ماليا خلال فترة تأسيس المشروع مما ينتهي بها المطاف إلى التعثر المالي؛ بسبب عدم وضع هيكل تمويلي مناسب للشركة أو المؤسسة، ولم تستطع الصمود أمام التحديات الاقتصادية الناتجة عن المتغيرات الاقتصادية، ونتيجة لفشل الهيكل التمويلي المعتمد، اتخذت قرارات مالية غير صائبة أثرت على الأداء المالي والإداري للشركة، وخير مثال على ذلك ما حدث خلال مرحلة كوفيد-19، وتذبذب أسعار النفط عالميا خلال العقد السابق، أيضا من المهم أن تدرك المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بأن الإيرادات المالية المتوقعة جراء تمويل المشروعات الاستثمارية هي طويلة الأجل، وعليه ينبغي الوضع في الحسبان اختيار الهيكل التمويلي الملائم لكل استثمار من حيث القروض قصيرة الأجل لتمويل المشروع الاستثماري؛ فاتخاذ القرارات المالية يتطلب تحليلا واسعا لاستشراف أداء المؤسسة الاقتصادية إداريا وماليا مع ضرورة مراجعة الهيكل التمويلي وتقييمه مرحليا؛ لضمان عدم تأثر المؤسسة ماليا عند اتخاذ قرارات مالية مثل توزيع الأرباح وإصدار الأسهم، وسداد المستحقات.

أخيرا، يتبين من خلال ما تطرقنا إليه أعلاه، أن الهيكل التمويلي والقرارات المالية يعدّان من أهم الجوانب الداعمة للسياسة المالية في المؤسسات الاقتصادية التي تسعى لتعظيم الأرباح وخفض التكاليف والمخاطر؛ فالهيكل التمويلي هو المساعد للحصول على الأموال لتوسيع نشاط المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مع الأخذ في الحسبان دراسة المخاطر المحتملة الناتجة عن العوامل الداخلية والخارجية، فيما تحافظ القرارات المالية على استمرارية المؤسسة واستدامتها في حال توفّر هيكل تمويلي مناسب يدعم القرار المالي.

راشد بن عبدالله الشيذاني باحث ومحلل اقتصادي

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المؤسسات الاقتصادیة المؤسسة الاقتصادیة الصغیرة والمتوسطة القرارات المالیة اتخاذ القرارات عند اتخاذ

إقرأ أيضاً:

مصر والمغرب.. إعادة التوازن التجاري وحل الخلافات الاقتصادية

القاهرة والرباط– شهدت العلاقات التجارية بين مصر والمغرب تطورًا مهمًّا بعد زيارة الوفد التجاري المصري إلى الرباط الأسبوع الماضي، التي أسست لمرحلة جديدة تهدف إلى تقليص الفجوة التي تميل فيها كفة الميزان التجاري لصالح الصادرات المصرية.

جاءت هذه الزيارة عقب تعليق دخول البضائع المصرية للموانئ المغربية لأسابيع، مما أثار قلق المستثمرين ورجال الأعمال في البلدين.

الخلافات التجارية وأسبابها

وأوضح رئيس الكونفدرالية المغربية للمصدرين حسن السنتيسي، أن مصر لم تلتزم ببنود اتفاقية أكادير، إذ قامت بتصدير منتجات غير محلية المنشأ إلى المغرب، وهو ما يتنافى مع روح الاتفاقية التي تنص على تصدير المنتجات المحلية الصنع.

كما أشار إلى أن المغرب واجه صعوبات في تصدير بضائعه إلى مصر، حيث كانت تظل محتجزة في الجمارك المصرية لمدة تصل إلى 6 أشهر دون أسباب واضحة.

واتفاقية أكادير، التي وُقّعت عام 2004 ودخلت حيز التنفيذ في 2007، تهدف إلى إقامة منطقة تبادل حر بين الدول العربية المتوسطية الأربع: المغرب، ومصر، وتونس، والأردن، بهدف تعزيز التعاون التجاري بين هذه الدول ومع الاتحاد الأوروبي.

عمر حجيرة (يمين) خلال لقائه في الرباط وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري حسن الخطيب (مواقع التواصل)

وتنص الاتفاقية على إعفاء السلع ذات المنشأ المحلي من الرسوم الجمركية وإزالة العوائق غير الجمركية مثل القيود الكمية والنقدية والإدارية والفنية المفروضة على الاستيراد، كما تتطلب أن تكون المنتجات المصدرة بين الدول الأطراف محلية الصنع وليس مجرد سلع مستوردة يعاد تصديرها.

إعلان

ورغم أن الاتفاقية تهدف إلى دعم تكامل الصناعات المحلية للدول الموقعة عليها، فإن المغرب اعتبر أن مصر لم تلتزم ببنودها بشكل كامل، حيث صدّرت سلعًا غير محلية المنشأ، كما عرقلت دخول المنتجات المغربية إلى أسواقها بتكديس أكثر من 840 حاوية مغربية في الموانئ المصرية، ما دفع الرباط إلى اتخاذ إجراءات اقتصادية مضادة، بتعليق دخول 150 حاوية مصرية إلى المغرب.

الميزان التجاري بين البلدين

وفق تقرير حديث صادر عن قطاع التجارة الخارجية بالجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، سجلت الصادرات المصرية للمغرب نموًا بنسبة 22.5%، لتصل إلى 896.5 مليون دولار خلال الأشهر الـ11 الأولى من عام 2024، بينما ارتفعت الواردات المصرية من المغرب بنسبة 91% لتصل إلى 41.9 مليون دولار.

من جانبه، كشف مكتب الصرف المغربي عن تفاقم العجز التجاري لصالح مصر، حيث ارتفعت الواردات المصرية إلى 804 ملايين درهم (80.4 مليون دولار) في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بينما تراجعت الصادرات المغربية إلى 11 مليون درهم (1.1 مليون دولار)، مقارنة بـ17 مليون درهم (1.7 مليون دولار) في العام السابق.

وتتصدر الصناعات الغذائية قائمة أبرز القطاعات التصديرية المصرية إلى المغرب بقيمة 209 ملايين دولار، محققة نموًا بنسبة 68%. كما تشمل الصادرات المصرية الحديد، والإسمنت، والسيراميك، والمحاصيل الزراعية، والأجهزة الكهربائية، والورق، والأسمدة، وأقمشة البولي فينيل كلوريد.

في المقابل، يفرض المغرب رسوم إغراق وحماية على بعض المنتجات المصرية، حيث تصل الرسوم على السجاد المصري إلى 35%، وعلى النسيج والطماطم المعلبة إلى 30%، في محاولة لتقليص العجز التجاري وضبط السوق الداخلية.

مبادرات الحل وإعادة التوازن التجاري

جاءت زيارة الوفد المصري الخميس الماضي إلى المغرب بقيادة وزير الاستثمار والتجارة الخارجية حسن الخطيب، حيث التقى نظيره المغربي رياض مزور وكاتب الدولة المكلف بالتجارة الخارجية عمر حجيرة.

إعلان

ولم يتطرق البيان الصادر عن وزارة الاستثمار المصرية مباشرة إلى أزمة احتجاز البضائع، لكنه أكد على ضرورة تعظيم حركة التجارة البينية بين البلدين وتيسير التبادل التجاري، مع التركيز على زيادة الصادرات المغربية إلى السوق المصرية.

وأشار رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية في مصر شريف الصياد، إلى أن التحرك المغربي يهدف إلى إعادة التوازن في الميزان التجاري بين البلدين، حيث تميل الكفة بشكل كبير لصالح مصر. وأكد أن المنتجات المصرية تكتسب أهمية كبرى في السوق المغربي، في حين تشكل السوق المصرية منفذا حيويا للمنتجات المغربية.

الجانبان اتفقا خلال الاجتماع الوزاري على اتخاذ خطوات ملموسة لإعادة التوازن التجاري بين البلدين (مواقع التواصل) الاتفاقات والإجراءات المستقبلية

واتفق الجانبان خلال الاجتماع الوزاري على اتخاذ خطوات ملموسة لإعادة التوازن التجاري بين البلدين، تضمنت:

إنشاء خط اتصال مباشر بين الجهات المختصة في البلدين لتتبع المعوقات التجارية وإيجاد حلول لها. رفع حجم الصادرات المغربية إلى مصر، مع التركيز على السيارات والمنتجات المحلية الصنع. تخصيص مسار سريع من الجانب المصري لتسهيل دخول المنتجات المغربية إلى السوق المصرية. تنظيم منتدى للأعمال والشراكة الاقتصادية في القاهرة خلال أبريل/نيسان المقبل لتعزيز التعاون بين القطاع الخاص في البلدين. تفعيل مجلس الأعمال المشترك والتحضير لانعقاد اللجنة التجارية المشتركة قريبًا.

وأكد وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري حسن الخطيب أن اللقاء الذي جمعه بالمسؤولين المغاربة استهدف تقريب وجهات النظر وتنظيم عمليات التجارة البينية، بينما شدد نظيره المغربي عمر حجيرة على ضرورة تجاوز العجز التجاري وتحقيق التكامل بين البلدين.

كما تم الاتفاق على تنظيم زيارة للمصدرين المغاربة إلى القاهرة بعد شهر رمضان، لتعزيز التعاون وتوسيع نطاق الصادرات المغربية، خاصة في قطاع السيارات.

إعلان نحو شراكة متوازنة

ووفق مراقبين تشكل هذه الخطوات بداية لمرحلة جديدة في العلاقات التجارية بين مصر والمغرب، حيث يسعى الطرفان إلى تحقيق شراكة أكثر توازنًا تستند إلى الاحترام المتبادل والالتزام ببنود الاتفاقيات المشتركة.

ومع هذه الإجراءات، يتوقع المراقبون أن تعود حركة التجارة إلى طبيعتها، مع تعزيز فرص الصادرات المغربية في السوق المصرية وتخفيف العراقيل أمام السلع المصرية بالمغرب.

مقالات مشابهة

  • تعلن المؤسسة العامة للأتصالات السلكية واللاسلكيه عن إنزال المناقصة رقم (06_2025)
  • الرياض وبيروت يؤكدان على ضرورة انسحاب جيش الاحتلال من الأراضي اللبنانية
  • مصادر دبلوماسية تكشف لـ24 عن القرارات المرتقبة للقمة العربية الطارئة
  • نتنياهو فقد القدرة على اتخاذ القرارات بمفرده
  • ثورة الذكاء الاصطناعي في الصين.. DeepSeek يثير جدلا في القطاع الطبي
  • مصر والمغرب.. إعادة التوازن التجاري وحل الخلافات الاقتصادية
  • تحذير مهم من البنك المركزي
  • احتجاج عمالي في سوريا والحكومة تؤكد السعي لتحسين الكفاءة
  • السيد ذي يزن: الحكومة حريصة على تعزيز الحوار مع المواطن حول مختلف القرارات
  • مدير المؤسسة الاقتصادية يهنئ قائد الثورة والرئيس المشاط بحلول شهر رمضان