القدرة على #رد_الصفعة
م. #أنس_معابرة
في هذه الفترة الحرجة من التاريخ، يذكّرني وضع العرب عموماً والفلسطينيين خصوصاً بالقصة المأثورة عن فترة الاحتلال الإنجليزي لشبه القارة الهندية، إذ ورد أنه نشب خلاف بين ضابط انجليزي ومزارع هندي فقير، فقام الضابط الإنجليزي بصفع المزارع الهندي على وجهه امام الناس، فما كان من المزارع إلا أن وقف أمام الضابط، ورد له الصفعة بصفعة أقوى أسقطت الضابط الإنجليزي أرضاً.
أخذ الضابط الإنجليزي بالتهديد والوعيد، فما قام به المزارع الفقير يمثل إهانة للمملكة التي لا تغيب عنها الشمس، والتي تستعمر الهند منذ أكثر من قرن، بل هي إهانة كبرى للملكة الإنجليزية المتوجة التي يمثلها الضابط في الهند.
مقالات ذات صلة زمن الذل والازدراء 2024/04/15وعندما عاد الضابط إلى معسكره؛ أخبر قائده بما حصل معه، فطلب منه القائد ضبط نفسه، والتحكم في غضبه، وأعطاه مبلغاً كبيراً من المال ليقدمه للمزارع الفقير كهدية، مصحوباً باعتذار من الضابط.
استغرب الضابط ردة فعل قائده، ورفض في بداية الامر، ولكنه استجاب لأوامر قائده العسكرية، وتوجه إلى المزارع الفقير ليقدم له الاعتذار والمال، وقبِل المزارع كلاهما مبتهجاً.
بدأت الأحوال الاقتصادية للمزارع الفقير بالازدهار، وما هي إلا عدة سنوات؛ حتى أصبح تاجراً كبيراً بفضل المال الذي قدّمه له الضابط، وعندها؛ استدعى القائدُ الضابطَ، وطلب منه أن يذهب إلى المزارع الذي تحوّل إلى رجل أعمال مرموق، ويصفعه امام أكبر حشد من أعوانه وحاشيته.
خشي الضابط من ردة فعل المزارع هذه المرة، فلقد ردَّ له المزارع الصفعة وهو فقير مُعدم، فماذا سيفعل الآن وهو في مركز قوة؟ بل ربما يقتله، ولكنه امتثل مرة أخرى للأوامر العسكرية، وعندما ذهب إلى مقر المزارع رجل الأعمال، وصفعه صفعة قوية اسقطته أرضاً امام كل الناس، فما كان منه إلا أن التزم الأرض ولم يأتِ بردة فعل مطلقاً، بل لم تتجاوز نظراته حذاء الضابط الإنجليزي.
استغرب الضابط كثيراً من ردة فعل المزارع، وعندما عاد إلى قائده وأخبره بما حصل، رد القائد العسكري الكبير: “حين صفعته وهو فقير، لم يكن لديه ما يخسره أو يدافع عنه إلا كرامته، فهو يدافع عنها، حتى لو كان الثمن حياته، ولكن عندما اصبح غنياً يرتبط معنا بتجارة واستثمار وأموال، خشي على تجارته وأمواله، ولم يستطع أن يرد الصفعة لك”.
يتضح لنا من القصة السابقة أن وضع أهل غزة لا يختلف كثيراً عن المزارع الهندي الفقير، فهم لا يملكون سوى كرامتهم بعد أن حاصرهم الاحتلال وأقفل عليهم كافة المنافذ، وتوقهم إلى الحرية والتخلص من الاحتلال يدفعهم إلى خوض غمار الحروب مهما كانت التكلفة، لذلك تراهم يقدمون ابناءهم وازواجهم شهداء بصبر وثبات لم نشهد له مثيل.
وهو السبب ذاته الذي دفعهم إلى خوض غمار الحروب المختلفة مع الاحتلال على الرغم من الحصار الذي يعيشون فيه، وضيق ذات اليد، وتخلي القريب والبعيد عنهم.
وعلى الجانب الآخر؛ نشاهد أن من ارتبط بعلاقات سياسية واقتصادية بالاحتلال الذي اعتبرها نقضة ضعف، أصبح لديهم ما يخشون فقدانه، وبالتالي فضلوا السكوت على تلقي الصفعات المتتالية، تماماً كما فعل المزارع حين أصبح رجل الأعمال.
وهو السبب ذاته الذي دفع بأطراف عديدة لعدم التدخل في الحرب ومساعدة أشقاءهم في غزة بالأسلحة أو حتى بالمواد الاغاثية، والتزموا الصمت تماماً كما طلب منهم رئيس وزراء الاحتلال بكل وقاحة.
لا تستغرب خيانة العملاء، والتنسيق الأمني، والتسهيلات العسكرية للاحتلال، ودرجة الخنوع التي وصل لها العالم اليوم أمام الاحتلال الصهيوني، فهو يمسك بمفاتيح الاقتصاد العالمي بين يديه، يدفع بعض الشركات والحكومات والدول المقاومة إلى الإفلاس، بينما يرفع من يواليه إلى عنان السماء في عالم السياسة والمال والأعمال.
بل حتى الولايات المتحدة الامريكية التي تتربع على عرش العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية تخضع امام سطوة الاحتلال وجبروته ونفوذ لوبيه داخل أنظمة حكمها. تخيل أن سبعة وثلاثين ولاية أمريكية لديها قوانين تجرّم مقاطعة الاحتلال أو بضائعه، بينما لا يوجد أية ولاية أمريكية لديها قانون واحد يجرّم مقاطعة الولايات المتحدة الامريكية ذاتها، أو أية من بضائعها.
نعم، العالم العربي اليوم عاجز عن رد الصفعات الصهيونية له، ولكن ستدرك الشعوب يوماً انها بسكوتها عن جبروت الاحتلال وطغيانه لن يتوقف الأمر على الصفعات، وسيلجأ الاحتلال إلى اهانات أكبر وأشد.
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
هآرتس: إسرائيل لا تملك القدرة على فرض حاكم آخر على غزة
قالت صحيفة "هآرتس" العبرية، اليوم الخميس 13 مارس 2025، إنه "ما لم يتحقق خلال 17 شهرًا في غزة ، لن يتحقق خلال 17 شهرًا أخرى، وما لم يتحقق بأعنف قوة استخدمتها إسرائيل في تاريخها، لن يتحقق بالمزيد من العنف، و حماس باقية، وصحيح أنها تلقت ضربة عسكرية كبيرة، لكنها ستتعافى".
وأضافت الصحيفة، إنه "في النهاية، حماس بقيت، بعد 17 شهرًا من الدماء، ومئات الجنود القتلى، و-ارتقاء- الآلاف في غزة، والدمار والوعود الإسرائيلية لا حصر لها، حماس بقيت، ويجب الاعتراف بذلك واستخلاص العبر".
إقرأ أيضاً: هذا ما تضمنته - أنباء عن جولة جديدة من صفقة التبادل والهدنة في غزة
وتابعت "أما سياسيًا وأيديولوجيًا، فقد ازدادت قوة خلال الحرب، بعدما أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة بعد أن كانت إسرائيل والعالم يحاولان طمسها. حماس باقية، وإسرائيل لا تستطيع تغيير ذلك".
وأكدت "هآرتس" أن "إسرائيل لا تملك القدرة على فرض حاكم آخر على غزة، ليس فقط لأن البديل غير واضح، لهذا فإن الحديث عن "اليوم التالي" بعد حماس هو مجرد وهم. لا يوجد "يوم بعد حماس"، لأن حماس هي الجهة الحاكمة الوحيدة في غزة، على الأقل في ظل الواقع الحالي الذي يصعب تغييره. لذا، "اليوم التالي" سيكون يومًا مع حماس، ويجب التعايش مع ذلك".
إقرأ أيضاً: ترمب: لا أحد يريد طرد الفلسطينيين من غزة
وأشارت إلى أن "النتيجة الأولى لهذا الواقع هي أن استئناف الحرب لا طائل منه. والحرب ستقتل آخر الأسرى وآلاف المدنيين في غزة، وفي النهاية، ستبقى حماس. لكن حتى في ظل هذا الواقع الصعب، لا تزال هناك فرصة لإحداث تغيير، وإذا أدركت إسرائيل والولايات المتحدة أن حماس أثبتت قدرتها على البقاء. وحماس منظمة عنيدة وقاسية، لكنها بلا بديل حقيقي".
وقالت إن "كل المقترحات الأخرى مجرد أوهام: حكم عشائري، أو إعادة السلطة الفلسطينية إلى غزة بدعم الدبابات الإسرائيلية، أو "حكومة تكنوقراط" مصطنعة، كلها أوهام، حماس هي الحاكم الفعلي لغزة، ولن يُفرض بديل عليها، حتى لو كان محمد دحلان ، بغض النظر عن كاريزميته. أما السلطة الفلسطينية، التي تحتضر في الضفة الغربية، فلن تستعيد فجأة قوتها في غزة".
إقرأ أيضاً: إسرائيل تقرر إجراء تغيير جوهري على توزيع المساعدات في قطاع غزة
وأوضحت أن "حماس هي الواقع، سواء قبلنا بذلك أم لا. قد لا يكون ذلك مصدرًا للتفاؤل، لكن يجب الاعتراف بحدود القوة، وهو أمر يصعب على إسرائيل والولايات المتحدة تقبله. وبدلًا من شن حرب جديدة لـ"إسقاط حكم حماس"، يجب التعود على وجودها. وبالتالي، يجب بدء حوار معها، حتى بعد 7 أكتوبر، بل بالأحرى بسبب 7 أكتوبر".
وأكدت "هآرتس"، أنه "لو كانت إسرائيل تفي بوعودها كما فعلت حماس، لكان اتفاق وقف إطلاق النار قد دخل مراحله المتقدمة، ولو كان لدى إسرائيل قائد ذو رؤية وشجاعة، وهو أمر يبدو مستبعدًا، لكان قد بدأ حوارًا مباشرًا مع حماس، علنًا، سواء في غزة أو في القدس . وكما غفرت إسرائيل لألمانيا، يمكنها أن تفكر في التعامل مع حماس، حيث أن المخاطرة في الحوار مع حماس أقل بكثير من خوض حرب أخرى مجنونة من القصف والدمار."
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية هذا ما تضمنته - أنباء عن جولة جديدة من صفقة التبادل والهدنة في غزة إعلام عبري: وفد التفاوض الإسرائيلي بالدوحة يمدد إقامته إسرائيل تقرر إجراء تغيير جوهري على توزيع المساعدات في قطاع غزة الأكثر قراءة إجراءات عسكرية إسرائيلية في الأقصى بأول جمعة من شهر رمضان منح دراسية لطلبة فلسطين في رومانيا - رابط التقديم خطبة الجمعة الأولى من رمضان 2025 مختصرة - ملتقى الخطباء ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025