لجريدة عمان:
2025-04-23@07:32:59 GMT

على العالم أن يتحرك.. هذه أزمة تهددنا جميعا

تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT

ترجمة: أحمد شافعي -

منحت الصواريخ والمسيرات التي انهالت بالدمار على إسرائيل في أولى ساعات صباح الأحد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ما كان يتوق إليه طيلة الوقت، فقد منحته تفويضًا ومبررًا بالمهاجمة العلنية لإيران، البلد الذي طالما اعتبر عدو إسرائيل اللدود. والسؤال الملح الذي قد يجاب عليه خلال ساعات هو الشكل الذي قد يتخذه «الرد الكبير» الموعود من إسرائيل، وما لو أن إيران سوف ترد من جديد.

لقد قال الوزير الإسرائيلي بيني جانتز أثناء اجتماع مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي لمناقشة رد إسرائيل «إننا سوف نشكل تحالفًا إقليميًا ليحمل إيران على دفع الثمن بالشكل والتوقيت المناسبين لنا».

ويتعين على الولايات المتحدة وبريطانيا وغيرهما من أصدقاء إسرائيل وحلفائها إبلاغ نتانياهو بعبارات واضحة بأن استمرار الدعم العسكري والدبلوماسي والسياسي مشروط برد إسرائيلي مشروع ومتناسب. ومن الأفضل ألا ترد إسرائيل على الإطلاق. لقد فشلت إيران في تحقيق هدفها الواضح بإلحاق ضرر جسيم، إذ تقول إسرائيل إن 99% من الصواريخ والمسيرات قد تم تدميرها. كما كانت الإصابات خفيفة. وتقول طهران الآن، بقليل من الأمل، إن الواقعة «انتهت» - لكنها تتعهد بالرد في حال تعرضها لهجوم.

سيكون أحكم مسار يسلكه نتانياهو هو تقديم الهجمات إلى العالم بوصفها دليلًا لا يقبل الجدل على وجهة نظره المتشددة بأن إيران دولة خطيرة تنتهك القانون الدولي، وتعرض إسرائيل والدول العربية والغربية للخطر. وبدلا من هجوم أعمى يستهدف على سبيل المثال منشآت إيران النووية، يجب أن يقول بأن القيادة الإيرانية أظهرت وجههما الحقيقي. في الماضي، كان من غير الواقعي أن نتوقع من نتانياهو أن يدير خده الآخر. لكن تصرف طهران قدم له فرصة فريدة ليحول الاهتمام العالمي بعيدا عن الأعمال المروعة التي ترتكبها حكومته في غزة وعجزه عن إلحاق هزيمة بحماس. قد يقول إن الحرب ضد حماس تحولت إلى حرب وجودية، وإن أصحاب النوايا الحسنة، في الداخل والخارج، لابد أن يحتشدوا حول قيادته لضمان نصر ضروري.

ولا ينبغي أن ننسى مع تكشف هذه الأزمة حقيقة أن نتانياهو وحكومته الحربية الداخلية هم الذين أثاروا هذه المواجهة عمدا وبتهور. فقد كان رئيس الوزراء الإسرائيلي في طليعة حرب الظل المستمرة منذ عقود ضد إيران من خلال الاغتيال والاستنزاف. فلقد بات القتل السري وغير المعترف به للعلماء النوويين وقادة الميليشيات الإقليمية التابعة لإيران أمرا شبه روتيني. لكن القائمة المستهدفة اتسعت منذ الفظائع التي وقعت في السابع من أكتوبر.

ففي ديسمبر على سبيل المثال، لقي سيد راضي موسوي، وهو جنرال إيراني كبير، مصرعه في دمشق. وجاء رد فعل إيران آنذاك، كما كان الحال في الماضي، محدودًا نسبيًا وغير مباشر. لكن تفجير ملحق السفارة الإيرانية في العاصمة السورية في الأول من أبريل، الذي أسفر عن مقتل العديد من كبار القادة، غيّر هذه الديناميكية تغييرًا جذريًا. فقد وجهت إيران اللوم لإسرائيل (التي لم تعترف كعادتها بمسؤوليتها) عن الهجوم المباشر والصارخ على أراض خاضعة لسيادتها. وقال خامنئي إن إسرائيل تجاوزت الخط الأحمر.

ويصعب ألا نوافقه على ذلك. لقد خرجت الحرب إلى العلن، وكان ذلك من جراء أعمال نتنياهو. ولا بد أنه كان يعلم أي رد فعل مستعر الغضب سوف يأتي من طهران. ولا تخفى دلالة أنه لم يخبر حليفه الأمريكي مسبقا، وذلك على الأرجح لأن الإدارة الأمريكية كانت لتحاول الاعتراض على العملية. فالهجوم على السفارة في دمشق يبدو تصعيدًا متعمدًا يهدف إلى تحصين موقف نتنياهو السياسي الداخلي، وإسكات انتقادات الأمريكيين العمياء، وتشتيت الضغوط الدولية الرامية لوقف إمدادات الأسلحة إلى إسرائيل.

ولقد نجح ذلك. فبين عشية وضحاها، توقفت الانتقادات في واشنطن لكارثة غزة. وفي بريطانيا أيضا، يحتمل الآن أن تتلاشى الدعوات التي تطالب الحكومة بالإصرار على وقف فعال لإطلاق النار في غزة والحد من الدعم للتحالف الإسرائيلي. وبدلا من ذلك، فإن المملكة المتحدة متورطة عسكريًا بالفعل، في الجو فوق سوريا والعراق، وقد تزداد انجذابا. والأكثر من ذلك، نجح هجوم دمشق في طرد إيران. فلم يعد بوسع قادة طهران الاختباء خلف القوات الوكيلة مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن. ففي واقع الأمر، يبدو أن نتانياهو قد استدعاهم، كأنما إلى مبارزة. فشعروا بوضوح أنه ما من خيار لهم سوى الرد بالمثل.

وكان هذا الاعتقاد ولا يزال خاطئا. فشأن نتانياهو، كان لدى خامنئي والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خيارات أخرى. فقد كان من الأذكى لو أن إيران، في غضبها من واقعة السفارة، قد رفعت شكواها إلى الأمم المتحدة والمحكمة الدولية في لاهاي، وأثارت القضية من خلال الأصدقاء في مجموعة العشرين ومجموعة البريكس. وكان يمكن أن تهدد إيران بالانتقام ثم تتراجع. وبهذه الطريقة كان من الممكن أن تحظى بتعاطف الجنوب العالمي والحلفاء المناهضين للغرب من قبيل الصين وروسيا.

غير أن خامنئي سار في اتجاه آخر واختار الرد العسكري، وعلى الشعب الإيراني الآن أن ينتظر الرد الإسرائيلي.

ولقد وضعت هذه المواجهة المباشرة غير المسبوقة بين إسرائيل وإيران، المستمرة منذ سنوات، الرئيس الأمريكي جو بايدن في موقف شبه مستحيل. فقد تولى منصبه في عام 2021 آملًا في إحياء الاتفاق النووي الأمريكي الأوروبي التاريخي لعام 2015 مع إيران والذي ألغاه دونالد ترامب بحماقة. فباتت سياسته الآن في حالة يرثى لها. إذ يجد بايدن نفسه على شفا تصعيد صراع مسلح مع إيران، يقاتل فيه إلى جانب حكومة إسرائيلية أعرب عن أسفه تجاه تصرفاتها في غزة متأخرًا ولكنه أعرب بنبرة شديدة، وقد يكلفه هذا غاليًا في الانتخابات الأمريكية في نوفمبر.

ليس بوسع بايدن أن يتخلى عن إسرائيل، حتى لو أنه يعتقد أن نتانياهو تلاعب به مرة أخرى (فهو يعتقد أن هذا هو ما كان عند بداية الحرب مع حماس). ومع ذلك فهو لا يستطيع أن يطلب من الناخبين الأمريكيين، الذين نفد صبرهم منذ فترة طويلة إزاء التشابكات الخارجية المكلفة، دعم حرب أخرى في الشرق الأوسط. ولا ينبغي لترامب، صديق نتانياهو، أن يرجع الفضل إلى حسن حظه.

كل هذا يشير إلى اتجاه واحد فقط: الحاجة الملحة إلى تحرك دولي عاجل ومنسق لوقف المزيد من القتال ومنع التصعيد على مستوى الشرق الأوسط بما يمكن أن يبتلع سوريا ولبنان ومنطقتي الخليج والبحر الأحمر. ومن بين أطراف هذا الصراع، لا يوجد أي بلد أو زعيم على حق. ففي الواقع، كلهم، بدرجات متفاوتة، مخطئون. الجميع بحاجة إلى إنقاذهم من أنفسهم. لأن البديل هو المزيد من إراقة الدماء، والمزيد من انتشار البؤس الذي لا نهاية له، والذي لا طائل منه.

من المقرر أن يجتمع مجلس الأمن الدولي في جلسة طارئة، وبدلا من المشاحنات المعتادة، يتعين على أعضائه الدائمين، وبخاصة الصين وروسيا، أن يعملوا معا بشكل بنّاء على نزع فتيل أزمة تهددنا جميعا. وهم، مجتمعين، لديهم القدرة والنفوذ اللازمان للقيام بذلك. ويتعين عليهم أن يستخدموا ما لديهم من قدرة ونفوذ، أو يعانوا من العواقب المروعة غير المعلومة.

سيمون تيسدال معلق في الشؤون الخارجية بصحيفة جارديان

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: أن نتانیاهو ما کان

إقرأ أيضاً:

إيران تتهم إسرائيل بالسعي لتقويض المباحثات النووية مع واشنطن

اتهمت إيران، الاثنين، "إسرائيل" بالعمل على "تقويض" المباحثات التي تجريها طهران مع الولايات المتحدة بشأن ملفها النووي.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي خلال مؤتمره الصحفي الأسبوعي: "يتشكل نوع من التحالف... لتقويض وإثارة الاضطراب في المسار الدبلوماسي"، معتبرا أن "النظام الصهيوني هو في صلب هذا التحرك".

وأضاف: "إلى جانبها تقف سلسلة من التيارات التحريضية في الولايات المتحدة وشخصيات محسوبة على أطراف مختلفة"، في إشارة إلى شخصيات سياسية أمريكية تعارض إبرام اتفاق مع إيران.



وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، الخميس، أن الرئيس دونالد ترامب طلب من رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الامتناع عن استهدف المنشآت النووية الإيرانية على المدى القريب، لإعطاء الفرصة للدبلوماسية.

وكرر نتنياهو مرارا في الآونة الأخيرة، التأكيد بأن الدولة العبرية لن تسمح لإيران بحيازة السلاح النووي.

وتتهم بعض الأطراف الغربية، في مقدمها الولايات المتحدة وحليفتها "إسرائيل"، في أن إيران تسعى إلى تطوير سلاح ذري، وهو ما نفته طهران على الدوام، مؤكدة الطابع السلمي لبرنامجها النووي.

عراقجي في بكين
من جهة أخرى يتوجه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الثلاثاء، إلى الصين على ما ذكر بقائي في مؤتمره الصحفي.

وقال بقائي: "يتوجه وزير الخارجية غدا (الثلاثاء) إلى الصين".

والصين هي طرف في الاتفاق الدولي المبرم بشأن برنامج إيران النووي في العام 2015.

وأكد بقائي أن "المشاورات يجب أن تتواصل" مع الدول الأطراف في الاتفاق، علما بأن عراقجي زار روسيا قبل الجولة الثانية من المحادثات مع واشنطن التي أقيمت السبت في روما.

واختتمت الولايات المتحدة وإيران، السبت، جولة ثانية من المحادثات واتفقتا على الاجتماع مجددا خلال أسبوع. وتهدف المباحثات التي تجرى بوساطة عمانية، لإبرام اتفاق بشأن ملف طهران النووي.

وكان ترامب اعتمد سياسة "ضغوط قصوى" حيال إيران خلال ولايته الرئاسية الأولى (2017-2021)، كان من أبرز وجوهها سحب بلاده أحاديا عام 2018 من الاتفاق بشأن برنامج طهران النووي المبرم في 2015.

وأعاد ترامب فرض عقوبات قاسية على طهران، ما دفع الأخيرة بعد عام من الانسحاب الأمريكي، إلى التراجع بشكل تدريجي عن التزاماتها الأساسية بموجب الاتفاق المعروف رسميا باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة".



وبعد عودته إلى البيت الأبيض في كانون الثاني/ يناير أعاد ترامب اعتماد سياسة "الضغوط القصوى"، لكنه بعث برسالة إلى القيادة الإيرانية يحضها فيها على إجراء مباحثات بشأن الملف النووي، محذّرا من التحرك عسكريا في حال عدم التوصل إلى اتفاق.

وتخصب إيران حاليا اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60 في المئة، وهو أعلى بكثير من حد 3,67 في المئة المنصوص عليه في الاتفاق، لكنه لا يزال أقل من عتبة 90 في المئة المطلوبة للاستخدام العسكري.

مقالات مشابهة

  • أزمة في الجيش الإسرائيلي وخسائر فادحة وإرهاق بين الجنود وانسحاب واسع للجنود
  • “هآرتس”: أزمة في الجيش الإسرائيلي وخسائر فادحة وانسحاب واسع للجنود
  • إيران: الغرب يغض الطرف عن ترسانة إسرائيل النووية ونرفض التفاوض العلني
  • إيران تتهم إسرائيل بالسعي لتقويض المباحثات النووية مع واشنطن
  • إيران تتهم إسرائيل بالسعي لتقويض المباحثات النووية مع الولايات المتحدة
  • إيران تعزي المسيحيين في العالم بوفاة البابا فرنسيس
  • أزمة حليب وأغذية تكميلية.. حصار إسرائيل يهدد حياة رُضّع غزة
  • إسرائيل ومحادثات إيران النووية.. غياب عن الطاولة وحضور في الكواليس
  • الجنرال الأميركي الذي لا تريد إسرائيل ضرب إيران دون وجوده
  • إبراهيم شعبان يكتب: قصف إيران.. ترامب يتلاعب بالعالم من أجل إسرائيل