لجريدة عمان:
2024-11-08@03:08:08 GMT

على العالم أن يتحرك.. هذه أزمة تهددنا جميعا

تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT

ترجمة: أحمد شافعي -

منحت الصواريخ والمسيرات التي انهالت بالدمار على إسرائيل في أولى ساعات صباح الأحد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ما كان يتوق إليه طيلة الوقت، فقد منحته تفويضًا ومبررًا بالمهاجمة العلنية لإيران، البلد الذي طالما اعتبر عدو إسرائيل اللدود. والسؤال الملح الذي قد يجاب عليه خلال ساعات هو الشكل الذي قد يتخذه «الرد الكبير» الموعود من إسرائيل، وما لو أن إيران سوف ترد من جديد.

لقد قال الوزير الإسرائيلي بيني جانتز أثناء اجتماع مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي لمناقشة رد إسرائيل «إننا سوف نشكل تحالفًا إقليميًا ليحمل إيران على دفع الثمن بالشكل والتوقيت المناسبين لنا».

ويتعين على الولايات المتحدة وبريطانيا وغيرهما من أصدقاء إسرائيل وحلفائها إبلاغ نتانياهو بعبارات واضحة بأن استمرار الدعم العسكري والدبلوماسي والسياسي مشروط برد إسرائيلي مشروع ومتناسب. ومن الأفضل ألا ترد إسرائيل على الإطلاق. لقد فشلت إيران في تحقيق هدفها الواضح بإلحاق ضرر جسيم، إذ تقول إسرائيل إن 99% من الصواريخ والمسيرات قد تم تدميرها. كما كانت الإصابات خفيفة. وتقول طهران الآن، بقليل من الأمل، إن الواقعة «انتهت» - لكنها تتعهد بالرد في حال تعرضها لهجوم.

سيكون أحكم مسار يسلكه نتانياهو هو تقديم الهجمات إلى العالم بوصفها دليلًا لا يقبل الجدل على وجهة نظره المتشددة بأن إيران دولة خطيرة تنتهك القانون الدولي، وتعرض إسرائيل والدول العربية والغربية للخطر. وبدلا من هجوم أعمى يستهدف على سبيل المثال منشآت إيران النووية، يجب أن يقول بأن القيادة الإيرانية أظهرت وجههما الحقيقي. في الماضي، كان من غير الواقعي أن نتوقع من نتانياهو أن يدير خده الآخر. لكن تصرف طهران قدم له فرصة فريدة ليحول الاهتمام العالمي بعيدا عن الأعمال المروعة التي ترتكبها حكومته في غزة وعجزه عن إلحاق هزيمة بحماس. قد يقول إن الحرب ضد حماس تحولت إلى حرب وجودية، وإن أصحاب النوايا الحسنة، في الداخل والخارج، لابد أن يحتشدوا حول قيادته لضمان نصر ضروري.

ولا ينبغي أن ننسى مع تكشف هذه الأزمة حقيقة أن نتانياهو وحكومته الحربية الداخلية هم الذين أثاروا هذه المواجهة عمدا وبتهور. فقد كان رئيس الوزراء الإسرائيلي في طليعة حرب الظل المستمرة منذ عقود ضد إيران من خلال الاغتيال والاستنزاف. فلقد بات القتل السري وغير المعترف به للعلماء النوويين وقادة الميليشيات الإقليمية التابعة لإيران أمرا شبه روتيني. لكن القائمة المستهدفة اتسعت منذ الفظائع التي وقعت في السابع من أكتوبر.

ففي ديسمبر على سبيل المثال، لقي سيد راضي موسوي، وهو جنرال إيراني كبير، مصرعه في دمشق. وجاء رد فعل إيران آنذاك، كما كان الحال في الماضي، محدودًا نسبيًا وغير مباشر. لكن تفجير ملحق السفارة الإيرانية في العاصمة السورية في الأول من أبريل، الذي أسفر عن مقتل العديد من كبار القادة، غيّر هذه الديناميكية تغييرًا جذريًا. فقد وجهت إيران اللوم لإسرائيل (التي لم تعترف كعادتها بمسؤوليتها) عن الهجوم المباشر والصارخ على أراض خاضعة لسيادتها. وقال خامنئي إن إسرائيل تجاوزت الخط الأحمر.

ويصعب ألا نوافقه على ذلك. لقد خرجت الحرب إلى العلن، وكان ذلك من جراء أعمال نتنياهو. ولا بد أنه كان يعلم أي رد فعل مستعر الغضب سوف يأتي من طهران. ولا تخفى دلالة أنه لم يخبر حليفه الأمريكي مسبقا، وذلك على الأرجح لأن الإدارة الأمريكية كانت لتحاول الاعتراض على العملية. فالهجوم على السفارة في دمشق يبدو تصعيدًا متعمدًا يهدف إلى تحصين موقف نتنياهو السياسي الداخلي، وإسكات انتقادات الأمريكيين العمياء، وتشتيت الضغوط الدولية الرامية لوقف إمدادات الأسلحة إلى إسرائيل.

ولقد نجح ذلك. فبين عشية وضحاها، توقفت الانتقادات في واشنطن لكارثة غزة. وفي بريطانيا أيضا، يحتمل الآن أن تتلاشى الدعوات التي تطالب الحكومة بالإصرار على وقف فعال لإطلاق النار في غزة والحد من الدعم للتحالف الإسرائيلي. وبدلا من ذلك، فإن المملكة المتحدة متورطة عسكريًا بالفعل، في الجو فوق سوريا والعراق، وقد تزداد انجذابا. والأكثر من ذلك، نجح هجوم دمشق في طرد إيران. فلم يعد بوسع قادة طهران الاختباء خلف القوات الوكيلة مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن. ففي واقع الأمر، يبدو أن نتانياهو قد استدعاهم، كأنما إلى مبارزة. فشعروا بوضوح أنه ما من خيار لهم سوى الرد بالمثل.

وكان هذا الاعتقاد ولا يزال خاطئا. فشأن نتانياهو، كان لدى خامنئي والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خيارات أخرى. فقد كان من الأذكى لو أن إيران، في غضبها من واقعة السفارة، قد رفعت شكواها إلى الأمم المتحدة والمحكمة الدولية في لاهاي، وأثارت القضية من خلال الأصدقاء في مجموعة العشرين ومجموعة البريكس. وكان يمكن أن تهدد إيران بالانتقام ثم تتراجع. وبهذه الطريقة كان من الممكن أن تحظى بتعاطف الجنوب العالمي والحلفاء المناهضين للغرب من قبيل الصين وروسيا.

غير أن خامنئي سار في اتجاه آخر واختار الرد العسكري، وعلى الشعب الإيراني الآن أن ينتظر الرد الإسرائيلي.

ولقد وضعت هذه المواجهة المباشرة غير المسبوقة بين إسرائيل وإيران، المستمرة منذ سنوات، الرئيس الأمريكي جو بايدن في موقف شبه مستحيل. فقد تولى منصبه في عام 2021 آملًا في إحياء الاتفاق النووي الأمريكي الأوروبي التاريخي لعام 2015 مع إيران والذي ألغاه دونالد ترامب بحماقة. فباتت سياسته الآن في حالة يرثى لها. إذ يجد بايدن نفسه على شفا تصعيد صراع مسلح مع إيران، يقاتل فيه إلى جانب حكومة إسرائيلية أعرب عن أسفه تجاه تصرفاتها في غزة متأخرًا ولكنه أعرب بنبرة شديدة، وقد يكلفه هذا غاليًا في الانتخابات الأمريكية في نوفمبر.

ليس بوسع بايدن أن يتخلى عن إسرائيل، حتى لو أنه يعتقد أن نتانياهو تلاعب به مرة أخرى (فهو يعتقد أن هذا هو ما كان عند بداية الحرب مع حماس). ومع ذلك فهو لا يستطيع أن يطلب من الناخبين الأمريكيين، الذين نفد صبرهم منذ فترة طويلة إزاء التشابكات الخارجية المكلفة، دعم حرب أخرى في الشرق الأوسط. ولا ينبغي لترامب، صديق نتانياهو، أن يرجع الفضل إلى حسن حظه.

كل هذا يشير إلى اتجاه واحد فقط: الحاجة الملحة إلى تحرك دولي عاجل ومنسق لوقف المزيد من القتال ومنع التصعيد على مستوى الشرق الأوسط بما يمكن أن يبتلع سوريا ولبنان ومنطقتي الخليج والبحر الأحمر. ومن بين أطراف هذا الصراع، لا يوجد أي بلد أو زعيم على حق. ففي الواقع، كلهم، بدرجات متفاوتة، مخطئون. الجميع بحاجة إلى إنقاذهم من أنفسهم. لأن البديل هو المزيد من إراقة الدماء، والمزيد من انتشار البؤس الذي لا نهاية له، والذي لا طائل منه.

من المقرر أن يجتمع مجلس الأمن الدولي في جلسة طارئة، وبدلا من المشاحنات المعتادة، يتعين على أعضائه الدائمين، وبخاصة الصين وروسيا، أن يعملوا معا بشكل بنّاء على نزع فتيل أزمة تهددنا جميعا. وهم، مجتمعين، لديهم القدرة والنفوذ اللازمان للقيام بذلك. ويتعين عليهم أن يستخدموا ما لديهم من قدرة ونفوذ، أو يعانوا من العواقب المروعة غير المعلومة.

سيمون تيسدال معلق في الشؤون الخارجية بصحيفة جارديان

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: أن نتانیاهو ما کان

إقرأ أيضاً:

إسرائيل على عتبة حرب جولات مع إيران

ذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم" الإسرائيلية، أنه بعد نحو نصف عام من ليلة 14 أبريل (نيسان) التي شهدت هجوماً إيرانياً على إسرائيل، يبدو واضحاً أن مفهوم الجولات لا يخدم أهداف الحرب الإسرائيلية ضد حماس وحزب الله، متسائلة عن كيفية الحد من تبادل الضربات وتعزيز منع القدرة النووية الإيرانية.

وأضافت "يسرائيل هيوم" تحت عنوان "إسرائيل على وشك الدخول في حرب جولات مع إيران"، أنه منذ هجوم أبريل (نيسان) الذي عبرت فيه إسرائيل الحاجز لأول مرة باستخدام التهديد المباشر من الأراضي الإيرانية، تنتظر إسرائيل الجولة الثالثة، مشيرة إلى أن الواقع الذي تعيش فيه إسرائيل الآن، من حرب إقليمية ذات 7 ساحات نشطة وصعبة، بالإضافة إلى ساحة إيران، لا يخدم مصلحة وأهداف الحرب الإسرائيلية ضد حزب الله في الشمال أو حماس في الجنوب بقطاع غزة. 

إسرائيل تستعد لـ"رد حاسم" بعد تهديدات إيرانhttps://t.co/eNxjgWYQLV pic.twitter.com/eRPE2tH8Gl

— 24.ae (@20fourMedia) November 5, 2024  تساؤلات إسرائيلية

وتساءلت الصحيفة عما إذا كانت إسرائيل مستعدة وجاهزة الآن لحرب شاملة ضد إيران، وهل ستدير إسرائيل الحياة اليومية وفق المستجدات والتقارير الأجنبية الواردة من إيران؟ وهل سيحقق الجيش الإسرائيلي انبهارات في مواجهة رد الفعل الإيراني؟ ومن يضمن أن التحالف الدفاعي بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية سيستمر إلى الأبد؟ 

مواجهات طويلة الأمد

وقالت يسرائيل هيوم، إن المواجهة مع إيران وفروعها البعيدة (في العراق واليمن)، ستبقى مع إسرائيل لفترة طويلة بعد انتهاء الحرب في الشمال والجنوب، ما يُلزم الجيش الإسرائيلي بتكييف حماية حدوده وأمنه الروتيني مع هذا الواقع.

المعضلة الإسرائيلية

واعتبرت الصحيفة أن إسرائيل تواجه معضلة، فمن ناحية، كان من المستحيل احتواء الهجوم الإيراني في بداية أكتوبر (تشرين الأول)، وكان الرد الإسرائيلي عليه مناسباً وكبيراً، وربما حتى يدفع إيران إلى هجوم صاروخي من خارج أراضيها رداً على ذلك الهجوم، ومن ناحية أخرى، كيفية إخماد الضربات، وصرف الأنظار والجهود لإنهاء الحرب ضد حزب الله وحماس، مع إعادة الرهائن؟" 

هل تستغل إسرائيل "الظروف الإيرانية" وتوجه "ضربة قاضية" لطهران؟https://t.co/9DGiMUoc5w pic.twitter.com/v2ZHqg8Rh9

— 24.ae (@20fourMedia) November 6, 2024  النووي الإيراني

وتقول إن هذا الواقع الجديد خلق فرصة لتشكيل تحالف أكثر التزاماً وعدوانية بشأن الهدف الرئيسي، وهو منع القدرة النووية لإيران، ولكن يحتاج ذلك إلى وقوف الولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب إسرائيل، ليترك هذا الواقع سؤالاً مطروحاً "كيف سيستغله كل جانب الأسابيع المقبلة".
وتساءلت: "هل يجب أن نستمر في استبدال الضربات؟ هل هناك إدارة جديدة في الولايات المتحدة وسياسة جديدة تجاه إيران وقدراتها النووية؟ هل الرد الإيراني الثالث سيواصل اتجاه التصعيد أم أنه سيسمح لإسرائيل بـ(إغلاق الحدث) ووقف الجولات؟ هل الجولات مع إيران تخلق تواصلاً بين الساحات أم أنها تخدم المصلحة الإسرائيلية".
وتابعت: "بما أننا لا نستطيع (بشكل مطلق) التأثير على الرد الإيراني الفوري، فمن المناسب أن نستخدم الوقت لصياغة الاستراتيجية الصحيحة لإسرائيل، من منظور النظام ككل ومن منظور طويل المدى".

تجديد المفهوم الأمني الإسرائيلي

وأشارت إلى أن إسرائيل لا تستطيع تحمل مفهوم الجولات ضد إيران الذي يترك البلاد في حالة تأهب وانتظار كل بضعة أسابيع أو أشهر، مضيفة أن حرب الاستنزاف المفتوحة ضد إيران سوف تغير وتشكل تصور إسرائيل للأمن لسنوات عديدة قادمة، وحتى ذلك الحين ستستمر في انتظار الرد الإيراني، حيث إن أي خبر أو تسريب سيدفع المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إلى طمأنة الجمهور أو التحذير من العمل الإيراني، وعندها ستعد إسرائيل الساعات والدقائق للعودة إلى روتين الحرب.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل على عتبة حرب جولات مع إيران
  • ترامب بعد فوزه.. محادثات مع قادة العالم حول الحرب في أوكرانيا وغزة ودعم إسرائيل وتهديدات إيران
  • إيران: مستعدون للمواجهة مع إسرائيل بعد فوز ترامب
  • اقليم كوردستان يتحرك للكشف عن مصير أطفال فُقِدوا في إيران
  • نتانياهو: عودة ترامب "التاريخية" تعزز التحالف الإسرائيلي الأمريكي
  • بعد إقالة غالانت..المظاهرات تعم إسرائيل ومحتجون يهددون منزل نتانياهو
  • إيران: لا نسعى للتصعيد مع إسرائيل
  • «خارجية إيران»: سنرد على اعتداءات إسرائيل في الوقت المناسب وبطريقة ملائمة
  • إسرائيل تهدد بهجوم استباقي على إيران والأخيرة ترد: أي خطأ سيندمون عليه
  • إسرائيل تستعد لـ"رد قاس وحاسم" بعد تهديدات إيران