في ذكرى مولده.. الشيخ الشعراوي إمام الدعاة وصاحب المواقف الوطنية
تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT
نشر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، تقرير عن الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي، في ذكرى مولده.
الأزهر للفتوى: مواسم الخير لا تنقطع والصوم لا ينتهي بانقضاء رمضانأوضح الأزهر للفتوى في تقريره، أن الشيخ محمد متولي الشعراوي ولد في 15 أبريل عام 1911م، بقرية دقادوس، مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية بجمهورية مصر العربية، وأتم حفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره، وحصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية عام 1923م، ودخل المعهد الثانوي الأزهري، وزاد اهتمامه بالشعر والأدب، وحظي بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبة، ورئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق.
وبعد حصوله على الثانوية الأزهرية، اختار فضيلةُ الإمام الشعراوي استكمال الدراسة في تخصص اللغة العربية؛ لتكون بابَه إلى جميع العلوم الشرعية، علاوة على ما تمتع به الشيخ من تمكُّنٍ في فنون اللغة العربية وملكاتها، كالنحو، والصرف، والبديع، ونظم الشعر، والخطابة، وطلاقة اللسان، ووضوح البيان.
وتابع الأزهر للفتوى: بالفعل كانت اللغة العربية وملكاتها سبيله إلى تفسير القرآن الكريم، وتدبّر آياته، وإيصال معانيه إلى جمهور المسلمين في صورة سهلة واضحة وشيقة؛ حتى صار الإمامُ علامةً فارقة في عصر الدعوة الإسلامية الحديث، وصار الناس ينتظرون أحاديثه الأسبوعية أمام شاشات التلفاز، وعبر أثير إذاعة القرآن الكريم.
وللشيخ مواقف وطنية مشرفة ضد قوى الاحتلال، وجهودٌ موفقة في رد الشبهات عن الإسلام والقرآن وسيدنا رسول الله ﷺ، وتقديمِ ردود عقلانية ومنطقية عليها من خلال لقاءات إعلامية وميدانية مع شرائح المجتمع المختلفة؛ سيما الشباب منهم.
وفي كل مكان مرّ عليه الشيخ أو منصب تقلده؛ كان له فيه عظيم النفع والأثر، في مصر و خارجها، ومن أشهر مواقفه إرساله برقية إلى الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود أثناء إقامته بالمملكة العربية السعودية يعترض فيها على نقل مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام؛ لتوسعة المطاف حول الكعبة الشريفة؛ مؤيِّدًا رأيه بالأدلة الشرعية على عدم جواز ذلك.
وقد استجاب الملك سعود رحمه الله لخطاب الشيخ، وأقر رأيه، ومنع نقل المقام من مكانه، واستشاره في بعض شئون توسعة الحرم المكي الشريف، وأخذ بمشورته.
المناصب التي حصل عليها الشيخ محمد متولي الشعراويومن أبرز المناصب التي خدم من خلالها الشيخُ الشعراوي الدعوةَ الإسلامية منصب مدير إدارة مكتب فضيلة الإمام الأكبر حسن مأمون شيخ الأزهر الأسبق 1964م، ورئيس بعثة الأزهر الشريف في الجزائر 1966م، ووزير الأوقاف وشئون الأزهر بجمهورية مصر العربية 1976م، وشغله عضوية مجمع البحوث الإسلامية 1980م، ومجمع اللغة العربية، ومجلس الشورى بجمهورية مصر العربية 1980م.
إضافة إلى العديد من المناصب التي عُرضت عليه واعتذر عنها؛ تفرغًا للعلم والدعوة وخدمة المُحتاجين.
وللشيخ مؤلفات علمية عديدة منها: معجزة القرآن - الأدلة المادية على وجود الله - أنت تسأل والإسلام يجيب - الإسلام والفكر المعاصر - قضايا العصر - أسئلة حرجة وأجوبة صريحة.
وبعد عمر مديد في رحاب الدعوة الإسلامية المستنيرة والسمحة، وفي خدمة الإسلام والمسلمين، توفي الشيخ عن عمر يناهز السابعة والثمانين، في 22 صفر 1419هـ، الموافق 17 يونيو 1998م.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الشعراوي محمد متولي الشعراوي محافظة الدقهلية القران الكريم الثانوية الأزهرية الإمام الشعراوي اللغة العربیة
إقرأ أيضاً:
رحيل بابا السلام| فرنسيس يودع العالم تاركا إرثا من المواقف والإنسانية والتاريخية.. تفاصيل
عن عمر يناهز 88 عاما، رحل البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، بعد مسيرة حافلة بالإصلاحات والدعوات إلى السلام والحوار بين الأديان.
وكان للبابا فرنسيس دور محوري في إحياء قيم الأخوة الإنسانية والدعوة إلى نبذ الكراهية والعنف، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط، كما سعى جاهدا لتعزيز العدالة الاجتماعية وحماية البيئة وحقوق المستضعفين في العالم.
وتعد مسيرة استثنائية اتسمت بالشجاعة في المواقف، والإنفتاح الحضاري، والتقارب الديني.
ومن خلال هذا التقرير، يرصد "صدى البلد"، أبرز محطات حياته ومواقفه التي طبعت حقبته الاستثنائية على رأس الكنيسة الكاثوليكية.
من هو البابا فرنسيس؟ولد البابا فرنسيس باسم خورخي ماريو بيرجوليو في الأرجنتين، وهو البابا رقم 266 في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، جرى انتخابه في مارس 2013 خلال أقصر مجمع انتخابي مغلق في تاريخ الفاتيكان.
ويعد أول بابا من الأمريكتين، وأول بابا من خارج أوروبا منذ أكثر من 1200 عام، وتحديدا منذ عهد البابا غريغوري الثالث.
كما يعتبر أول بابا ينتمي إلى الرهبنة اليسوعية، وهي واحدة من أقدم وأقوى الرهبنات في الكنيسة الكاثوليكية. قبل انتخابه بابا، كان يشغل مناصب عدة في المجامع البابوية، أبرزها مجمع العبادة الإلهية، والمجلس البابوي للأسرة، ولجنة شؤون أمريكا اللاتينية.
وقد وصفه الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بأنه "حامل رسالة المحبة التي ألهمت العالم منذ أكثر من ألفي عام"، في إشارة إلى شخصيته المؤثرة ومكانته العالمية.
أبرز مواقفه السياسيةلم يكن البابا فرنسيس بعيدا عن المشهد السياسي في بلاده والعالم، ففي الأرجنتين، قبل توليه الكرسي الرسولي، عارض بشدة سياسات الحكومة في عدة ملفات، أبرزها:
- عام 2001: انتقد تعامل الشرطة مع المتظاهرين خلال الأزمة الاقتصادية.
- عام 2008: وقف إلى جانب المزارعين ضد قرارات الحكومة الزراعية.
- عام 2010: عارض قانون زواج المثليين وتبني الأطفال، مما أدى إلى صدامات مع السلطة آنذاك.
وكذلك دافع بشدة عن المواقف التقليدية للكنيسة فيما يتعلق بالإجهاض ووسائل منع الحمل، وهاجم بشدة ما أسماه "ثقافة الموت" التي تروج لتلك المفاهيم.
مواقف البابا الإنسانية والاجتماعيةالعدالة الاجتماعية والمستضعفونوركز البابا فرنسيس على الفئات المهمشة في المجتمع، وندد مرارا بتهميش الأطفال وكبار السن، واعتبر ذلك نوعا من "الإرهاب الديموغرافي".
كما انتقد السياسات الاقتصادية الظالمة التي تعزز الفقر وعدم المساواة، واعتبرها انتهاكا مباشرا لحقوق الإنسان.
حماية البيئةوكان من أوائل القادة الدينيين الذين رفعوا شعار حماية البيئة، حيث دعا إلى وضع حد "للاستغلال الجائر" للموارد الطبيعية، وحث البشر على التحول إلى حماة للطبيعة.
المثلية الجنسيةرغم تمسكه بتعاليم الكنيسة بشأن الزواج والعلاقات، دعا البابا إلى احترام الأشخاص ذوي التوجهات الجنسية المختلفة، مؤكدا أن "كل إنسان هو محبوب من الله"، وشدد على أن المسيحيين مدينون للجميع بالرحمة والمحبة.
الإجهاض والقتل الرحيمعرف بمعارضته الشديدة للإجهاض والقتل الرحيم، واعتبر هذه الممارسات "جرائم ضد الحياة"، كما رفض توزيع وسائل منع الحمل بشكل مجاني، باعتبارها تناقض تعاليم الكنيسة.
وكان للبابا فرنسيس دور كبير في إعادة إحياء الحوار بين الأديان، وخاصة بين الفاتيكان والأزهر الشريف، بعد سنوات من التوتر:
- 2013: استقبل تهاني شيخ الأزهر د. أحمد الطيب، بعد انتخابه بابا.
- 2016: التقى الإمام الأكبر أحمد الطيب في الفاتيكان، منهيا قطيعة دامت سنوات.
- 2019: وقع مع شيخ الأزهر وثيقة "الأخوة الإنسانية" في أبوظبي، التي شكلت حجر أساس لتعاون عالمي بين الأديان.
- 2022: شارك في ملتقى البحرين للحوار، مؤكدا على دعم الأزهر ومجلس حكماء المسلمين في جهودهم لنشر ثقافة التعايش.
كما أظهر انفتاحا غير مسبوق على المسلمين، وأكد مرارا أهمية الحوار والتفاهم، وتجاوز الماضي نحو بناء مستقبل مشترك.
أما عن موقفه من حروب الشرق الأوسط والاعتداءات الإسرائيلية، تبنى البابا فرنسيس مواقف صريحة وشجاعة حيال الحروب في الشرق الأوسط، لا سيما العدوان الإسرائيلي على غزة:
- 2023: وصف الغارات الإسرائيلية على غزة بأنها تحمل "سمات الإبادة الجماعية".
- 2024: دعا إلى فتح تحقيق دولي حول الحرب الإسرائيلية، مؤكدًا أن الفلسطينيين يتعرضون لإبادة جماعية.
موقفه من المسيحيين الفلسطينيين: ندد بمنع بطريرك القدس من دخول غزة، واعتبر ذلك قمعا دينيا ومسيحيا.
ومواقفه هذه أثارت استياءا إسرائيليا واسعا، لكنها أكسبته احتراما كبيرا في العالم العربي والإسلامي، بوصفه صوتا أخلاقيا لا يخشى قول الحقيقة.
والجدير بالذكر، أنه برحيل البابا فرنسيس، يفقد العالم قائدا دينيا وإنسانيا لطالما دعا إلى السلام والتعايش واحترام الآخر.
ولقد كان صوته صادقا في زمن تكاثرت فيه الضوضاء، وحضوره مؤثرا في مرحلة فارقة من تاريخ البشرية، ستبقى مواقفه محفورة في ذاكرة الإنسانية، كرمز للسلام والعدل، ولعل رسالته تبقى منارة للأجيال القادمة في عالم بات أحوج ما يكون لصوت العقل والضمير.