شركات عراقية ضمن أقوى 50 شركة بمجال التكنولوجيا المالية
تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT
تعتبر التكنولوجيا المالية تهديداً حقيقياً للمصارف والبنوك التقليدية، ويتمثل دورها المحوري في تحسين آليات جذب العملاء، وتحقيق شمول مالي جيد. كما أنها واعدة بفرصٍ كبيرةٍ خصوصاً للشركات الصغيرة، التي تساعدها على البقاء والتطور. على الرغم من التراجع الحاد للتمويل في عام 2023، واصلت شركات التكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط توسعها، وتبنت تقنيات جديدة، لتعكس مرونة في مواجهة تحديات السوق، مثل: أسعار الفائدة المرتفعة، والتوترات الجيوسياسية.
تعلن قائمة أقوى 50 شركة تكنولوجيا مالية في الشرق الأوسط هذا العام، عن المنصات التي تعمل على إحداث التغيير في منطقة لاتزال تعاني من نقص واضح في الخدمات المالية. وتضم القائمة شركات مدفوعات إلكترونية، ومنصات للصيرفة المفتوحة، فضلًا عن تطبيقات الاستثمار والادخار والإقراض. وتعد مصر الأكثر تمثيلًا بواقع 13 شركة، تليها الإمارات والسعودية بــ11 شركة لكل منهما. وقد تصدرت القائمة لعام 2024، منصة "Wio Bank" الإماراتية، تليها في المركز الثاني شركة "فوري" المصرية التي تتيح خدمات المدفوعات الإلكترونية وحلول التمويل الرقمي، لأكثر من 51.7 مليون مستخدم. تطور قطاع التكنولوجيا المالية في العراق
حصلت شركتا الابتكار المالي الشهيرتان، "زين كاش العراق" و"NEO Pay Iraq"، على مراكز مرموقة ضمن قائمة فوربس لأفضل 50 شركة تكنولوجيا مالية في الشرق الأوسط لعام 2024، مما يبرز القوة التحويلية لتكنولوجيا الأموال في العراق. جاءت "زين كاش العراق" في المركز السادس في المنطقة بعد أن حلت في المركز 14 في قائمة أفضل 30 شركة تكنولوجيا مالية في الشرق الأوسط لعام 2023، بينما جاءت "NEO Pay Iraq" في المركز 35 في الشرق الأوسط لعام 2024.
من الواضح أن شركات التكنولوجيا المالية باتت تحتل حيزاً واسعاً وكبيراً في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويبدو أنها تمهد الطريق باتجاه سياساتٍ ماليةٍ جديدةٍ، ليسَ من الواضح بعد كيف سيكون تأثيرها على الشكل التقليدي الحالي، الذي تمثله البنوك والمصارف.
المصدر: السومرية العراقية
كلمات دلالية: التکنولوجیا المالیة فی المرکز
إقرأ أيضاً:
تحديات شرق أوسطية
لطالما كان الشرق الأوسط محط أنظار استراتيجيات القوى العظمى، بالنظر إلى الإمكانات التي يختزنها، علاوة على ما يشكله من منطقة وصل في الجغرافيات السياسية الإقليمية والدولية، وتكاد لا تخلو حرب كبرى إقليمية أو عالمية إلا وكان هذا الشرق محورها، ومقصداً لغاياتها وتداعياتها وآثارها.
وما يجري اليوم هو بطبيعة الحال استكمال لتداعيات انهيار النظام الثنائي العالمي، وتحديداً الموجة الثانية من انهيارات النظم المحلية، بعدما عصفت به الموجة الأولى والتي كان محورها ما سُمي آنذاك «الربيع العربي» وامتداداته الإقليمية التي توسعت لتشمل نظماً خارج الإطار الجغرافي الذي رسا عليه لعقود طويلة نسبياً.غريب المفارقات اليوم أن هذا الشرق، الذي كان دائماً نتاج توازنات دولية دقيقة عادة ما كان يتم احترامها نسبياً، انطلق اليوم بأسس جديدة عمادها أنه سيكون هو نفسه محوراً لتوازنات دولية جديدة، إذ سيظهر نظام عالمي بمحددات مغايرة، رغم كل ما قيل مثلاً عن تعثر واهتزاز استئثار الولايات المتحدة بقيادة النظام العالمي منذ تسعينات القرن الماضي.
ثمة شبه إجماع على أن متغيرات تسعينات القرن الماضي، كان أحد أهدافها بناء نظام شرق أوسطي جديد، بمسميات مختلفة، تارة جديد وطوراً كبير، إذ انطلقت حروب ومعارك، وسقطت أنظمة، وظهرت مفاهيم حاولت البناء لصور ومقاربات مختلفة لهذا الشرق الذي يذخر بصور وأنماط عقائدية واجتماعية تكاد لا تحصى.
على مدى العقود الثمانية الماضية أغرق الشرق الأوسط بحروب متعددة لا نهاية لها، أبرزها الحروب العربية الإسرائيلية الأربعة الكبرى 1948 و1956 و1967 و1973، وليس انتهاء بالمعارك ذات الطابع اللبناني 1982 و1993 و1996 و2006 و2024، إضافة إلى معارك الضفة الغربية وغزة المتتالية، جميعها أنتجت مزيداً من تعقيدات العلاقات الإقليمية والدولية من دون أي توافق لبناء حلول مقبولة قابلة للحياة، والتي كان آخرها ما جرى في غزة أكتوبر/ تشرين الأول 2024 وما تبعها من حرب إسناد ووحدة المحاور والساحات، وصولاً إلى انهيار النظام السوري.
وعلى الرغم من عدم غرابة ما جرى من سقوط للنظام السوري، باعتباره ملحقاً لمسلسل الانهيارات التي جرت في العقد الماضي كمثال العراق وليبيا واليمن ومتغيرات مصر وتونس وغيرها، إلا أن سرعة الانهيار الأخير في نظام دمشق تدلل على هشاشة تلك الأنظمة التي حكمت شعوبها لعقود طويلة من الزمن.
ثمة وجه آخر لطبيعة التحديات التي تطول دولاً أخرى في هذا الشرق الممتد على حدود مترامية من بينها إيران وتركيا وإسرائيل والعرب، وجميعها، نسجت استراتيجيات لمسارات معقدة من العلاقات والتحالفات غير المستقرة في الكثير من الأحيان، والتي تسببت في زلازل سياسية واجتماعية واقتصادية غير مسبوقة في التاريخ البشري، والتي استندت في غالبيتها إلى محاولة الاستحواذ على القوة والسيطرة عنوة، ونشر معتقدات وأيديولوجيات بدت بعضها براقة وتبين مع الوقت انتفاخها غير الواقعي.
فايران التي انطلقت بثورتها الإسلامية نهاية سبعينات القرن الماضي والتي لم تتمكن من نشر أيديولوجيتها على مدى أربعة عقود ونيف، لم تحقق سوى بناء أذرع متعددة الأشكال في لبنان واليمن وغزة والعراق، وجميعها لم تتمكن عملياً من إنجاز ما بنيت عليه. فايران اليوم التي دفعت مقدرات هائلة في سبيل الحصول على عظمة القوة عبر البرنامج النووي والصاروخي وهو الأهم، لم تتمكن من الإنجاز النهائي رغم وصولها إلى جميع الإمكانات العلمية والتكنولوجية المطلوبة، وما زالت تقف عند العتبة الأخيرة، رغم شبكة التحالفات الدولية التي أنشأتها مع كل من روسيا والصين وكوريا الشمالية. كل ذلك يطرح عليها أسئلة بطبيعة تحديات وازنة في مستقبل غير واضح.
في الجانب الآخر، ثمة دور متجدد لتركيا يبدو أنها استعدت له بعد محاولات كثيرة منذ تسلّم حزب العدالة والتنمية للسلطة بداية الألفية الثالثة، وتحديداً عبر البوابة السورية، بينما إسرائيل يبدو أنها تمكنت من فرض معادلات جديدة لموازين قوى تتعدى الشرق الأوسط إلى نظام عالمي قادم سيحاول الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إرساءه وتثبيته، في ظل تفاهمات واتفاقات أمريكية روسية على تقاسم النفوذ وربما حدود سياسية جديدة جهزت خرائطها للمنطقة، وتنتظر نهايات المشهد الذي ستكثر فيه الدماء ومظاهر حروب التوحش.
إن زلزال الشرق الأوسط الذي انطلق من الفالق السوري والذي ستمتد آثاره وتداعياته ليشمل دولاً وأقاليم بعيدة عن حدودها المعروفة حالياً، ليشكل ليس «شرقاً أوسط جديداً أو كبيراً» فحسب، وإنما ليشكل نظاماً عالمياً، ربما سيكون من بين أسبابه أيضاً تفكك دول واتحادات كبرى قائمة حالياً، فهل ستتمدد الانهيارات لتصل إلى روسيا مثلاً بعد إيران وتركيا.
إن مواكبة التطور العلمي والتكنولوجي، وبناء النظم القائمة على الواقعية السياسية والحكم الرشيد، كفيلة -إن سمحت لها الظروف- ببناء مجتمعات ودول قادرة على مواجهة التحديات الكبيرة التي تنتظر العالم بأسره لا الشرق الأوسط وحده.