عُمان تبكي ضحايا الأنواء
تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT
د. خالد بن علي الخوالدي
ما حدث في سمد الشأن بمحافظة شمال الشرقية أفجع وأبكى سلطنة عُمان من أقصاها إلى أقصاها؛ إذ إنَّ ألم الفقد عظيم عندما يكون المفقودون أطفالاً في عمر الزهور خرجوا لمدارسهم يحملون في قلوبهم تطلعات وآمال وطموحات لتحقيق الخير لذواتهم ولأهلهم ولأحبابهم، متطلعين لمستقبل مشرق لوطنهم وأمتهم، خرجوا بثياب العيد وسلموا على زملائهم وودعوهم، ليكون لقاؤهم القادم بحول الله في جنة الخلد، غادروا في لمحة عين وبدون سابق إنذار، بحقائبهم وكتبهم ودفاترهم وأقلامهم وحسرة أهاليهم وحزن مُعلميهم.
إنها لكبيرة ومؤلمة وتبعث في النفس غصة بأن نفقد أرواحًا بريئة في جو ماطر يدعو للبهجة والسرور والسعادة، لا ندري على من نُلقي اللوم وعلى من نصب غضبنا، لا يكفي بأن نقول، قضاء الله وقدره"، فمع إيماننا بذلك، إلّا أن هناك مسببات وأسباب ودواعي أدت إلى فقد هذه الزهور الجميلة، ولا نرمي الكرة في ملعب جهة معينة بعينها، ولكن الدائرة تتسع لتشمل حتى أولئك المثاليين الذين يكتبون في مواقع التواصل الاجتماعي ويدعون زورًا وبهتانًا بكاهم على الفقد التعليمي، والدعوة لوقف الإجازات الخاصة بالحقل التعليمي أثناء هطول الأمطار والأودية الجارفة، ولا ندري أين هم الآن وبأي لغة يتكلمون وبأي حجة سيقفون أمام هذا المشهد المهيب والمؤلم.
إننا نتعامل بالعاطفة لدرجة كبيرة جدًا، فعندما تقع مثل هذه الأحداث المؤسفة نتذكر مئات الحلول والمعالجات التي تعالج هذا الواقع، وما أن يمر أسبوع أو أسبوعين أو شهر إلّا وننسى كل المقترحات والأفكار والحلول ونرجع لحياتنا الرتيبة والروتينية ويستمر المسلسل حتى تقع أحداث مأساوية أخرى فنرجع نتألم ونبكي ونتحسر لعدم الأخذ بكل الأسباب الممكنة التي يمكن أن تمنع وتخفف من آثار مثل هذه الأحداث وما الأمطار والفيضانات والأنواء المناخية الاستثنائية إلا واحدة من هذه الأحداث.
أكبر حدث مرَّ علينا (جائحة كورونا) والتي تعلمنا منها أمورا كثيرة وتصرفنا خلالها بتصرفات عديدة لو استمررنا عليها لتجاوزنا الكثير والكثير من السلبيات التي نقع فيها حاليا، ونذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر (التعلم عن بعد) والذي سخرنا له كل الإمكانيات المتاحة من وسائل إلكترونية وتقنيات تواصلية حديثة، استفدنا منها ولكن لم نطورها ولم نهتم أكثر بتفعيلها ولم نعالج سلبياتها وتحدياتها، وقفنا متفرجين ومستأنسين لما قمنا به ولم نعمل على التطوير والتجديد، فتوقف التعليم عن بعد والذي كان سيستخدم في مثل هذه الحالات، وتوقف تطوير شبكات الاتصال التي كانت العائق الأكبر والتحدي الأبرز لتفعيل الدراسة عن بعد.
ها نحن نعود بكل ألم وحسرة لنتحدث عن مكاسب حققناها وفقدناها لعدم الاهتمام، لتكون النتيجة هذا الحدث الجلل الذي توشحت فيه عمان بالحزن والسواد، فاجعة أصابت قلوبنا جميعًا، الكل تألم والكل يشعر بهذا الفقد العظيم، ولا نقول إلّا ما يُرضي ربنا "إنا لله وإنا إليه راجعون"، ونسأل الله أن يربط على قلوبنا جميعًا وقلوب آبائهم وأمهاتهم وأقاربهم ومن يعز عليهم، وندعو الله أن من الشهداء الأبرار ويتغمدهم برحمته ويجعلهم شفعاء لوالديهم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ثم لا ينصرون
"لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى ۖ وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ".. أكثر من 15 شهرا لو أردت أن تلخص فيها الأحداث في غزة فهي هذه الكلمات القليلة المعجزة التي ذكرها الله عز وجل في سورة آل عمران.
الأولى: لن يضروكم إلا أذى
فهم يقتلون الأطفال والنساء والكبار، وهم يهدمون البيوت وينسفون المستشفيات ويقتلون الأطفال الخدج في الحضانات وهم يمنعون الطعام والماء والكهرباء ويمارسون التجويع. إنهم سبب الفساد والظلم بل هم الفساد والظلم بذاته.
ولقد تأذينا كثيرا من هذا وتأذى أهلنا في غزة وفي كل فلسطين ولكنهم كانوا ـكبر من الأذى وأثبت من الجبال، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر فصبرهم وثباتهم فاق كل صبر وثبات في التاريخ كله.
الثانية: وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار
470 يوما ويملكون كل أنواع القوة، ويكفي أن الشيطان بايدن أمدهم بعشرة آلاف قنبلة زنة كل واحدة 2000 رطل ولديهم أحدث الطائرات والدبابات والمدمرات ولكنهم يهربون ولا يستطيعون المواجهة.
كانت النسبة بين سلاحهم وسلاح المقاومة هي النسبة بين عصا السنوار وطائرة إف35، ومع ذلك كان الهاجس الأكبر للجنود وقادتهم على حد سواء هو كيف يهربون من الأسر ورأينا المقاوم الأعزل يواجه الدبابة من مسافة الصفر الحقيقي ويصعد على ظهرها ويخرج الجنود منها.
رأيناهم يُهزمون في كل مكان من غزة وفي الزيتون وتل الهوى ولن ننسى جحر الديك، في الشجاعية وفي جباليا، وفي خان يونس التي هاجموها بسبع فرق ورأينا المقاومين يفجرون كتيبة الهندسة بالعبوات التي زرعتها لنسف البيوت.
رأينا إعلام العدو لا يتوقف عن الحديث عن الأحداث الصعبة في كل مكان يحاولون الدخول إليه، ورأينا تخبطهم في البيانات عن الإصابات والقتلى ورأينا استقالات الجنرالات اعترافا بالفشل.
ويا للعجب كيف استطاعت عصابات من هؤلاء أن تهزم سبعة جيوش عربية دخلت بحجة الدفاع عن فلسطين.
أما الثالثة فهي قانون سماوي "ثم لا ينصرون"
إنهم لا يستطيعون النصر لأن المرعوب لا ينتصر والجبان لا ينتصر، وهذا ما قالته المقاومة منذ الأيام الأولى. وكان أبو الوليد واضحا في هذا وهو يخاطب قادة العرب: ستنتصر المقاومة فتعالوا لتكونوا شركاء في النصر.