هل تحارب إيران في نهاية المطاف؟ أين وكيف ومتى؟
تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT
كما توقعت، شاهدنا عرضا أظهرت فيه إيران تصميمها واستعدادها للقتال، في حين أعلنت إسرائيل النصر المؤزر، بزعم أنها أسقطت 99% من جميع المسيرات والصواريخ دون أن تتكبد أي خسائر.
رسميا، فازت جميع الأطراف، والجميع سعداء، بما في ذلك واشنطن التي تجنبت المشاركة في حرب إقليمية على خلفية تفاقم الوضع في أوكرانيا، وعشية تصاعد الصراع مع الصين.
وحده إيمانويل ماكرون بقي منزعجا، بعد أن لاحظ غياب اسمه في عناوين الأخبار، فأعلن شخصيا أن الطائرات الفرنسية، بناء على طلب من الأردن، أسقطت صواريخ وطائرات مسيرة إيرانية. إلا أنه من المثير في الوقت نفسه هو أن فرنسا تشكل تحالفا مؤقتا مع إيران في مواجهة تركيا وأذربيجان، اللتين تحاولان إنشاء ممر عبر أراضي أرمينيا. وعدم وجود رد حقيقي من جانب إيران ضد إسرائيل يرجع، من بين أمور أخرى، إلى الاحتمال الكبير لنشوب صراع عسكري جديد حول أرمينيا، يمكن أن تشارك فيه إيران.
لكن مصالح الأطراف ظلت على حالها، والأهم من ذلك كله أن حاجة إسرائيل الملحة لحرب كبيرة لا زالت قائمة، ما يعني أننا سنشهد قريبا استفزازات ومحاولات جديدة من جانب إسرائيل لجر الولايات المتحدة ودول أخرى إلى الحرب. ويختصر بعض الخبراء رغبة إسرائيل في الحرب بدوافع نتنياهو الشخصية فقط، لكن يبدو لي أن هناك إجماعا معينا على هذه القضية بين معظم القوى السياسية الإسرائيلية، التي ترى في ذلك فرصة تاريخية للقضاء على التهديد الإيراني.
في الوقت نفسه، أظهرت واشنطن نيتها الثابتة، حتى في حالة نشوب حرب بين إيران وإسرائيل، بعدم تجاوز دفاعات إسرائيل، وعدم قصف إيران مباشرة. في ظل هذه الظروف، ترى ما هي الطرق التي يمكن لإسرائيل اتباعها لتحقيق هدفها؟ في رأيي أن هدف إسرائيل يمكن تحقيقه، ولكن عبر عدة مراحل.
أعتقد أن الحرب المخطط لها مع إيران هي قضية وجودية بالنسبة لإسرائيل، والهدف النهائي لها هو تدمير إيران، بما في ذلك باستخدام الأسلحة النووية، إذا لم ينجح الأمر بدونها. ومع ذلك، فمن أجل الرد النووي، من الضروري اندلاع حرب واسعة النطاق بالأسلحة التقليدية، أو بالأحرى دمار واسع النطاق داخل إسرائيل نفسها.
في رأيي المتواضع، تظل قدرة إيران على إلحاق أضرار غير مقبولة بإسرائيل باستخدام ترسانتها الصاروخية محل شك، بما في ذلك بعد الضربة الأخيرة.
لكن الأهم من ذلك هو أنه من الضروري استفزاز إيران ودفعها إلى مثل هذه الضربة الصاروخية الضخمة، استفزاز يتعين على إسرائيل من أجله أن تلحق بإيران ضررا غير مقبول. وهذا أمر صعب بسبب البعد الجغرافي للدولتين وعدم وجود حدود مشتركة. كما أن إسرائيل لا تمتلك طيرانا استراتيجيا، بالتالي فإن شن حرب واسعة النطاق مع إيران بالأسلحة التقليدية أمر ممكن فقط في حالتين:
الحالة الأولى هو ما إذا كان لدى إسرائيل مطارات بالقرب من إيران. وللقيام بذلك، من الضروري إما جرّ دول الخليج العربي إلى الحرب، أو ضمان مشاركة الولايات المتحدة، أو تحقيق اشتباك عسكري مباشر بين إيران وأذربيجان (حول أرمينيا).
إقرأ المزيدوتتعاون أذربيجان بالفعل بشكل وثيق مع إسرائيل، حيث تزودها بالنفط، وتشتري الأسلحة منها. والرفيق أردوغان، وبرغم إداناته الصاخبة لإسرائيل، يتاجر هو الآخر مع إسرائيل، ومن غير المرجح أن يمنع ظهور الطائرات الإسرائيلية لدى أذربيجان، إذا كانت نتيجة الحرب هي إنشاء ممر إلى آسيا الوسطى.
وكما نرى، فإن محاولات إسرائيل المستمرة لجرّ الولايات المتحدة إلى حرب مع إيران تواجه مقاومة شديدة من واشنطن. مقاومة قاسية للغاية لدرجة أنها تعيق حتى رد إسرائيل على الهجوم الإيراني عليها.
لكن واشنطن سترحب بالحرب في منطقة القوقاز، لأنها ستجرّ إيران إلى الحرب، وتخلق جبهة إضافية لروسيا، وتحيّد النشاط المفرط للرئيس التركي في مناطق أخرى. ومن غير المرجح كذلك أن تعترض واشنطن أو تستطيع أن تمنع إسرائيل من المشاركة في هذه الحرب، ما سيتيح لها فرصة توسيع رقعة الحرب إلى مستوى يسمح باستخدام الأسلحة النووية.
الحالة الثانية التي يمكن أن تخلق ذريعة لضربة نووية إسرائيلية ضد إيران، هي غزو برّي واسع النطاق لإسرائيل من قبل إيران أو بمشاركة إيران.
وهذا يتطلب استفزازا كبيرا جدا، على سبيل المثال، تصفية غزة بالكامل، وبدء تطهير الضفة الغربة أو تدمير الأماكن الإسلامية المقدسة أو إبادة جماعية واسعة النطاق للفلسطينيين.
ويبدو أن الفلسطينيين قد يصبحون الضحايا الرئيسيين لتبادل الضربات الإسرائيلية الإيرانية، أو بالأحرى ضحايا فشل هذه المحاولة الإسرائيلية لتوسيع رقعة الحرب.
وبالإضافة إلى تكثيف جهود الغرب كله للتحريض على الحرب في أرمينيا، فإننا نشهد بالفعل استعدادات إسرائيلية لتكثيف العملية في غزة، والتي يبدو لي أنها ستحدث الآمن بمرارة أكبر ودم أكثر، بهدف إثارة رد فعل حقيقي من "محور المقاومة".
ولا أفكّر بعد في استخدام أراضي دول الخليج العربي، لأن هذا هو الخيار الأقل احتمالا. ولن يصبح ذلك ممكنا إلا بعد جرّ الولايات المتحدة إلى حرب مع إيران، بمعنى أن ذلك وارد الحدوث فقط بعد وقوع أي من السيناريوهين الموضحين أعلاه، وسيكون أمرا زائدا عن الحاجة.
لكن بالطبع، فإن السؤال الرئيسي في المرحلة الراهنة هو: كيف سيقاتل إيمانويل ماكرون في نفس الوقت مع إسرائيل ضد إيران في الشرق الأوسط، وضد إسرائيل بالتعاون مع إيران في أرمينيا... ومع ذلك، فالسياسة الحديثة أمر معقد ومربك، وهذه الأمور أصبحت تحدث كل يوم.
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف
رابط قناة "تليغرام" الخاصة بالكاتب
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: ألكسندر نازاروف إيمانويل ماكرون أخبار إيران ألكسندر نازاروف إبراهيم رئيسي الاتحاد الأوروبي البيت الأبيض الحرب على غزة الحرس الثوري الإيراني جو بايدن حلف الناتو طوفان الأقصى علي خامنئي قطاع غزة الولایات المتحدة مع إیران إیران فی فی ذلک
إقرأ أيضاً:
بعد تهديدات «ترامب».. إسرائيل تقطع الكهرباء عن قطاع غزة المحاصر
في ظل التهديدات التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، باستئناف الحرب على القطاع، في حال لم تمتثل “حماس” للمطالب الإسرائيلية، أعلن وزير الطاقة الإسرائيلي، إيلي كوهين، مساء اليوم الأحد، وقف بيع الكهرباء لقطاع غزة، ما سيؤدي إلى توقف فوري لتدفّق التيار الكهربائي إلى القطاع الفلسطيني المحاصر.
ووجّه وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين، شركة الكهرباء الإسرائيلية، “بوقف بيع الكهرباء لقطاع غزة، في إطار زيادة الضغوط على حركة حماس الفلسطينية”.
وقال، في تصريحات له، إنه “أوعز بقطع الكهرباء عن قطاع غزة، مؤكدًا أن بلاده ستوظف الوسائل كافة لإعادة جميع المختطفين وضمان أن لا تظل “حماس” في غزة، بعد الحرب”.
وأشارت تقارير إسرائيلية، إلى أن “تل أبيب تخطط لتنفيذ مراحل تصعيدية تشمل قطع الكهرباء والمياه، وشن غارات جوية، وصولا إلى إعادة احتلال أجزاء من غزة، ضمن حرب واسعة النطاق، مجددا”.
كما نقلت القناة الإسرائيلية 12 عن مسؤولين إسرائيليين، قولهم، إن “الخطوة المقبلة هي قطع الماء عن غزة”.
وقبل أيام، هدد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، “بقطع إمدادات المياه والكهرباء عن قطاع غزة، مشددا على ضرورة “فتح أبواب الجحيم” عبر هجوم عسكري واسع النطاق يؤدي إلى “احتلال القطاع”.
كما دعا وزير الأمن القومي السابق إيتمار بن غفير، إلى “قصف مخازن المساعدات الإنسانية في غزة، مشددا على أن إسرائيل “يجب أن تقوم في تجويع مقاتلي حماس وأنصارهم” المدنيين قبل استئناف الحرب على القطاع”.
وأعلنت شركة توزيع الكهرباء في قطاع غزة، الشهر الماضي، أن “الحرب الإسرائيلية على القطاع أسفرت عن “تدمير 80% من معدات ومقدرات الشركة، التي قدّرت الخسائر المبدئية في الأماكن، التي تمكنت فرقها من الوصول إليها بنحو 450 مليون دولار، فيما تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن إعادة إعمار قطاع غزة، بعد انتهاء الحرب ستتطلب مليارات الدولارات، نظرًا لحجم الدمار الهائل الذي خلفته”.