من هم البراؤون:
ولماذا اختارت مجموعات الشباب هذا الاسم للقتال تحت رايته؟.
ما دلالته؟
ومن هو البراء الذي يفتخرون بالانتساب اليه؟.
????????????????
كتب الشيخ خالد محمد خالد في كتابه رجال حول الرسول فصلا كاملا بعنوان:
البراء بن مالك
الله والجنة
????????????????
هو ثاني أخوين عاشا في الله، وأعطيا رسول الله صلى الله عليه وسلم عهدا نكا وأزهر مع الأيام.

.
أما أولهما فهو أنس بن مالك خادم رسول الله عليه السلام.
أخذته أمه أم سليم الى الرسول وعمره يوم ذاك عشر سنين وقالت:
(يا رسول الله..
هذا أنس غلامك يخدمك، فادع الله له).
فقبّله رسول الله بين عينيه ودعا له دعوة ظلت تحدو عمره الطويل نحو الخير والبركة..
دعا له لرسول فقال:
(اللهم أكثر ماله، وولده، وبارك له، وأدخله الجنة)..
فعاش تسعا وتسعين سنة، ورزق من البنين والحفدة كثيرين، كما أعطاه الله فيما أعطاه من رزق، بستانا رحبا ممرعا، كان يحمل الفاكهة في العام مرتين..!!
وثاني الأخوين،
هو البراء بن مالك..
عاش حياته العظيمة المقدامة، وشعاره:
الله والجنة..
ومن كان يراه، وهو يقاتل في سبيل الله، كان يرى عجبا يفوق العجب..
فلم يكن البراء حين يجاهد المشركين بسيفه ممن يبحثون عن النصر، وان يكن النصر آنئذ أجلّ غاية.. انما كان يبحث عن الشهادة..
كانت كل أمانيه، أن يموت شهيدا، ويقضي نحبه فوق أرض معركة مجيدة من معارك الاسلام والحق..
من أجل هذا، لم يتخلف عن مشهد ولا غزوة..
وذات يوم ذهب اخوانه يعودونه، فقرأ وجوههم ثم قال:
(لعلكم ترهبون أن أموت على فراشي..
لا والله، لن يحرمني ربي الشهادة)
ولقد صدّق الله ظنه فيه، فلم يمت البراء على فراشه، بل مات شهيدا في معركة من أروع معارك الاسلام.
ولقد كانت بطولة البراء يوم اليمامة خليقة به.. خليقة بالبطل الذي كان عمر بن الخطاب يوصي ألا يكون قائدا أبدا، لأن جسارته واقدامه، وبحثه عن الموت.. كل هذا يجعل قيادته لغيره من المقاتلين مخاطرة تشبه الهلاك..!!
وقف البراء يوم اليمامة وجيوش الاسلام تحت امرة خالد تتهيأ للنزال، وقف يتلمظ مستبطئا تلك اللحظات التي تمرّ كأنها السنين، قبل أن يصدر القائد أمره بالزحف..
وعيناه الثاقبتان تتحركان في سرعة ونفاذ فوق أرض المعركة كلها، كأنهما تبحثان عن أصلح مكان لمصرع البطل..
أجل فما كان يشغله في دنياه كلها غير هذه الغاية..
حصاد كثير يتساقط من المشركين دعاة الظلام والباطل بحدّ سيفه الماحق..
ثم ضربة تواتيه في نهاية المعركة من يد مشركة، يميل على أثرها جسده الى الارض، على حين تأخذ روحه طريقها الى الملأ الأعلى في عرس الشهداء، وأعياد المباركين.
ونادى خالد: الله أكبر، فانطلقت الصفوف المرصوصة الى مقاديرها، وانطلق معها عاشق الموت البراء بن مالك..
وراح يجندل أتباع مسيلمة الكذاب بسيفه.. وهم يتساقطون كأوراق الخريف تحت وميض بأسه..
لم يكن جيش مسيلمة هزيلا، ولا قليلا.. بل كان أخطر جيوش الردة جميعا..
وكان بأعداده، وعتاده، واستماتة مقاتليه، خطرا يفوق كل خطر..
ولقد أجابوا على هجوم المسلمين شيء من الجزع. وانطلق زعماؤهم وخطباؤهم يلقون من فوق صهوات جيادهم كلمات التثبيت. ويذكرون بوعد الله..
وكان البراء بن مالك جميل الصوت عاليه..
وناداه القائد خالد تكلم يا براء..
فصاح البراء بكلمات تناهت في الجزالة، والدّلالة، القوة..
تلك هي:
(يا أهل المدينة..
لا مدينة لكم اليوم..
انما هو الله والجنة)
كلمات تدل على روح قائلها وتنبئ بخصاله.
أجل..
انما هو الله والجنة..!!
وفي هذا الموطن، لا ينبغي أن تدور الخواطر حول شيء آخر..
حتى المدينة، عاصمة الاسلام، والبلد الذي خلفوا فيه ديارهم ونساءهم وأولادهم، لا ينبغي أن يفكروا فيها، لأنهم اذا هزموا اليوم، فلن تكون هنلك مدينة..
وسرت كلمات البراء مثل.. مثل ماذا..؟
ان أي تشبيه سيكون ظلما لحقيقة أثرها وتأثيرها..
فلنقل: سرت كلمات البراء وكفى..
ومضى وقت وجيز عادت بعده المعركة الى نهجها الأول..المسلمون يتقدمون، يسبقهم نصر مؤزر.
والمشركون يتسلقطون في حضيض هزيمة منكرة..
والبراء هناك مع اخوانه يسيرون لراية محمد صلى الله عليه وسلم الى موعدها العظيم..
واندفع المشركون الى وراء هاربين، واحتموا بحديقة كبيرة دخلوها ولاذوا بها..
وبردت المعركة في دماء المسلمين، وبدا أن في الامان تغير مصيرها بهذه الحيلة التي لجأ اليها أتباع مسيلمة وجيشه..
وهنا علا البراء ربوة عالية وصاح:
(يا معشر المسلمين..احملوني وألقوني عليهم في الحديقة)
ألم أقل لكم انه لا يبحث عن النصر بل عن الشهادة..!!
ولقد تصوّر في هذه الخطة خير ختام لحياته، وخير صورة لمماته..!!
فهو حين يقذف به الى الحديقة، يفتح المسلمين بابها، وفي نفس الوقت كذلك تكون أبواب الجنة تأخذ زينتها وتتفتح لاستقبال عرس جديد ومجيد..!!
ولم ينتظر البراء أن يحمله قومه ويقذفوا به، فاعتلى هو الجدار، وألقى بنفسه داخل الحديقة وفتح الباب، واقتحمته جيوش الاسلام..
ولكن حلم البراء لم يتحقق، فلا سيوف المشركين اغتالته، ولا هو لقي المصرع الذي كان يمني به نفسه..
وصدق أبو بكر رضي الله عنه:
(احرص على الموت..توهب لك الحياة)
صحيح أن جسد البطل تلقى يومئذ من سيوف المشركين بضعا وثمانين ضربة، أثخنته ببضع وثمانين جراحة، حتى لقد ظل بعد المعركة شهرا كاملا، يشرف خالد بن الوليد نفسه على تمريضه..
ولكن كل هذا الذي أصابه كان دون غايته وما يتمنى..
بيد أن ذلك لا يحمل البراء على اليأس.. فغدا تجيء معركة، ومعركة، ومعركة..
ولقد تنبأ له رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه مستجاب الدعوة..
فليس عليه الا أن يدعو ربه دائما أن يرزقه الشهادة، ثم عليه ألا يعجل، فلكل أجل كتاب..!!
ويبرأ البراء من جراحات يوم اليمامة..
وينطلق مع جيوش الاسلام التي ذهبت تشيّع قوى الظلام الى مصارعها.. هناك حيث تقوم امبراطوريتان خرعتان فانيتان، الروم والفرس، تحتلان بجيوشهما الباغية بلاد الله، وتستعبدان عباده..
ويضرب البراء بسيفه، ومكان كل ضربة يقوم جدار شاهق في بناء العالم الجديد الذي ينمو تحت راية الاسلام نموّا سريعا كالنهار المشرق..
وفي احدى حروب العراق لجأ الفرس في قتالهم الى كل وحشية دنيئة يستطيعونها..
فاستعملوا كلاليب مثبتة في أطراف سلاسل محمأة بالنار، يلقونها من حصونهم، فتخطف من تناله من المسلمين الذين لا يستطيعون منها فكاكا..
وكان البراء وأخوه العظيم أنس بن مالك قد وكل اليهما مع جماعة من المسلمين أمر واحد من تلك الحصون..
ولكن أحد هذه الكلاليب سقط فجأة، فتعلق بأنس ولم يستطع أنس أن السلسلة ليخلص نفسه، اذ كانت تتوهج لهبا ونارا..
وأبصرالبراء المشهد لإاسرع نحو أخيه الذي كانت السلسلة المحمأة تصعد به على سطح جدار الحصن.. وقبض على السلسلة بيديه وراح يعالجها في بأس شديد حتى قصمها وقطعها.. ونجا أنس وألقى البراء ومن معه نظرة على كفيه فلم يجدوهما مكانهما..!!
لقد ذهب كل ما فيهما من لحم، وبقي هيكلهما العظمي مسمّرا محترقا..!!
وقضى البطل فترة أخرى في علاج بطيء حتى بريء..
أما آن لعاشق الموت أن يبلغ غايته..؟؟
بلى آن..!!
وهاهي ذي موقعة تستر تجيء ليلاقي المسلمون فيها جيوش فارس ولتكون لـ البراء عيدا أي عيد..
احتشد أهل الأهواز، والفرس في جيش كثيف ليناجزوا المسلمين..
وكتب امير المؤمنين عمر بن الخطاب الى سعد بن أبي وقاص بالكوفة ليرسل الى الأهواز جيشا..
وكتب الى أبي موسى الأشعري بالبصرة ليرسل الى الأهواز جيشا، قائلا له في رسالته:
(اجعل امير الجند سهيل بن عديّ وليكن معه البراء بن مالك)..
والتقى القادمون من الكوفة بالقادمين من البصرة ليواجهوا جيش الأهواز وجيش الفرس في معركة ضارية..
كان الاخوان العظيمان بين الحنود المؤمنين.. أنس بن مالك، والبراء بن مالك..
وبدأت الحرب بالمبارزة، فصرع البراء وحده مائة مبارز من الفرس.. ثم التحمت الجيوش، وراح القتلى يتساقطون من الفرقين كليهما في كثرة كاثرة..
واقترب بعض الصحابة من البراء، والقتال دائر، ونادوه قائلين:
أتذكر يا براء قول الرسول عنك: ربّ أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له، لو أقسم على الله لأبرّه، منهم البراء بن مالك.)
يا براء أقسم على ربك، ليهزمهم وينصرنا”..
ورفع البراء ذراعيه الى السماء ضارعا داعيا:
(اللهم امنحنا أكنافهم..
(اللهم اهزمهم..
وانصرنا عليهم..
وألحقني اليوم بنبيّك)
ألقى على جبين أخيه أنس الذي كان يقاتل قريب امنه.. نظرة طويلة، كأنه يودّعه..
وانقذف المسلمون في استبسال لم تألفه الدنيا من سواهم..
ونصروا نصرا مبينا.
ووسط شهداء المعركة،
كان هناك البراء تعلو وجهه ابتسامة هانئة كضوء الفجر..
وتقبض يمناه على حثيّة من تراب مضمّخة بدمه الطهور..
لقد بلغ المسافر داره..
وأنهى مع اخوانه الشهداء رحلة عمر جليل وعظيم، ونودوا:
(أن تلكم الجنة، أورثتموها بما كنتم تعملون) ….

عادل عسوم

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: البراء بن مالک رسول الله الله علیه الذی کان

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية: الفتوى تُعزز من الإخاء الإنساني بين المسلمين وغيرهم

قال الأستاذ الدكتور نظير محمد عيَّاد– مفتي الجمهورية، رئيسُ الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إننا عندما ننظر إلى الواقع، فإننا نقف على جملةٍ من الأمور التي تتعلَّق بالإنسانية والمسلمين، خاصَّة في ظل وجود حالةٍ من التنازُع والتشرذُم بين المسلم وأخيه المسلم، مشيرًا إلى أن فلسفة التشريع الإسلامي تحرص على تحقيق مصدر التآخي بين الناس، وقد قامت على هذا المبدأ الأصيل، فهي تنظر إليه على أنه الركيزة الأولى والمدخل الرئيسي لتحقيق الأُخوَّة الإنسانية والريادة الحضارية التي ننشدها جميعًا. 


وتابع المفتي خلال مشاركته في ندوة "الفتوى وأثرها في تحقيق الوحدة الإسلامية"، التي استضافها جناح مجلس حكماء المسلمين بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، اليوم الأحد، وتحدث فيها فضيلة مفتي الجمهورية إلى جانب الأستاذ الدكتور سمير بودينار - مدير مركز الحكماء لبحوث السلام-: أن فلسفة التشريع الإسلامي تقوم على حرص الإسلام على تحقيق مصدر التآلف والتآخي والتوحُّد بين الإنسان وأخيه الإنسان، وكذلك بين المسلم وأخيه المسلم بشكل خاص، ذلك لأن فلسفة الإسلام تنطلق من قولِ الله عز وجل: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}، مشيرًا إلى أن هذه الآية تقوم على الوحدة بين المسلم وأخيه المسلم. ولو توقَّفنا عند العنصر الرئيسي، سوف نجد أن المبدأ الأصيل الذي قامت عليه هذه الفلسفة هو التأكيد على الوحدانية المطلقة لله، وهذه الوحدانية هي مقصد كافَّة الأنبياء، ومن ثَم نلحظ هذه الوحدة في مضامين الرسالة الغرَّاء التي حملها الإسلام. ويمكن أن نقف من خلالها على أن فلسفة التشريع الإسلامي تقود لمصلحة البلاد والعباد، فالوحدانيَّة لله تعالى هي مقصد للناس جميعًا. 


وأضاف مفتي الجمهورية أنه: لا يمكن أن نقف أمام هذه الأركان دون أن تأخذ عقلك إلى هذه الوحدة التي حافظ عليها الإسلام؛ فالصلاة على الرغم من مواقيتها المختلفة بين دولة وأخرى، إلا أنها محدَّدة بشروط مُعيَّنة وتفاصيل دقيقة وأركان وأصول تربط الناس من خلال هذه العبادة ومن خلال وحدة القِبلة والمعبود. فالجميع يصطفُّ لرَبٍّ واحدٍ في عبادة واحدة. والأمر ذاته يتأكَّد من خلال شروط الزكاة التي تقوم على وحدة النصاب ووحدة العام أو الحول. كذلك الصيام، إذ يبدأ الناس الصيام من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ويمتنعون عن شهوتي البطن والفرج. كما تجمع شعيرةُ الحج الناسَ لمعبودٍ واحدٍ وشعائر واحدة وركن واحد؛ ومن ثَم فإن علَّة الشريعة أنها تُقرِّب ولا تُبعِّد. 


كما أوضح د. نظير عياد أننا إذا تركنا الفلسفة التي قامت عليها الشريعة الإسلامية في إرساء مبادئ الوحدة بين الناس، وانتقلنا إلى قضية الفتوى لوجدناها تُعزِّز من الإخاء الإنساني بين المسلم والمسلم وبين المسلم وغير المسلم. فالمسلم يبحث عن الوِئام والاتفاق، والمفتي لا يستطيع أن يكشف عن هذه الغاية إلا إذا توفَّرت معه الأدوات والعلوم والمعارف؛ لأنها تدفع لإزالة الإشكال بين النصوص وغيرها من الأمور، لنصل في النهاية إلى تحقيق مبدأ الوحدة والاتحاد. 
في السياق ذاته، أكد فضيلة المفتي أننا عندما نتوقف أمام الفتوى وما يتعلق بها من أمور، لا بد أن نشير إلى الأمر الأول، وهو كونها مهمَّةً عظيمةً؛ فالله عز وجل هو مَن تولَّى الإفتاء بذاته، ثم نقله إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم الخلفاء الراشدين، ثم العلماء. 


وتابع: أما الأمر الثاني، فهو أن هذه المهمة مع عِظَم قدرها إلا أنه لا بد أن ننظر إليها على أنها الحصن الآمن للمجتمع. وهنا ننظر قليلًا إلى علاقة الفتوى بالمقاصد الشرعية، وإذا ما نظرنا إلى علاقة الفتوى بهذه المقاصد أدركنا أن البقاء للبلاد والمحافظة على العباد لا تتأتَّى إلا من خلال الفتوى الرشيدة، ومن ثَم فهي مسؤولية مشتركة بين المفتي والمستفتي. فالمفتي يُدرِك عِظَم المسؤولية؛ فهو المُبلِّغ عن الله، أما المستفتي فلا بد أن يدرك أن المفتي يُبيِّن له الحكم وفقَ ما وقف عليه من أسئلة، ومن ثم فلا بد أن يترفَّع عن الأهواء؛ ولهذا نجد أن المفتي لا يتوافر فيه مجرد العلم فحسب، بل يجب أن يتوافر فيه العلم والهِبة الفِطريَّة والذكاء الفِطري ليقف على صِدق المستفتي من عدمه. 


ومن هنا، أُحيِّي التجربةَ التي وقفَتْ عليها المؤسسات الدينية في حرصها على الالتزام بالفتوى وآدابها ومراعاة ما يتعلق بالمفتي والمستفتي حتى يتم إنزال الحكم الشرعي في موضعه. 
وأشار فضيلته إلى قضية الفتوى والعلاقة بين المفتي والمستفتي، وكيف أن السؤال المعروض والإجابة عليه يُسهمان في خلق الأمن المجتمعي. وكيف أن جنوح المفتي أو المستفتي إلى الباطل لِهوًى أو منفعةٍ أو شهوةٍ يؤدِّي إلى إنزال الحكم على غير مُرادِه، مما ينتج عنه نظرة جائرة للشريعة ساعد عليها إما جرأة مُفتٍ أو تدليسُ مُستفتٍ. قائلًا: إذا كنا نتحدث عن أمنٍ مجتمعي، فلا بد أن يُراعَى في الفتوى أمانة السائل وسَعَة أفق المفتي، حتى يكون الحكم في موضعه والرأيُ في محله المعهود. 


كذلك تحدَّث عن أهمية تعزيز الأُخوَّة الإسلامية، موضحًا أن دار الإفتاء تنطلق في تحقيق هذا الأمر من خلال عدة أمور: 
الأول هو انطلاقها من المصدر الأول للتشريع الإسلامي، وهو القرآن الكريم الذي يضع قواعد كليَّة تُسهم في إيجاد حلول لكثير من القضايا.
أما الأمر الثاني فيتعلق بنظرة دار الإفتاء إلى السنة النبوية باعتبارها المصدر الثاني من مصادر التشريع، حيث ننظر إليها باعتبارها المُذكِّرة التفسيرية لما جاء في القرآن. مؤكدًا أنه من خلال القرآن الكريم وسُنة النبي صلى الله عليه وسلم يمكن أن يصل الإنسان إلى أمنٍ مجتمعي وفكري يتحقق من خلال القراءة المتأنِّية للنصوص الدينية. 
وأشار إلى قضية التطرف والغلو، موضحًا أن نصوص القرآن تربط بين هذين الجانبين بنطاقٍ مُحكَم من خلال تضييق النطاق على قضية التكفير والغلو. 


في السياق ذاته، أشار فضيلة المفتي إلى الأمر الثالث الذي تُعنَى به دار الإفتاء، وهو تَبنِّيها للتعدديَّة الثقافية والفكرية. موضحًا أن دار الإفتاء تحرص على عرض جميع الآراء المتعددة والمذاهب الفقهية المختلفة، وجميعها يتقارب في شِقها الأعظم. كما أكد أن دار الإفتاء تعمل أيضًا على نبذ الغلو والتطرف، وقد قطعت أشواطًا في العمل على تصحيح المفاهيم، وأصدرت جملةً من الإصدارات العلمية التي تُعنَى بذلك. 


كما ترى الدار أن المفتي لا بد أن يكون مُلمًّا بمسألة الأمن الفكري، ومن ثَم يتم تدريبه على جملة من العلوم الاجتماعية والفقهية والإنسانية، مما يُعِينه على اختيار الفتوى المناسبة في الوقت المناسب. 


من جانبه قال الأستاذ الدكتور سمير بو دينار - مدير مركز الحكماء لبحوث السلام: قال إن الوضع الراهن يؤثر في تغيير أولويات الفتوى، موضحًا أن الفتوى من صميم دور العلماء وأنهم ورثة الأنبياء. وتابع: عندما نرى تاريخ المسلمين نجد أن الفتوى صورة واضحة لحال الأمة. ومتى أدَّت الفتوى دورَها أدت إلى الوحدة والإخاء. وذكر أن ما يحول دون أداء الفتوى لدورها هو عدم تصدي المختصين لها، أو عدم طلب الفتوى من أهل الاختصاص. فالفتوى لها دور أساسي، ومن خلال علمائها يمكن أن نحفظ الأمن الفكري للأمة بأسرها. 


وفي الختام تطرَّق إلى دور المؤسسات البحثيَّة في تحقيق الأُخوَّة الإنسانية، مشيرًا إلى الدور التكاملي بين المعرفة الشرعيَّة والاجتماعية والإنسانية لإدراك الواقع. وكذلك قضية التمكُّن والرسوخ والخبرة العلمية التي تعدُّ معيارًا لمن يتصدَّى لإفتاء الناس، وأن مراكز الأبحاث لها دور كبير في تأهيل هذه الأجيال من المتصدِّين للإفتاء.

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية: الفتوى تُعزز من الإخاء الإنساني بين المسلمين وغيرهم
  • هل يتألم أطفال غزة وهم يستشهدون.. ولماذا يسمح الله بمعاناتهم؟ شيخ الأزهر يجيب
  • هل يتألم أطفال غزة وهم يستشهدون .. ولماذا يسمح الله بمعاناتهم؟ شيخ الأزهر يجيب بمعرض الكتاب
  • وصف البراق الذي صعد به النبي إلى السماء في ليلة الإسراء والمعراج؟ معجزات الرحلة المباركة
  • هل يتألم أطفال غزة وهم يستشهدون ولماذا يسمح الله بمعاناتهم؟ الأزهر يجيب
  • "مهموش" الاسم الجديد لنجم مانشستر سيتي
  • أفراد من كتيبة البراء بن مالك يستهزئون بثورة ديسمبر.. ومقاومة كرري ترد
  • محاسنُ الشَّريعة العِلمُ الذي سَكَت لما نَطَق
  • احفظوا هذا الاسم جيدا (البيلاوي)..!
  • شاهد بالصورة.. السبب الحقيقي الذي دفع ترامب إلى إدراج أنصار الله ضمن قائمة الإرهاب