خارطة المالكي لحل عقدة ديالى.. اجتماع حاسم نهاية الاسبوع وشراكة مع القوى السنية
تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT
بغداد اليوم - ديالى
كشف مصدر مطلع، اليوم الاثنين (15 نيسان 2024)، عن ما اسماها خارطة المالكي لإنهاء عقدة ديالى، فيما أشار الى اجتماع حاسم سيعقد نهاية هذا الاسبوع لتوثيق ما اسماها الشراكة السياسية بين المالكي والقوى السنية في المحافظة.
وقال المصدر في حديث لـ "بغداد اليوم"، ان "وفداً يمثل القوى السنية في ديالى التقى رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي في مقره ببغداد من اجل بحث ملف انهاء عقدة المحافظة السياسية وتسريع وتيرة تشكيل الحكومة المحلية".
وأضاف المصدر، ان "المالكي اكد حرصه ائتلافه على استقرار ديالى السياسي والمضي بما اتفق عليه الاطار التنسيقي من خلال اناطة منصب المحافظ لائتلافه وطرح مؤيد العبيدي مرشحا لهذا المنصب"، مشيرا الى ان "المالكي بين أهمية وجود القوى السنية في مناصب مهمة في الحكومة المقبلة وبقية المكونات كونهم جزء أساسي من مجتمع ديالى".
وأشار الى ان "اجتماعًا حاسمًا سيعقد نهاية الاسبوع الحالي سيكون مفصلي في توثيق الشراكة السياسية بين المالكي والقوى السنية في ديالى لافتا الى ان "رئيس ائتلاف دولة القانون تعهد للقوى السنية بمنع أي محاولات ترمي لزعزعة الامن والاستقرار او عرقلة الاستحقاقات الدستورية والسعي الى بناء حكومة قوية لاتهمش أي مكون".
وكانت مصادر مطلعة، أكدت السبت (6 نيسان 2024)، طرح ائتلاف دولة القانون لمؤيد العبيدي مرشحا لمنصب محافظ ديالى، بدلا من وضاح التميمي الذي لم يتم التوافق عليه.
وقالت المصادر في حديث لـ"بغداد اليوم"، انه "في ظل مساعي ائتلاف دولة القانون حسم عقدة ديالى السياسية من خلال التوافق على شخصية المرشح لمنصب المحافظ تم طرح مؤيد العبيدي لمنصب المحافظ".
وأضاف، ان" العبيدي من الشخصيات السياسية المعروفة في ديالى بعد 2003"، لافتا الى ان" ائتلاف المالكي قد يطرح اسمه على القوى السياسية مساء اليوم في اجتماع موسع ببغداد من اجل المضي وانهاء ازمة المحافظة".
وأشار الى ان" طرح العبيدي كمرشح لمنصب محافظ ديالى تعني بان المنصب حسم لائتلاف دولة القانون بعد سجال استمر أسابيع مع منظمة بدر التي كانت متمسكة بالمنصب وفق مبدا انها حصلت على اعلى الأصوات في انتخابات كانون الأول 2023".
وظلت محافظة ديالى عصية على الحل لتشكيل مجلس المحافظة والحكومة المحلية جنبا الى جنب مع كركوك، بسبب تساوي موازين القوى المختلفة في الرؤية على التجديد للمحافظ السابق مثنى التميمي او جلب مرشح جديد.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: ائتلاف دولة القانون القوى السنیة فی الى ان
إقرأ أيضاً:
تيار التغيير الجذري في السودان-الإشكالية الأيديولوجية والعزلة السياسية
الثورة والبحث عن البديل الجذري
بعد الإطاحة بنظام البشير عام 2019، برز تيار التغيير الجذري كواحد من أهم القوى السياسية التي سعت إلى تفكيك نظام الحكم القديم وإعادة بناء الدولة وفق رؤية ثورية ترفض التعايش مع العسكر أو القوى التقليدية. لكن رغم مشاركته الفاعلة في الثورة، يواجه هذا التيار – المرتبط عضوياً بالحزب الشيوعي السوداني وحلفائه – أزمات بنيوية تعكس تناقضات اليسار الراديكالي في سياق مجتمعي معقد.
الأسس الأيديولوجية لتيار التغيير الجذري: الماركسية والواقع السوداني
يعتمد التيار على خطابٍ ماركسي لينيني يُركز على:
• تفكيك الدولة الطبقية: بإسقاط الهياكل العسكرية والأمنية المهيمنة منذ الاستعمار.
• محاربة الرأسمالية الطفيلية: عبر تصفية نفوذ كبار الموالين للنظام السابق الذين يتحكمون في الاقتصاد.
• إعادة توزيع السلطة: عبر دعم المجالس الشعبية ولجان المقاومة كبديلٍ عن المركزية البيروقراطية.
لكن هذه الشعارات تصطدم بواقعين:
1. الانفصال عن اللغة الشعبية: فالمصطلحات الماركسية (مثل "الصراع الطبقي"، "الهيكلة المادية") تبقى غريبة على مجتمعٍ تغلب عليه الثقافة الدينية والتركيبة القبلية. مثلاً، الحزب الشيوعي السوداني تاريخيًا واجه صعوبات في كسب التأييد الشعبي الواسع بسبب هذه الفجوة اللغوية والثقافية.
2. التبسيط المفرط للأزمات: إذ يُختزل انهيار السودان في "الصراع بين البروليتاريا والبرجوازية"، بينما تتشابك الأزمة مع عوامل إثنية وإقليمية ودولية. مثال على ذلك، الصراعات في دارفور وجنوب السودان لم تكن فقط بسبب التفاوت الطبقي، بل تعقدت بسبب النزاعات العرقية والتدخلات الخارجية.
الإشكالية السياسية: بين التشدد الثوري وعزلة التسويات
• رفض التفاوض مع العسكر: يرفض التيار أي حوار مع قادة الجيش أو قوات الدعم السريع، معتبراً أن التسويات السياسية "خيانة للثورة". هذا الموقف عزّز من شعبيته لدى الشباب الثوري، لكنه حوّله إلى طرفٍ خارج المعادلة السياسية الفعلية، خاصة بعد توقيع اتفاقيات إقليمية (مثل اتفاق جوبا) دون مشاركته.
• الانقسام داخل القوى المدنية: أدى التشدد الأيديولوجي للتيار إلى صدام مع تحالفات "قوى الحرية والتغيير" التي تتبنى نهجاً براغماتياً، مما فتح الباب أمام العسكر لاستغلال هذه الانقسامات. يمكن مقارنة ذلك بتجربة الحزب الشيوعي السوداني في الستينيات عندما اصطدم مع القوى الوطنية الأخرى في أعقاب ثورة أكتوبر 1964، مما أدى إلى إضعاف دوره السياسي لاحقًا.
• غياب البرنامج العملي: رغم تشخيصه الدقيق لفساد النظام القديم، يفتقر التيار إلى خطة واضحة لإدارة المرحلة الانتقالية، مثل كيفية تعويض خدمات الدولة المنهارة أو مواجهة اقتصاد الحرب الذي تديره الميليشيات. على سبيل المثال، التجربة التشيلية تحت حكم سالفادور أليندي في السبعينيات أظهرت كيف يمكن لليسار الراديكالي أن يفشل إذا لم يقدّم حلولًا اقتصادية عملية.
الإعلام والخطاب: الماركسية كعقبة أمام التواصل الجماهيري
• الإعلام النخبوي: يعتمد التيار على منصات التواصل الاجتماعي وندوات النخبة المثقفة، بينما تُهيمن القوى التقليدية (الإسلاميون، العسكر) على الإذاعات والقنوات التلفزيونية التي يتابعها عموم السودانيين، خاصة في الريف.
• اللغة الأكاديمية المعقدة: خطاب التيار مليء بمصطلحات مثل "الديالكتيك المادي" و"الاستغلال الرأسمالي"، والتي تتناقض مع لغة الشارع البسيطة المليئة بالمطالب اليومية (الخبز، الوقود، الأمن). يمكن مقارنة ذلك بتجربة الأحزاب اليسارية في الهند، حيث اضطرت بعض الفصائل الماركسية إلى تبسيط خطابها ليصل إلى الفلاحين والعمال.
• الماركسية كـ"تابو" اجتماعي: في مجتمعٍ يرى في الماركسية إرثاً غربياً معادياً للدين، يصعب على التيار تجاوز هذه الصورة دون تبني خطابٍ ديني أو ثقافي مُدمج، كما فعلت قوى إسلامية سابقاً بدمج الشريعة مع الخطاب الاجتماعي. تجربة "لاهوت التحرير" في أمريكا اللاتينية تمثل نموذجًا على كيفية دمج الفكر اليساري مع التقاليد الدينية لكسب التأييد الشعبي.
المستقبل: هل يمكن تحويل التنظير إلى فعل سياسي؟
• خيار التكيف مع الواقع: يحتاج التيار إلى إعادة صياغة خطابه بلغةٍ تلامس الهم اليومي (مثل مكافحة الفقر، دعم التعليم المجاني)، بدلاً من التركيز على الشعارات الثورية المجردة. يمكن الاستفادة من تجربة "حزب العمال" في البرازيل، الذي تبنّى سياسات اجتماعية فعالة جعلته يحظى بتأييد واسع.
• التحالف مع القوى المحلية: قد يُعيد التيار اكتشاف قوته إذا تحالف مع تنظيمات مهنية (مثل اتحادات الأطباء، المعلمين) ولجان المقاومة التي تمتلك قاعدة شعبية، شرط أن يقدّم نفسه كداعم لمطالبها لا كقائد أيديولوجي. مثال سوداني على ذلك هو تجربة الاتحادات المهنية في انتفاضة أبريل 1985، التي استطاعت تنظيم الإضرابات وتوجيه الشارع نحو التغيير.
• الاستثمار في الإعلام الشعبي: تطوير منصات إعلامية بلغات محلية وبلهجات سودانية، والاستفادة من الفنون الشعبية (كالغناء، المسرح) لنقل الأفكار دون الوقوع في فخ التلقين الأيديولوجي. تجربة الفرق المسرحية في السودان مثل "فرقة الأمل" في التسعينيات تقدم نموذجًا ناجحًا في نقل الرسائل السياسية عبر الفن.
• مراجعة الموقف من التسويات: قد يُعيد التيار حساباته إذا أدرك أن رفضه المطلق للتفاوض يخدم العسكر، الذين يستفيدون من انقسام المدنيين ليبقوا مهيمنين على المشهد. تجربة الحزب الشيوعي الإسباني بعد سقوط فرانكو قد تكون مثالًا على كيفية الانخراط في السياسة دون التخلي عن المبادئ.
الثورة الجذرية أم الإصلاح التدريجي؟
تيار التغيير الجذري يقف عند مفترقٍ وجودي: إما أن يظل سجين خطابه الأيديولوجي، مُقتصراً على تأثيرٍ رمزي في أوساط النخب والطلاب، أو أن يخوض مغامرة التحول إلى قوة جماهيرية عبر تبني لغةٍ جديدةٍ توفق بين المبادئ الثورية وواقع المجتمع السوداني. المشكلة أن هذا التحول يتطلب مراجعةً جذريةً لليسار السوداني نفسه، الذي ظل لعقودٍ يعتقد أن "الصواب الأيديولوجي" كافٍ لقيادة التغيير، بينما التاريخ يُثبت أن الثورات الناجحة هي تلك التي تعرف كيف تُحوّل الشعارات إلى خبزٍ وحرياتٍ ملموسة.
zuhair.osman@aol.com