بات ضروريا التأكيد على ما نصت علية المادة 57 من الدستور  بأن " للحياة الخاصة حرمة وهى مصونة لاتمس " ، ويعد الحق فى حرمة الحياة الخاصة من أكثر الحقوق التى تواجه انتهاكا فى ظل هذا التطور التكنولوجى والانتشار السريع والمرعب لوسائل التقنيات الحديثة فى مجال الاتصالات والتصوير الرقمى واستعمال أجهزة التصنت عن بعد مما سهل التقاط ونقل وتسجيل الأحاديث والصور والتى من شأنها تشكل النموذج الإجرامى لجرائم العدوان على  الحياة الخاصة.

 

 وأمام هذا التطور المذهل فى تكنولوجيا عالم الاتصال أصبحنا أمام مجرما جديدا قد يكون جديرا بنا فى هذا المقام أن نطلق علية " المجرم المعلوماتى " فهو مجرم يجيد الاستخدام السيئ لأدوات الجريمة الإلكترونية فى العدوان على حرمة الحياة الخاصة والشرف والاعتبار وخدش الحياء وانتهاك الآداب العامة وإزعاج الغير ليس ذلك فقط بل أيضا ارتكاب جرائم الارهاب .  

وتبدو الطامة الكبرى فى أن كثير من الناس مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل التواصل الاجتماعي يرتكبون الكثير من الجرائم وتتحقق بشأنهم المسئولية الجنائية والمدنية دون ادراكهم ذلك ودون أن يشعرون وبخاصة مع قل الوعى بل انعدامة لدى غالبيتهم.

ومما لاشك فية أصبحت لدينا آلان أدوات تشريعية خاصة لمواجهة هذة النماذج الإجرامية الجديدة التى يرتكبها المجرم المعلوماتى ومنها قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175لسنة 2018 ، هذا بخلاف قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015 والقوانين الأخرى ذات الصلة التى تواجه ارتكاب الجرائم الإرهابية بواسطة وسائل الاتصال الحديثة وأيضا بخلاف النصوص التجريمية فى قانون العقوبات.

وفى النهاية يجب التأكيد على أن شبكة التواصل الاجتماعي فى هذا العالم الافتراضي هى شبكة ظلامية تقود بصاحبها خلف قضبان الجهل والعبث بالقيم التي تهدد أمن وسلامة المجتمع، كما يجب التأكيد أيضاً على أن القانون لا يقيم العدل بمفرده، ولكن ما يصنع العدل هو الإنسان بضميره الحي وسلوكه القويم، فالقانون ينصرف فقط إلى الجانب المادي فى السلوك الإنساني، ولا يهتم ببناء الذات الإنسانية والضميرية لتقاوم الجريمة.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

العمانيون من ذوي الإعاقة ووسائل التواصل الاجتماعي

ترجمة: راوية التوبية -

إن أبحاثي المكثفة حول فهم العلاقة بين العمانيين ووسائل التواصل الاجتماعي قد أكد باستمرار على الدور المحوري الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في حياة العُمانيين بكافة شرائحهم، والأشخاص من ذوي الإعاقة ليسوا بمنأى عن هذا التأثير الكبير كون أن هدفهم الرئيسي هو تحقيق اندماجهم التام مع المجتمع. مع ذلك، فإن المناقشات الأكاديمية تتمحور في الغالب حول الطرق المختلفة التي يقوم بها الأفراد والمؤسسات المعنية والمجتمع ككل بدمج الأفراد من هذه الفئة في مختلف الأنشطة المجتمعية التي تتطلب حضورًا بدنيًا.

ونظرًا لاهتمامي بتسليط الضوء على مشاركة الأشخاص من ذوي الإعاقة مع أقرانهم في دفع عجلة التنمية الشاملة والمستدامة لسلطنة عمان فقد اخترت أن أقوم بدراسة هذا النشاط من منظور مختلف وهو التركيز على نشاطهم اللاحضوري على وسائل التواصل الاجتماعي.

على وجه التحديد تتجلى الجدوى من هذه الدراسة في تسليط الضوء على الدور الذي تقوم به وسائل التواصل الاجتماعي في تحقيق وتعزيز الاندماج المجتمعي لهذه الفئة من الأشخاص مع باقي شرائح المجتمع ومع مختلف الجهات والمؤسسات، وكيف تُسهم في تحسين نمط حياتهم من خلال تلقي ونشر التوعية والتوجيه على نطاق أوسع لاسيما في منصات مثل إكس، وأخيرا كيف يساهم هؤلاء مثل أقرانهم في المشاركة المدنية (موضوع المقال السابق) الذي تم نشره في أبريل الماضي والذي يُعد جزءًا من مشروعي الممول من جامـعة السلـطان قابـوس والذي يركز على دور وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز المشاركة المدنية في سلطنة عمان IG/ARTS/ENGL/23/02) ) خصوصا في ضوء التطورات التي تشهدها مختلف منصات التواصل الاجتماعي مثل إكسبقيادة إيلون ماسك حيث يوفر التطبيق مثله مثل باقي التطبيقات فرصًا متنوعة ومربحة لجميع الأفراد بما في ذلك الأشخاص من ذوي الإعاقة، والأهم من ذلك، أن هذا البحث يهدف إلى إظهار الطرق المختلفة التي يمكننا من خلالها تبادل المعرفة والثقافة مع هذه الفئة وتحقيق الاستفادة القصوى من وسائل التواصل الاجتماعي سواء على الصعيد المهني أو الشخصي.

وحول هذا الموضوع تتبنى الأبحاث الحالية في هذا الشأن أربع وجهات نظر متباينة: الأولى تؤكد على أن وسائل التواصل الاجتماعي توفر بيئة إيجابية وخصبة للأشخاص من ذوي الإعاقة، ووجهة النظر الثانية فترى أن وسائل التواصل الاجتماعي تشكل تحديات لهذه الفئة، وآخرون يشيرون إلى أن التكنولوجيا في حد ذاتها قد تكون إقصائية كما يتضح من الصعوبة التقليدية التي واجهت الأفراد الذين يعانون من إعاقات بصرية وسمعية وغيرها في بداية الأمر في الوصول إلى المحتوى المرئي والسمعي على مختلف المنصات، ويؤكد المنظور الأخير أن وسائل التواصل الاجتماعي تعكس نفس التحيزات و الممارسات الإقصائية الموجودة في البيئات غير المتصلة بالإنترنت.

على سبيل المثال، إذا كانت النساء في مجتمع معين مثل المرأة العربية أقل ميلًا للمشاركة في المشاركة المدنية، فإن احتمال مشاركتهن على منصات مثل إكس أقل أيضًا. ومع ذلك، فإن هذه الحجة قاصرة بين العمانيين من أصحاب ذوي الإعاقة، حيث إن هناك بروزا ونشاطا واضحا للجنسين على مختلف المناشط والأصعدة ونذكر هنا على سبيل المثال اثنين من قادة التأثير الكبير على المجتمع العماني: أكرم المعولي وشيخة الجساسية، وهذا بمثابة شهادة على التجارب الفريدة التي أثمرتها الجهود المختلفة في هذا الشأن. وهذا ما تؤكده الأبحاث بأنه إذا لم يكن المجتمع ككل محتويا وداعما لهذه الفئة، فإن نفس الميول الإقصائية سوف تنعكس على الإنترنت وهذا الأمر قد تجاوزه المجتمع العماني بكل نجاح وسلاسة.

كما أظهرت الأبحاث أن العديد من الأفراد من ذوي الإعاقة يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لأغراض مختلفة، بما في ذلك التواصل مع الآخرين الذين يشاركونهم إعاقات مماثلة، والتحدث مع الأصدقاء والعائلة حول حالتهم الصحية، والدفاع عن أنفسهم والآخرين، ومشاركة تجاربهم وخبراتهم الشخصية وتأسيس أعمال تجارية وخيرية على مختلف المنصات، كما أنهم يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي للاحتجاج على السياسات التي تؤثر على نوعية حياتهم والتعبير عن التغييرات المجتمعية المنشودة لتحقيق الإدماج الكامل، والأهم من ذلك، تشير الأبحاث إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تعمل أيضًا كأداة لتفكيك الحواجز، مما يسمح للأفراد الذين يعانون من درجات متفاوتة من القيود بتأكيد وجودهم على الإنترنت وفي المجتمع، وتحدي الصور النمطية المحيطة بالإعاقة، وخلق الفرص واغتنامها لأنفسهم وللآخرين.

وباختصار لعب تطور أدوات الاتصال اليوم، وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي، دورًا حاسمًا في سد الفجوة بين مختلف فئات المجتمع، وكانت وسائل التواصل الاجتماعي بمثابة شريان حياة للكثيرين في مختلف المجالات، حيث إن الإنترنت كان سببًا للتغلب على مختلف العوائق المادية وغير المادية، وكان هذا واضحًا بشكل خاص خلال جائحة كوفيد-19، عندما انتقلت العديد من الأنشطة من أرض الواقع الحضوري إلى الإنترنت، مما أتاح الفرصة لهذه الفئة للمشاركة دون التحديات اللوجستية للحياة اليومية. رغم ذلك، سلطت الأبحاث الضوء أيضًا على التأثير السلبي المحتمل لوسائل التواصل الاجتماعي على الصحة العقلية للأشخاص من ذوي الإعاقة، حيث تحتوي المنشورات أحيانا على محتوى سلبي وغير واقعي الأمر الذي يترك انطباعات مغلوطة في بعض الأحيان عن هذه الفئة ويحملهم أعباءً إضافية مرتبطة بالإعاقة التي يعانون منها.

ختاما، أشارت نتائج الدراسة التي قمت بها و التي تتمحور حول العلاقة بين المواطنين من ذوي الإعاقة ووسائل التواصل الاجتماعي إلى أن هذه الفئة تقوم باستخدام التطبيقات لأغراض مماثلة لنظرائهم في باقي العالم، وإن كان ذلك مع فروق طفيفة إضافية يفرضها التأثر بالثقافة العمانية والمحيط والتجربة الشخصية. على سبيل المثال، تستخدم هذه الفئة منصة إكس للتواصل مع الجميع، ولعرض اهتماماتهم وهواياتهم الشخصية وأبحاثهم والتعبير عن آرائهم وغيرها. وتجسد شيخة الجساسية- إحدى أبرز الشخصيات العمانية المؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي من ذوي الإعاقة البصرية- هذا النهج من خلال منشوراتها الشيقة حول حياتها وأسفارها، والتي تثبت أن هويتها تتجاوز إعاقتها. ونتيجة لذلك، فقد حصلت على اعتراف واسع النطاق في مختلف الوسائل الإعلامية بما في ذلك فرصة التحدث في فعاليات تيد بالعربي- Ted Arabia.

يستخدم العمانيون من ذوي الإعاقة أيضًا إكس للاندماج في المجتمع العماني على نطاق أوسع، مثل مشاركة صور العيد على مختلف الهاشتاجات بالإضافة إلى ذلك لنشر المعلومات حول الأحداث المتنوعة، ورفع مستوى الوعي حول الإعاقة، ومشاركة الأخبار الشخصية والمعرفة العامة، وتمكين أنفسهم والآخرين من خلال تبادل الخبرات الدولية، والدفاع عن حقوقهم وطلب التغييرات اللازمة من خلال التعامل المباشر مع السلطات ذات الصلة.

هذا النوع من البحث والدراسة لهذا النشاط عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبالذات نشاط وتفاعل هذه الفئة عبر إكس أكسبني معرفة ثاقبة ودقيقة حول هذه الفئة، بل وتعلمت أيضًا دروسًا قيمة في قوة تأثير هذه المنصات ومعنى أن تكون مؤثرا اجتماعيا خصوصا مع النماذج الناجحة الموجودة لدينا في سلطنة عُمان والتي أثبتت أن الإعاقة ليست سوى فارق اجتماعي بسيط وليست عائقًا طبيًا.

د. نجمة الزدجالية أستاذ مشارك بقسم اللغة الإنجليزية وآدابها بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية، جامعة السلطان قابوس.

مقالات مشابهة

  • خالد ميري يكتب: حكايتي مع «الإخوان»
  • العمانيون من ذوي الإعاقة ووسائل التواصل الاجتماعي
  • د. علي جمعة يكتب: سنوات التحدي والإنجاز
  • خالد مصيلحي يكتب "بين الحياة والموت"
  • استمرار الاحتجاجات الشعبية في كينيا رغم إلغاء قانون الضرائب
  • طارق الخولي يكتب: 11 سنة ثورة
  • عالم: القوامة لا تعني تسلط الرجل.. والسوشيال حولت الحياة الزوجية إلى ساحة للمعارك
  • قانون الجنسية الجديد في ألمانيا يدخل حيز التنفيذ.. ما شروطه الحصول عليها؟
  • قانون الإيجار القديم للمحلات.. اعرف حالات امتداد العقد
  • فيديو| مختص يكشف عقوبة نشر لقطات كاميرات المراقبة و«الداش كام» عبر منصات التواصل